هل تعتذر على الدوام، حتى حين لا يتوجب عليك ذلك؟ إذاً فقد حان الوقت للتخلص من هذه العادة.. هل سبق لك أن اصطدمت بشخص غريب لم يكن ينظر أمامه فبادرت فوراً إلى الاعتذار منه عوضاً عن انتظار اعتذارة؟ وهل سبق لك أن دعوت بعض الأشخاص إلى العشاء ووصلوا قبل ساعة من الموعد المحدّد فلم تتوقّف عن الاعتذار لأنّك لم تكن جاهزاً لإستقبالهم؟ ولا شك في أنّك "آسف" أيضاً لأن نوع الطعام المفضّل لدى أولادك قد نفذ من المطعم! لم تصر دوماً على إلقاء اللّوم على نفسك بالرغم من أنّك لم ترتكب أيّ خطأ؟ تعرّف إلى الأسباب التي تدفعك إلى تحمّل مسؤولية أي مشكلة وإن لم تكن مذنباً، واكتشف كيف يمكنك التخلص من عادة الاعتذار بدون سبب. - حفاظاً على السلام: يرتبط الاعتذار المتكرّر ارتباطاً وثيقاً بالعلاقات الأسرية، إذ يميل الأشخاص الذين نشأوا في كنف عائلة يميل أفرادها إلى الانتقاد الدائم، أو تعرّضوا للمضايقة من قبل إخوتهم المتسلّطين، إلى الاعتذار مراراً وتكراراً في محاولة لاسترضاء الآخرين وتجنّب مواجهتهم. وتشرح عالمة النفس سارة ماك ماهون أنّ هؤلاء الأشخاص يكتشفون في مرحلة مبكرة من حياتهم أنّ تعبيرهم عن الأسف سواء كانوا مذنبين أم لا، يؤدي إلى تهدئة الأشخاص الآخرين، فيستمرّون في تطبيق هذا السلوك حتى بعد نضوجهم. أمّا في العلاقات الزوجية، فتميل النساء عادة إلى التصرّف بطريقة مسالمة، فيعتذرن من أزواجهنّ لتجنّب الدخول في جدال معهم، علماً بأنّ هذا السلوك ليس صائباً، لأنّك عزيزتي الزوجة والخطاب موجها هنا اليكٍ عندما تعتذرين بشكل متكرّر، تعترفين بأنّكِ المسؤولة عن كلّ الأمور السيِّئة التي تحدث، ما قد يؤدّي إلى نشوء علاقة غير سليمة بينك وبين زوجك. لذا توقّفي عن المبادرة إلى الاعتذار وحاولي أن تجدي وسيلة أخرى لحلّ الخلافات. وتذكّري أنّ المشاجرات تقع بمعظمها نتيجة سوء تفاهم، لذا عوضاً عن أن تصرفي النظر عن المشكلة تلقائياً من خلال المبادرة إلى الاعتذار، حاولي أن تتبيّني سبب سوء التفاهم بينك وبين زوجك وأن تعرفي جذور المشكلة التي أدّت إلى افتعال الشجار، ثمّ ضعي خطة تحول دون تكرار هذا الخلاف في المستقبل. واعلمي أنّكِ عنما تمتنعين عن الاعتذار تلقائياً، تفسحين المجال أمام زوجك للتعبير عن أسفه، ما يساعد على إعادة التوازن والانسجام إلى علاقتكما. - مجرّد عادة: يميل بعض الأشخاص إلى الاعتذار في بعض اللحظات الحرجة التي غالباً ما تحدث في اللقاءات والمناسبات الاجتماعية. فعوضاً عن أن تطلب من شخص ما أن يرفع صوته بشكل مباشر، قد تتوجّه إليه بالقول "آسف، لم أسمع ما قلته"، وفي هذه الحالة قد يكون استخدام كلمة "آسف" وسيلة للتخفيف من حدّة التوتر وجعل المحادثة أكثر سلاسة، لكنّك بتحمّلك مسؤولية كل موقف مزعج أو محرج، تقوم بتعظيم بعض الأمور البسيطة، وتدفع الآخرين إلى تحميلك الذنب. لذا، وكي تتخلّص من عادة الاعتذار المتكرّر، عليك أن تحدّد المواقف التي تدفعك غالباً إلى الاعتذار. فكلّما شعرت بأنّك على وشك التأسّف، تريّث قليلاً وراجع سلوكك، فإن وجدت أنّك لم تقترف أي خطأ، امتنع عن الاعتذار. وحاول كذلك أن تحدّد الأوقات والأماكن التي تميل فيها إلى الإفراط في الاعتذار. فهل تشعر على سبيل المثال بالتوتر في حضور شخص معيّن، أو هل تضطر إلى الاعتبار عندما تطلب المساعدة، لأنّك عندما تدرك الأمور التي تدفعك إلى المبالغة في الاعتذار، يمكنك اعتماد سلوك بديل أو استخدام جمل مختلفة، كأن تستعيض عن عبارة "أنا آسف على التأخير" بعبارة "شكراً لانتظاري"، ذلك أنّ هذه الصيغة توجد نوعاً من التوازن والحيادية بين طرفي النقاش. - إرضاء الآخرين: يميل الأشخاص الذين يسعون دوماً لإرضاء الآخرين إلى الاعتذار بشكل دائم كي يتفادوا التعرّض للرفض. فعندما تقترف هفوة بسيطة، كنسيان اسم الشخص الذي تتحدّث إليه، تبادر عادة إلى تقديم الاعتذار مراراً وتكراراً ما يجعلك تبدو مستاءً جدّاً. لذا، عوضاً عن تكرار الاعتذار، اعترف بهفوتك وعبّر عن أسفك ثمّ تخطّى المسألة. ولا تنس أن تراقب ردّة فعلك، فإن أحسست بشعور جيِّد، يكون اعتذارك في محلّه. أمّا إن شعرت بالسوء، فعلى الأرجح أنّك تبحث عن الاستحسان. واعلم أنّه ليس عليك الاعتماد على الآخرين لإسعادك لأن ذلك يجعلك ضعيف وسريع التأثّر، إذ قد تشعر بالفرح الشديد إن لاقيت استحسان الآخرين، لكن هل تساءلت كيف ستتأثّر ثقتك بنفسك إن تعرّضت للرفض؟ وبالتالي، عوضاً من أن تقلق من تعرّضك للصدّ، لا تنتقد نفسك بقسوة بل تقبّل شخصيّتك كما هي، وركّز على العلاقات الاجتماعية التي تُشعرك بالراحة ولا تضطرّك إلى الاعتذار باستمرار لتحسّ بأنّك محبوب ومقبول من الآخرين. - التعويض عن عدم الثقة بالنفس: عندما تفتقر إلى الثقة بنفسك، تلجأ إلى التعويض عن النقص الذي تشعر به من خلال العمل لكسب حب الآخرين واعترافهم بوجودك. وترى ماك ماهون أنّ هذا السلوك، يدفعك إلى تحمّل مسؤولية الأحداث السلبية، ما يشعرك بالذنب والخجل وبالرغم من عدم ارتكابك أي سوء. وبالرغم من أنّ الاعتذار يساهم في التخفيف من شعورك بالانزعاج على المدى القصير، إلا أنّ هذا الإحساس لن يدوم طويلاً، لأنّ قلّة ثقتك بنفسك سرعان ما ستدفعك للبحث عن التشجيع من الآخرين. لكن اعلم أنّه بوسعك دوماً أن تغيّر هذا الواقع، إذ كلّ ما عليك فعله هو التأكّد من أنّك قد ارتكبت خطاً ما. فإن أخطأت، اعتذر لأنّ تحمّلك مسؤولية أخطائك يمدّك بالقوة، لكن إن لم تكن مسؤول عمّا حصل أو إن كانت الأمور خارجة عن سيطرتك، لم تشعر بالذنب أو الخجل؟ - الشعور بالنفوذ: من الأسباب الأخرى التي قد تدفعك إلى المبالغة في الاعتذار هو شعورك بالقدرة على التحكّم بالآخرين. فحين تعتذر، تشعر للحظة بأنّك قادر على التأثير في الآخرين، ما يعزّز لا إرادياً احترامك لذاتك. كما أن اعترافك بمسؤوليّتك عن الهفوات التي تحصل يعوّضك عن الإحساس بعدم الأهمية الذي تشعر به أحياناً في قرارة نفسك. لذا، توقّف عن الاعتذار ما لم تكن تعني ما تقوله فعلاً، وقبل أن تبادر إلى التأسّف، إسأل نفسك أوّلاً "هل يستحقّ هذا الأمر الاعتذار؟" فإن لم تكن واثقاً من ذلك، إسأل الشخص الآخر لتعرف إن كنت قد آذيته أو جرحت مشاعره أو أزعجته بطريقة ما. وبدل أن تتكهّن ما هي المشاعر الذي تراود الآخرين وما هي ردود أفعالهم على ما حصل، إمنحهم الحرِّية ليحكموا على تصرّفاتك، لأنّك بهذه الطريقة تضع حدّاً للعبة القوة وردات الفعل الصبيانيّة، وتتحمّل مسؤولية تصرّفاتك بأسلوب واعٍ ينمّ عن النضوج. - أحياناً يتعيّن عليك الاعتذار... قد تحتاج في بعض الأحيان إلى تقديم اعتذار صادق لأنّ التعبير عن الأسف يمكن أن يُصلح علاقتك بالآخرين ويمحو الشعور بالغضب والأذى. وقد وجدت دراسات عدّة أنّ الاعتذار ينعكس إيجاباً على صحّتك، إذ يخفّف من حدّة توتّرك، لذا من الضروري أن تقدّم اعتذارك بطريقة ملائمة. وفي المرّة المقبلة التي تضطر فيها إلى الاعتذار من شخص ما، حاول تطبيق الخطوات التالية: · كن دقيقاً: أذكر تفاصيل الإساءة كي تتأكّد من أنّك والشخص الآخر تتحدّثان عن المشكلة نفسها. فإن نسيت دعوة للذهاب إلى حدث مهمّ، على سبيل المثال، لا تعتذر عن عدم قدرتك على التركيز ونسيانك المتكرّر بل اكتفي بالاعتذار عن عدم حضورك. · اعترف بالإساءة: عبّر للشخص الآخر عن تفهّمك وإدراكك لمشاعره، كأن تقول له على سبيل المثال "لا شكّ في أنّك شعرت بالخيبة لأنّني لم أتمكّن من الحضور". · تحمّل المسؤولية: لا تحاول أن تبرّر موقفك بالخوض في ما إذا كانت الإساءة متعمّدة أم لا لأنّ المسألة تتعلّق بالشخص الآخر وبمشاعره. · قم بالتعويض: أي إن لم تتمكّن من حضور مناسبة ما على سبيل المثال، قم بإرسال باقة من الورد. وإن لم تستطيع لسبب ما تحضير العشاء لأصدقائك، قم بدعوتهم إلى تناول العشاء في الخارج مرّة أخرى. · قل أنا آسف: إنّ الاعتذار والتعهّد بعدم تكرار الإساءة أمران أساسيان للحفاظ على علاقاتك الاجتماعية، لذا لا ضير من القول "أنا آسف، لن يتكرر هذا الأمر ثانية". · أطلب السماح: بعد أن تقدّم اعتذارك، إسمح للشخص الآخر بأن يعبّر عن مشاعره أيضاً. فقد بذلت كلّ ما في وسعك لإصلاح الموقف بينكما، لذا عليك الآن أن تدعي الشخص الآخر يقرّر ما هي الخطوة التالية التي يريد القيام بها.
الرسالة للتدريب والاستشارات.. ((عملاؤنا هم مصدر قوتنا، لذلك نسعى دائماً إلى إبداع ما هو جديد لأن جودة العمل من أهم مصادر تميزنا المهني)). www.alresalah.co
نشرت فى 13 أغسطس 2012
بواسطة Al-Resalah
الرسـالة للتدريب والاستشارات
مؤسسة مهنية متخصصة في مجالات التدريب والإستشارات والبحوث والدراسات، وتُعتبر أحد بيوت الخبرة متعددة التخصصات في العالم العربي.. ومقر الرسالة بالقاهرة.. إن الرسالة بمراكزها المتخصصة يُسعدها التعاون مع الجميع.. فأهلاً ومرحبا بكم.. www.alresalah.co - للتواصل والإستفسارات: 00201022958171 »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
2,021,954
ساحة النقاش