تفاقمت مشكلة المياه في مصر خلال السنوات الأخيرة ، ونذكر منها الكارثة الصحية التي وقعت في قرية بردين بمحافظة الشرقية منذ عدة سنوات نتيجة تلوث مياه الشرب والتي أدت إلى تسمم أكثر من 100 مواطن، وكذلك تسمم العديد من المواطنين في مركز بلقاس بمحافظة الدقهلية نتيجة اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي، وهو ما أرجعته وزارة الصحة إلى اعتماد المواطنين على مياه الطلمبات الحبشية في استخدمهم اليومي ،وانتشار الأوبئة والأمراض في مركز طلخا في ذات المحافظة بسبب مياه الشرب الملوثة والمخلوطة بالصرف الصحي ، وفي محافظة دمياط ، لجأ نحو 40 ألف مواطن في عزبتي البط وعيسي إلى استخدام مياه الترع الملوثة في الاستحمام والأغراض المنزلية إثر معاناتهم من العطش منذ 12 عاماً، بسبب تكرار انقطاع المياه، فيما أصيب أطفال من مدينة أبورديس في جنوب سيناء، بأمراض جلدية بسبب عدم الاستحمام.
وما يثار من شكوك في محافظة سوهاج عن تلوث مياه الشرب نتيجة اختلاطها بالصرف الصحي، وهناك العديد من الإحصائيات التي تؤكد أن 17% من الأسر في محافظة المنيا تعتمد في حياتها على مياه ملوثة، وعلاوة على ذلك هناك العديد من المحافظات التي تعاني من نقص المياه أو عدم توافرها، ومنها محافظة الإسماعيلية التي تعاني من مشكلة المياه بشكل مزمن سواء من حيث تلوثها، أو من حيث انقطاعها لمدد طويلة، الأمر الذي يرهق المواطنين في البحث عن وسائل بديلة ، وفي محافظة الإسماعيلية تعاني قرية البعالوة التابعة لمركز ومدنية القصاصين من انتشار بكتيريا القولون الخطيرة نتيجة التعطل الدائم لمحطة المياه ، وذات الأمرفي قرية البرلس بمحافظة كفر الشيخ وقرية بشبيش بمركز المحلة ومنطقة المرج بمحافظة القاهرة وقرية بركة بمحافظة قنا ، بل وصل الأمر في بعض المناطق إلى انقطاع المياه لمدة تقرب من عامين، وهوما حدث في قرى المركزية و البنزية و النقعة و المعسكر و 30 بصار القديمة و 49 و 47 التابعة لمركز بلقاس بمحافظة الدقهلية ، وكذلك حرمان سكان القرى والنجوع النائية من هذا المرفق من الأساس ومنها قرى غرب العرب وروض أبو عادل ، يضاف إلى ذلك انتشار الكلور في تعقيم المياه ،الأمر الذي يصيب المواطنين بالفشل الكلوي وتليف الكبد و السرطان و غيرها من الأمراض المستعصية ، وذلك برغم تأكيد العديد من الدراسات على مخاطر استعماله في المياه المخصصة للشرب، بل وامتناع معظم دول العالم عن استخدامه ، أما في مصر فمازال المسئولين مصريين على استخدامه بدعوى فعاليته في القضاء على الميكروبات متناسين أنه لا يقتل البكتيريا فقط، و إنما يقتل البشر أيضا ..!! .
يضاف إلى ما سبق، حالات موت جماعية بمدنية قها بمحافظة القليوبية بسبب أمراض الكبد والفشل الكلوي الناتج عن المياه الملوثة والتي تشبه مياه المستنقعات، حيث تعتبر مدنية قها الأولى على مستوى العالم في ارتفاع نسبة الوفيات بأمراض الكبد والكلى : ففي عام 1999، كانت حصيلة الوفيات 383 حالة منهم 169 حالة فشل كبدي وبائي ، و 87 حالة فشل كلوي .
و في عام 2000 ، بلغ إجمالي الوفيات 350 حالة منهم 154 بأمراض الكبد و 70 فشل كلوي .
و في عام 2001، بلغت الوفيات 309 منهم 161 التهاب كبدي وبائي و 76 فشل كلوي .
و عام 2002 ،بلغ عدد الوفيات 239 حالة منهم 169 حالة التهاب كبدي و 89 حالة فشل كلوي .
و عام 2003 ، بلغ عدد الوفيات 404 حالة منهم 192 حالة التهاب كبدي وبائي و 131 حالة فشل كلوي .
و عام 2004 بلغ عدد الوفيات 450 حالة منهم 220 حالة التهاب كبدي وبائي و230 حالة فشل كلوي .
و لعل هذه الأمثلة،خير دليل على تقاعس الحكومة المصرية عن القيام بدورها إزاء أزمة مياه الشرب ونحو تحسين هذا المرفق الحيوي،من أجل كفالة حق كل مواطن بسيط في الحصول على كوب مياه نظيف ، فنحن نعاني من أزمات خطيرة في هذا الصدد، والأرقام والاحصائيات خير دليل على ذلك : وفاة 5 ملايين شخص بسبب تلوث المياه ، وفقاً لتصريحات د.محمود أبو زيد وزير الموارد المائية والري في احتفالية بيوم المياه العالمي !!.
يعيش حوالي 12%من سكان المدن في الأحياء العشوائية الفقيرة بدون مصادر نقية للمياه.
لا توجد شبكات للصرف الصحي في الريف المصري ، ومازال مرحاض الحفرة هو الوسيلة الأساسية المستخدمة، فهناك ما يقرب من 4500 قرية بدون صرف صحي، وهي نسبة تتجاوز نصف عدد القرى المصرية البالغ عددها سبعة آلاف، وتتخلص هذه القرى من مخلفاتها القذرة من المياه والمواد الصلبة بإلقائها في المجاري المائية.
ثبات موارد المياه وارتفاع معدلات النمو السكاني،أدى إلى تراجع نصيب الفرد من المياه في مصر إلى900 متر مكعب سنويًا، وهو ما يعني أن مصر دخلت مرحلة الخطر، وصنفتها المؤسسات الدولية بأنها تحت خط الفقر المائي، ورغم ذلك فشلت وزارة الموارد المائية والري في الاستفادة من مياه الصرف الزراعي التي تبلغ 14 مليار متر مكعب سنويًا، يصلح منها للاستخدام 8 مليارات، ويلجأُ الفلاحون لاستخدام 3 مليارات متر مكعب منها في الزراعة سنويًا، دون معالجة في المناطق التي لاتصل إليها مياه الري وتذهب 11 مليار متر مكعب سنويًا إلى البحرَين الأبيض والمتوسط، رغم أنها لا تحتاج إلى تقنيات حديثة لإعادة الاستخدام ومتواجدة في أماكن الزراعة،.
كما أن هناك 5مليارات متر مكعب مياه صرف صحي لا يتم الاستفادة منها، ورغم أن تكلفة تحلية المتر من مياه البحر هبطت إلى 0.3 دولار... فإن وزارة الموارد المائية لم تدخل هذا المجال حتى الآن. والجدير بالذكر أن المعدل العالمي للمياه 2000 متر مكعب في السنة ، وحد الفقر المائي 1000 متر مكعب في السنة، ونصيب الفرد في مصر حالياً انخفض إلى حوالى 900 متر مكعب في السنة، أي أن مصر أصبحت تحت خط الفقر المائي. بينما كمية المياه المتاحة للفرد في العام مثلا حوالى 5200 متر مكعب فى العراق، وحوالي 2800 متر مكعب في السودان، وحوالي 2400 متر مكعب في سوريا، وحوالي 2300 متر مكعب في لبنان، و1000 متر مكعب في إسرائيل. وتصل في كندا إلى 12000 ألف متر مكعب، وكثافتها السكانية 4أفراد فى الكيلو متر المربع. بينما الكثافة السكانية في مصر حوالي 1000 فرد فى الكيلو متر المربع.
وتشكل الزيادات المستمرة للسكان في مصر ، وعلى نصيب الفرد من الأراضى الزراعية، فبينما كان متوسط نصيب الفرد من الأراضي الزراعية حوالى فدان فى بداية عهد محمد علي، انخفض حاليا إلى حوالي 5،2قيراط فقط. وهذه المساحة لا تحقق نسبة معقولة من الاكتفاء الذاتي، ولا تحقق الأمن الغذائى. حيث تستورد مصر حوالى 50% من احتياجاتها من السلغ الغذائية الاستراتيجية.
38 مليون مواطن مصري يشربون من مياه الصرف الصحي ، مع العلم أن مياه الصرف الصحي تحتوي على مياه عضوية، مما يؤدي إلى تكوين بؤر لتلوث الحشرات ،فضلا عن الغازات الأمر الذي يؤدي إلى انتشار الأمراض بين المواطننين ، ومن أمثلتها: الالتهاب الكبدي الوبائي، الإسهال الفيروس ، الكوليرا ، البلهارسيا البولية و المعوية ، الدوزنتاريا الأميبية ، الطيفيليا المعوية.
76 % من مياه القرى مخلوطة بالصرف الصحي.
25% من مرضى المستشفيات بسبب تلوث مياه الشرب .
مرفق مياه القاهرة الكبرى ينتج 6 ملايين م3 من المياه في اليوم ، تتكلف 3 ملايين جنيه يومياً ، وتكلف الدولة مليار جنيه سنويا و هذه المياه غير صالحة للاستهلاك الآدمي .
نهر النيل والذي يعد المصدر الرئيسي للحياة في مصر ، حيث تستخدمه مياهه في الزراعة والصناعة ، ومن أجل الاستهلاك الآدمي بمختلف أشكاله سواء المباشر أو غير المباشر ، ورغم مختلف القوانين و التشريعات فإن : 1. مخلفات الصناعة تلقي بمياهه بدون معالجة أو بمعالجة جزئية. 2. جزء من المخلفات و مختلف القاذروات تلقى به أيضاً. 3. تصل مياه المجاري بعد المعالجة الأولية وبعضها يصل بدون معالجة عن طريق غير مباشر . 4. استخدام المبيدات في الزراعة تصل إلى مياه النيل .
مصر مقبلة على مجاعة مائية بحلول ????،فغياب الإدارة الجيدة للموارد المائية وتدهور شبكات الري والصرف وتلوث المياه، ينذر بحدوث كارثة في ظل تزايد عدد سكان مصر، ومن المتوقع أن يصل التعداد السكاني إلى ??? مليون نسمة، مما يدل على أن الدولة مقبلة على مجاعة مائية بحلول عام ????، كما أن التلوث الكبير الذي يتعرض له نهر النيل، سيكون أحد مسببات تناقص المياه، في ظل عدم وجود إجراءات رادعة، تمنع التعامل مع "النيل" على هذا النحو، الذي يهدر ما يزيد على ??% من المياه.
??% من الأراضي الزراعية لن تتوافر لها مياه الري بسبب محدودية الموارد المائية، وعدم وجود خطة واضحة لتوفير مصادر بديلة في ظل تزايد الاحتياجات من المياه.
أشارت التحاليل التي أجرتها وزارة الصحة عن مدى مطابقة مياه الشرب للمواصفات القياسية المصرية في عام 2000إلى أن هناك 4 محافظات تتعدى نسبة عدم المطابقة البكتريولوجية المعدلات المسموح بها ،وهي الدقهلية 14.5%، والشرقية 22.3%، و مطروح 7.9% ، والإسكندرية 5.6%. القسم الثاني : المعايير الدولية الخاصة بالحصول على كوب ماء نظيف
يتضح مما سبق ، أن مصر تعاني من أزمة حادة بخصوص مياه الشرب ، حيث أن السياسة المائية المصرية لا تتفق بشكل نمطي مع ما أقره إعلان الأمم المتحدة حول الحق في المياه، وذلك على النحو التالي :
1. توفر كميات كافية ودائمة من المياه يعتبر توفر كميات كافية ودائمة من المياه هو المؤشر الرئيسي على الحق في المياه حسب إعلان الأمم المتحدة. ويعتمد المؤشر على وجود تدفق متواصل من المياه النظيفة إلى المنازل وعلى مؤشر إحصائي رئيسي هو نسبة السكان المخدومين بمياه الشرب البلدية من خلال الشبكة الحكومية، وهو نفس المؤشر المستخدم في الأهداف الإنمائية للألفية.أما في مصر فقد تراجع نصيب الفرد من المياه خلال السنوات الأخيرة بصورة واضحة ،ففي عام 1980 كان نصيب الفرد من المياه حوالي 1500 متر مكعب سنويا ، ثم تناقص إلى حوالي 1035 متر مكعب سنويا بحلول عام 1993 . و في عام 1997 تراجع نصيب الفرد ليصل إلى نحو 900 متر مكعب سنويًا وما يزال حتى الآن .
2. نوعية مياه الشرب في هذا المؤشر سبق الإشارة إلى أن هناك مشاكل عديدة في هذا الصدد وخصوصا اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي ، و لكن لابد أن تتناسب مع صحة الإنسان و البيئة و ضمان سلامة الماء بما قد يشوبه من تلوث بحيث يكون خاليا من الكائنات الدقيقة و المواد الكيميائية و المخاطر الإشعاعية التي تشكل خطراً و تهديداً لصحة الإنسان و العمل من أجل القضاء على مكونات المياه المعروفة بأنها خطرة للصحة أو تقليل تركيزها إلى أدنى حد بحيث معه يمكن إستثاغة الطعم و قبوله لكل الاستخدامات.
3. البنية التحتية لخدمات المياه والقدرة على الوصول إلى المواطنين
تعاني البنية التحتية للمياه من القدم والاهتراء والضعف والتسرب ، فقد أكد تقرير من لجنة الإسكان بمجلس الشعب عام 2001 على أن هناك 50% ، من الكمية المنتجة من محطات المياه تهدر وتتسرب من الشبكات الرئيسية المسئول عنها مرفق مياه الشرب وليس المواطنون وهو ما يعادل قيمته 1.5 مليار جنيه سنوياً.
4. القدرة المالية للحصول على المياه
ترتبط القدرة الشرائية للمواطنين في الحصول على المياه بشكل مباشر بعملية الخصخصة ، وقد ظهر نظام خصخصة المياه في مصر في الفترة الأخيرة و ذلك من خلال تحويل مرفق مياه الشرب إلى شركة قابضة مع رفع أسعارها و الذي بدأ بالفعل خلال عام 2004 .
و هو ما بررته الحكومة بسبب المشاكل التي تواجه مرفق المياه و منها الديون المستحقة عليه، وكذلك الإهدار الذي يقوم به المواطنين لمياه الشرب من خلال الاستخدام غير الرشيد ! ، وهو الأمر الذي نفاه تقرير لجنة الإسكان بمجلس الشعب عام 2001 ، و أكد أن هناك ديون مستحقة لمرفق مياه الشرب لدى الأجهزة الحكومية قدرت بأكثر من 400 مليون جنيه فبدلا من أن تقوم الحكومة بحل مشكلات شبكات المياه الرئيسية لتوفر هذا الحجم الكبير من الإهدار ، أو تقوم بتحصيل الديون المستحقة من استهلاك المياه لدى أجهزة الحكومة ذاتها فأنها قررت أن تحمل هذه الفاتورة للفقراء من خلال بيعها لمرفق مياه الشرب للقطاع الخاص ! .
و لخصخصة مياه الشرب بعض المخاطر و التي تضمنتها وجهة نظر اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية ، جاء أهمها على النحو التالي: التدهور الحاد في مدى الجودة .
الافتقار الكامل في أسوء الأحوال لمحاسبة المسئولين .
و تأثر الخدمات العامة الأساسية بقوى السوق ( أي مستوي الربح و اعتبار استعادة التكلفة )، الأمر الذي يؤثر سلبا في حصول الفقراء على الخدمات . و أيضا تجاهلها للأبعاد الاجتماعية والصحية والتي تتضمن بالضرورة حق المواطنين بالمشاركة في إدارة الموارد وحقهم في المعرفة، مما يؤدى إلى الإضرار بالفقراء ضرراً شديداً. 5. عدم التمييز في الحصول على المياه المساواة بين المواطنين في إمكانية الوصول لمرافق الماء و خدماته المناسبة لجميع الفئات السكانية على أن يكون بشكل كافي ومأمون و ضمان وصولها للمساكن الدائمة أو شبه الدائمة أو مواقع الوقوف المؤقتة . و يجب أن تكون جميع مرافق و خدمات الماء ذات نوعية كافية ، مع مراعاة ألا يتعرض أمن الفرد للخطر أثناء الوصول إلى مرافق و خدمات الماء ، و كذلك مراعاة الفئات الأكثر ضعفا وتهميشا بين السكان دون أي تمييز .
6.توفر المعلومات حول نوعية المياه لا بد من وجود نظام مفتوح لنشر الإحصائيات والمعلومات المائية لجميع المواطنين في وسائل الإعلام وخاصة في حالة وجود أزمات معينة في نوعية المياه.
7.توفر المياه من أجل الأمن الغذائي
لابد من ضمان الوصول إلى موارد المياه على نحو مستدام لأغراض الزراعة بغية إعمال الحق في الغذاء الكافي ، كما ينبغي الوضع في الاعتبار ضمان وصول المزارعين و المزارعات المحرومين والمهمشين ، وصولاً منصفاً إلى موارد المياه ونظم إدارتها، بما في ذلك التكنولوجيا المستدامة لجمع مياه الأمطار وللري .
ومراعاة للواجب المنصوص عليه في الفقرة (2) من المادة ( 1 ) من العهد و التي تنص على أنه " لجميع الشعوب ، سعيا وراء أهدافها الخاصة ، التصرف الحر بثرواتها و مواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات و عن القانون الدولي . و لا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشة الخاصة " . الأمر الذي يؤكد على أهمية أن ينبغي للدول الأطراف أن تضمن أن يكون هناك سبيل للوصول إلى المياه بشكل كاف لأغراض الزراعة الكافية ولضمان سبل رزق الشعوب الأصلية. و أيضا للماء أهمية فيما يخص الصحة البيئية، كجانب من جوانب الحق في الصحة المنصوص عليها في الفقرة 2 /(ب) من المادة (12 ) من العهد .
8.المياه المتوفرة للمنازل وحق السكن:
يتعلق المؤشر بمدى إعطاء الأولوية لإيصال المياه إلى المنازل ودور السكن وخدمة الصرف الصحي في المنازل. في ضوء ما سبق ، نجد أن السياسة المائية المصرية برمتها تحتاج إلى إعادة نظر وترشيد تفادياً لتلك الأزمة في المستقبل ، و خاصة في ضوء التطورات التي حدثت على الصعيد الدولي بخصوص قضية المياه حيث بدأ الاتجاه إلى تحويل المياه إلى سلعة يمكن بيعها وشراؤها، والأخطر من ذلك يمكن تملكها من قبل مجموعة من الشركات، وذلك تطبيقا لاتفاقية الخدمات البيئية التابعة لمنظمة التجارة العالمية.
حيث كان تضمين المياه كأحد أنواع الخدمات التي ستضاف إلى لائحة اتفاقية الجات لتحرير التجارة في الخدمات في مؤتمر الدوحة 2001 لمنظمة التجارة العالمية أحد أهم النتائج السلبية والمثيرة للقلق في المؤتمر حيث أصبحت الموارد المائية بموجب هذا البند "خدمة" وسلعة خاضعة لمنطق السوق ومنطق العولمة.
ويعني ذلك فتح خدمات المياه للقطاع الخاص، بما يعني تشغيل وإدارة المرافق العامة لمياه الشرب ومحطات تنقية المياه وتسعير المياه وخصخصة شركات المياه وجعل السوق ومنطق الأسعار هو الذي يقرر طريقة توزيع المياه. و في هذا الإطار نجد أن من أبرز مشاكل قطاع مياه الشرب تتمثل في عجز الحكومة في العمل على توصيل مياه نظيفة و صالحة للاستخدام إلى المواطنين و أيضا ما يخص قطاع الري و المسئول عنهما كلا من الهيئة العامة لمياه الشرب ، ووزارة الري واستصلاح الأراضي كلا في اختصاصه ، و التي ظهر في أعمالها قصوراً شديداً متمثلاً في انقطاع مياه الشرب و منع إمدادها و توفيرها للمواطنين بما يتناسب مع حاجاتهم المعيشية، ويرجع ذلك إلى عدة أمور من أهمها :
1. عدم التصدي لظاهرة خصخصة الخدمات ووقف تحويلها للقطاع الخاص و التعامل مع تلك الخدمات الأساسية باعتبارها سلعة .
2. لم تستطع الحكومة بالنهوض بمهمتها الأساسية فبدلا من أن تقوم بحل مشكلات شبكات المياه الرئيسية لتوفر هذا الحجم الكبير من الإهدار ، أو تقوم بتحصيل الديون المستحقة من استهلاك المياه لدى أجهزة الحكومة ذاتها بل قررت بيعها .
3. تدني مستوي الخدمات الخاصة في قطاع الري و التي من شأنها تغطية التكاليف الخاصة بصيانة الترع و المساقي . هذا طبقا لما ورد بشكاوى المنتفعين و ما بها من مشاكل عديدة نابعة من إهمال المجالس القروية و الجمعيات الزراعية و يرجع ذلك إلى بطء الإجراءات و عدم اتخاذ التدابير التي من شأنها توفير مياه صالحة للري بما يتناسب مع حاجات المواطنين .
أعدته للنشر/ أمانى إسماعيل
ساحة النقاش