الملائكة في الاصطلاح:
خلق من خلق الله، خلقهم الله عز وجل من نور، مربوبون مسخرون، عباد مكرمون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، لا يوصوفون بالذكورة ولا بالأنوثة، لا يأكلون ولا يشربون، ولا يملون ولا يتعبون ولا يتناكحون ولا يعلم عددهم إلا الله
الملائكة في العقيدة الإسلامية
يؤمن كل المسلمين بأنّ الملائكة إنّما هم عباد الله المكرمون، وهم الرسل بينه تعالى وبين رسله وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ﴾[2]، وأنها مخلوقات قائمة بنفسها[3] خلقها الله من نور كما جاء في صحيح مسلم عن عائشة ا وعن أبيها: أنّ رسول الله قال: ((خلقت الملائكة من نور، وخلق الجانّ من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم))[4] أي بعكس طبيعة البشر المخلوقة من طين، وطبيعة الجن الذين خلقوا من نار.
وأنّ هذه المخلوقات النورانية اللطيفة لا يمكن لبشر رؤيتهم
بصورتهم الحقيقية حيث لم يؤتِ الله أبصار البشر القدرة على ذلك؛ ويمكن رؤيتهم فقط
في حالة تمثّلهم وتصوّرهم بهيئة بشرية بدلالة النص الشرعي الذي أخبر بذلك؛ وما
رأهم في هيئتهم الحقيقية من الأمة الإسلامية إلا الرسول
حيث رأى جبريل مرتين في صورته الملائكية التي خلقه الله عليها، والتي
ذكرتا في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ﴾[5]،
والأخرى في قوله: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى
عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾[6]
ورد في صحيح مسلم: ((أنّ عائشة ا سألت الرسول
عن هاتين الآيتين فقال : إنما هو جبريل،
لم أره على صورته التي خُلق عليها غير هاتين المرتين[7].
رأيته منهبطاً من السماء، سادّاً عِظَمُ خَلْقه ما بين السماء إلى الأرض))[8]
وهم ليسوا كما زعم المشركون بناتاً لله عز وجل ولا أولاداً ولا شركاء معه ولا
أنداداً - تعالى الله عن ذلك عزّ شأنه - يقول الله
تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ
مُكْرَمُونَ﴾[9]،
وقوله: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا
أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾[10]
حيث يؤكد الله عز وجل في كلتا الآيتين أنّهم عباد له ومكرمون باللفظ
﴿عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ ﴿عِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾.
الإيمان بالملائكة: هو الركن الثاني من أركان الإيمان في الإسلام، ولا يصح إيمان العبد حتى يقرّ به، فيؤمن بوجودهم، وبما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية من صفاتهم وأفعالهم.
حيث يؤمن كل مسلم بأنّ الملائكة خلق من خلق الله في عالم الغيب، الطاهرين ذاتاً وصفةً وأفعالاً؛ ليس لهم من خصائص الربوبيّة والألوهية شيء، كما ليس لهم إلا الانقياد التّام لأمره عز وجل والقوة على تنفيذه. يعبدون الله وحده ولا يعصونه فيما يأمرهم به. يقولون ما أمرهم به، ويعملون بما أمرهم؛ يقول الله عنهم: ﴿لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ، يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾[11]. وهم في سريرتهم وعلانيتهم لا يستنكفون أن يكونوا عبيداً لله، بل هم معترفين بعبوديتهم كما أخبر الله تعالى عنهم في القرآن الكريم بقوله: ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾[12]
يتضمّن الإيمان بالملائكة أربعة أمور:[13]
- الأول: الإيمان بوجودهم.
- الثاني: الإيمان بهم إجمالاً. أي الإيمان بما عُلمت أسمائهم منهم (كجبريل ) وبما لم يُعلم.
- الثالث: الإيمان بما عُلم من صفاتهم (كصفة جبريل التي رآها النبي في صورته التي خلقه الله عليها وله ستمائة جناح قد سدّ الأفق، وقد يتحول الملك بأمر الله إلى هيئة بشرية في صورة رجل كما حصل لجبريل حين أرسله الله إلى مريم فتمثل لها بشراً سوياً).
- الرابع: الإيمان بما عُلم من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله كتسبيحه والتعبد له ليلاً ونهاراً بدون ملل ولا فتور.
هالة أيمن الناصر ...
ساحة النقاش