يقتضي منا هذا البحث تسليط الأضواء على المؤهلات والصفات التي يجب ان يتصف بها الصحفي كونه حجر الزاوية والركن الأساس في عملية جمع الأخبار وتحريرها قبل الحديث عن مصادر الأخبار . وأبرز هذه الصفات هي :

الحس الصحفي :
فالصحفي يجب أن يمتلك الإحساس العالي  بكل ما هو جدير في أن يكون خبرا مهما ،  وان تكون لديه القدرة والفراسة الدقيقتين للتمييز بين ما يمكن أن يكون خبرا مهما وما لا يمكن أن يكون كذلك ، والحس الصحفي موهبة وملكة موجودة في الكثير من الأشخاص ، ولكنها بحاجة للتنمية والصقل عن طريق التجارب والخبرة المتراكمة . وهي بعد ذلك تشبه إلى حد ما ما يسمى بالحاسة السادسة .

المهنية :
الصحافة حرفة حالها كحال سائر الحرف ، وعلى محترفيها امتلاك كل ما يجعلهم يزاولون حرفتهم بنجاح كبير ، ومن ذلك إجادة التعبير الواضح والدقيق عبر اللغة . والدقة والموضوعية والخبرة في معالجة وتحرير المعلومات . ومعرفة كلما يتعلق بالمهنة من قواعد وقوانين وشروط ومحددات والتزامات ، فضلا عن الاستعدادات المناسبة للتعامل مع مختلف المتغيرات والمستجدات ، ولم تعد أدوات الصحفي مقتصرة على القلم والورقة كسابق عهدها ، فعلى صحفي اليوم إجادة التعامل مع شبكة المعلومات الدولية ( الانترنت ) ، والبراعة في استعمال الأجهزة الرقمية الحديثة من أدوات تصوير وتسجيل واتصال وغيرها .

الصحة واللياقة البدنية :
غالبا ما يتطلب الحصول على الأخبار السير لمسافات طويلة ، أو الانتظار لساعات طويلة . كما يتطلب بعضها العمل في بيئات مختلفة قد تكون خالية من الخدمات الضرورية كالماء والغذاء ووسائل الراحة . فضلا عن أن العمل داخل قاعات التحرير وعند حضور الندوات والمؤتمرات يتطلب الجلوس أو السهر لساعات قريبة من الفجر . وكل ذلك يحتم على أن يتمتع الصحفي بصحة ممتازة . وان يكون له قدرة واضحة على الصبر والمطاولة وتحمل المنغصات والمتاعب . ويندرج تحت هذا الباب سلامة الحواس الخمسة والوعي الكامل بالمحافظة على النفس ، لاسيما في مناطق الأزمات والنزاعات والحروب . و"يتردد معظم الصحفيين في رفض مهمات تعتبر فرصا معززة لعملهم , حتى لو كانت خطيرة. غير أن على الصحفيين ن يكونوا صادقين مع أنفسهم. هل تمتلك اللياقة الكافية؟ هل تستطيع السير طوال الليل إذا اضطررت لذلك , أو حتى الركض إلى مكان آمن؟ هل تستطيع العمل بعيدا عن الفندق؟ قد تكون اللياقة مهمة وقد تضطر إلى بذل جهد جسدي عند الضرورة "  .

العلاقات العامة :
على الصحفي أن يكون رجل علاقات عامة من الطراز الفريد ، وان تمتد علاقاته عموديا ، أي من عامة الشعب إلى كبار المسؤولين . وأفقيا أي بين مختلف طبقات وشرائح الجمهور . فالعمل الصحفي يعتمد بالأساس على إجراء اتصالات مكثفة ومستمرة بين أوساط عديدة للحصول على المعلومات . وعلى الصحفي أن يعزز ثقة هذه الأوساط به وبعمله عبر تعامله بصدق ونزاهة وتجرد واضح فيما يحصل عليه من معلومات . كما إن عليه التواصل مع تلك الأوساط حتى في تلك الأوقات التي لا يحتاج فيها إلى أية معلومات . فالاتصالات الروتينية للسؤال عن الصحة وبقية الأحوال قد تكشف للصحفي أخبارا جديدة ، كان يمكن أن تبقى طي الإهمال والنسيان لعدم معرفة الجمهور بأهميتها . كما أن مثل هذه الاتصالات تعزز من جانب آخر روح الثقة والصداقة ، فتدفع الآخرين لتزويد الصحفي بأخطر الأسرار والملفات . وتعزز كذلك إمكانات الصحفي وتساعده على اختراق مختلف الأماكن والأوساط للوصول إلى المعلومات .
 
الأمانة والنزاهة  :
تقع على عاتق الصحفي مسؤوليات جسيمة في المحافظة على خصوصية المعلومات . إذ عليه معالجتها وتداولها بحذر شديد ووفقا للقوانين السائدة ، ويندرج تحت هذا المفهوم كل ما يتعلق بالأعراف والعادات والتقاليد . فهي لها ما للقوانين من احترام وإجلال وتقدير . فالمعلومات التي يحصل عليها الصحفي في كل لحظة غالبا ما تتعلق بأشخاص أو مؤسسات مدنية أو حكومية أو كيانات شعبية أو سياسية أو اقتصادية . فهو مؤتمن بالضرورة في الحفاظ على سرية هذا المعلومات ، فلا يستخدمها كورقة ابتزاز أو ضغط . ولا ينشرها إلا في إطار ما هو متعارف من أنظمة وتعليمات وقوانين . وان يكون الهدف من نشرها خدمة الصالح العام ، لا خدمة مصالحه ورغباته الشخصية . وأن لا تنطوي عمليات نشرها على مردودات مادية أو معنوية تصب في صالحه .
   
المسؤولية :
منذ نشأة الصحافة وحتى يومنا هذا كتب الكثير من المفكرين والسياسيين ورجال الإعلام عن مسؤولية الإعلام عموما والصحافة خصوصا في تغيير واقع الحياة لجعلها أكثر أمنا وعدالة واستقرارا ورفاهية . وعدت الصحافة منذ تأسيسها السلطة الرابعة التي تقف بمسافة متساوية بين الحكام والمحكومين . ولأهمية واجباتها وحساسية وظيفتها ، شرعت الكثير من القوانين الدولية والإقليمية والمحلية لتنظيم عملها وزيادة الإفادة من خصائصها وقدراتها . كما وضعت العشرات من مواثيق الشرف والعهود المختلفة لمنح الصحافة حريات واسعة وصلاحيات مؤكدة لدعم عمليات الإصلاح والتغيير في مختلف أروقة الحياة . ولا أحد ينكر ما للصحافة من دور رقابي شامل وما تواجهه من ضغوط وتحديات في سبيل تحقيق تطلعات الجماهير في العيش الآمن والكريم ، فعلى الصحفي أن يدرك ما ملقى عليه من مسؤوليات وواجبات وان يكون أكثر وعيا بدوره الحقيقي في خضم هذه الشبكة من العلاقات المعقدة . 

الشرعية :
على الصحفي أن يكون مدركا كذلك لقوانين النشر والمطبوعات في بلاده أو في البلاد التي يطلب منه العمل فيها  . وان يكون مطلعا بشكل عام على مجمل القوانين النافذة في بيئة عمله لكي لا يعرض نفسه للمساءلة القانونية . وان لا يقع بسبب عمله تحت طائلة القانون . كما إن عليه ألا ينشر أية معلومات ما لم يكن متأكدا من دقتها ومن مصداقية مصادرها . وعليه أن يحتفظ بالوثائق ( أصلية كانت أو مصورة ) وبالتسجيلات والصور التي أستقى منها معلوماته لكي تكون له حجة فيما لو تعرض للمساءلة . وان تكون عمليات نشره للحقائق مستندة إلى أدلة دامغة ووثائق غير مشكوك فيها ، وأن لا يكون مدفوعا لنشر تلك الحقائق والمعلومات من جهات لها مصلحة خاصة في نشرها . 

الإلمام بسياسة الصحيفة :
لكل صحيفة مهما كان حجم انتشارها سياسة ما . والسياسة في مفهومها الأشمل هي الموقف من قضية أو قضايا معينة . وتنبع مختلف المواقف من أصول عقائدية ووجهات نظر وآراء مبنية على حجج مختلفة تنتمي للحقيقة في إطار نسبي . كما يلعب تمويل الصحيفة دورا في تحديد سياستها التحريرية ، فالعمل في صحيفة تمولها الحكومة لا يشبه بالمرة العمل في صحيفة معارضة . والعمل في صحيفة دينية هو الآخر لا يشبه العمل في صحيفة علمانية . ولهذا يتوجب على الصحفي معرفة سياسة أية صحيفة قبل العمل فيها ، لكي تنسجم تطلعاته مع تطلعاتها فلا يشعر بالاغتراب وتأنيب الضمير إذا ما تحقق العكس .
المثابرة والجهد :
لا يمكن الحصول على تفاصيل الأخبار بسهولة . فالصحفي غالبا ما يسمع الخبر كما يسمعه عامة الناس ، خبر غامض بلا تفاصيل محددة ، خبر يقترب في لحظات سماعه الأولى من الإشاعة أكثر منه إلى الحقيقة . وفي هذه اللحظات تتجلى صفة الجهد والمثابرة لدى الصحفي . إذ بإمكانه التوجه فورا نحو مكان الحادث لمعرفة التفاصيل . كما يمكنه إجراء اتصالات مكثفة مع المعنيين بالخبر سواء أكانوا أطرافا حكومية أم شعبية ، مستفيدين أم ضحايا . وبشهود العيان إن وجدوا وبكل من له علاقة بالحادث من بعيد أو قريب . فالأخبار لا تأتي جاهزة ومكتملة من جميع الوجوه . فهناك الكثير من الثغرات المتآتية من نقص المعلومات . وهي الثغرات التي يجب أن تلقى رعاية خاصة من الصحفي ، ليصبح الخبر أكثر ثقلا وجاذبية بما يتضمنه من معلومات وتفاصيل مهمة .

الثقافة العامة :
يتعامل الصحفي يوميا مع كم كبير من المعلومات المختلفة منها ما هو سياسي ، ومنها ما هو اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي ، فضلا عن تلك المعلومات التي تتعلق بالتاريخ والفنون والعلوم والآداب والرياضة . وهذا ما يتطلب منه أن يكون ذا ثقافة موسوعية يستطيع من خلالها معالجة شتى المعلومات بالإضافة إلى وجوب أن يكون مطلعا على ثقافات البيئة التي يعمل فيها ، وعلى أبرز سماتها ورموزها المختلفة . كما إن الحوادث المفاجئة قد تضع الصحفي في أماكن غير مألوفة لديه ولا يمكنه التعامل معها بجدية ما لم يكن متسلحا بثقافة قادرة على إنقاذه من المواقف المخجلة والمحرجة . 

التخصص :
مع تنوع وتعدد الاختصاصات الدقيقة في العلوم والفنون والآداب ، وزيادة التفاصيل في مختلف وجوه الحياة ،انتفى شيئا فشيئا دور الصحفي الشامل القادر على الكتابة في شتى المواضيع بدقة وبراعة . وبرز دور الصحفي المتخصص في شأن واحد فقط كالرياضة أو الاقتصاد أو الفن أو الأسرة والمجتمع وغير ذلك من الاختصاصات التي مازالت تتفرع وتتفرع بلا توقف ، لدرجة أصبح هناك صحفيون متخصصين في السينما ، وآخرون في المسرح ، وفئة ثالثة بالموسيقى والغناء ، على الرغم من أن كل هذه الاختصاصات كان يكتب عنها أي محرر في القسم الفني . بمعنى آخر أن الصحافة تتجه للتخصص ، بل وللتخصص الدقيق والدقيق جدا إن صح التعبير . وعلى الصحفي أن يجد له اختصاصا مناسبا يتلاءم مع إمكاناته ومواهبه وقدراته الشخصية و" لأهمية التخصص في حياتنا المعاصرة ، وإقبال القراء على المعرفة المتخصصة ازداد اهتمام الصحافة الحديثة بالصفحات المتخصصة ، التي أصبحت تشكل الآن معظم مواد الصحيفة اليومية والمجلة الأسبوعية . بل ودفع ذلك معظم المؤسسات الصحفية إلى إصدار صحف متخصصة ، للرياضة ، والمرأة ، والفن ، والجريمة ، والأطفال ، والدين ، والاقتصاد وغيرها "  .
ويؤكد هارولد ايفانز رئيس التحرير السابق لجريدة التايمز اللندنية في كتابه ? اللغة الانجليزية الخاصة بالصحفي ? هذه الصفات التي يجب أن تتوافر في الصحفي منها  :
- صفات إنسانية : مثل التعاطف ، ونفاذ البصيرة ، وسعة الإدراك ، وخصوبة الخيال ، وروح الدعابة .
- عقل متوازن ينطوي بداهة على ملكة التمييز والقدرة على رؤية الأشياء وفقا لبعدها النسبي .
- أعصاب باردة وقدرة على العمل في جو العجلة والإثارة دون ارتباك أو فقدان القدرة على العمل الدقيق .
- سرعة التفكير مقترنة بالدقة .
- يقظة الضمير والحماس ، وعدم الرحمة بشرط أن توجه بالاتجاه الصحيح .
- القدرة على الحكم والتمييز على أساس الفطرة السليمة .
- القدرة على استيعاب الحقيقة والخيال والتعبير عنهما بأسلوب مقبول .
- القدرة على التكيف ? أي القدرة على النظر إلى الأمور من وجهة نظر القارئ مهما تكن مشاعرك . 
- الإلمام بأهم مبادئ قانون القذف والتشهير والقوانين الخاصة بحقوق النشر .
- اللياقة البدنية التي تمكن الصحفي من مسايرة حياة شاقة تجبره على أن يمضي معظم وقته جالسا وتجعله يدفع الضريبة من أعصابه وصحته ونور عينيه .
- روح الفريق ، وذلك لأن الصحيفة هي من أهم ما ينتجه الجهد والعمل التعاوني

Arabmedia

ان تعثرت فلا تقعد... بل قم وانطلق نحو القمه

  • Currently 101/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
31 تصويتات / 2846 مشاهدة
نشرت فى 8 يوليو 2010 بواسطة Arabmedia

صفاء السيد

Arabmedia
صفاء السيد باحثة ماجستير قسم الإعلام - كلية التربية النوعية - جامعة المنصورة , اهتم بكل ما هو جديد ومثير فى مجال الاعلام عموما والصحافه على وجه الخصوص تم انشاء الموقع 2010/2/11 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

304,772

لا حياة مع اليأس

عندما تيأس، وتقرر الاستسلام والتوقف، فاعرف أنك على بعد خطوات من هدفك. استرح، فكر في شيء آخر، ثم عاود المحاولة من جديد
د. ابراهيم الفقى