أولاً - تعريف الهواء :
هو كل مخلوط غازي الذي يملأ جو الأرض بما في ذلك بخار الماء ، ويتكون أساساً من غازي النتروجين نسبته 78,084% والأكسجينن 20,946% ويوجد إلى جانب ذلك غاز ثاني أكسيد الكربون نسبته 0,033% وبخار الماء وبعض الغازات الخاملة وتأتي أهمية الأكسجين من دورة العظيم في تنفس الكائنات الحية التي لا يمكن أن تعيش بدونه وهو يدخل في تكوين الخلايا الحية بنسبة تعادل ربع مجموع الذرات الداخلة في تركيبها .
ولكي يتم التوازن في البيئة ولا يستمر تناقص الأكسجين شاءت حكمة الله سبحانه أن تقوم النباتات بتعويض هذا الفاقد من خلال عملية البناء الضوئي ، حيث يتفاعل الماء مع غاز ثاني أكسيد الكربون في وجود الطاقة الضوئية التي يمتصها النبات بواسطة مادة الكلوروفيل الخضراء ولذلك كانت حكمة الله ذات اثر عظيم رائع فلولا النباتات لما استطعنا أن نعيش بعد أن ينفد الأكسيجين في عمليات التنفس واحتراق ، ولا تواجد أي كائن حي في البر أو في البحر ، إذا أن النباتات المائية أيضاً تقوم بعملية البناء الضوئي ، وتمد المياه بالأكسجين الذي يذوب فيها واللازم لتنفس كل الكائنات البحرية .
( هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين )
لكل انسان العصر الحديث قد جاء ودمر الغابات ، وطعن بالعمران على المساحات الخضراء وراحت مصانعه تلقي كميات هائلة من الأدخنة في السماء ، ولهذا كله أسوأ الآثار عى الهواء وعلى توازن البيئة ، واذا لجأنا إلى الأرقام لنستدل بها ، فسوف نفزع من تضخم التلوث ، فثاني أكسيد الكربون كانت النسبه المئوية الحجمية له حوالي 0,029% في نهاية القرن الماضي ، وقد ارتفعت الى 0,033% في عام 1970 وينتظر أن تصل الى أكثر من 0,038% في عام 2000، ولهذه الزيادة أثار سيئة جدا على التوازن البيئي .
ثانياً - تعريف تلوث الهواء:
هو وجود أي مواد صلبه أو سائلة أو غازية بالهواء بكميات تؤدي إلى أضرار فسيولوجية واقتصادية وحيوية بالانسان والحيوان والنباتات والالات والمعدات ، او تؤثر في طبيعة الاشياء وتقدر خسارة العالم سنويا بحوالي 5000مليون دولار ، بسبب تأثير الهواء ، على المحاصيل والنباتات الزراعية .
ويعتبر تلوث الهواء من أسوأ الملوثات بالجو ، وكلما ازداد عدد السكان في المنطقة الملوثة .
وعلى مدار التاريخ وتعاقب العصور لم يسلم الهواء من التلوث بدخول مواد غريبة عليه كالغازات والابخرة التي كانت تتصاعد من فوهات البراكين ، أو تنتج من احتراق الغابات ، وكالاتربة والكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض ، الا أن ذلك لم يكن بالكم الذي لا تحمد عقباه ، بل كان في وسع الانسان أن يتفاداه أو حتى يتحمله ، لكن المشكلة قد برزت مع التصنيع وانتشار الثورة الصناعية في العالم ، ثم مع هذه الزيادة الرهيبة في عدد السكان ، وازدياد عدد وسائل المواصلات وتطورها ، واعتمادها على المركبات الناتجة من تقطير البترول كوقود ، ولعل السيارات هي أسوأ أسباب تلوث الهواء بالرغم من كونها ضرورة من ضروريات الحياة الحديثة ، فهي تنفث كميات كبيرة من الغازات التي تلوث الجو ، كغاز أول أكسيد الكربون السام ، وثاني أكسيد الكبريت والأوزون .
ثالثاً - طرق تلوث الهواء :
-
بمواد صلبة معلقة : كالدخان ، وعوادم السارات ، والأتربة ، وحبوب اللقاح ، وغبار القطن ، وأتربة الاسمنت ، وأتربة المبيدات الحشرية .
-
بمواد غازية أو أبخرة سامة وخانقة مثل الكلور ، أول أكسيد الكربون ، أكسيد النتروجين ، ثاني أكسيد الكبريت ، الأوزون .
-
بالبكتيريا والجراثيم، والعفن الناتج من تحلل النباتات والحيوانات الميتة والنفايات الادمية
-
بالإشعاعات الذرية الطبيعية والصناعية:.
حيث اظهر هذا التلوث مع بداية استخدام الذرة في مجالات الحياة المختلفة ، وخاصة في المجالين : العسكري والصناعي ،
ولعلنا جميعا ما زلنا نذكر الضجة الهائلة التي حدثت بسبب الفقاعة الشهيرة في أحد المفاعلات الذرية بولاية ( بنسلفانيا ) بالولايات المتحدة الامريكية ، وما حادث انفجار القنبلتين الذريتين على ( ناجازاكي وهيروشيما ) إبان الحرب العالمية الثانية ببعيد ، فما تزال أثار التلوث قائمة إلى اليوم ، ومازالت صورة المشوهين والمصابين عالقة بالأذهان ، وكائنة بالابدان ، وقد ظهرت بعد ذلك أنواع وأنواع من الملوثات فمثلاً عنصر الاسترنشيوم 90 الذي ينتج عن الانفجارات النووية يتواجد في كل مكان تقريباً ،
وتتزايد كميته مع الازدياد في إجراء التجارب النووية ، وهو يتساقط على الأشجار والمراعي ، فينتقل إلى الأغنام والماشية ومنها إلى الانسان وهو يؤثر في إنتاجية اللبن من الأبقار والمواشي ، ويتلف العظام ، ويسبب العديد من الأمراض وخطورة التفجيرات النووية تكمن في الغبار الذري الذي ينبعث من مواقع التفجير الذري حيث يتساقط بفعل الجاذبية الأرضية ، أو بواسطة الأمطار فيلوث كل شئ ، ويتلف كل شئ .
وفي ضوء ذلك يمكن أن نقرر أو أن نفسر العذاب الذي قد حل بقوم سيدنا لوط عليه السلام بأنه ، كان مطراً ملوثاً بمواد مشعة ، وليس ذلك ببعيد فالأرض تحتوي على بعض الصخور المشعة مثل البتشبلند وهذه الصخور تتواجد منذ الاف السنين ،
كل شيء في هذا الكون مخلوق لغاية وغرض محددين، فلا يمكن لأي عنصر من عناصر الكون العمل بشكل منفرد، إذ تتكامل العناصر وتتكامل الأهداف التي خلقت لأجلها هذه العناصر معاً،
فلا يمكن – على سبيل المثال – أن يستغني الحيوان عن النبات أو أن يستغني الإنسان عن النبات أو الحيوان أو أن يستغني النبات عن الماء أو الغيوم عن الرياح أو النبات عن الهواء أو الهواء عن النبات والحيوان والإنسان،
كل هذه العناصر وغيرها الكثير تتأثر وتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر على بعضها البعض بحيث تنتج المنظومة الكونية المتكاملة التي تجعل جميع الكائنات والمخلوقات والكائنات تعيش لأجل تحقيق غاياتها التي خلقت لأجلها.
ولما كانت هذه العناصر مترابطة ارتباطاً وثيقاً مع بعضها البعض فإن أي خلل سيظهر على أحدها سيُخلُّ بأداء باقي العناصر وسيؤثر عليها وربما يهدد بقاءها،
فمثلاً : إذا شحت المياه لسبب أو لآخر سينتشر الجفاف، و إذا قلَّ الغطاء النباتي في منطقة معينة سيقل التواجد الحيواني فيها وبالتالي ستتهدد حياة الإنسان،
وإذا أصاب الهواء خللٌ معين ستتهدد حياة جميع الكائنات، إذ لا يمكن الإستغناء بأي شكلٍ من الأشكال عن الهواء ومحتوياته من غازات وأبخرة وغيرها، إذ تدخل الغازات الموجودة في الهواء إلى داخل الكائنات الحية، كلٌّ حسب احتياجه، لتضمن الكائنات الحية بقائها، فإذا تسربت الغازات السامة والتي تلوث الهواء كانت النتيجة الحتمية موت الكائنات الحية وتناقصها في المناطق ذات التلوث الهوائي.
ماهو السبب المباشر والرئيسي للتلوث الهوائي ؟
تنقسم مصادر تلوث الهواء الى مصدرين :
-
مصادر طبيعية مثل الغازات والاتربة الناتجة من ثورات البراكين ومن العواصف ومن حرائق الغابات،
-
من فعل الانسان نتيجة لانشطته المختلفة .
وخصوصا في القرون الأخيرة، حيث شهدت هذه القرون ثورات صناعية هائلة خصوصاً بعد اكتشاف الفحم والنفط والوقود والتي تعتبر العدو الأكبر للبيئة والهواء نتيجة لما تصدره من غازات سامة خلال احتراقها، كغاز أول أكسيد الكربون الذي ينتج من عملية الاحتراق غير الكامل لأنواع الوقود وغاز ثاني أكسيد الكربون والذي ينتج من عملية الاحتراق الكامل للوقود،
إلا أن غاز ثاني اكسيد الكربون هو غاز ضروري لعملية التنفس النباتي، ولكن التوغل الحاصل في بعض مناطق الكرة الأرضية على الغطاء النباتي والذي ساهم إلى تراجعه وتناقصه، زاد من نسبة تركيز هذا الغاز في الجو مما أدى إلى أضرار على الحيوان والإنسان، خصوصاً وأنَّ هذا الغاز ينتج أيضاً من عملية التنفس في الإنسان والحيوان.
رابعاً - تأثير تلوث الهواء على البر والبحر :
تتجلى عظمة الله ولطفه بعباده في هذا التصميم الرائع للكون ، وهذا التوازن الموجود فيه ، لكن الإنسان بتدخله الأحمق يفسد من هذا التوازن ، في المجال الذي يعيش فيه ، وكأن هذا ما كانت تراه الملائكة حينما خلق الله آدم – قال تعالى : (هو الذي خلق لكم مافي الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم . وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لاتعلمون )
وجد أن للتلوث آثاراً ضارة على النباتات والحيونات والانسان والتربة ،
خامساً - الأثار الناتجة عن تلوث الهواء :
-
صحياً : تؤدي زيادة الغازات السامة إلى الإصابة :
- أمراض الجهاز التنفسي
- أمراض العيون
- بعض أنواع السرطان : بسبب زيادة تركيز بعض المركبات الكيمائية كأبخرة الأمينات العضوية
- آثار ضارة على الجهاز العصبي ،
- يحدث تشوهات خلقية تتوارثها إن لم يسبب الموت .
ب - مادياً : بسبب الأتي:
- وجود التراب والضباب
- عدم إمكانية الرؤية بالطرق الأرضية والجوية .
- حدوث صدأ وتأكل للمعدات والمباني ، مما يؤثر على عمرها المفيد ، وفي ذلك خسارة كبيرة
- التلوث بمواد صلبة يحجز جزءاً كبيراً من اشعة الشمس ، مما يؤدي إلى زيادة الإضاءة الصناعية .
ج - على الحيوانات : تسبب الأتي:
- الفلوريدات عرجاً وكساحاً في هياكل المواشي العظمية في المناطق التي تسقط فيها الفلوريدات ، أو تمتص بواسطة النباتات الخضراء
- أملاح الرصاص التي تخرج مع غازات العادم تسبب تسماً للمواشي والأغنام والخيول
- ثاني اكسيد الكبريت شريك في نفق الماشية .
د - على الحشرات الطائرة : حيث تسبب الأتي :
بحي لا تستطيع العيش في هواء المدن الملوث ، ولعلك تتصور أيضاً ما هو المصير المحتوم للطيور التي تعتمد في غذائها على هذه الحشرات ،
وعلى سبيل المثال انقرض نوع من الطيور كان يعيش في سماء مدينة لندن منذ حوالي 80 عاماً ، لأن تلوث الهواء قد قضى على الحشرات الطائرة التي كان يتغذى عليها .
هـ - على النباتات : حيث تسبب الأتي:
- تختنق النباتات في الهواء غير النقي وسرعان ما تموت ،
- تلوث الهواء بالتراب ، والضباب والدخان والهباب يؤدي إلى اختزال كمية أشعة الشمس التي تصل إلى الأرض ،
- يؤثر ذلك على نمو النباتات وعلى نضج المحاصيل ،
- يقلل عملية التمثيل الضوئي من حيث كفاءتها ،
- تساقط زهور بعض أنواع الفاكهة كا البرتقال ومعظم الأشجار دائمة الخضرة ،
- تساقط الأوراق والشجيرات نتيجة لسوء استخدام المبيدات الحشرية الغازية
وكمثال للنباتات التي تتأثر بالتلوث ( محاصيل الحدائق وزهور الزينة ، والبرسيم الحجازي ، والحبوب ، والتبغ ، والخس ، واشجار الزينة ، كالسرو ، والجازورينا ، والزيزفون )
و - على المناخ : حيث تؤدي الإشعاعات الذرية والانفجارات النووية إلى الأتي :
- تغيرات كبيرة في الدورة الطبيعية للحياة على سطح الأرض ،
- بعض الغازات الناتجة من عوادم المصانع يؤدي وجودها إلى تكسير في طبقة الأوزون التي تحيط بالأرض ، والتي قال عنها القران :( وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتها معرضون ) . إن تكسير طبقة الأوزون يسمح للغازات الكونية والجسيمات الغريبة أن تدخل جو الأرض ، وان تحدث فيه تغيرات كبيرة ، أيضاً ،
- وجود الضباب والدخان والتراب في الهواء يؤدي إلى اختزال كمية الاشعاع الضوئي التي تصل إلى سطح الأرض ، والأشعة الضوئية التي لا تصل إلى سطح بذلك ، تمتص ويعاد إشعاعها مرة أخرى إلى الغلاف الجوي كطاقة حرارية
- الطاقة الحراية التي التي تتسرب إلى الهواء نتيجة لاحتراق الوقود من نفط وفحم وأخشاب وغير ذلك ، فسوف نجد أننا نزيد تدريجياً من حرارة الجو ، ومن يدري ، إذا استمر الارتفاع المتزايد في درجة حرارة الجو فقد يؤدي ذلك إلى انصهار جبال الجليد الموجود ة في القطبين واغراق الأرض بالمياه ، وربما كان ذلكما تشير إليه الآية رقم 3 في سورة الانفطار : ( وإذا البحار فجرت ) .حيث ذكر المفسرون أن تفجير البحار يعني اختلاط مائها بعضه ببعض ، وهذا يمكن له الحدوث لو انصهرت جبال الجليد الجليدية في المتجمدين الشمالي والجنوبي .
سادساً - أسباب زيادة التلوث الجوي :
-
تراكم النفايات التي ساهمت في انبعاث الروائح والغازات السامة إلى الجو،
-
ما ينتج من التلوث الإشعاعي من التفجيرات النووية وغيرها.
سابعاً – محاولات بعض الدول مكافحة هذا التلوث :
-
وضع تشريعات صارمة على المناطق الصناعية،
-
مراقبة الغازات المنبعثة من عوادم السيارات،
-
وضع حد للتفجيرت النووية والمواد الإشعاعية والمفاعلات النووية،
-
التقليل من إستخدام الوقود في إنتاج الكهرباء وإستبداله بالموارد البديلة والنظيفة للطاقة كطقة الرياح والطاقة الشمسية وطاقة المياه.