عالم الأدب والنقد الأدبي- د. محمدصالح رشيد الحافظ

الموقع خاص بعالم الإبداع الأدبي والإنساني - نصوص ودراسات

authentication required
إذا كانت الجامعة كمؤسسة علمية عاجزة عن اقتراح وإنتاج المعرفة وتطويرها، فإن هناك أسبابا عدة ترشحها للإستمرار في هذا الوضع، بل والحرص على بقاء هذا الوضع بكل اختلالاته وسلبياته وأوهامه إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.. غير أن ما يؤسف له، هو أن أساتذة الجامعة يلعبون أدوارا شتى ومتنوعة مقرفة وسيئة للغاية، تزيد من أزمة الجامعة، وتطيح بها بعيدا عن أي أمل في التغيير أو تجديد البناء. وقبل أن أكشف عن طبيعة هذه الأدوار السلبية لكثير من هؤلاء الأساتذة، أشير إلى أن هناك إرادة سياسية ترمي إلى إضعاف دور الجامعة في تقديم المعرفة وإنتاجها، وفي تخريج طلبة أكفاء وقادرين على العطاء والعمل وبناء المجتمع.. وهذه الإرادة ليست أمرا جديدا، ولست أول من يتحدث عنها ويفضحها، وإنما هي قديمة، وتعود إلى سنوات . ولعل المتأمل في ظاهرة إرسال أبناء بعض الساسة «قادة» إلى الخارج للتعلم والدراسة، يكفي لمعرفة الجواب عن السؤال التالي: ( لماذا أصر مسؤولو البلد على إبقاء الجامعات المحلية ضعيفة، في الوقت الذي كانوا فيه متحمسين لإرسال أبنائهم إلى الخارج؟.) لكننا كنا نعتقد أن تمكن عدد كبير من أبناء الطبقة الفقيرة والمتوسطة من ولوج الجامعة كأساتذة، سينهي حلم تجهيل المغاربة وتغفيلهم، بجعل الجامعة مختبرا حقيقيا لإنتاج المعرفة والتنمية، وللارتقاء بالإنسان / المواطن في سلم الكرامة والحرية والعدالة. إن اعتقادنا هذا – للأسف الشديد – لم يكن صائبا، لأن أغلب هؤلاء الأساتذة نظروا إلى الجامعة كصفقة تجارية مربحة، أو لنقل بعبارة مشهورة، نظروا إليها كلقمة للعيش.. حيث انتصبوا بهمة ونشاط لتدريس مواد جاهزة أبدعها مفكرون وعلماء غربيين دون أدنى اجتهاد منهم أو تمحيص، منتظرين أواخر الشهور للإمساك بأجور عرقهم الذي ينشف قبل أن يخرج من مسام جلودهم. إن جل هؤلاء الأساتذة كسالى لا يبذلون أي تعب من أجل مواكبة تطورات الواقع الثقافي والمعرفي والعلمي المتعلق بما يدرسونه. يقتاتون من كتب غيرهم، ومن مؤلفات رجال علم رحلوا عنا منذ عقود طوال، وإذا ما اجتهدوا في تقديم محاضرات ما، فإنها غالبا ما تكون فصولا كاملة وحرفية من من هذا الكتاب أو ذاك.. إنهم لا ينتجون ولو مقالة علمية واحدة طيلة العام الدراسي، ويبدعون فقط في إحالة طلبتهم بالرجوع إلى مراجع معينة. أبمثل هؤلاء يمكن أن نتحدث عن جامعات معطاءة؟ ومساهمة في بناء المواطن؟ مشاركة في ضمان الأمن المعرفي والثقافي للأمة؟ إننا نتكلم هنا عن أساتذة الآداب واللغة (يقول عنهم طلبتهم باللغة العامية: نقالة درجة أولى).. ؟!!!
المصدر: مقالة
  • Currently 19/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 54 مشاهدة
نشرت فى 19 أغسطس 2011 بواسطة Alhafedh

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

40,503