منتديات نادي الأمن والسلامة السعودي ـــ إشراف الأستاذ / أسامة بن محمد الجعوان

إستشاري صحة / سلامة / أمن / بيئة / باحث ومتخصص في إدارة الأزمات والكوارث

تعتبر الكوارث من الأخطار الكبيرة ، والتي غالباً ما تكون مفاجئة ، حيث تصيب الإنسان والبيئة المحيطة به ، وتؤدي الى الخسائر البشرية والبيئية والمادية الفادحة ، ويدوم تاثيرها لفترة طويلة من الزمن.

أولاً – أقسام الكوارث البيئية حسب نوعية المسبب للكارثة البيئية:

تقسم الكوارث البيئية حسب نوعية المسبب للكارثة البيئية الى نوعين هما:

1.  الكوارث البيئية الطبيعية:

وهي الكوارث التي تؤدي الى حدوث الدمار الكبير في البيئة التي عرفها الإنسان منذ قديم الزمان .

وتلعب الطبيعة الدور الأساسي في حصولها مثل : (الهزات الارضية ، والزلازل ، والبراكين ، والتسونامي ، والفيضانات ، والجفاف ، والتصحر ، والإنزلاقات الأرضية ، وحرائق الغابات) .

2.  الكوارث البيئية التكنولوجية:

و هي الكوارث التي تؤدي الى حدوث الدمار الكبير في البيئة حديثة العهد على الإنسان.

 ويلعب الأنسان الدور الأساسي في حصولها من خلال نشاطاته ، مثل : 

‌أ) الحوادث النووية في تشيرنوبيل اوكرانيا عام 1986 

‌ب) قصف مدينتي هيروشيما وناغازاكي في اليابان في عام 1945 اثناء الحرب العالمية الثانية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. 

‌ج) غرق ناقلات النفط العملاقة كما حصل للناقلة اكسون فالديز Exxon عام 1989 عندما تسرب اكثر من 40 الف طن من النفط الذي ادى الى تلويث السواحل البحرية بطول الفين كيلو متر.

‌د) حوادث المصانع الكيميائية مثل : (حادثة مصنع الكيمياويات في مدينة زيفيزو Seveso  في إيطاليا عام 1976 ) عندما تسرب وانتشر كيلوغرامين من مادة الدايوكسين Dioxin الخطرة وقطع أشجار الغابات في غابات الأمازون وتجفيف البحيرات كما حصل في بحيرة الأورال في روسيا أو تجفيف أهوار جنوب العراق وما سببه من اثار سلبية خطيرة على السكان والبيئة الطبيعية التي يعيشون فيها.

وتجدر الإشارة الى أن الأنسان ومن خلال نشاطاته المختلفة ، وكذلك سوء إدارته للبيئة التي يعيش فيها قد يؤثر في حدوث بعضاً من هذه الكوارث البيئية الطبيعية. 

فعلى سبيل المثال : يتسبب الإنسان وفي كثير من الأحيان بشكل مباشر في إندلاع حرائق الغابات كما هو حاصل في غابات الأمازون في جنوب القارة الأمريكية او في حرائق الغابات التي حصلت في أستراليا في شباط 2009 حيث لعب الأنسان دوراً سيئاً للغاية في حدوث هذه الكوارث البيئية والتي تعد من أهم المشاكل البيئية التي تواجه الإنسان حالياً.

وتلعب ظاهرة الإحتباس الحراري ، وما تسببه من التغير المناخي الملحوظ في الكثير من مناطق العالم دوراً مهماً وخطيراً في تفاقم شدة وعدد الكوارث البيئية الطبيعية  وبشكل خاص : (الأعاصير  ، والفيضانات ، والجفاف ، والتصحر) 

حذر التقرير الرابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والذي اعدته الوكالة الأوربية للبيئة والمكتب الأوربي لمنظمة الصحة العالمية ومركز الأبحاث المشتركة في المفوضية الأوربية من ان تغير أنماط المناخ يؤدي الى مضاعفة الإختلال بين شمال الكرة الأرضية المشبع بالمياه بنسبة ارتفعت مابين 10-40% في القرن العشرين وجنوب الكرة الأرضية اذ يتفاقم جفافه حيث الأمطار اقل بنسبة 20% على الأقل في بعض المناطق من العالم. 

ويبين هذا إن عدد وشدة الأعاصير والفيضانات في النصف الشمالي من الكرة الأرضية في تزايد مستمر وبالمقابل فان ظاهرة الجفاف والتصحر في النصف الجنوبي من كوكب الارض باتت ظاهرة طبيعية تهدد الكثير من البلدان وخصوصاً شبه القارة الهندية والمنطقة العربية والساحل الشرقي لأفريقيا.

ثانيا - كيفية حدوث الكوارث البيئية الطبيعية:

1.   الأعاصير والعواصف المدارية:

الأعاصير هي العواصف الهوائية الدوارة الحلزونية العنيفة والتي تتشكل من مجموعة من العواصف الرعدية ، وتمثل أكبر أنواع العواصف المدارية والإستوائية.

وتسمى العاصفة إعصاراً عندما تزيد سرعة الرياح عن 119 كم بالساعة. يسمى الإعصار في المحيط الاطلسي ومنطقة الكاريبي بالهريكان (Hurrican) .

بينما يسمى نفس الإعصار في المحيط الهندي وجنوب شرق آسيا بالتايفون (Typhoon).  .

ويتكون الإعصار عندما تسخن المياه السطحية للمحيطات الإستوائية بالقرب من خط الإستواء بين خطي عرض 5 شمال خط الاستواء وخط عرض 20 جنوباً في فصلي الربيع والصيف. 

ويزداد تبخر المياه وترتفع درجة حرارة الهواء القريب من سطح الماء ، ويقل الضغط على الهواء القريب من سطح الماء نتيجة تمدد الجزيئات وزيادة الفراغات بينها بفعل إرتفاع درجة الحرارة. 

يندفع الهواء الساخن الى الاعلى في حركة حلزونية بينما يندفع الهواء البارد ذي الضغط العالي من أعلى الى أسفل.

تتحرك الرياح الى منطقة الضغط الجوي المنخفضة ذات الحرارة المرتفعة في مركز الإعصار من مناطق الضغط المرتفع ، وتتكون الحركة الدائرية الحلزونية للهواء حيث تسحب بخار الماء الى الأعلى ، حيث يتكثف ويتساقط على شكل أمطار أو ثلوج. 

وتبدأ الكتل الهوائية ذات العواصف الرعدية والبرقية في الدوران والحركة فتتكون عاصفة هوائية شديدة السرعة تعرف بالعاصفة الإستوائية أو المدارية. 

عند وصول سرعة الهواء في العاصفة المدارية الى أكثر من 119 كم/الساعة تتحول العاصفة المدارية الى إعصار مداري.

يتحرك الإعصار فوق مياه المحيطات ، ويؤدي الى تكوين الأمواج العالية التي قد يصل ارتفاعها الى عدة أمتار والتي تضرب السواحل وتؤدي في كثير من الاحيان الى إغراق السفن والسواحل. عند وصول الإعصار الى اليابسة يقوم بإقتلاع الأشجار وتهديم البيوت وإقتلاعها بسبب الضغط الجوي المنخفض وسط الإعصار. 

وتعتمد القوة التدميرية للإعصار أو التورنادو على سرعة الرياح ، ومقدار الضغط الجوي المتكون في منطقة قمع التورنادو ، أو مركز العاصفة ، وكلما إزدادت سرعة الرياح إزدادت بالمقابل القوة التدميرية للإعصار.

وكلما قل الضغط الجوي في مركز الإعصار أو التورنادو ، كلما زادت سرعة الرياح الداخلة الى قمع الإعصار لمعادلة التخلخل في الضغط الجوي في مركز الإعصار مما يؤدي الى تحطيم المباني وإقتلاع الأشجار. 

ويصاحب الإعاصير عادةً الأمطار الشديدة التي تتسبب في حدوث الفيضانات المدمرة وتؤدي الى إغراق السواحل والمناطق التي يمر بها الاعصار بالفيضانات ، وتتسبب في موت الالاف من البشر ، ونفوق مئات الالاف من الأغنام والحيوانات البرية ، فضلاً عن الخسائر الكبيرة التي تصيب المحاصيل الزراعية. 

كما تؤدي العواصف والأعاصير الى تدمير البنى التحتية مثل : (المدارس ، وأعمدة الكهرباء ذات الضغط العالي ، والطرق ، والمستشفيات ، والمصانع ، والبيوت) ، وتؤدي ايضاً الى تشريد السكان ، وإنتشار الأمراض الوبائية التي تحصد أرواح الالاف من السكان ، وخصوصاً الأطفال والمسنين في المناطق المنكوبة من نتائج الأعاصير التي تصيب بعض البلدان مثل : (بنغلاديش ، والهند) حيث تؤدي الى إستفحال الفقر بين السكان وإعاقة خطط التنمية المستدامة في هذه البلدان. 

ويعد الإعصار المدمر الذي ضرب بنغلاديش عام 1970 من أسوأ الأعاصير اذ ترك وراءه أكثر من 300 ألف قتيلاً ناهيك عن الخسائر المادية والدمار الذي أحدثه بالبيئة الطبيعية برمتها بموت ملايين الأشجار وغرق عشرات الالاف من المزارع وتهديم البيوت والمدارس والمستشفيات وتخريب طرق المواصلات.

2.   الجفاف والتصحر :

يعتبر الجفاف والتصحر من الكوارث الطبيعية التي تحصل نتيجة نقص المياه وبشكل خاص قلة أو إنعدام سقوط الأمطار ، وتؤدي الى موت المزروعات والمحاصيل والأشجار المعمرة ، وتؤثر سلباً في الإنسان والحياة البرية والطبيعية في المناطق المنكوبة. 

ومن أهم الأسباب التي تؤدي الى حدوث الجفاف :

‌أ) ندرة الأمطار 

‌ب) إرتفاع درجة الحرارة 

‌ج) زيادة نسبة التبخر المائي الناتج عنها. 

عادةً ما يسبب الجفاف في موت الأغنام والماشية وإصابة المناطق المنكوبة بالمجاعات. 

كما إن إصابة منطقة معينة بالجفاف يجبر سكانها ومستوطينيها على الرحيل والهجرة وترك أوطانهم وأماكن سكناهم ، وحقولهم الزراعية إلى مناطق اخرى ، مما يفاقم مشكلة الفقر في المناطق المنكوبة. 

لا شك ان نقص الامطار والمياه يجعل النباتات لا تحصل على كفايتها من المياه مما يؤدي الى موت الأشجار والمحاصيل الحقلية. 

ويؤدي عدم سقوط الأمطار في بعض المناطق إلى :

الجفاف ، فتزداد بها الملوحة ، وتقل خصوبتها ، وتتاثر المياه الجوفية وتقل مخزونها من المياه العذبة نتيجة إنعدام سقوط الأمطار لفترات طويلة.

كثيراً ما يصاحب الجفاف التصحر اذا استمر لسنوات عديدة ، إذ تتحول الأراضي الزراعية الخصبة المثمرة إلى أراضي صحراوية قاحلة بسبب زحف الرمال اليها (زحف الصحراء). 

ومن أهم المناطق التي تعاني من الجفاف والتصحر وخصوصاً في العقود الأخيرة هي :

‌أ) منطقتي الساحل الشرقي لأفريقيا 

‌ب) المنطقة العربية وتشمل : (العراق وسوريا وبلدان الخليج العربي). 

3.   حرائق الغابات:

من الظواهر الطبيعية التي عرفها الإنسان منذ العصور القديمة هي حرائق الغابات.

وكثيراً ما أدت هذه الحرائق إلى وفاة سكان القبائل التي تعيش في الغابات والأحراش وقضت على مصادر عيشهم. 

ولازالت حرائق الغابات تشكل مصدراً خطراً للإنسان والبيئة التي يعيش بها ، كما وتلعب هذه الظاهرة دوراً كبيراً في تفاقم مشكلة التغير المناخي ، وذلك بسبب الكميات الهائلة من الغازات التي تطلقها هذه الحرائق ، وبشكل خاص غازات الإحتباس الحراري ، وعلى راسها غاز ثاني أكسيد الكربون. 

والعوامل الأساسية التي تتسبب في حرائق الغابات هي :

‌أ) المادة القابلة للاشتعال مثل : (أوراق الأشجار ، والأغصان الصغيرة اليابسة المتساقطة على الأرض) وهي مواد هايدركربونية يدخل الكربون في تركيبها الكيميائي.

‌ب) درجة الحرارة المرتفعة وخصوصاً في فصل الصيف.

‌ج) غاز الأوكسجين(الهواء) الذي يدخل في التفاعل الكيميائي (عملية الحرق).

ثالثا- أسباب نشوب حرائق الغابات :

1.  العوامل والأسباب الطبيعية :

مثل : (الصواعق ، والبراكين ، والنيازك ، وارتفاع درجة الحرارة في موسم الصيف ، وجفاف الغابات بفعل قلة او ندرة التساقط)

2.  العوامل والأسباب البشرية :

مثل : (حرق الغابات وتحويلها الى مراعي أو أراضي زراعية حقلية ، وحرق المزارع من قبل الفلاحين بعد موسم الحصاد من أجل تحضيرها للموسم الزراعي التالي ، ورمي أعقاب السجائر المشتعلة من قبل المارة ، وعدم إطفاء النيران بشكل كامل بعد الانتهاء من اعمال الطبخ في الغابات  وكذلك النيران التي تخرج من عوادم الأليات ووسائط النقل) وغيرها من الأسباب.

وتلعب ظاهرة الإحتباس الحراري الدور الخطير في ازدياد أعداد حرائق الغابات ، وذلك بفعل الزيادة الحاصلة في معدلات درجة الحرارة ، والتي تؤدي الى زيادة تبخر المياه من المادة العضوية ، مما يسهل في إشتعالها. 

كما ويعتبر الجفاف أحد نواتج الإحترار الكوني ، وعدم نزول الإمطار في بعض المواسم يجعل هذه الغابات معرضة ، وبشكل أكبر الى الإحتراق كما حصل في كل من : (اليونان ، وتركيا ، والبرتغال ، والولايات المتحدة الامريكية ، وايطاليا في السنوات القليلة السابقة) .

4.   الكوارث الطبيعية ( الفيضانات) في الأزمنة البعيدة:

وردت الكوارث الطبيعية وبشكل خاص الفيضانات المدمرة في الكثير من الأساطير والقصص التاريخية للكثير من الشعوب بل ان اسطورة الطوفان (قصة سيدنا نوح والفيضان العظيم) موجودة في جميع كتب الديانات السماوية مثل : (التوراة ، والإنجيل ، والقران)  وإن هذه القصة متداولة لدى جميع شعوب العالم. 

ان ورود هذه القصص والاساطير لاياتي من فراغ بل هو تجسيد حي لاحداث تاريخية مرت بها الكثير من الشعوب.

وتشير الأسطورة المذكورة أعلاه الى انها حدثت في بلاد ما بين النهرين وفي المنطقة الواقعة بين تركيا ، وسوريا والعراق ، وفي جبل يدعى جودي قرب الحدود الحالية بين البلدان الثلاثة. 

ولا عجب ان تسمى مدينة الجزرة او الجزيرة في تركيا بالقرب من المنطقة المذكورة بجزيرة نوح نسبةً الى الإسطورة القديمة. 

ان هذه الأسطورة المذكورة في كتب كل الديانات السماوية لابد ان تكون قد نشات نتيجة حدوث الفيضان المدمر الذي ضرب تلك البقعة من العالم ، جعل هذه القصة او الحدث البيئي الهام يتحول في معتقدات هذه الشعوب الى اسطورة. 

وذكرت هذه الاسطورة ايضاً في الالواح الطينية التي اكتشفت عن ملحمة جلجامش عام 1853 قبل الميلاد ، وهذه إشارة اخرى على صحة وقوع هذه الكارثة البيئية. 

حيث مرت قارة أفريقيا بعدد من التغيرات المناخية والتي كانت اخرها الجفاف الذي ضرب الصحراء الأفريقية الكبرى وحولها من مناطق زراعية الى صحاري قاحلة .

حيث أثبتت الدراسات ان هذه المنطقة كانت من المناطق الزراعية المثمرة قبل حوالي 5500 سنة.

وعرفت المناطق المعينة من العالم مثل : (الصين ، والعراق ، ومصر ، والهند ،  وبنغلاديش ، والمانيا) بكثرة الفيضانات التي اصابتها عبر التاريخ .

لكن التوثيق الرسمي للبيانات لم يبدأ إلا في القرن التاسع عشر وابتداءً من عام 1800 ميلادية. 

والجدول أدنـــاه يبين بعضاً من الفيضانات التي حصلت في بعض الاماكن من العالم.

 

السنة

نوع الكارثة

المكان

القتلى

الخسائر

1164

إعصار وفيضان

المانيا - ساحل بحر الشمال

20 الف

خسائر مادية كبيرة

1219

إعصار وفيضان

المانيا - ساحل بحر الشمال

36 الف

خسائر مادية كبيرة

1287

إعصار وفيضان

هولندا

50 الف

خسائر مادية كبيرة

1362

إعصار وفيضان

المانيا

100 الف

خسائر مادية كبيرة

1566

إعصار وفيضان

السويد

6 الاف

خسائر مادية كبيرة

1570

إعصار وفيضان

هولندا - الدنمارك

100 الف

خسائر مادية كبيرة

1717

إعصار وفيضان

المانيا

11500

خسائر مادية كبيرة

1825

إعصار وفيضان

المانيا - الدنمارك

800

خسائر مادية كبيرة

1856

إعصار وفيضان

اميركا

400

خسائر مادية كبيرة

1882

إعصار وفيضان

الهند - بومباي

100 الف

خسائر مادية كبيرة

1894

حريق غابات

اميركا

400

خسائر مادية كبيرة

1900

إعصار وفيضان

اميركا - جالفستون

8000

خسائر مادية كبيرة

 

 

 

منتديات نادي الأمن والسلامة السعودي

AlJaawan
أهدافنا تطمح للوصل الى القمة .. ونعمل جاهدين من خلال التطوير والتدريب وتطبيق معايير الجودة وإدارة أنظمة الأمن والسلامة المهنية من ضمن هذه الإدارات بل لعلها من اشد الإدارات التي يجب أن تحقق أهدافها لان فشلها في تحقيق أهدافها يعنى الفشل في إيجاد بيئة العمل الآمنة والعكس صحيح . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

451,980