الرقابة الإدارية ..معالجة الانحرافات لا السيطرة على الإدارات
مإذا ما أساء الرؤساء استخدامه أو أساء المرؤوسون فهمه.. ، لضعف الأداء وهبطت الإنتاجية.. حتى وإن توافرت أجواء مفعمة بالتحفيز والتقدير.. إنه مفهوم الرقابة "الإدارية".
كثيراً ما يطرأ فى أذهاننا بمجرد سماع كلمة الرقابة الإدارية أنها بمعنى مساو للسيطرة الكاملة على العاملين، فهي مرتبطة لدينا بالإدارة، إدارة شخص، أو جهة والسبيل الوحيد لها قد يكون تصيد أخطاء الآخرين لمجازاتهم ومعاقبتهم، ومن هنا كان لابد من توضيح معنى الرقابة الإدارية ودورها الحقيقي فى العمل بالمؤسسات بشيء من التفصيل.
مفاهيم متنوعة
قبل شرح وتعريف الرقابة الإدارية كان علينا رصد انطباعات بعض العاملين حول مفهوم الرقابة.. ماذا تمثل لهم الرقابة وماذا تعنى؟
وجاء الرد على لسان محمد .ر باحث بإحدى الشركات ليقول: الرقابة من وجهة نظري هى متابعة سير العمل بشكل دوري لتحقيق أهداف المنظمة.
أما فرض رقابة إدارية علي فهو مصطلح يحمل لي بعضاً من التوتر. إذ يشعرني بأن هناك من يتابع أعمالي ويراقب سلوكي، وإذا ما ظهر منى بعض المخالفات لنظام العمل تتم معاقبتي عن ذلك، منعاً لتكرار الأخطاء، وسعياً نحو الأفضل.
فمثلاً إذا ما ظهر مني تأخراً عن أوقات العمل تتم مجازاتي حتى لا يتكرر هذا السلوك مرة أخرى.
وترى ر.ن أن الرقابة ببساطة هى فرض السيطرة من جانب الإدارة على العاملين، وكلما كان نظام الرقابة أكثر دقة وصرامة كلما صعب الأداء، وتضيف قائلة " بأي حال من الأحوال لا يمكنني العمل تحت المجهر".
وتعرفها أ. م قائلة : "إنها التحكم فى العاملين بما يحقق الأهداف للإدارات ويخدم مصلحة المؤسسة فى النهاية، العمل فى ظل رقابة تتبع خطوات العاملين خطوة بخطوة أمر يصعب التعامل معه، بل ويعوق الإبداع والابتكار فى بعض الأحيان.
وبالرغم من أن التعريفات السابقة حملت جانباً من الصحة إلا أن تحليلها يعكس تخوفاً من جهة العاملين للرقابة التى يرى بعضهم أنها قد تعوق العمل، ولاسيما إن كانت مركزة.
سلاح ذو حدين
فالرقابة كما يرى المتخصصون إذا كانت هى وسيلة رصد الأخطاء ومعاقبة المخالفين، فبالمثل هى الوسيلة التى ترصد الأداء الجيد وتمنح المكافآت، فتثيب من يستحق، وتعاقب من يستحق كلا بحسب عمله.
والرقابة الإدارية بشكل علمى هى المقياس الذى يتم من خلاله تقدير المؤسسات لجهود العاملين بها، وبناء على النتائج التى تخرجها الرقابة يحكم على الإدارة والعاملين بالمستوى الذى يستحقونه.
وتمثل الرقابة إحدى الوظائف الإدارية الهامة بين وظائف الإدارة الخمسة المتمثلة فى التخطيط، التنظيم، التوظيف، التوجيه، الرقابة، وتنطوي وظيفة الرقابة على تلك الأنشطة والأعمال التى تصمم خصيصاً لجعل الوقائع والأحداث تتماشى مع الخطط الموضوعة، ومن ثم فهى تقيس الأداء وتصحح الانحرافات السلبية وتؤكد تحقيق الخطط. إذن هي العين الساهرة على بقية الوظائف الإدارية الأخرى.
تعددت تعريفات الرقابة الإدارية، فالبعض يرى أنها عبارة عن عملية تقييم النشاط الإدارى الفعلي للتنظيم ومقارنته بالنشاط الإدارى المخطط، ومن ثم تحديد الانحرافات بطريقة وصفية أو كمية بغية اتخاذ ما يلزم لمعالجة الانحرافات، كما تعنى بقياس وتصحيح أداء المرؤوسين لغرض التأكد من أن الأهداف والخطط الموضوعة قد تم تحقيقها.
ويعرفها هنرى فايول بأنها تلك التى تنطوي على التحقق إذا كان كل شيء يحدث طبقاً للخطة الموضوعة والتعليمات الصادرة وأن غرضها هو الإشارة إلى نقاط الضعف والأخطاء التى يقصد معالجتها ومنع تكرار حدوثها وهى تنطبق على كل شيء من معدات، أفراد، أفعال..
أما الدكتور سعيد محمد عبد الفتاح فيرى أنها الوظيفة التى تحقق توازن العمليات مع المستويات والخطط المحددة سلفاً وأساس الرقابة هى المعلومات المتوفرة بين أيدي المدراء، وهى الوظيفة التى تهدف إلى تأكد كل رئيس أو قائد من أن ما تم إنجازه من أعمال هو ما قصد بالفعل إنجازه.
وفى كتابه أصول الإدارة يقيمها الدكتور محمود عساف كأداة تستخدم فى قياس أداء المرؤوسين وتصحيحه من أجل التأكد من أن الأهداف قد تحققت وأن الخطط قد وضعت موضع التنفيذ بالطريقة الصحيحة.
ويضيف على ذلك الدكتور محمد ماهر عليش أن الرقابة تسعى إلى التأكد من أن الأهداف المحددة والسياسات المرسومة والخطط والتعليمات الموجهة إنما تنفذ بدقة وعناية كما تعنى بأن النتائج المحققة تطابق مما تتوقعه الإدارة وتصبوا إليه.
وتعتمد الرقابة الإدارية بشكل أساسي على عنصري التوجيه والإشراف فأكثر من كونها تعمل على الوصول للأخطاء ومجازاة المخطئين فإنه يمكن النظر إليها على أنها من وسائل الإدارة التى تعمل على التحقق من الاستخدام الأمثل للموارد وسلوك الأفراد إزاء تحقيق أهداف المنشأة وتثبيت قواعدها.
وعلى ذلك فإن الرقابة الإدارية تتضمن فى مجملها أمرين أساسيين هما التحقق من مدى إنجاز الأهداف المرسومة بكفاءة، والكشف عن المعوقات التى قد تعترض تحقيق الأهداف، أو تؤدى إلى حدوث الانحرافات
ساحة النقاش