منتديات نادي الأمن والسلامة السعودي ـــ إشراف الأستاذ / أسامة بن محمد الجعوان

إستشاري صحة / سلامة / أمن / بيئة / باحث ومتخصص في إدارة الأزمات والكوارث

authentication required

 

    إن تفاقم المشكلات البيئية في العالم أجمع وما ترتب عليها من مخاطر تهدد كل الكائنات على السواء أصبح من الأمور التي تستوجب من الجميع المشاركة الفاعلة في مواجهة تلك المشكلات البيئية سواء أكانت مشكلات بيئية على المستوى المادي ( تلوث الهواء ـ تلوث الماء ـ التلوث الإشعاعي ـ التلوث الضوضائي ـ تلوث التربة ـ تلوث الغذاء ...الخ . )

أم مشكلات معنوية ( تلوث خلقي ـ تلوث ثقافي ـ تلوث سياسي ـ تلوث اجتماعي ...الخ )

ومع تسليمنا بأن النمط الثاني ( التلوث المعنوي ) يعتبر الأساس بل والأخطر على البيئة  من كل الأنواع الأخرى ، بل ويستوجب اهتمام خاص من كل الجهات المعنية على مستوى الحكومات أو مستوى الهيئات الرسمية وغير الرسمية .

    وإذا كانت التربية تعد الأداة ذات الأثر بعيد المدى في تنشئة وإعداد الأجيال إعدادا تربويا يتفق والقيم الأصيلة ، ويؤصل لدى الأجيال مفاهيم خلقية ، واجتماعية تحض على احترام البيئة وتقديرها ، مما أعطى المؤسسات التربوية ( المدارس ، والجامعات ، والمساجد ، والنوادي ...الخ ) دورا بارزا في تحقيق هذا الهدف الأسمى .

    ولعل الواقع الذي نحياه  يملى علينا من المشكلات البيئية بأبعادها ( المادية ، والمعنوية )  ما يجعل المؤسسات التربوية عاجزة عن القيام بمهامها وقد يرجع السبب في رأينا إلى عدم وجود منهج واضح وخطة واضحة ذات أهداف يسهل تحقيقها ، وكذلك غياب مفهوم التربية البيئية لدى تلك المؤسسات .

  وفى ضوء ما سبق يمكن تعريف التربية البيئية في الإسلام بأنها :

    "النشاط الإنساني الذي يقوم بتوعية الأفراد بالبيئة وبالعلاقات القائمة بين مكوناتها ، وبتكوين القيم والمهارات البيئية وتنميتها على أساس من مبادئ الإسلام وتصوراته عن الغاية التي من أجلها خلق الإنسان ، ومطالب التقدم الإنساني المتوازن ".

    وفى ضوء هذا التعريف للتربية البيئية من منظور إسلامي يجب أن يكون هناك تفاعل إيجابي بين الإنسان والبيئة ، وأن يكون ذلك التفاعل شاملا ولا يقتصر على زمان معين أو مكان معين ، وليصبح جهد الإنسان موحدا وموظفا توظيفا حضاريا وتاريخيا في ضوء العقيدة الإسلامية .

    وتتضح حاجتنا الماسة إلى وجود التربية البيئية بصورة تطبيقية وليست نظرية في عصرنا الحالي ، خاصة إذا تعرفنا على مظاهر سوء استخدام البيئة في العالم ، ونذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر :

    في المؤتمر العالمي الثاني للأمم المتحدة حول البيئة والتنمية عام 1992م والذي عقد في ريودي جانيرو في البرازيل ، اجتمع ثلاثون ألف مشارك بما فيهم مئة زعيم ليواجهوا مجموعة حقائق رهيبة منها:

  • انخفض إنتاج الحبوب في إفريقيا لكل فرد بمعدل 28% في السنوات الخمس والعشرين الماضية.
  • فقدت إثيوبيا 90% من غاباتها منذ عام 1900م، الأمر الذي مكن مليار طن متري من التربة الفوقية من الانجراف سنويا .
  • تواجه حيوانات استراليا الأصلية الانقراض، وكان قد انقرض 28% من حيواناتها الأصيلة .
  • تحتاج الحياة البحرية في الخليج العربي 180عاما كي تتخلص من عشرة ملايين برميل من النفط التي انسكبت أثناء حرب الخليج .
  • تعد 10% من الأنهار المنتشرة في أنحاء العالم ملوثة، كما تلتقط المحيطات 6.5 مليون طن من النفايات سنويا.

    وهكذا تتنافس هذه القضايا الملحة على الاهتمام من قبل صناع القرار في العالم ، وبالإضافة إلى ذلك تتوقع الدراسات أنه بحلول عام 2025 م ستنفث البلدان النامية في الهواء أربعة أضعاف كمية ثاني أكسيد الكربون التي تنفثها الدول المتقدمة اليوم، كما يتوقع أن تفقد الأرض أكثر من 25% من الأجناس الموجودة حاليا.

    إن الإنسان في دول الشمال يستهلك من المياه ويولد من الملوثات بما يزيد عن عشرين ضعفا عن المواطن في دول الجنوب.

    إن التلوث الذي يسببه مواطن أمريكي واحد يزيد على ذاك الذي يسببه مواطن عادي من دول العالم الثالث بعشرين إلى مائة مرة، ويماثل استهلاك الأمريكي الواحد للطاقة ما يستهلكه ثلاثة يابانيين، أو ستة مكسيكيين، أو 13 صينيا أو 35 هنديا أو 153 بنغلادش أو 499 إثيوبيا.

    كما تشير الإحصاءات إلى أن العالم قد خسر في عام واحد فقط، حوالي 36 نوعا من الحيوانات الثديية، 94 نوعا من الطيور بالإضافة إلى تعرض 311 نوعا آخر للخطر، أما الغابات فهي في تناقص مستمر بمعدل 2% سنويا نتيجة الاستنزاف وتلوث الهواء المنتج للأمطار الحامضية، وكذلك التربة فإنها تتناقص باستمرار بمعدل 7% من الطبقة العليا كل عقد، وذلك بسبب الانجراف والتآكل بشكل مستمر نتيجة الإنهاك المستمر بالزراعة الكثيفة أو الري الكثيف، مما يؤدي إلى ملوحة التربة وتصحرها.

    كذلك تسود استخدامات المياه ممارسات خاطئة تؤدي إلى ندرة المياه ونضوبها، عدا عن الانخفاض الطبيعي الحاصل في منسوب المياه في باطن الأرض ، الأمر الذي يهدد البشرية بخطر حقيقي.

    إن هذه الحقائق والإحصاءات توضح مدى خطورة الوضع الذي وصلت إليه الأرض نتيجة سوء استخدام البيئة من قبل الإنسان، وهي مظاهر تستلزم التدخل السريع للإنقاذ، ولا إنقاذ للبشرية إلا بالإسلام.

    وتأتى أهمية وحتمية وجود أهداف للتربية البيئية من منظور إسلامي لتؤكد للجميع أن الإسلام دين يؤكد على احترام وتقدير البيئة انطلاقا من أهداف عدة منها :ـ

  1. تنمية الوعي البيئي لدى الإنسان المسلم عن طريق تزويده بالرؤية الصحيحة عن البيئة ومكوناتها بما يحقق دوره المطلوب في الأرض باعتباره خليفة الله فيها .
  2. تنمية وتكوين القيم والاتجاهات والمهارات البيئية الإسلامية لدى الإنسان المسلم ، حتى يستطيع على ضوئها مواجهة مختلف صعابها بإرادة قوية ، ومن ثم استغلالها بصورة نافعة بما يحقق أهداف الإسلام .
  3. تنمية قدرة الإنسان المسلم على تقويم إجراءات وبرامج التربية والتعليم المتصلة بالبيئة من أجل تحقيق تربية بيئية أفضل .
  4. إيجاد التوازن وتعزيزه بين العناصر الاجتماعية والاقتصادية والبيولوجية المتفاعلة في البيئة لما فيه صالح الإنسان المسلم .
  5. فهم الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية والطبيعية وعلاقة الإنسان المسلم بالقضايا والتلوث .

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 131 مشاهدة
نشرت فى 18 مايو 2015 بواسطة AlJaawan

منتديات نادي الأمن والسلامة السعودي

AlJaawan
أهدافنا تطمح للوصل الى القمة .. ونعمل جاهدين من خلال التطوير والتدريب وتطبيق معايير الجودة وإدارة أنظمة الأمن والسلامة المهنية من ضمن هذه الإدارات بل لعلها من اشد الإدارات التي يجب أن تحقق أهدافها لان فشلها في تحقيق أهدافها يعنى الفشل في إيجاد بيئة العمل الآمنة والعكس صحيح . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

433,017