من المعلوم أن ثمة مجموعة من التقنيات المسرحية التي ينبغي اللجوء إليها من أجل تنشيط الطفل وتحريره من عقده الموروثة وتخليصه من الغرائز المترسبة في لحظات الماضي، والتي قد تؤثر عليه في الحاضر والمستقبل. وهذه التقنيات المسرحية مهمة جدا نظريا وتطبيقيا في مداواة الأطفال نفسانيا ومعالجتهم اجتماعيا وتكوين شخصيتهم ذهنيا ووجدانيا وحركيا. وقد تسعفنا هذه التقنيات الدرامية أيضا في فهم شخصية الطفل وتفسيرها عضويا و نفسانيا واجتماعيا، كما تساعد المدرسين في تقديم الدروس البيداغوجية والديداكتيكية لفلذات أكبادنا في أحسن الظروف التعلمية وأنسب المواقف السيكواجتماعية.

ومن بين هذه التقنيات المسرحية التي سنركز عليها في هذه الدراسة نذكر: السيكودراما والسوسيودراما والدراما التعليمية ودراما التنشيط ودراما التقليد والدراما  الإيهامية والدراما الإبداعية  . إذا، فماهي هذه التقنيات الدرامية؟ وماهي خصائصها القضوية والجمالية؟ وماهي وظائفها العملية وأدوارها في الحياة الواقعية وآثارها على الطفل ؟ هذه هي الأسئلة التي سوف نحاول الإجابة عنها في موضوعنا المتواضع هذا.

1- السيــــكودرامـــــا:

تعد السيكودراما psychodrama طريقة مسرحية ارتجالية تسعى إلى تقديم مجموعة من اللوحات والمشاهد الدرامية والأدوار الركحية لوظيفة علاجية ووقائية. ويعني هذا أن للسيكودراما أدوارا إيجابية ووظائف هامة في الحفاظ على توازن شخصية الطفل من الناحيتين: الشعورية واللاشعورية قصد تحقيق التوازن النفسي الملائم. ومن هنا، فالشخصيات الطفلية الممثلة تقوم بأداء أدوار درامية تعبر عن أوضاعهم الحياتية الحقيقية التي يعيشونها في المجتمع. وبالتالي، فالسيكودراما ترصد المواقف الحساسة التي يتبادلها الأطفال فيما بينهم من خلال التعبير عن علاقاتهم الوجدانية والنفسية والإنسانية، وتشخيص ميولاتهم الانفعالية وأهوائهم الظاهرة والمضمرة، وترجمة رغباتهم الذاتية بشكل إيجابي أو سلبي.

وتعد السيكودراما أيضا:” طريقة من طرق العلاج النفسي الجمعي وهي وسيلة تسعى إلى استنباط أو استخراج المشاعر الكامنة في النفس وعلل المشكلات الشخصية وتعابيرها وذلك عن طريق أدوار مسرحية تتسم بالعفوية، وهي بذلك عمل جمعي يتركز حول تمثيل المشاعر العاطفية.

إن الغاية الأساسية للسيكودراما تتكون من شقين هما: التطهير النفسي عن طريق التنفيس أو الإفراغ النفسي واكتساب أنماط سلوكية جديدة. وتتحدد شخوص السيكودراما بالمعالج المدير الذي يدير المسرح ويشرف على العلاج ومساعدة المريض في تحديد المشكلة وتجاوزها وهو بمثابة المخرج المسرحي فضلا عن المرضى وهم الممثلون والمشاهدون في الوقت نفسه فضلا عن مجموعة من الأشخاص المساعدين الذين يشاركون في القيام بأدوار الأشخاص الذين أثروا في حياة المريض :” بطل المسرحية”.

ويتضح ، مما تقدم ، أن السيكودراما مسرح نفسي ذو هدف علاجي بحت، إذ إن له غاية علمية ذات طبيعة صحية وطبية هي مساعدة المريض الذي هو بطل المسرحية أو أحد أشخاصها في الشفاء من مرض نفسي محدد من خلال زجه في نشاط تمثيلي يتم من خلاله تحليل عقده أو أزمته النفسية ومجابهته بها ومحاولة التخلص منها لاحقا”.1

ويمكن استخدام  تقنية السيكودراما التي أوجدها الطبيب النفسي جاكوب مورينو منذ سنة 1917م أو 1921م كأسلوب علاجي في علاج الاضطرابات النفسية الفردية والأسرية والجماعية ومحاربة مجموعة من الظواهر النفسية الخطيرة كالوقوع في الإدمان مثلا. وقد تأثر مورينو بلاشك بمجهودات فرويد في التحليل النفسي الفردي ، واعتقد أن يكون قد تأثر أيضا بتلامذة فرويد كيونغ وأدلر.

ومن هنا، يبدو لنا أن الدراما النفسية تقنية:” علاجية، وقائية، تعليمية، تدريبية، يصبح استخدامها في الدراما المسرحية عبر مختلف مستوياتها أحد أبرز الأدوار التنموية الجديدة للمسرح في علاقته الإيجابية بالمجتمع. ولأن الدراما حاجة نفسية على مستوى التمثيل والإخراج، ومختلف عناصر الإبداع وقبلها التأليف، وعلى مستوى التلقي، يصبح استخدام السيكودراما ممتزجة بمنهج الاشتباك بين الممثلين والمشاهدين خطوة تنفيذية للعلاقة الإيجابية بين المسرح والمجتمع”.2

هذا، وتعتبر طريقة السيكودراما أو المسرح النفسي العلاجي من أهم التقنيات في مجال تنشيط الأفراد ذهنيا ووجدانيا وحركيا وصهرهم داخل الجماعة المسرحية الديناميكية وتفعيلها دراميا وركحيا واشتباكيا . كما تعد من أهم الوسائل العلاجية لإدماج التلاميذ المنطوين على أنفسهم أو المنكمشين أو المعقدين نفسيا داخل جماعات تمثيلية لتحريرهم من العقد المترسبة في لاشعورهم وتطهيرهم نفسانيا عن طريق التنفيس والتعويض والتسامي والتداعي الارتجالي ، وإخراجهم من العزلة والوحدة والاغتراب الذاتي والمكاني إلى عالم مجتمعي أرحب يعتمد على المشاركة والتعاون والأخوة والانسجام وتفتيق المواهب وممارسة الديمقراطية الفعالة.

ومن ثم، فالسيكودراما طريقة مسرحية يعتمد فيها الفرد على القيام بمجموعة من الأدوار المسرحية التي يبرز فيها طاقاته ومواهبه ويعبر عن مكبوتاته وطاقاته الدفينة قصد الانتقال من مرحلة الانكماش إلى المرحلة النفسية السوية و التوازن السيكواجتماعي من أجل بناء ذاته وأسرته ومجتمعه وأمته بطريقة ديمقراطية قائمة على العطاء والعمل والإنتاجية والمردودية .

وعليه، فعن طريق السيكودراما نساعد المتعلم على الظهور والتفتح والنمو السيكولوجي ليكون قادرا على التعلم وتقبل المعارف وتلقيها بشكل علمي سليم واكتساب قيم جديدة ، حيث نخرجه من قمقم الانكماش والضياع والاستلاب ، ونحرره من بوتقة الاغتراب الذاتي والمكاني لننقله إلى عالم سعيد قوامه الحرية والمساواة والديمقراطية الاجتماعية حيث  يتحقق فيه تكافؤ الفرص والعيش الكريم .

وعلى العموم، فالسيكودراما هي ” تقنية سيكولوجية … تعتمد على  التلقائية الدرامية، حيث يطلب من الأشخاص أداء أدوار مسرحية دون ارتباط بكتابة سابقة أو تحديد للنص، قصد تنمية التلقائية لديهم. غير أنه مالبث أن تحولت هذه التقنية إلى أسلوب للتكوين والعلاج النفسي التحليلي الفردي والجماعي؛ وتنمية الابتكار لدى الأطفال في المجال التربوي التعليمي…

وتجد طريقة السيكودراما أصولها لدى اليونانيين القدماء، فقد أشار أريسطوفان في القرن الرابع قبل الميلاد إلى أن الشخص يظل سجين أدواره الاجتماعية ويمكن التحرر منها، وفهم دوافعها، عند التعبير عنها على خشبة المسرح. كما أن أرسطو أشار بدوره إلى الأهمية الأساسية التي يلعبها المسرح في التخفيف من المعاناة النفسية، خلال التوحد مع الممثلين في أدوار معينة، مما يساعد على التطهير النفسي.”3

ودافع المخرج الروسي قسطنطين ستانسلافسكي في نظرياته المسرحية عن طريقة المعايشة أو الاندماج في تمثيل الدور من أجل تطهير المتعلم نفسانيا وأخلاقيا ومداواته نفسانيا واجتماعيا.

وإذا كان أنطونان أرطو يدافع كثيرا عن مسرح القسوة باعتباره مسرحا علاجيا يحرر الإنسان من غرائزه اللاشعورية الموروثة ويزيل عنه الشرور والأحقاد ، فإن المخرج الألماني برتولد بريخت سيثور على نظرية الاندماج الأرسطي داعيا إلى أداء الدور المسرحي من الخارج دون الإحساس به من الداخل أو الاندماج في الدور تقمصا ومعايشة.

ويعني كل هذا أن الطفل لايمكن أن ينتقل إلى حالة نفسية متوازنة ومستقرة وإيجابية وسعيدة حتى نحرره نفسيا وجسديا وذهنيا من عقده الموروثة والمكتسبة كالخوف والجزع والقلق والانكماش والانطواء والخجل والانعزال المميت.

ومن ثم ، تستلزم تقنية السيكودراما خمس وسائل عملية وهي:

1- خشبة المسرح التي غالبا ماتكون عبارة عن مصطبة يتم الصعود إليها عن طريق ثلاث درجات متتابعة، ويلاحظ غياب الديكور والسينوغرافيا الباذخة أو الباروكية مع استبدالهما بمؤثثات وظيفية كالمائدة والكراسي لاستخدامها في أغراض علاجية عبر الاعتراف والتداعي والاسترسال في الارتجال الانفعالي الشعوري واللاشعوري؛

2- المخرج المعالج الذي يخطط مشاهد المسرحية ويحدد لوحاتها وينسق بينها، فيشجع الممثلين على تشخيص الأدوار العلاجية لتحريرهم من عقدهم ومخاوفهم وأمراضهم النفسية؛

3- الممثل الرئيس الذي ينصب حوله العمل ، ويمثل دوره ارتجالا بطريقة طبيعية وعفوية بدون تصنع أو تكلف مع اختياره للنص الذي يريد أن يؤديه على خشبة الركح؛

4- المعالجون الثانويون الذين يشاركون مع الممثل الرئيس في أداء المسرحية وتشخيصها فنيا وجماليا ونفسيا؛

5- المشاهدون الذي يتابعون المسرحية من البداية حتى النهاية رصدا وتأثرا وانفعالا.4

ويرى الدكتور أحمد أوزي أن  تقنية السيكودراما :” تنطلق من مجموعة من الفرضيات، منها أن المواقف الإنسانية لاتفهم إلا في وضع عملي، فالتمثيل يشغل كل جوانب الشخصية من جسم وصوت وانفعالات…الخ وأن اللعب التمثيلي أكثر حيوية من مجرد الحكي؛ وأن التعبير عن الذات يكتسي طابعا تطهيريا.”5

ومن هنا، نفهم بأن السيكودراما تقنية مسرحية علاجية تستهدف وقاية الطفل من أمراضه النفسانية وتطهيره شعوريا ولاشعوريا عبر التنفيس والتعويض من أجل اكتساب قيم سلوكية جديدة سواء على الصعيد السلوكي أم النفسي أم الاجتماعي.

2- السوسيـــــودرامـــا:

ترتبط السوسيودراما sociodrameبتمثيل مجموعة من الأدوار المسرحية التي لها علاقة بالوضعيات الاجتماعية، والتي قد تدفع الطفل للاندماج في المجتمع، والتحرر من عقده التواصلية والنفسية والاجتماعية ولاسيما تقوقعه على الذات وانعزاله عن المجتمع واغترابه ذاتيا ومكانيا.

وتنبني السوسيودراما على مفاهيم ديناميكية الجماعة ومقاييس السوسيوميترية وعلم النفس الاجتماعي، وتهتم بإدماج الفرد داخل جماعة ديناميكية لمعالجته علائقيا ونفسانيا واجتماعيا.

وعليه، تستعمل الدراما الاجتماعية :” في إطار علم الاجتماع القياسي، بوصفها طريقة اختبارية تؤدي وظيفة القياس للعلاقات النفسية المتبادلة في إطار مجموعة معينة، وتقوم الدراما الاجتماعية على إثارة التجربة في إطار التمثيل الدرامي الخاص بموضوع معين يجري اختياره سلفا لجعل المشاركين في التمثيل يعون علاقاتهم المتبادلة. لقد قدم مورينو الدراما الاجتماعية بوصفها وسيلة إلى العلاج الاجتماعي، ففي اعتقاده أن إظهار الحوافز والتوترات الخاصة بالعلاقات بين الأشخاص، يؤدي إلى وعي الأشخاص المذكورين لكوامن علاقاتهم بالآخرين، ومن ثم إلى شفائهم من أزماتهم”6.

إذا، تهدف السوسيودراما التي وضعها جاكوب مورينو إلى علاج الأفراد المضطربين نفسانيا  داخل جماعات تمثيلية لتحقيق التوازن بين الشعور واللاشعور على مستوى بناء الشخصية. كما يساعد المنهج الاشتباكي السيكواجتماعي بين الممثل والجمهور في تحقيق فاعلية علائقية إيجابية نفسانيا واجتماعيا قائمة على التواصل والتعايش والانسجام والتوافق والتكامل الإدراكي.

ويعني هذا أن الطفل يتحكم فيه نوعان من العوامل: عوامل فطرية ذاتية تؤثر على شخصيته من النواحي الشعورية واللاشعورية وتتكلف السيكودراما بدراسة اضطراب الشخصية عبر وسائط درامية علاجية. أما العوامل الأخرى فهي العوامل البيئية أو الاجتماعية التي تؤثر في الفرد على مستوى التواصل الاجتماعي، وتحدد علاقاته النفسية والتواصلية والاجتماعية وتبرز لنا علاقة الأنا بالآخر . وبالتالي، يحتاج المريض اجتماعيا بسبب عزلته وانطوائه وانكماشه وتطيره واغترابه وإحساسه بالوحدة إلى التمثيل الدرامي الاجتماعي لتحريره من غرائزه وعقده، وتطهيره من شرنقة الخوف وعقدة النقص. أي تركز السوسيودراما على :”الدور الذي يمكن أن تلعبه الدراما في استعادة التوازن المفقود بين الناس في علاقاتهم الاجتماعية، وهذا التركيز لايغفل الجانب النفسي؛ لأن التعريف بالمفهوم يؤكد أن الدراما الاجتماعية تسعى إلى إظهار التوترات الخاصة بالعلاقات بين الأشخاص، مما يؤدي إلى وعيهم بكوامن علاقاتهم بالآخرين، والكوامن مكبوتات وخبرات مختزنة في اللاشعور…..”7

وإذا انتقلنا إلى المستوى التعليمي لتدبر تقنيات السوسيودراما، فينبغي للمدرس المعالج أن يسند الأدوار المسرحية لمجموعة من الأطفال والمتعلمين الذين يعانون كثيرا من العقد النفسية والاضطرابات الاجتماعية عن طريق تحفيزهم وتشجيعهم كإدماج المدرس لتلاميذه في جماعات متوازنة وإيجابية وديناميكية، وتوزيع مجموعة من الأدوار الارتجالية العفوية والتلقائية على المتعلمين لأدائها ركحيا وتقديمها للجمهور الحاضر عبر الاشتباك الدرامي من أجل مداواتهم نفسانيا وتطهيرهم اجتماعيا وغرائزيا وانفعاليا. والهدف من كل هذا هو استعادة الثقة وتحقيق التوازن السيكواجتماعي من أجل تحقيق الإنتاجية والمردودية الكمية والمعنوية والنفسية.

3- درامــــا التنشيـــط:

 

يساهم التنشيط الثقافي المؤسسي الذي يقام في المدرسة أو في النوادي الثقافية أو الجمعيات المدنية في تحفيز الطفل على العمل والإبداع والابتكار والإنتاج ، وتكوين شخصيته وبنائها ذهنيا ووجدانيا وحركيا.

يمكن تعريف التنشيط بأنه عملية سيكوبيداغوجية فعالة ، و تقنية ديداكتيكية ناجعة في مجال التواصل والتفاعل مع المتعلمين ، ووسيلة فنية مثمرة تنبني على تفعيل الوضع التربوي وتحريكه إيجابيا. ويرتكز التنشيط أيضا على خلق النشاط الذهني والوجداني والحسي الحركي لدى المتعلم أو المؤطر أو المكون.

ويستوجب التنشيط البيداغوجي التركيز على ثلاثة عناصر بنيوية أساسية وهي: المنشط والمنشط والنشاط. فالمنشط هو الذي ُيفعل عملية النشاط  التربوي، ويتحكم في طاقة المتعلمين  الذهنية والوجدانية والجسدية توجيها وإشرافا وترشيدا وتدريبا وتأطيرا وتكوينا، ويحرك التنشيط بشكل ديناميكي حيوي ، ويساهم بقدراته الخلاقة في إثراء عمليات التفاعل الإيجابي والتواصل الفعال بين المنشطين ( بالفتح) لتحفيزهم على العمل الفردي أو المشترك من أجل التقليد أولا فالتجريب ثانيا ثم الإبداع ثالثا.

ومن هنا، فالنشاط هو إفراغ للطاقات الحيوية الزائدة ، وترجمة للأفكار المخزنة في منطقة الوعي أو اللاوعي على أرض الواقع، وإخراج للتصورات والخطط الذهنية إلى حيز التطبيق. و يكون النشاط أيضا  بمثابة قدرات ذاتية وكفاءات مضمرة تحتاج إلى إنجاز حركي عضلي ونفسي وجداني في شكل ميولات ذاتية وأهواء عاطفية وديناميكية انفعالية وتعبير عن قناعات شخصية مقنعة أو واضحة أو في شكل رؤى موضوعية أو إيديولوجية.

وعليه، فالنشاط هو ضد الثبات والسكون والانطواء والتقاعس والانكماش، وبالتالي، فهو بمثابة الدينامو الفيزيائي المحرك لطاقات الفرد ، والمحفز الايجابي لقوى الجسد والذهن والفكر.

أما المنشط ( بالفتح) فهو الذي يستفيد من عملية التنشيط، وينفذ تعليمات المنشط ( بالكسر)، ويترجم عن طريق قدراته الحركية وطاقته الزائدة كل مايتلقاه نظريا وتطبيقيا.

ومن هنا، فالتنشيط تقنية حركية إيجابية وديناميكية تساهم في إخراج المتعلم من حالة السكون السلبية نحو حالة الفعل الإيجابي عن طريق المساهمة والإبداع والابتكار والخلق وإنجاز التصورات النظرية وتفعيلها في الواقع الميداني ليستفيد منها الآخرون.

كم هي الأنشطة عديدة في مجال التربية والتعليم إذا كانت المؤسسة التربوية بمثابة مجتمع مصغر! فجميع القضايا والمواضيع التي تؤرق المجتمع يمكن أن تؤرق المؤسسة التربوية مادامت هذه المؤسسة موجودة في حضن المجتمع المكبر . لذا، تعمل المؤسسة التعليمية على إدماج المتعلمين في المجتمع ليكونوا مواطنين صالحين وطاقات فاعلة نافعة للوطن والأمة على حد سواء.

ومن أهم الأنشطة التي يمكن أن تقوم بها المؤسسة التعليمية يمكن الحديث عن النشاط التربوي، والنشاط الفني، والنشاط الأدبي، والنشاط العلمي، والنشاط الثقافي، والنشاط الإيكولوجي (البيئي)، والنشاط الاجتماعي، والنشاط الاقتصادي، والنشاط الديني، والنشاط الخيري، والنشاط السياسي، والنشاط المدني، والنشاط الرياضي، والنشاط السياحي….

وللتنشيط أيضا أهمية كبرى في مجال التربية والتعليم لكونه يرفع من  المردودية الثقافية والتحصيلية لدى المتمدرس، ويساهم في الحد من السلوكيات العدوانية والقضاء على التصرفات الشائنة لدى المتعلمين، كما يقلل من  هيمنة بيداغوجيا الإلقاء والتلقين، ويعمل على خلق روح الإبداع والميل نحو المشاركة الجماعية والاشتغال في فريق تربوي.

ويمكن عبر عملية التنشيط الدرامي إخراج المؤسسة التعليمية من طابعها العسكري الجامد القاتم القائم على الانضباط والالتزام والتأديب والعقاب إلى مؤسسة بيداغوجية إيجابية فعالة صالحة ومواطنة يحس فيها التلاميذ والمدرسون بالسعادة والطمأنينة والمودة والمحبة، ويساهم الكل فيها بشكل جماعي في بنائها ذهنيا ووجدانيا وحركيا عن طريق خلق الأنشطة الأدبية والفنية والعلمية والتقنية والرياضية والمسرحية ، يندمج فيها التلاميذ والأساتذة ورجال الإدارة وجمعيات الآباء ومجلس التدبير والمجتمع المدني.

وترتكز دراما التنشيط على تقديم مجموعة من اللوحات الخطابية والصحفية والثقافية والفنية بطرائق مسرحية تعبيرية فعالة تراعى فيها احترام المكونات الصوتية والإلقائية وخصائص التشخيص الحركي والكوريغرافي والأدائي.

ومن هنا، كان من الضروري مساعدة المتعلمين الأطفال على استيعاب تقنيات التنشيط سواء داخل الفصل المدرسي أم خارجه كتقليد  المعلقين الرياضيين ومحاكاة المذيعين أو الصحفيين أو الممثلين والممثلات أو مقدمي البرامج الإذاعية والتلفزية والفضائية، وتقليد رجال السلطة البارزين والرجال المشهورين في المجتمع بطريقة تنشيطية مسرحية هادفة تركز على تمجيد أعمالهم الإيجابية بعيدا  عن التشويه المذموم والتعيير الكروتيسكي والهجاء الكاريكاتوري.

ويمكن أيضا تقسيم الأطفال إلى مجموعات صغيرة وجماعات ديناميكية لتسهيل دراما التنشيط عن طريق اختيار قائد الجماعة بطريقة ديمقراطية لتفعيل التواصل بين أعضاء الجماعة وقيادتهم قيادة فعالة ومتميزة. وينبغي أن تنصب دراما التنشيط كذلك على تقديم الخبرات العلمية والثقافية والأدبية والفنية والتقنية والرياضية في أجواء مفعمة بالحبور والسعادة والرضى والاطمئنان.

ويحتاج المدرس و المتمدرس معا إلى تقنيات التنشيط اللغوية والحركية والأدائية لمسرحة الدروس والمناهج والمضامين التعليمية في أحسن الظروف وخاصة في المناسبات والاحتفالات والأعياد الوطنية والدينية.

4- الدرامـــــا التعليميــــة:

نعني بالدراما التعليمية مسرحة المناهج والبرامج والمقررات الدراسية لخدمة الطفل المتعلم وتحقيق الوظائف التربوية والتعليمية من وراء تقديم الخبرات التعليمية داخل الفصل الدراسي. ومن هنا، تنبني الدراما التعليمية على شرح الدروس وتفسيرها على ضوء آليات تنشيطية درامية كاستخدام الألعاب وتبادل الأدوار وتقليد الشخصيات. ويتطلب تدريس الحساب مثلا استخدام مجموعة من الألعاب التمثيلية، بينما تستلزم قراءة النصوص المسرحية أو القصصية أو الشعرية من المتعلم تقليد الأصوات الغيرية نطقا وحركة وتعبيرا وتشخيصا. كما تحتاج مواد التربية الإسلامية إلى التمثيل الدرامي لتشخيص مجموعة من المواقف والقيم الأخلاقية قصد تعلمها واكتسابها وتمثلها.

هذا، ويتحول المدرس في الفصل الدراسي إلى مخرج مسرحي من خلال توظيفه لخطاب تواصلي درامي سواء أكان لفظيا أم غير لفظي عن طريق تشغيل اللغة المعبرة واستخدام الحركات الهادفة. بينما التلاميذ يشكلون الممثلين والمشاهدين الراصدين على حد سواء. أما القسم ومصطبته فهما بمثابة الخشبة الركحية ، في حين تشبه المقاعد والطاولات والكراسي والصور المعلقة على الجدران ما يسمى بالتأثيث السينوغرافي.

هذا، ويمكن:” استخدام هذا النوع من المسرح التعليمي على أوسع نطاق لتقديم مختلف المواد والمناهج الدراسية، بشكل يربط الطفل بمدرسته…لما فيه من تشويق، وللدور الإيجابي الذي يعطيه للطفل في العملية التعليمية، بحيث يكون هنا التمثيل مستخدما كطريقة للتعليم، أي إنه طريقة لتعليم الموضوعات في حين تكون الدراما الإبداعية والتمثيل التلقائي، فهو الوسيلة التي يمكن عن طريقها أن يصبح الأطفال قادرين على استخدام التمثيل لا كوسيلة للتعليم، بل كإجادة التمثيل حتى يستطيع الأطفال فهم التاريخ والجغرافية، أو الاقتراب من الموضوعات العلمية أو تذوق القصص الدينية والأدبية، وبهذا الفهم نقترب من نوع آخر في المسرح المدرسي، هو مسرح المنهاج والذي يعتمد فيه على الأطفال بعد إجادتهم للتمثيل بواسطة الدراما الإبداعية والنشاط التمثيلي للطفل أو التمثيل التلقائي لأنه بدون هذه المرحلة لايمكننا الإقدام على تقديم مسرحيات المنهاج.”8

ومن المعروف أن للدراما التعليمية وظائف كثيرة حيث تساعد على توضيح الدروس وشرحها، وتذليل الصعوبات، والجمع بين التسلية والتعليم، وإفادة العقل وإمتاع الوجدان، وتحريك الطفل المتعلم ذهنيا ووجدانيا وحركيا لبناء دروسه اعتمادا على ذاته عن طريق المحاكاة والتقليد وتبادل الأدوار الدرامية. كما تساهم الدراما التعليمية في إبعاد الروتين والتكرار  وتفادي رتابة الدروس التي تجعل المتعلم منفعلا وسلبيا غير فاعل ولامساهم ، كما تجنب المدرس فداحة  الطرائق البيداغوجية التقليدية القائمة على  التلقين والتوجيه.

وتتم المسرحية التعليمية :” من خلال استخدام المسرح أداة تعليمية مباشرة كالمسرحية الإرشادية التي استخدمتها الكنيسة لتفسير العقائد وشرحها للجمهور، وهذا ماشهدته العصور الوسطى حين وضعت العنصر التعليمي في خدمة الوعظ الإرشادي الديني. ولذلك، تعتبر مسرحيات الأسرار والخوارق المسرحية الأخلاقية مسرحيات إرشادية تعليمية لتفسير عقائد الكنيسة وشرحها للجماهير.ولقد كان الهدف من وراء ذلك هو تثبيت عقيدة الشعب الأمي وتقويتها…والمسرحية التعليمية هي تلك التمثيلية التي يكون الهدف الأساسي منها هو إدخال فكرة معينة في أذهان الجماهير، والعادة أن تكون فكرة دينية أو سياسية أو اجتماعية”9

وعليه، فلابد للمدرس أن يحول دروسه إلى مشاهد ولوحات وحبكات درامية داخل الفصل الدراسي أو خارجه، ويختار لها المكان والزمان المناسبين، وينتقي التلاميذ الذين لهم الرغبة في التمثيل والتقليد من أجل أداء المسرحيات ارتجالا بعد أن يختار لهم النصوص التي تكون قريبة إلى نفوس الأطفال وميولاتهم وأهوائهم واتجاهاتهم النفسية، فتحقق لهم التسلية والمتعة والترفيه، كما تنمي مداركهم المعرفية والتعليمية.

ولابد من تمثل البساطة في أداء الأدوار المسرحية ، والابتعاد عن الغموض والتجريد واستبدالهما بكل ماهو تقريري مباشر قريب من عالم الأطفال ويكون حسب مستواهم العمري وحاجياتهم النفسية والاجتماعية.

وعلى المدرس الكفء وضع:” مجموعة من الأسس لبناء الوحدات الدراسية ومسرحتها مع تقديم الخطوات اللازمة لتدريس الوحدات الدراسية الممسرحة، أي تقديم طريقة ملائمة لتدريس الخبرات الدرامية داخل الفصل، وتجريب إمكانية استخدام الخبرة الدرامية كأسلوب للتدريس، لإمكانية تعرف مدى تأثيرها في التحصيل المعرفي وفي الاتجاهات العلمية والتفكير العلمي للتلاميذ، وذلك من خلال مجموعة المقاييس المعدة لهذا الغرض. والأطفال يدخلون المسرح ولكن ليس كمتفرجين أو مشاهدين لعرض من عروض الأطفال، وإنما كمشاركين في العمل المسرحي، من خلال هذه المشاركة يتلقون دروسهم ويستكشفون طبيعة المنهج الدراسي المقرر عليهم، وينتقلون من مرحلة استظهار الدروس إلى مرحلة معايشتها. ويكون مسرحهم هو قاعة الدرس، ومدرسهم معهم. ولن نسميه مخرج العرض، ولكن سنسميه مدرس الدراما. ومن خلال هذه الطريقة يستكشف التلاميذ مشكلات العلاقات الإنسانية عن طريق تمثيل المشكلات في مواقف، ثم مناقشة الموقف الدرامي، من خلال استخدام الخبرة الدرامية كأسلوب للتدريس، وذلك فيما يتعلق باكتشاف المعرفة وتحقيق نمو التفكير العلمي.”.10

فما أحوجنا اليوم – نحن المدرسين- إلى تطبيق الدراما التعليمية لمسرحة مناهجنا التربوية لنقترب أيما اقتراب من عالم التلاميذ المبني على حب المسرح والتعطش إلى التثقيف والتسلية والترفيه الوظيفي والهادف والبناء!

5- الدراما الإبداعية:

يقصد بالدراما الإبداعية ما يسمى بتبادل الأدوار Role Plaing ، حيث يقوم الأطفال المتمدرسون أو غير المتمدرسين بأداء مجموعة من الأدوار الاجتماعية مثل: الأب، والأم، وتمثيل ضابط الشرطة، والطبيب، ورجل الأعمال، والمهندس، والمدرس…وتتوقع كل ثقافة أنماط سلوك محددة من الناس الذين يقومون بهذه الأدوار الاجتماعية… والنوع الآخر من الأدوار هو الأدوار الفردية أو الشخصية حيث ينمي الناس أدوارا فردية مع العائلات والأصدقاء عن طريق تشخيص أدوار حياتية متقابلة كدور المباهاة والافتخار عند البعض ودور الضحية عند البعض الآخر، وهذه الأدوار قد تكون حقيقة أو متخيلة.11

وتسمى هذه الدراما بالإبداعية ؛ لأن هذه الدراما تشجع الأطفال على استخدام طاقاتهم الاستكشافية  والابتكارية والأدائية والتمثيلية عبر  الأنسنة والتخييل والتشخيص والإبداع وتبادل الأدوار الفردية والجماعية وتشغيل تقنيات الارتجال والإلقاء العفوي الطبيعي ، وتقليد الآخرين وتقمص أدوارهم بروح درامية هادفة ومعبرة.

ويضيف أدوين ويلسون نوعين من الأدوار إلى جانب الدور الفردي والدور الاجتماعي: الدور الفعلي والدور المدرك، فالدور الفعلي هو ممارسة الدور الدرامي فعليا، أما الدور المدرك فيرتبط بتصور الدور وتوقعه كما يجب أن يكون. أي إن الدور المدرك هو الدور :” المدون في عقل شاغل المكانة ومؤدي الدور، بمعنى أنه المهام والمسؤوليات والواجبات والحقوق كما يعيها ممارس الدور…ويمكن أن تحدث مشكلات حياتية ودرامية نتيجة تصادم الأدوار المدركة التي تنتج أدوارا فعلية واقعية مع الأدوار المتوقعة…سواء أكان ذلك في السيكودراما الحياتية، حيث ممارسة الأدوار ( تمثيلها) إيحائيا، أم في الدراما المسرحية عندما يكون إدراك الممثل/ المؤدي للدور مختلفا عن توقعات مجتمع المشاهدين، وهذا التصادم قد يقود إلى المشكلات التي تتطلب تدخلا سيكودراميا علاجيا يقود إلى إيجاد العلاقة الإيجابية بين المدرك والمتوقع والواقعي من الأدوار”12

وعلى العموم، فلعب الأدوار يقوم على إنجاز مجموعة من الألعاب التمثيلية وتقليد الآخرين وتقمص أدوارهم الحياتية ومحاكاة تصرفاتهم وسلوكياتهم القيمية والحركية والتعبيرية. وفي هذا الصدد يقول  سالم كويندي:” أهم مايتميز به هذا النوع من اللعب عند الأطفال هو تقمصهم لشخصيات الكبار أو الأشخاص الآخرين حسب أنماط سلوكهم وأساليبهم المميزة في الحياة، والتي يدركها الطفل عيانيا، وينفعل بها وجدانيا، حيث يعكس الطفل في هذه الألعاب نماذج الحياة الإنسانية المادية المحيطة به. وبذلك مضمون لعبه، أي إن هذا النوع من اللعب ينشأ استجابة لانطباعات انفعالية قوية يتأثر فيها بنماذج من الحياة والوسط المحيط به.

وهذه الألعاب تنطوي على الكثير من الخيال عند الطفل، لهذا نجدها تنحو به منحى إبداعيا، الشيء الذي جعل بعض الباحثين يطلق عليها الألعاب الإبداعية أو ماقدمناه في مكان آخر من هذا الكتاب ياسم الدراما الإبداعية؛ لأن الكثير مما يتعلمه الطفل وينمي قوة الابتكار لديه يقوم على الخيال والتخمين والتساؤلات والاستفسارات والتنقيب والاستكشاف، وهو مانجده منعكسا في أدوار اللعب التي يعيشها بالخيال.”13

وعليه، فالدراما الإبداعية طريقة مسرحية هامة في تنشيط الطفل وإخراجه من عالمه الانعزالي  نحو عالم أرحب عبر تشخيص مجموعة من الأدوار الفردية والاجتماعية تقليدا وتخييلا وإبداعا.

6- درامــــــا التقليـــــد:

من المعروف أن الإنسان أو الطفل يولد وهو يمثل ويحاكي بالفطرة، ويقلد الآخرين بشكل عفوي وطبيعي وارتجالي. فالطفل في مرحلة الحضانة أو رياض الأطفال يميل إلى تقليد الذين يحيطون به، فالولد يقلد أباه أو يمثل شخصية الزوج أو العريس أو يمثل دور السائق وهو يجر عربته البلاستيكية أو الكهربائية أو الإلكترونية أو يتصور نفسه ممتطيا صهوة الحصان وهو راكب فوق عصاه،  كما يمثل الشخصيات البطلة كالجنود والضباط والأقوياء من الممثلين (باطمان، وسوبرمان، وزورو، وطرزان، وسندباد، والرجل العنكبوت…)، ويحاكي أيضا رجال المطافئ.

في حين نجد البنت تقلد أمها و تؤدي دور الزوجة أو العروس داخل بيتها أو تهتم بدميتها وهي تمثل دور الأم.

ويستكمل الطفل خاصية التقليد الدرامي في المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية، فيبدأ بالمرحلة الحسية الحركية في تمثل الأدوار وتشخيصها حركيا داخل الفصل الدراسي لينتهي به الأمر إلى تقليد الأدوار الغيرية المجردة.

وغالبا مايرتبط التقليد لدى الطفل الممثل بالمحاكاة والتنشيط واللعب وتبادل الأدوار.

7- الدراما الإيهامية:

تتكئ الدراما الايهامية على أنسنة مجموعة من الألعاب وتحويلها إلى أشكال إحيائية إنسانية وتخييلية  قائمة على التوهيم والتشخيص المجازي والاستعاري الإنساني، حيث يقول جيرسيلد : ” إن تمثيل الشخصيات عند الطفل يبدأ من حوالي سن العام الواحد، حيث يتعلم الأطفال الكثير في لعبهم الإيهامي من الأطفال الأكبر سنا منهم. كما أن التمثيل الإيهامي يعتبر مثله مثل التمثيل الملحمي الذي نادى به بيرتولد بريخت”14.

ومن مظاهر الدراما الإيهامية تحويل الطفل لعصاه إلى حصان، وبنائه لمنزل رملي على شاطئ البحر يجعله يعتقد أنه يبني منزلا حقيقيا…أي إنه يضفي صفات شخصية على كل العوالم والأشياء التي يجدها قريبة منه في الواقع ويحاول أنسنتها وتشخيصها دراميا كالأشياء والنباتات والحيوانات والأشجار وبعض مظاهر الطبيعة الصامتة والحية. ويحاول الأطفال تطويع هذه الوسائل مسرحة وتشخيصا واستنطاقها دراميا والحوار معها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

والهدف من هذه الدراما الإيهامية هو رغبة الطفل في تجاوز الواقع نحو الخيال ، وهروبه من سلطة الكبار ومن فظاعة الواقع نحو عوالم فنطاستيكية أكثر رحابة وبراءة ومثالية، والتعبير عن مكبوتاته الشعورية واللاشعورية تنفيسا وتعويضا وتداعيا وتساميا، وتحقيق رغباته السيكولوجية والبيولوجية تطهيرا وتعويضا، وتخليص ذاته من الانفعالات السلبية وتحريها من الغرائز السيئة والشريرة كالغضب والضيق والسخط، ثم تجنب الظروف التي تقيده قهرا وجبرا، وتمنعه من الحركة والتحرر والانطلاق والتي تتحكم فيه تقييدا وسلبا.

خاتمـــــة:

ونستنتج ، مما سبق، أن هناك أنماطا متعددة من الدراما في مسرح الطفل ، وهكذا نلاحظ أن السيكودراما والسوسيودراما من التقنيات المسرحية العلاجية لتحقيق التوازن لدى الطفل غير السوي أو إدماجه ضمن جماعة ديناميكية لخلق الانسجام والتوافق الجماعي والاجتماعي.

بينما تقوم الدراما التعليمية ودراما التنشيط بتقديم الخبرات التعليمية وفق شروط مسرحية ومقاييس درامية هادفة وممتعة. أي تساعدان الطفل على فهم دروسه وتفسيرها بسهولة ويسر اعتمادا على طرائق بيداغوجية وديداكتيكية فعالة قائمة على اللعب والتمثيل والمحاكاة والتنشيط والتعلم الذاتي.

أما الدراما الإبداعية ودراما التقليد والدراما الإيهامية فتساعد الطفل على  تقليد الآخرين إبداعا وتخييلا واستكشافا مع أداء الأدوار الفردية والاجتماعية اعتمادا على تبادل الأدوار الفعلية والمدركة على أساس التنفيس والتعويض وإثبات الذات عبر وسائط درامية كالمحاكاة والتشخيص الإحيائي وأنسنة الظواهر الطبيعية وغير الطبيعية.

المصدر: www.doroob.com
Arabmedia

ان تعثرت فلا تقعد... بل قم وانطلق نحو القمه

  • Currently 99/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
31 تصويتات / 2558 مشاهدة
نشرت فى 14 مايو 2010 بواسطة Arabmedia

صفاء السيد

Arabmedia
صفاء السيد باحثة ماجستير قسم الإعلام - كلية التربية النوعية - جامعة المنصورة , اهتم بكل ما هو جديد ومثير فى مجال الاعلام عموما والصحافه على وجه الخصوص تم انشاء الموقع 2010/2/11 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

548,641

لا حياة مع اليأس

عندما تيأس، وتقرر الاستسلام والتوقف، فاعرف أنك على بعد خطوات من هدفك. استرح، فكر في شيء آخر، ثم عاود المحاولة من جديد
د. ابراهيم الفقى