جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
قُلتُ أنا المُهلهِلُ
قصيدة من
البحر الكامل
طاهر
نادت أباها طاهراً يا والدي
فأجابَ مَنْ في القبرِ لن أنساكِ
أَوَكيفَ أنسى يوم كُنتِ صغيرةً
والبحرُ في عينيكِ حين أراكِ
نادت أباها طاهراً فسرى بها
طيفٌ كمثلِ النَّجمِ في إحباكِ
يا طفلةً دَرَجَتْ ملاكاً أبيضاً
تمشينَ في وردٍ بلا أشواكِ
نادت أباها طاهراً فأجابها
والمَيْتُ يسمعُ دونما إرباكِ
قرعَ النِّعالِ إذا نزلنَ بِتُربِهِ
والجسمُ بين النُّورِ والإحلاكِ
والقبرُ عارٍ والنُّجومُ لوامعٌ
والنَّاسُ بين الخمرِ والإنْسَاكِ
فأجابها القبرُ الَّذي قد ضمَّهُ
قُومِي بليلٍ واسألي مولاكِ
صوتُ الحبيبةِ كالغناءِ لعاشقٍ
دلفٍ بَرِيْحٍ خافتِ الإهباكِ
يا قمحةً بالصَّيفِ بانت دمعةً
سُبحانَ من بالحُسنِ قد سوَّاكِ
أَبَتِي إليكَ الشَّوقُ يحني رأسه
والعينُ تغرِفُ من غديرٍ باكي
أبَتِي إذا ناديتُ كُنتَ ملائكاً
لبَّتْ بصمتٍ في حضورِ ملاكِ
أبتاهُ فاسمع إنَّ قلبي مُغرمٌ
والسِّينُ في تاءٍ وفي إحكاك
فهناك كانت للحياةِ مواجعٌ
وهنا الحياةُ مدافنُ الأشواكِ
ما عُدتُ أبكي فالحبيب أبادني
بالحُبِّ في وردٍ وقلبه باكي
ودفنتُ ما كانت حياتي أسرفت
عن مزجِ جسمي في عراكٍ شاكي
يتنَسَّمُ البستانُ طُهرَ نقائِهِ
إنْ سبَّحَتْ منه العيونُ يحاكي
ذاكَ الجنونُ مع المساءِ يُذيبه
ذاك الحميمُ بلهوهِ الدَّكْدَاكِ
أَحَمَاقَةٌ حُبِّي وحُبِّي طاهر
كالدِّينِ يا أبَتِي من الإشراكِ
أبَتِي بعينِ القلبِ منِّي غصَّةٌ
ومُزلزِلي قد قال لا أقلاكِ
قد قال حُبُّكِ جاثمٌ في باطني
وقوايَ من عزمي بغير حراكِ
أبَتِي دعوتُ بأنْ أكونَ كروحهِ
عشقاً يُلازمُ دون أيِّ فِكَاكِ
فاسمع لِبِنْتِكَ صوتَ نايٍ قائلٍ
يا رحمتَاهُ ألَا لغوثِ حِماكِ
فأنا الضَّعيفةُ والحبيبُ كصخرةٍ
صمَّاءُ مثل تجمُّعِ الآراكِ
اسمح لبنتكَ أن تكون كظِلِّهِ
فالظِّلُّ للعشَّاقِ كالأفلاكِ
الحُبُّ يسبحُ في غديرٍ مُقْمِرٍ
بالَّليلِ بعد تدفُّقِ الأسماكِ
وتجاذبُ الشَّفتينِ بعد لقائنا
قد جاءَ بعد تعانُقِ الأوراكِ
وأنا إليه أميرةٌ في عرشها
وهو الّذي بالحُبِّ مِنْ أملاكي
انتهى
بقلمي
تمّام طاهر سلوم الخزاعي
المصدر: تمّام طاهر سلوم الخزاعي
