<!--<!--<!--<!--<!--
نظرة مخلصة إلي عشرات الرسائل التي تناقش في تخصص الأدب العربي القديم والحديث, في العقدين الأخيرين بخاصة, تكشف, دون جهد, فداحة الضعف المنهجي الذي تعاني منه اغلب هذه الرسائل, التي تدعي الطابع العلمي دون إجراءاته! ذلك لأنه من الصعب أن يطبق الطالب منهجا لم يسبق لأستاذه المشرف تطبيقه, ومعرفة خباياه, أو لم يسبقه إليه.
فبتنا نرى رسائل دكتوراه( مطبوخة) لا يفهم الأستاذ في منهجها أكثر من الطالب! وذلك في ظل ضعف طلاب الدراسات العليا في إتقان لغة ثانية أو أكثر, تخولهم قدرة الخوض الواثق في مشهد النقد المعاصر, قراءة وكتابة! فأنتجت جامعاتنا ومعاهدنا وأكاديمياتنا حاملي شهادات عاجزين عن التواصل مع واقعهم النقدي علي المستويين المحلي والعالمي, وعن استيعاب النصوص الإبداعية الحديثة المتوافرة في بيئتنا الثقافية المعاصرة, تلك النصوص التي لا تخضع ممارستها إلي تقاليد الأنواع الأدبية التقليدية بخاصة، وفي هذا ما قد يفسر عجز دراساتنا الجامعية عن تناول النصوص الإبداعية المعاصرة, التي تبتدع في أفقها وأسلوبها.
فصلت هذه الحال طلاب الأدب ودارسي الدراسات العليا, عما يمور به الواقع الإبداعي من تيارات جمالية وإبداعية جديدة, في ظل حضور مسيطر لأجيال أخذت فرصتها في التعبير عن أنفسها, لكنها لم تتخل, للأجيال الجديدة عن المواقع التي تستحقها لوضع رؤيتها المعاصرة, أو إسهامها الذي يعبر عنها.
وقد كان في قدرة الأجيال القديمة, لو ارتضت مواقع الاستشارة, أن تمنح خلاصة تجربتها للأجيال الجديدة, في عقد اجتماعي تكاملي مثمر, بعد أن استمر شغلها لمناصبها الثقافية والأدبية والصحفية والعلمية, ممتدا إلي عقد زمني, أو إلي عقدين, وربما أكثر من ذلك؟؟.
يا ترى, هل كان في امكاننا فتح باب المساءلة للمناهج النقدية الحديثة, والنظريات الغربية المعاصرة, إذا اهتم مدرسو النقد وأساتذته في جامعاتنا بتطبيقها علي واقعنا الإبداعي الحديث بخاصة؟ بعد أن أدي الخلل في الموازنة بين التنظير الذي نقل, دون الالتفات إلي شروط إنتاج ما ينقله, والممارسة النقدية التي عجزت عن تطبيق النظريات النقدية المعاصرة علي واقعنا الإبداعي المختلف, إلي سيطرة ما أسميه الأدب النقدي النظري علي الممارسة النقدية. الأمر الذي رسخ الحفاظ علي هذه النظريات المنقولة في بناها البدائية, وتداولاتها المدرسية في أكثر صيغها يسرا, وأشد شكولها اختزالا, وهذا ما أوهن علي نحو فادح قدرة خطابنا النقدي المعاصر علي الاستفادة منها علي مستوي حقيقي ومؤثر.
ساحة النقاش