حظيت ظاهرة البيئي باهتمام كبير من قبل المدافعين عن البيئة وبعض حكومات دول العالم منذ النصف الثاني من القرن العشرين وقد بدأت هذه الظاهرة تأخذ أبعادا بيئية واقتصادية واجتماعية خطيرة خصوصا بعد الثورة الصناعية في أوروبا والتوسع الصناعي الهائل والمدعوم بالتكنولوجيا الحديثة .
كما انها أخذت أبعادا مخيفة أيضا بعد أن بدأت الصناعات في الآونة الأخيرة تأخذ اتجاهات خطيرة متمثلة في التنوع الكبير وظهور بعض الصناعات المعقدة والتي يصاحبها في كثير من الأحيان تلوث خطير يؤدي عادة إلى تدهور المحيط الحيوي والقضاء على تنظيم البيئة العالمية.
ويختلف علماء البيئة والمناخ في تعريف دقيق ومحدد للمفهوم العلمي للتلوث البيئي وأيا كان التعريف فإن المفهوم العلمي للتلوث البيئي مرتبط بالدرجة الأولى بالنظام الإيكولوجي / فرع من علم الأحياء يدرس العلاقات بين الكائنات الحية وبيئتها / حيث أن كفاءة هذا النظام تقل بدرجة كبيرة وتصاب بشلل تام عند حدوث تغير في الحركة التوافقية بين العناصر المختلفة فالتغير الكمي أو النوعي الذي يطرأ على تركيب عناصر هذا النظام يؤدي إلى الخلل في هذا النظام ومن هنا نجد أن التلوث البيئي يعمل على إضافة عنصر غير موجود في النظام البيئي أو انه يزيد أو يقلل وجود أحد عناصره بشكل يؤدي إلى عدم استطاعة النظام البيئي على قبول هذا الأمر مما يؤدي إلى أحداث خلل في هذا النظام.
درجات التلوث
حدد العلماء درجات التلوث البيئي بثلاث درجات منها التلوث المقبول حيث لا تكاد تخلو منطقة ما من مناطق الكرة الأرضية من هذه الدرجة من التلوث نظرا لسهولة نقل التلوث بأنواعه المختلفة من مكان إلى آخر سواء كان ذلك بواسطة العوامل المناخية أو البشرية والتلوث المقبول هو درجة من درجات التلوث التي لا يتأثر بها توازن النظام الإيكولوجي ولا يكون مصحوبا بأي أخطار أو مشاكل بيئية رئيسية
بينما يأتي التلوث الأخطر في الدرجة الثانية والذي تعاني منه كثير من الدول الصناعية ويعود بالدرجة الأولى إلى النشاط الصناعي وزيادة النشاط التعديني والاعتماد بشكل رئيسي على الفحم والبترول كمصدر للطاقة وهذه المرحلة تعتبر مرحلة متقدمة من مراحل التلوث حيث أن كمية ونوعية الملوثات تتعدى الحد حيث يبدأ معه التأثير السلبي على العناصر البيئية الطبيعية والبشرية كما وتتطلب هذه المرحلة إجراءات سريعة للحد من التأثيرات السلبية ويتم ذلك عن طريق معالجة التلوث الصناعي باستخدام وسائل تكنولوجية حديثة كإنشاء وحدات معالجة كفيلة بتخفيض نسبة الملوثات لتصل إلى الحد المسموح به دوليا أو عن طريق سن قوانين وتشريعات وضرائب على المصانع التي تساهم في زيادة نسبة التلوث .
وأخيرا يأتي التلوث المدمر الذي يمثل المرحلة التي ينهار فيها النظام الإيكولوجي ويصبح غير قادر على العطاء نظرا لاختلاف مستوى الاتزان بشكل جذري ولعل حادثة/ تشرنوبل /التي وقعت في المفاعلات النووية في الاتحاد السوفيتي سابقا خير مثال للتلوث المدمر حيث أن النظام البيئي انهار كليا ويحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة اتزانه بواسطة تدخل العنصر البشري وبتكلفة اقتصادية باهظة يجدر الإشارة إلى تقرير لمجموعة من خبراء البيئة في الاتحاد السوفييتي سابقا حيث أكدوا أن منطقة /تشرنوبل/ والمناطق المجاورة لها تحتاج إلى حوالي خمسين سنة لإعادة اتزانها البيئي وبشكل يسمح بوجود نمط من أنماط الحياة.
بعض أشكال التلوث البيئي
1)التلوث الهوائي:-
الذي يحدث عندما تتواجد جزيئات أو جسيمات في الهواء وبكميات كبيرة عضوية أو غير عضوية و لا تستطيع الدخول إلى النظام البيئي وتشكل ضررا على العناصر البيئية وهو من أكثر أشكال التلوث البيئي انتشارا نظرا لسهولة انتقاله وانتشاره من منطقة إلى أخرى وبفترة زمنية وجيزة نسبيا ويؤثر هذا النوع من التلوث على الإنسان والحيوان والنبات تأثيرا مباشرا ويخلف آثارا بيئية وصحية واقتصادية واضحة متمثلة في التأثير على صحة الإنسان وانخفاض كفاءته الإنتاجية كما أن التأثير ينتقل إلى الحيوانات ويصيبها بالأمراض المختلفة ويقلل من قيمتها الاقتصادية أما تأثيرها على النباتات فهي واضحة وجلية متمثلة بالدرجة الأولى في انخفاض الإنتاجية الزراعية للمناطق التي تعاني من زيادة تركيز الملوثات الهوائية .
بالإضافة إلى ذلك هناك تأثيرات غير مباشرة متمثلة في التأثير على النظام المناخي العالمي حيث ان زيادة تركيز بعض الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون يؤدي إلى انحباس حراري يزيد من حرارة الكرة الأرضية وبالتالي يزيد من انتاج محاصيل الأرز وفول الصويا والقمح في بعض المناطق ولكن ذلك يقلل من القمة الغذائية لهذه المحاصيل لأنه في الوقت الذي تنتج فيه النباتات بذورا أكثر مع ارتفاع نسبة ثاني اوكسيد الكربون تكون هذه البذور تحتوي على نسبة / نيتروجين/ اقل والجدير ذكره ان مادة / النتيروجين /مهمة جدا لبناء البروتين في جسم الإنسان والحيوان وأكثر ما يحرص عليه العلماء هو زيادة النيتروجين في المحاصيل .
2)التلوث المائي:-
نظرا لان الغلاف المائي يمثل أكثر من 70% من مساحة الكرة الأرضية وله أهمية كبيرة حيث ان المياه هي مصدر رئيسي للحياة على سطح الأرض وعلينا صيانته والحفاظ عليه من أجل توازن النظام الإيكولوجي الذي يعتبر في حد ذاته سر استمرارية الحياة .
ومن اخطر إشكال هذا التلوث من المنظور العلمي إحداث خلل وتلف في نوعية المياه ونظامها الإيكولوجي بحيث تصبح المياه غير صالحة لاستخداماتها الأساسية وبالتالي يبدأ اتزان هذا النظام بالاختلال حتى يصل إلى الحد الحرج والذي تبدأ معه الآثار الضارة بالظهور على البيئة