الموسيقى التصويرية والمؤثرات الصوتية قديمان قدم المسرح، فنشأت من أصوات حفيف الأشجار وأصوات قرع الطبول والأجراس البدائية التي كانت ترافق الإنسان في الصيد والحروب والنزالات والطقوس الدينية إلى الصوت والموسيقى المصاحبة للعرض المسرحي الحديث. وغالباً ما يعدّ الصوت والموسيقي جزءين متممين للعمل المسرحي الناجح.
ولأن الفن هو البحث عن كل العلاقات والترابط بين الحياة وبين ما تفرزه من إبداع للإنسان، صار علينا أن نبحث عن تجديد وتحديث في العرض المسرحي من خلال تطوير العلاقة بين سنوغرافيا العرض وما تتضمنه من إنارة وديكور وموسيقى وبين النص المكتوب وبين الممثل .
الموسيقى هي لغة علينا أن نفهمها كي نعرف كيف نوظفها بشكلها السليم ولا ضير إذا استخدمنا الموسيقى بدلا من دايلوك حواري أو حتى مشهد.
لان الموسيقى هي لغة يمكن لجمهور إن يتلقاها إذا ما استخدمت استخداما صحيحاً.
وبمراجعة بحثية لمسرحية "العاطفة" التي مثلت بمدينة مونز عام 150م، نجدها تتضمن لوحتين من البرواز ووعاءين كبيرين من النحاس استعملت لأحداث الرعد. وفي نص المسرحية مذكرة لطيفة للإخراج تقول: "ذكروا هؤلاء الذين يتولون الأسرار الإلهية لبراميل الرعد بأداء ما يوكل إليهم وذلك بإتباع التعليمات، ولا تدعهم ينسون أن يتوقفوا عندما يقول الإله: كفوا ودعوا السكينة تسود ".
هذا يدل على أن الموسيقى المسرحية تزامنت بداياتها مع بدايات المسرح نفسه، فالإنسان عرف فن الموسيقى منذ قديم الزمان، وكان من البديهي أن يستخدمه عاملاً مساعداً في الفن المسرحي.
وكل من قرأ مسرحيات شكسبير أو ما كتب عن إعماله لا بد أن يدرك أهمية الصوت والموسيقي في المسرح الإليزابيثي، ولوحظ مما دوّن من مذكرات عن الصوت أنها تكّون نسبة كبيرة من التوجيهات المسرحية، بينما نجد مثلا "موسيقى جدية عميقة من البراجيل"، "موسيقى ناعمة"، "موسيقى جدية وغريبة"، "أبواق من الداخل"، "نداءات السلاح"، "طبول وأبواق"، "عاصفة ورعد"، وغيرها من المؤثرات التي تساعد على تكوين بيئة حية للمشهد في العرض المسرحي.
وقد بلغ استعمال الموسيقي والمؤثرات حد الدقة في حالة الميلودراما وكما يفرض الاسم على هذا النوع من المسرحيات أن يعتمد اعتماداً كبيراً على الموسيقي بعنصر مهيأ للجو خاصة في مشاهد الحب واستدرار الشفقة أو الصراع العنيف لمواقف الشر.
والواقع أنه لم يحدث أي تغير جوهري بالنسبة للمؤثرات الصوتية والموسيقي التصويرية منذ عهد شكسبير حتى القرن العشرين الميلادي.
إذا بقي استخدام الموسيقى سائدا في مشاهد الحرب والحب والخير والشر إلا إن بعض المخرجين يحاول تجنب الاستعانة بالموسيقى أثناء العرض المسرحي والبعض الآخر يحاول الاستعانة بها عندما يقتضي النص وجود موسيقى في المشهد إما الأخير فهم من يستخدمون الموسيقى بشكل مبالغ فيه إذ يتخذ من الموسيقى وسيلة لسد الفراغات وزيادة وقت العرض المسرحي من خلال موسيقى قد لا تمت للعمل بأية صله ويقول بعض النقاد في مجال المسرح "إن استخدام الموسيقي الجيدة والمناسبة في العرض المسرحي لا تساعد المشاهدين فقط على الاستمتاع بالعرض بل تساعد كذلك الممثل على أن يبرز طاقاته من خلال إعطائه مساحه للأداء وإظهار مرونة جسمه وخاصة في الإعمال الصامتة.
إلا أن هناك بعضا من المخرجين يتحفظ على استخدام الموسيقى في المسرح لأنها من وجهة نظرة تحطم نقاء الدراما وكان رد الباحثين في مجال المسرح عليه هو أن المسرح الحقيقي كان مزيجاً من فنون عدة وحِرف ولا يزال هكذا إلى يومنا هذا وأن تأثيره يجب الحكم عليه من تكامل هذه الفنون والحرف بشكل موحد وفعال، وليس بالحكم على عنصر واحد فقط.
وكانت هناك دراسات أجريت حول تأثير الموسيقى على وظائف الجسم قام بها كل من الباحثين (دوجل) والباحث (وندت) إذ قاما برسم وتخطيط كفاءة العضلات وقد ثبت لدى الباحثين من خلال تخطيط رسم العضلات إن سماع الموسيقى المناسبة يزيد من نشاط العضلات ويرفع كفاءتها مما يرفع بالتالي كفاءة مجموعة النشاطات لدى الفرد, من هنا تكمن أهمية الموسيقى في العمل المسرحي فهي تعطي حافزاً للمثل من اجل إن يبرز مهاراته الفنية لأنه سيرسم لوحة تشكيلية للعمل في مخيلته تتكون من النص والديكور والإضاءة وتوجيهات المخرج والموسيقى التي هي محور العملية الإبداعية للمثل في العرض المسرحي.
وعلى المخرج الذي يريد استخدام الموسيقى والمؤثرات الصوتية في عمله المسرحي عليه أن يحسن اختيار الموسيقى التي تجذب الجمهور وان لايبالغ في استخدامها.
إذا على المخرج إن يكون ذواقاً في عملية اختيار وتصميم الموسيقى لان مفتاح نجاح العمل بيده وان يكون فكرة (للدرامتورج) أثناء التأليف الموسيقي من خلال تصميم مجموعة من المعزوفات المختلفة التي تجمعها وحدة موضوع وهي فكرة العمل المسرحي وعليه أن يميز بين استخدام الموسيقى في المشاهد وان يستطيع أن يكون دراما موسيقية متكاملة كأن تكون صراعاً بين الخير والشر أو الحياة والموت أو الحزن والفرح وغيرها.
وعليه أن يجعل جميع الموسيقى التي يستخدمها في عمله المسرحي مرافقة لحركات ورقصات درامية وان لا تكون مجرد موسيقى لملء الفراغ مما يسبب مللا لدى المتلقي من تكرار الموسيقى أو طولها غير المبرر. ومن أهم الفنون المسرحية التي تعتمد على الموسيقى في عرضها هي (الاوبريت ومسرح العرائس والأوبرا والباليه والبانتو مايم "المسرح الصامت "والدراما دانس "الرقص الدرامي).