الشاعر/محمد قرموشة يكتب/وتلك الأيام/بمجلة الاتحاد الدولي للمؤلفين العرب

وتلك الأيام
************
تجمرتْ في كهفي 
حروفُ خيبتي
ذوَّبتْ سًبائكَ الذهولْ...
عَصفتْ ريحُ الهياجِ
تَنثرُ صوراً مخطوفةً
في ذاكرةِ الأُفولْ...
تَنبشُ حقيبةَ دهرٍ 
سرقَ منا العمرَ
في ذروةِ الخمولْ...
ذكرياتنا اليتيمة
تُعَرِّي حاضرنا المذلولْ...
تسافرُ روحي 
على قاربٍ منهوبٍ
تمزقتْ هويتهُ 
وسُلِبَ شراعهُ
حَطَّمَ الغدرُ ساريتهُ   
ورماهُ على شاطئٍ مجهولْ...
أعثرُ على ذاتي مهزومةً
في جرابِ حلمٍ هاربٍ
من واقعٍ مخذولْ...
أحِنُ لأيامٍ 
كانتْ تَرقصُ فيها 
إبتسامةُ الشمسِ
على الشِفاه بلا وجع
أيامٌ اِستَقَينا من مناهلها
الأعرافَ والأصولْ...
أيامٌ كنتُ أقطفُ فيها
أوراقَ التقويمِ
المُعَّلَّقِ على جدارِ  بيتنا القديمِ 
أطالعُ حِكمتها 
بعفويةِ الفضولْ...
كنت في كلِ صباحٍ
أروي ياسمينةَ الدارِ
ماءَ حنيني
أخشَى عليها 
من الحُزنِ والذبولْ...
كنتُ في تلكَ الأيامِ
أسمعُ ضحكاتَ 
أقاصيصِ الوردِ الجذولْ...
وعندَ المساءِ
يزور القمرُ  بِركَةَ الماءِ
تدغدغٌ أناملي رسمهُ بلطفٍ
فيبتسمُ ثغرهُ الخجولْ...
في تلكَ الأيام
كانَ الحبُ يظللُ فَسحَتنا
والزيزفونُ يُمطرُ أزاهيرهُ
على شُرفَتنا
كان الفرحُ يَسكُنناَ 
ولا نحسبُ أنه سيزول...
حتى دار الزمان دورته
وتبدلتْ هيئةُ الفصولْ...
أَنَاخَ الحُزنُ بداخلي المشتتِ
يُترعُ  قَلبي بالشقاءِ
فيُغرقُ القهرُ العينَ السجولْ..
*************
محمد قرموشة