يرى ناقد مصري أن المسرح فن ديمقراطي ولكن عزلة الانسان وتحوله في عالم اليوم الى ترس في آلة ضخمة من بين أسباب ظاهرة التجريب في المسرح الحديث الذي يكاد يخلو من الحوار بين طرفين حيث انتهى الحدث الدرامي وتحول المشاهد الى كائن معزول عن جاره الذي يشاهد العرض معه وعن المجتمع خارج المسرح.

وقال حسن عطية أستاذ الدراما بأكاديمية الفنون لرويترز ان هيمنة رأس المال وتحول الانسان الى ترس في الة ضخمة تضم ملايين لا يعرف أحدهم زميله في العمل ولا جاره في المسكن ويتخصص عمليا في مهنة دقيقة أدى الى أن يصبح الفرد محور الكون ويحل في المسرح الحديث الذاتي (المونولوج) محل الحوار (الديالوج).

وفي ضوء هذه المتغيرات فسر عطية انتهاء الحدث الدرامي في كثير من عروض المسرح بعد أن كان يشكل فعلا فنيا متكاملا نرى من خلاله نتائج فعل حياتي لم يكتمل بعد في الواقع فنتجنب السير فيه حتى نهايته أو نعمل على تحقيقه من أجل حياة أفضل "وبدلا من الحدث الدرامي حل البوح الشعري والرقص التعبيري والحالة الموحية بدلالات أغلبها هلامي ووقتي أشبه ببقعة حبر تقع على ورقة مطوية يسقط عليها كل من يراها مفتوحة أفكاره الخاصة.

"لهذا لم يعد المسرح يحمل رسائل واضحة لجمهوره بل يترك لكل فرد حرية أن يستخرج الرسالة التي يبتغيها هو من العرض المسرحي."

وقال ان المسرح العربي تأثر بهذا السياق التاريخي حيث أصبحت العروض نخبوية "وصار التجريب عندنا (في العالم العربي) تقليدا لتجريب الغرب وغيب المسرح الحوار بين شخصياته وبينه وبين جمهوره فغاب الحوار في المجتمع وتم تخوين كل رأي معارض أو مخالف وصارت السيادة للفوضى."

ويتفق كثير من النقاد المصريين مع عطية في أن التجريب في المسرح العربي مجرد تقليد لا ينطلق من الواقع الاجتماعي أو الثقافي أو الحضاري العربي بل يراه بعضهم عجزا عن استيعاب تراث المسرح ويتحفظون على التكريس لعروض تجريبية لا يتفاعل معها الجمهور طوال العام أو من خلال مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي المقام حاليا.

ويعرض في المهرجان الذي تنتهي دورته السابعة عشرة الجمعة القادم أكثر من 70 عملا تمثل 54 دولة من بينها 12 دولة عربية هي الاردن والجزائر والسودان والعراق والمغرب والسعودية واليمن وتونس وسوريا وقطر وليبيا اضافة الى مصر.

وقال عطية ان المسرح فن ديمقراطي وليد مجتمعات ديمقراطية "بل انه في المجتمعات غير الديمقراطية يحل محل البرلمان ويتحول الى ساحة حوار حتى ولو تخفى في أردية تاريخية أو فانتازية."

وأضاف أن تحويل المسرح الى ساحة للبوح الذاتي وللصور المبهمة وللرقص الموحي أدى في النهاية الى عزلة المشاهد عن زميله الذي يتلقى العرض الى جواره وعن الشارع الذي يخرج اليه بعد العرض ليجده يمور بأحداث لا علاقة لها بالعرض الذي شاهده وعن المجتمع الذي هو بأمس الحاجة الى مشاركته في فعل جماعي للتغيير.

وشدد على أنه رغم الاعتراف بأن المسرح التجريبي الذي هو وليد متغيرات الواقع أمر لا مفر منه فانه "لا يجعلنا أبدا نقر به."

وتابع "اعترافنا بتدني الاغنية وهبوط السينما وتحليلنا لاسباب هذا التدني وذاك الهبوط لا يعني أبدا موافقتنا عليهما والرضوخ لما ال اليه حالهما وكذلك تفسيرنا لاسباب ظهور هذا المسرح الحداثي خاصة في الغرب لا يجعلنا أبدا نتفق مع معطياته أو على الاقل لابد وأن يدفعنا للتحاور مع هذه المعطيات والافكار التي يقدمها هذا المسرح في ضوء المتغيرات الاجتماعية التي شكلت جمهورا جديدا ذا مفاهيم جديدة."

وقال ان مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبى يشكل نافذة مفتوحة على تجارب المسرح في العالم "وخاصة المسرح الغربي بحكم هيمنته اللغوية."

وأضاف أنه نظرا "لتداعي الايديولوجيات الفكرية وسيطرة المادة على حركة الحياة تم الاحتفاء بالجسد واحلاله جماليا محل قضايا الفكر في فضاء المسرح مع الاحتفاء بالصورة المنظرية والمؤثرة في الحواس وبالشكل على حساب المضمون المؤثر في العقل وصار الشعر المرئي أعلى من الكلمة المنطوقة ويكاد يلغي وجودها في كثير من العروض."

المصدر: شبكة النبأ المعلوماتيه
Arabmedia

ان تعثرت فلا تقعد... بل قم وانطلق نحو القمه

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 174 مشاهدة
نشرت فى 12 فبراير 2010 بواسطة Arabmedia

صفاء السيد

Arabmedia
صفاء السيد باحثة ماجستير قسم الإعلام - كلية التربية النوعية - جامعة المنصورة , اهتم بكل ما هو جديد ومثير فى مجال الاعلام عموما والصحافه على وجه الخصوص تم انشاء الموقع 2010/2/11 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

526,572

لا حياة مع اليأس

عندما تيأس، وتقرر الاستسلام والتوقف، فاعرف أنك على بعد خطوات من هدفك. استرح، فكر في شيء آخر، ثم عاود المحاولة من جديد
د. ابراهيم الفقى