الإتجاهات الحديثة في اللوجستيات
مقدمة: نشأ مفهوم اللوجستيات Logistics نشأة عسكرية، حيث بدأ إستخدامه في الجيش الفرنسي عام 1905 بهدف تأمين وصول المؤن والذخائر في الوقت الملائم وبأمثل طريقة ممكنة ثم إستخدم بكثافة إبان الحرب العالمية الثانية حيث كان أحد عوامل إنتصار جيوش الحلفاة وما أن وضعت الحرب العالمية أوزارها حتى بدأ ظهور دراسات ترمى الى تطبيق اللوجيستيات في مجال الأعمال فيما عرف بإسم Business Logistics حيث تبين من الدراسات التي أجريت في هذا المجال أن نحو 40% (في المتوسط) من تكلفة إنتاج أي سلعة في الدول المتقدمة يمكن ردها الى الأنشطة اللوجيستية.ولما كانت معظم الشركات في تلك الدول تستخدم تقنيات إنتاجية متشابهة، أصبح من غير الممكن تحقيق الميزة التنافسية أو تعزيزها إلا من خلال خفض تكلفة الأنشطة اللوجيستية والتي تتكون من الأنشطة الداعمة للعملية الإنتاجية سواء تلك السابقة على الإنتاج مثل شراء المواد الأولية (أو إستيرادها)، ونقلها، تخزينها، والتأمين عليها، والقيام بالعمليات البنكية اللازمة لها أو الأنشطة التي تتم أثناء عملية الإنتاج كعمليات المناولة الداخلية أو تلك التي تتم بعد الإنتهاء من العملية الإنتاجية وتتمثل في التعبئة والتغليف والترويج والتخزين والنقل والتأمين وخدمات ما بعد البيع ........ إلخ.ولعل أهم ما يميز الأنشطة اللوجيستية عن غيرها والتي كانت تتم قبل ظهور هذا المفهوم أمرين: أولهما أن هذه الأنشطة تتم على نحو تكاملي أي تطبق عليها مفاهيم التكامل بهدف الإستفادة من إقتصاديات الحجم Economies Of Scale أما ثانيها فإن تلك الأنشطة تتم تحت مظلة نظم المعلومات.ومما تجدر الإشارة إليه أنه منذ الثمانينات من القرن الماضي باتت الهياكل التنظيمية لكبريات الشركات تتضمن إدارة اللوجيستيات في مكان الصدارة منها كما أنه في سياق العولمة التي نفذتها الشركات المتعدية الجنسية Transnational Corporations - متوسلة بأحدث منجزات الثورة التكنولوجية – أصبح الإنتاج والتسويق والتمويل كونياً ذلك أن تلك الشركات إبتدعت نظاماً جديداً للتقسيم الدولي للعمل يقوم على تجزئة العملية الإنتاجية لإنتاج السلعة بين عدة دول أي القيام بعملية تفكك رأسي على مستوى الصناعة ثم إجراء عمليات تكامل أفقي ورأسي على المستوى العلمي وبما يكفل الإستفادة من إقتصاديات الحجم.كما أن تطبق اللوجيستيات في مجال الأعمال كمفهوم يقوم على إدارة تدفق وتخزين السلع والخدمات والمعلومات بكفاءة وفاعلية من مرحلة المادة الخام الى مرحلة الإستهلاك النهائية وبما بحقق رضاء العميل وزيادة ربحية المنتج قد يسر تطبيق عمليات التفكك الرأسي على مستوى الصناعة والتكامل الأفقي والرأسي على النطاق العالمي أي أنها ساهمت في إرساء دعائم عولمة الإنتاج والتجارة بل وفي صياغة النمط الجديد للتقسيم الدولي للعمل.وبالرغم من حداثة هذا الفرع من فروع المعرفة إلا أنها تتسم بالتطور السريع إذ تطورت من التوزيع العيني Physical Distribution الى إدارة للمواد Material Management ثم تحولت الى لوجستيات متكاملة Integrated Logistics تضم كل من إدارة المواد والتي أصبحت تعرف بإسم اللوجستيات الداخلة Inbound Logistics والتوزيع العيني تحت مسمى اللوجستيات الخارجة Outbound Logistics فضلاً عن المناولة الداخلية ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تطورت اللوجستيات لتصبح سلسلة للإمداد Supply Chain. التي تطورت بدورها لتكون سلسلة كونية للإمداد Global Supply Chain. ولم يقتصر الأمر على ذلك بل إستمر التطور يوماً تلو الآخر. مما أفرز العديد من المفاهيم والإتجاهات الحديثة في هذا المجال.وتهدف هذه الورقة الى إلقاء الضوء على أهم الإتجاهات الحديثة في مجال اللوجستيات والتي تتمثل في:
أولاً: تنفيذ اللوجستيات من خلال طرف ثالث Third – Party Logistics:تلجأ بعض المنشآت الى تنفيذ بعض أو كل الخدمات اللوجستية من خلال طرف ثالث الذي يعتبر بمثابة وسيط بين الطرف الأول (المورد أو المنتج) والطرف الثاني (المشتري) Kasilingan, 98وعموماً يعتبر تنفيذ الخدمات اللوجستية من خلال طرف ثالث أكبر مدى من مقاولات الباطن Outsourcing or subcontracting ذلك أن الطرف الثالث المورد للخدمات اللوجستية يمارس وظائف لوجيستية متعددة ويقوم أساساً بتنسيق كل الوظائف اللوجيستية بالإضافة الى أنه قد يقوم في بعض الأحيان بتوريد وظيفة أو أكثر من تلك الوظائف مستهدفاً خفض التكاليف الكلية للوجستيات بالنسبة للمورد وتحسين مستوى الخدمات التي يحصل عليها العميل بينما يغطى نشاط مقاول الباطن إنتاج وتوريد إما منتج واحد أو وظيفة واحدة كأن تسند شركة إنشاءات الأعمال الصحية بمشروع تقوم بتنفيذه الى مقاول آخر من الباطن أو تعهد شركة بترول الى شركة نقل توزيع إنتاجها.
مبررات اللجوء الى طرف ثالث لتقديم الخدمات اللوجستية: تستند فكرة اللجوء الى طرف ثالث لتقديم الخدمات اللوجستية الى فكرة التفكك الرأسي وهي عملية عكسية للتكامل الرأسي وتعنى فصل العملية الصناعية التي لا تتناسب طاقتها الإنتاجية المثلى مع الطاقة المثلى لباقي العمليات كما هو الحال في صناعة النسيج حيث يتم فصل عملية الصباغة عن عملية صناعة النسيج لإختلاف الطاقة المثلى لكل منهما حيث أن إنشاء حوض صباغة يمكن أن يخدم عدد كبير من شركات النسيج وبالتالي فلا يوجد ما يبرر إنشاء حوض صباغة بكل شركة نسيج وإلا ترتب على ذلك طاقات فائضة غير مستغلة وإهدار للموارد (إبراهيم 2004).وتطبيقاً لهذا فقد شهد العقد الأخير من القرن الماضي زيادة مضطردة في تقديم الخدمات اللوجستية من خلال طرف ثالث حيث تركز الشركات على أنشطتها الرئيسية وتعهد بعمليات النقل والتخزين والإنتاج الى موردي الخدمات اللوجستية سعياً وراء خفض تكاليف الإنتاج وكسب رضاء العميل بإستخدام خدمات نقل أسرع ومستويات مخزون مرنة لتعزيز الميزة التنافسية ويمكن لمقدمي الخدمات اللوجستية تحقيق هذه الأهداف حيث أنهم يقومون بالتجميع من عدة شركات وبالتالي يسهل عليهم تقديم خدمات أفضل وبسعر أقل.
وبالرغم من أن التفكك الرأسي يعتبر الأساس النظري لتقديم الخدمات اللوجيستية من خلال طرف ثالث إلا أن البعض يرصد أسباباً أخرى أهمها: · أن يكون جوهر نشاط الشركة ليس له علاقة باللوجيستيات. · عدم توافر الموارد البشرية والرأسمالية اللازمة كي تؤدي الخدمات على المستوى المطلوب دولياً. · عدم توافر الوقت اللازم لتطوير قدرات الشركة في هذا المجال. · دخول الشركة لميدان أعمال جديدة تختلف إحتياجاتها اللوجستية إختلافاً جذرياً عن الإحتياجات اللوجستية للأعمال التي أعادت ممارستها فضلاً عن الإندماج. · الإستحواذ قد يجعلا تأدية الخدمات اللوجستية من خلال طرف ثالث أفضل إقتصادياً عن العمليات اللوجستية المتكاملة (Canitz,96).
ويقسم بعض موردي الخدمات اللوجستية الى ثلاثة أنواع: النوع الأول: يتولى سلسلة توزيع السلع مرتفعة القيمة والتي تسوق على النطاق الدولي.النوع الثاني: يقوم بتأدية أنشطة اللوجستيات الداخلة على نحو متكامل.النوع الثالث: ويتمثل في تأدية أنشطة النقل.وعادة ما تختلف قدرات موردي الخدمات اللوجستية من حيث أسعار خدماتهم وإختيار الموقع، الصادرات، الواردات، القدرة على نقل البضائع، إدارة سلسلة الإمتداد ومدى تغطيتها للعالم، والقدرة على التعامل مع النوعيات المختلفة للسلع (Armstrong , 96 ).وعادة يتراوح أسطول سياراتالنقل اللازم لتوريد خدمة النقل البرى ما بين 25 – 6000 سيارة كما يتراوح عدد العمالة اللازمة لتأدية الخدمات اللوجستية ما بين 10 – 7000، كما يتراوح صافي الإيراد السنوي لشركة الخدمات اللوجستية ما بين مليون دولار الى 860 مليون دولار ويتسم سوق توريد الخدمات اللوجستية بالديناميكية الشديدة ويرجع ذلك الى التغير في العمالة والتغيرات في توقعات طالب الخدمات اللوجستية بالإضافة الى التغير في عروض مقدمي الخدمات اللوجستية المنافسين لجذب عملاء جدد أو للمحافظة على مستوى الأرباح أو زيادتها Kasilingam, 98.
كيفية تنفيذ الخدمات اللوجستية من خلال طرف ثالث: يتطلب ذلك المرور بأربعة مراحل رئيسية.
المرحلة الأولى: تحديد الخدمات اللوجستية المطلوب إسنادها لمورد خارجي: تتضمن هذه المرحلة خطوتين:1. تحديد الخدمات اللوجستية المطلوب إسنادها لمورد خارجي متضمنة النطاق الجغرافي لتلك الخدمات وتحديد السلع والعملاء تحديداً دقيقاً وبصفة عامة يمكن تحديد ذلك بتحليل عناصر القوة والضعف للشركة وتحليل المطلوب من المورد، ويساعد الإطار المرجعي للشركات المشابهة في تحديد الخدمات اللوجستية التي سيتم إسنادها لمورد خارجي وفي ضوء الموارد المتاحة يمكن إستخدام هذا التحليل في تحديد الخدمات اللوجستية التي يمكن إسنادها لمورد خارجي ثم تخطر الأقسام التي يقوم بتأدية تلك الخدمات الآن بفكرة إسنادها الى مورد خارجي وعادة ما يقاوم الأفراد التغيير خوفاً من فقدان وظائفهم أو على الأقل الحد من نفوذهم إلا أنه يتعين على الشركة تخطى ذلك من خلال تغيير في العملية الإدارية.
2. بعد تحديد الخدمات المطلوب إسنادها لمورد خارجي فإنه من الأهمية بمكان إعداد طلب عطاءات Request For Proposal ( RFP ) يحدد بوضوح إحتياجات العميل للخدمات اللوجستية التي سيؤديها الطرف الثالث كما تتضمن المتوقع من مورد تلك الخدمات بالإضافة الى وضع معايير للأداء ويتضمن طلب العطاء معلومات عامة عن الشركة ومعلومات عن عملائها والخدمات اللوجستية المطلوبة (التخزين ، مناولة المواد والنقل) كما يجب أن تحتوي على قسم محدد للموردين المحتملين يتضمن الخلفية التنظيمية وقدرات الموردين وبيانات الأسعار وسابقة الخبرة.
المرحلة الثانية: إختيار الموردين: وتتضمن هذه المرحلة أيضاً خطوتين:1. تحديد الموردين المحتملين لتأدية الخدمات اللوجستية المطلوبة ويتم إعداد قائمة بأسماء الموردين المحتملين لتأدية الخدمات اللوجستية بالاستعانة بالمجلات التجارية والبحوث المنشورة والإنترنت.2. إختيار مورد أو عدد محدود من الموردين لتوريد الخدمات اللوجستية ويتم ذلك من خلال تقييم العروض المقدمة من الموردين والزيارات الميدانية والاستفسار عن أنشطة الموردين من مصادر مختلفة ثم تحليل تلك المعلومات بغية التوصل
الى قائمة نهائية تتضمن عدد محدود من الموردين المرشحين وينبغي أن يتم التحليل في ضوء الخبرات السابقة لإختيار المورد المناسب.
المرحلة الثالثة: التعاقد والتنفيذ:وهذه المرحلة على درجة عالية من الأهمية حيث أنها تنطوي على إبرام العقد وعموماً يجب أن يتضمن العقد الخدمات اللوجستية المطلوبة وأسعارها وطريقة الدفع وتوقيتات ومدة العقد وكيفية إلغاء العقد وزيادة الأسعار والمشاركة في الوفر في التكلفة ومعايير قياس الأداء ودورية القياس كما يجب أن يتضمن المساعدات التي يجب أن تقدمها الشركة للمورد حتى يتمكن من أداء الخدمات اللوجستية بالإضافة الى الإحتياجات التدريبية.
المرحلة الرابعة: مرحلة الإدارة والتوجيه: تعتبر هذه المرحلة حرجة جداً لإستمرارية العلاقة بين الشركة والمورد حيث يتم قياس أداء كل من المورد والشركة في ضوء الشروط الواردة في التعاقد إما من خلال إجتماعات رسمية أو تقارير أداء ربع سنوية ويجب أن تقوم الشركة بتعيين فريق للعمل مع المورد ويقوم هذا الفريق بوضع العقد موضع التنفيذ وإدارة كل الموضوعات محل التعاقد كما أن عليه المراجعة الدولية لمواطن الضعف في أداء المورد ورصد المساعدات التي تقدمها الشركة للمورد على نحو غير مرضي بما يعيق أداؤه وتلافي أسباب ذلك إن فشل الفريق في هذه المهمة قد يؤدي الى سوء العلاقة مع المورد الخدمات اللوجستية وقد يفضى الى إنهاء التعاقد.
ثانياً: التخزين الإفتراضي Virtual Warehousing: هو نظام كوني يحقق ديناميكية وإستمرارية وظائف اللوجستيات المادية التي تؤدي بكفاءة ودقة من خلال مراكز توزيع ذات مواقع جيدة ومستوى عالمي (Stuart et., 95).ويستند التخزين الإفتراضي على فكرة مؤداها إعتبار مراكز التوزيع المختلفة شبكة ومن ثم لم يعد مهماً مكان تخزينها.وينبني هذا النظام على كمية ضخمة من البيانات تدور بسرعة حول العالم لتحسن دقة قواعد البيانات في ظل ظروف الوقت الفعلي بما يؤدي الى دقة عالية وسرعة تدفق البيانات ووضوح الرؤية بالنسبة للمواد المطلوبة لخدمة العملاء أولاً بأول وتحكم كامل في النقل والقدرة على تحليل البيانات لكل شركة لديها إمكانية النفاذ الى قواعد البيانات الإفتراضية.وهذا النظام يزيد المقدرة التنافسية للشركات الكبرى في الأسواق العالمية لكونه يؤدي الى تخفيض المخزون وتخفيض وقت العملية اللوجستية وبالتالي تحسن خدمة العملاء , وكما أنه يخفض تكلفة النقل الداخلي وتكاليف النقل الخارجي تتأثر بتجميع الشحنات لذا يرى الخبراء أن هذا النظام يلائم الشركات التي تريد تسليم طلبيات صغيرة في وقت قصير في أسواق غالية الأثمان نسبياً لذا فهو مطبق في صناعات التكنولوجيا الراقية حيث تمثل تكلفة الأنشطة جزءً محدود نسبياً من قيمة السلعة وعلاوة على ذلك فإنها تحتاج الى حجم تقلبات كافية لمواجهة الطلبيات الصغيرة وهذا يبرر سبب لجوء موردي الخدمات اللوجستية وكبار الشاحنين الى التخزين الإفتراضي.وينبني هذا النظام على كمية ضخمة من البيانات تدور بسرعة حول العالم لتحسين دقة قواعد البيانات في ظل ظروف الوقت الفعلي بما يؤدي الى دقة عالية وسرعة تدفق البيانات ووضوح الرؤية بالنسبة للمواد المطلوبة لخدمة العملاء أولاً بأول وتحكم كامل في النقل والقدرة على تحليل البيانات لكل شركة لديها إمكانية النفاذ الى قواعد البيانات الإفتراضية.
ثالثاً: اللوجستيات العكسية:عادة ما يتم تعريف اللوجستيات في إتجاهين: الإتجاه الأول ويركز على إدارة المواد التي تغطى كافة الوظائف من الحصول على المادة الخام الى الإنتاج في المصنع.الإتجاه الثاني ويشمل حركة المنتجات من المصنع الى العميل النهائي وتأتي اللوجستيات العكسية لتصنيف إتجاهاً ثالثاً للوجستيات فهي تتعامل مع المناولة والتخزين وحركة المواد التي تتدفق عكسياً من المستهلك الى المنتج أو للمورد وتتضمن عودة الوحدات المعيبة والحاويات أو الصناديق وعوامل التعبئة.ويشار أيضاً للوجستيات العكسية يإسم لوجستياتالمسئولية البيئية لكونها تساعد على إعادة تصنيع المواد غير المطلوبة (الزجاجات والعبوات...الخ) بما يسهم في خفض التكاليف إن فرص تنفيذ اللوجستيات العكسية كبيرة للغاية حيث أن تجار التجزئة و الصناع يتوقعون رد نسبة تتراوح من 5% - 10% من سلعهم كما ترتفع هذه النسبة في حالة المحلات التي تسوق بالكتالوج الى 35% من المشتريات وقد تلقى أكبر مائة محل من محلات التجزئة في الولايات المتحدة عام 1997 مردودات بلغت نسبتها نحو 34 مليون دولار كما تشير الإحصاءات الخاصة بالصناديق والزجاجات ومواد التعبئة الى إرتفاع قيمتها (Eisenhuth, 96).
مجالات اللوجستيات العكسية: تختلف تصرفات المشروعات المختلفة تجاه اللوجستيات العكسية وعموماً توجد عدة خيارات منها تفادي تغليف المنتجات وذلك عن طريق نقلها أو إستعمال الحاويات التي يمكن عودتها أو ربما من خلال التكامل الأمامي مع التوقعات العكسية أو تعبئة المنتجات قرب الأسواق وإعادة تصميم العبوات وربما يكون الحل الأمثل هو إستخدام توليفة من هذه الخيارات وقد يكون هناك خيارات أخرى مثل تجميع العبوات وإعادتها للمورد أو إرسالها الى مركز إصلاح لإعادة إستخدامها أو التبرع بها الى جمعية خيرية أو تحويلها الى خردة وبيعها.والحقيقة أن أخذ تكلفة اللوجستيات العكسية في الإعتبار قد يؤدي الى تغيير بعض القررات مثل إختبار المورد طريقة التغليف والتعبئة وبدائل الإنتاج والمناولة والتخزين والنقل وتشير الدراسات الى أن التغليف الذي يمكن إعادته في الصناعة يمثل إستراتيجية لوجستية مربحة Twede, 96 بيد أن هناك دليل على وجود عيوب مالية ترتبط بتلك الإستراتيجية حيث أوضحت الدراسات التي أجرتها كل من هولندا وألمانيا ضرورة وجود بنية أساسية مستقلة للوجستيات العكسية مما يؤدي الى زيادة تكلفة النقل كما تبين أن إستخدام الحاويات التي يمكن إعادتها أثرها إيجابياً على البيئة إذ أفصحت إحدى الدراسات الألمانية أن الرحلات المتعددة للحاويات تخفض الإحتياج الى الطاقة والمياة والتلوث كما أن تكلفتها تتوقف على تكلفة دورة حياتها وليس فقط على تكلفة اللوجستيات العكسية إذ يجب أن تؤخذ في الحسبان الرحلة الكاملة للحاوية وعدد الرحلات المستخدمة والبنية الأساسية اللازمة لدعم الحاويات التي يمكن إعادتها.
اللوجستيات المتكاملة: يجب جدولة تدفق المردودات ومواد التعبئة من المحل مع تدفق المنتجات إليه ويجب أن تكون موقع مركز إعادة التصنيع بالقرب من المستهلك النهائي بإعتباره مصـدراً لـرد مواد التعبئـة (Duwen et al., 95).
رابعاً اللوجستيات في الكونية: أدي التقسيم الدولي الجديد للعمل الى تفكيك العملية الإنتاجية التي كانت تتم تحت سقف مصنع واحد وتوزيعها على عدة دول بحيث تنتج كل دولة جزئية من مكونات المنتج النهائي ليتم تجميعها بالقرب من السوق وبذا أصبح المصنع كونياً ولاشك أن التصنيع الكوني يستلزم لوجستيات كونية والتي تتضمن تفهماً كاملاً لكيفية التعامل مع الفروق في المسافات والعملات والتعريفات الجمركية والثقافات واللغات والظروف السياسية.وعادة ما تحقق اللوجستيات الكونية العديد من المنافع للمنشأة إذ تؤدي الى خفض أسعار المواد الخام والمنتجات النهائية كما تحسن جودة المنتج وتزيد المنافسة الداخلية الأمر الذي يضمن خدمات أفضل للعميل ومع هذه المزايا فإنها قد ينتج عنها بعض المساوىء منها طوال الوقت اللازم للعملية اللوجستية وعدم كفاءة نظام الإتصالات كما أنها تفرض الكثير من التحديات مثل الإختلافات اللغوية والثقافية والدعم اللوجستي لسلاسل الأعداد الطويلة وتوافر موردين أو منتجين عالميين وتقلبات أسعار الصرف بالإضافة الى معرفة ممارسة الأعمال في الدول الأجنبية فضلاً عن الإتجاهات القومية وتفهم البيئة السياسية (fawcett, 1994).التدفقات اللوجستية الكونيةبصفة عامة يوجد ثلاثة تدفقات رئيسية في اللوجستيات الكونية.تدفق المواد: أن تدفق المواد في اللوجستيات الكونية يشبه الى حد كبير تدفق المواد في اللوجستيات المحلية بإستثناء أن بعض البائعين والمخازن والمصانع تتواجد في دول أجنبية وينتج عن ذلك طوال سلسلة الإمداد الأمر الذي يؤدي الى ضعف السيطرة على أجزائها ولعل أكبر فرق بين اللوجستيات الكونية والمحلية يتمثل في الناقل ووسائط النقل وتتطلب سلسلة الإمداد الكونية إشتراك أطراف أخرى غير البائع والمشتري مثل الشركات التجارية هيئات الجمارك والسماسرة ومقدمي البضائع. ويثير تدفق المواد العديد من النقاط الخلافية بين البائع والمشتري مثل الطرف الذي سيتحمل نوالين الشحن والتامين وتجهيز المستندات المطلوبة وتوضح INCOTERMS الإلتزامات المتبادلة بين البائع والمشتري والتي تنشأ من حركة البضائع في إطار التعاقدات الدولية فيما يتعلق بالمخاطر والتكاليف والمستندات أساساً مرجعياً لحل تلك النقاط (Rey, 1996) التدفقات النقدية: يتمثل الإختلاف الأساسي بين التدفقات النقدية للوجستيات الكونية ونظيرتها في اللوجستيات المحلية في مخاطر عدم التأكد سواء في الدفع أو إستلام البضائع والتي تنشأ من أن المعاملات تم في دول مختلفة لكل منها نظمها الداخلية المختلفة عن الدول الأخرى وبالتالي فإن المشتري لا يريد سداد قيمة البضاعة المشتراه إلا عند إستلامها كما أن البائع بدوره لا يرغب في شحن البضائع لعدم تأكده من حصوله على قيمتها بعد تسليمها للمشتري ولذا فلابد من وجود جهة محايدة كالبنوك لتكون ضامناً لحقوق وإلتزامات كلا من البائع والمشتري وبالتالي فإن معظم المعاملات الكونية تتم بإستخدام خطابات الضمان. تدفقات المستندات: يوجد أنواع عديدة من المستندات في المعاملات اللوجستية مثل العقود ومستندات الشحن والفواتير وقوائم التدفقات النقدية ومستندات التخليص الجمركي كشهادات المنشأة وهذه المستندات منمطة من حيث عدد النسخ وأنواع البيانات الواردة بها ودورتها المستندية.نموذج اللوجستيات الكونية: تتأثر اللوجستيات الكونية بالسياسات الحكومية من جهة والمؤسسات الدولية من جهة أخرى فقد تفرض الحكومات العديد من النظم والقواعد كما قد تقدم المنح والإعانات بالإضافة الى وضع نظم وقيود على التجارة الخارجية ولعل أشهر القيود في هذا المجال فحص الواردات الغذائية والزراعية والتعريفات الجمركية على مختلف أنواع السلع المستوردة.كما أن هناك إتفاقيات إقليمية تؤثر على التجارة الدولية لمجموعة من الدول لفترة معينة مثل(EEC) و (NAFTA) بالإضافة الى أن المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقل الدولي ومنظمة التجارة العالمية تؤثر وتسهل اللوجستيات الكونية والقواعد الإضافية التي تفرضها الحكومات والهيئات العديدة والبنوك التي تقوم بإصدار خطابات الضمان تطلب وجود نموذج اللوجستيات الكونية وهذا النموذج يمكن أن يكون كالآتي:الحد الأدنى Z (تكاليف اللوجستيات الكونية = تكاليف النقل + التخزين + المخزون + مخزون السلع الوسيطة والمواد الأولية + التعريفية الجمركية + الضرائب + التأمين + تكاليف المعاملات المالية الأخرى) وذلك في ظل قيود الطاقة وإحتياجات الطلب والوقت اللازم للعمليات اللوجستية وجودة المنتج والإتفاقيات الحكومية والتجارية.وعادة ما يكون نموذج اللوجستيات الكونية كبيرة للغاية إذا حاولنا تضمين كل التفاصيل ولعل أفضل مدخل هو أن نأخذ في الإعتبار الإجماليات أي نعتبر كل الأنشطة التي تتم داخل الدولة كنشاط واحد وسوف يؤدي ذلك الى صياغة نموذج يمكن حله ليمكننا من إتخاذ القرار اللوجستي الملائم.