أندريه أنطوان Andre Antoine ممثل ومخرج وناقد مسرحي وسينمائي فرنسي من رواد المسرح الحديث، نادى بجعل المسرح طبيعياً وعفوياً، وغيَّر المفاهيم التي كانت سائدة في دنيا المسرح في زمانه، وأحدث ثورة عندما نادى بضرورة إعادة النظر في العلاقة بين خشبة المسرح والصالة، أي بضرورة الفصل التام بين المساحتين عن طريق ما سمي بالجدار الرابع، والإيهام بأن ما يجري على مساحة الخشبة هو الواقع الطبيعي، فوزّع قطع الديكور بما يولِّد لدى المتفرج مثل هذا الوهم، وطالب ممثليه أن يؤدوا أدوارهم وكأن الجمهور غير موجود، وأن يوحوا إليه بأنه يتلصص على ما يفعلون. فكان بذلك رائد المذهب الطبيعي[ر] naturalism في المسرح مستلهماً آراء إميل زولا[ر] E.Zola في الأدب.
ولد أندريه أنطوان في مدينة ليموج Limoges الفرنسية، ومات في بوليغين Pouliguen فقيراً معوزاً. بدأ حياته موظفاً مساعداً في شركة الغاز الباريسية في عام 1877، وأظهر منذ ذلك الوقت، اهتماماً بالمسرح. وقد أخفق عام 1878 في اجتياز امتحان القبول في المعهد الموسيقي. وبعد أن أنهى خدمته الإلزامية في الجيش التي دامت أربع سنوات انضم في عام 1883 إلى فرقة النادي الغالي المسرحية Cercle Gaulois، وكان يمثل فيها ويعد مسرحيات ويخرجها.
أسس في عام 1887 المسرح الحر Le Théâtre Libre الذي تكون من زملاء له في فرقة النادي الغالي ومن بعض أعضاء فرقة بيغال ولا بوت Cercle Pigalle et de la Butte. وكانت إحدى المسرحيات التي قدمت آنذاك مسرحية «جاك دامور» Jacques Damour لإميل زولا، وقد مثل أنطوان فيها دور جاك دامور، ولفتت هذه المسرحية أنظار الجمهور الباريسي إلى هذا الممثل.
وقدّم المسرح الحر تحت إشراف أنطوان وإدارته خلال تسع سنوات ثمانية عروض كل سنة، وكان كل عرض منها يتضمن مسرحيتين أو ثلاثاً. وقد بلغ عدد العروض التي قدمها هذا المسرح في المرحلة الواقعة بين عامي 1887 و1896، 62 عرضاً تضمنت 124 مسرحية لـ 114 مؤلف مسرحي، منهم 64 مؤلفاً ناشئاً يُعرض لهم أول مرة، وكان أنطوان قد تنحى عام 1894 عن إدارة المسرح وخلفه فيها لاروشيلّ Larochelle. وقام أنطوان بجولات مسرحية عدة مثل في أثنائها أدواراً مختلفة.
طالب أنطوان عام 1890 بإصلاحات عامة في المسرح، واقترح أربعة أهداف لذلك: تقديم مسرحيات جديدة، وبناء صالات مريحة، وبطاقات دخول رخيصة الثمن، وفرقة مسرحية متكاملة. وكان يرى أن من حق المشاهدين، مهما كانت طبقتهم الاجتماعية، أن يرتادوا المسارح. وتمنى لو أنشأت الحكومة في باريس بتمويل منها مسرحاً للأدباء الشباب، يرتاده المشتركون فيه.
وقّع أنطوان في عام 1897 عقداً مدته أربعة عشر عاماً مع مسرح مونو بليزير Menus-Plaisirs الذي صار فيما بعد مسرح أنطوان Théâtre Antoine، وبقي تحت إشرافه وإدارته حتى عام 1906، وكان يقدم عروضاً مسائية يومية.
عُيّن عام 1906 مديراً لمسرح الأوديون Odéon، وكان قد شغل سابقاً في عام 1896 في المسرح عينه منصب معاون المدير إلى جانب مديره بول جينيستي Paul Ginisty الذي كان يكيد لأنطوان ليتخلص منه، ونجح في إقصائه عن منصبه في أقل من عام. وقد شهد الأوديون في عهد إدارة أنطوان نشاطاً ملحوظاً ومرحلة من أكثر مراحله إثارة وتألقاً. ثم استقال من منصبه مديراً للأوديون في نيسان عام 1914 مخلفاً وراءه ديوناً مقدارها 400 ألف فرنك. وقد عرض مسرح الأوديون إبّان إدارة أنطوان له مسرحية كل أسبوع أي ما يقارب 364 مسرحية .
اتجه أنطوان بعد ذلك إلى السينما ووقّع عقداً مع الشركة السينمائية للمؤلفين والأدباء Société cinématographique des auteurs et des gens de lettres. وأخرج من عام 1914 إلى عام 1924 عشرة أفلام استلهمها من أعمال أدبية، منها فيلم «المذنب» Le Coupable في عام 1916 عن قصة لفرانسوا كوبيه Francois Coppée، وفيلم «الأرض» La Terre في عام 1919 عن قصة لإميل زولا، وفيلم «الأرلية» L'Arlésienne (نسبة إلى مدينة آرل) في عام 1921 عن ألفونس دوديه [ر] Alphonse Daudet. وترك فيلماً ناقصاً بعنوان «السنونو والقُرْقُف» L'Hirondelle et la mesange.
انتهج أندريه أنطوان في إدارته للمسرح الحرّ ولمسرح أنطوان، سياسة اكتشاف الأدباء الجدد وتشجيعهم. وكانت له أيادٍ بيضاء في تعريف الجمهور الفرنسي بالروائي الروسي ليون تولستوي[ر] Léon Tolstoï، إذ قدم له مسرحية «سلطة الظلام» La Puissance des Ténèbres المكتوبة عام 1887. وقدم للشاعر والكاتب المسرحي النروجي إبسن[ر] Ibsen مسرحيتي «الأشباح» Les Revenants و«البطة البرية» Le Canard sauvage وللكاتب المسرحي السويدي ستريندبرغ[ر] Strindberg مسرحية «الآنسة جولي» Mademoiselle Julie.
ولأنطوان مقالات عدة في النقد المسرحي نشرها في الصحف، وله محاضرات متعددة في المسرح فضلاً عن مذكراته.
وقد تضافرت جهود أندريه أنطوان في فرنسة، والدوق مايننغن Georg von Meiningen في ألمانية، وستانيسلافسكي[ر] Stanislavski في روسية، لبدء عصر جديد في المسرح هو عصر الإخراج المسرحي الحديث.