بدأ عصر( السينما) في مطلع القرن العشرين،من خلال تحريك الصور، بطريقة تتابعية،لمحاكاة الحركة الحقيقية، في الحياة الطبيعية،ثم أضيف الصوت البشري والموسيقى والمؤثرات الصوتية والألوان والخدع البصرية،من أجل صنع ملحمة(درامية) صورية وصوتية، تخترق حواس الإنسان،وتتفاعل مع عمليات التفكير، بلغة جديدة لم تكن معروفة من قبل، فقد أخذت(السينما) الكثير من جماليات فنون الشعر والقصة والمسرح والرسم والتصوير والموسيقى، وأصبحت امتداداً لتلك الفنون، ولهذا سميت ب( الفن السابع)، وقدمت خلطة سحرية خيالية لمخاطبة المشاعر والغرائز البشرية، ولم تكن معنية، في الأغلب، بالمنطق العقلي،أو الواقع الحقيقي، لأنها اعتمدت الصورة المتخيلة، لكنها من حيث التأثير،استطاعت أن تهيمن على عقول الكثيرين، الذين لم يستطيعوا الهرب من سحرها الأخاذ،حتى يمكن القول أن جيل آبائنا كان ينتمي إلى عالم( السينما)،ويعيش في إطاره، يحلم في يقظته في ظلام القاعة السينمائية،ثم يصطدم بواقعه المرير على قارعة الطريق!..في حين كانت أجيال من أجدادنا قد تعايشت وسط ثقافة الموقد الخشبي، في ليالي الشتاء الطويلة، والسهر في أحضان الحكايات الأسطورية،التي تمتد جذورها إلى ألف ليلة وليلة، أو أبعد من ذلك بكثير!
في عصر ( السينما) شهدت المجتمعات ظواهر عديدة وغريبة، مثل ظهور (نجوم) التمثيل،الذين يشكلون فئة اجتماعية تتمتع بمزايا الشهرة والثروة والجاذبية،كما انتشرت(دور السينما) في المدن،وفرضت مكانتها، باعتبارها مؤسسات ثقافية معترف بأهميتها، إلى جانب المسارح ودور العبادة والمؤسسات التعليمية، ثم برز المجتمع الاستهلاكي الذي يتماهى، مع مضامين الإعلان التجاري، والحياة المترفة الوهمية، التي تقدمها( الأفلام السينمائية)!..