مبدع من نوع خاص أدواته الورق المقوي والمقص تتجسد فيهما طاقته الإبداعية ليرسم ملامح الوجه بمقصه بعد أن ينسخها في ذاكرته هو الفنان محمد القاضي الذي حمل لواء فن السلويت بعد الفنانة فتنة رشاد التي كانت أول من أدخله لمصر.
محمد القاضي ابن الإسكندرية -وطبقا لجريدة روز اليوسف المصرية- بدأ أولي خطواته العملية بعد حصوله علي دبلوم طباعة الأوفست تخصص رتوش ومونتاج عام 1968، قضي حوالي خمس سنوات في الجيش وهي مدة التجنيد الطويلة والتي بدأت من عام 1969 وحتي عام 1974، مر فيها بعدة معارك مرورا بحرب الاستنزاف وحتي انتصار أكتوبر 73، ليعمل بعدها في شركة مطابع محرم الصناعية، وقد تعرف علي فن السلويت بالصدفة البحتة، وذلك من خلال زيارته للمعرض الصناعي الزراعي في عام 1969 وهي بداية مرحلة التجنيد فشاهد جناحاً لفن السلويت لرائدة هذا الفن في العالم العربي الفنانة فتنة رشاد.
ورغم أنها كانت زيارة سريعة خاطفة نظرا لإقبال الجمهور علي هذا الفن وازدحام المعرض الذي لم يمكنه حتي من رؤية وفهم تفاصيله إلا أن قلبه تعلق به وانبهر بقدرة الفنانة علي رسم بروفيل الملامح الجانبية لأي شخصية بالمقص والورق الأسود في ثوان معدودة.
عقب تلك الزيارة الخاطفة تمني أن يصبح مثل هذه الفنانة فقد انبهر بمسألة تلقي رد فعل فوري من المتلقي للعمل الفني، ولكن ظروف تواجده، بالقوات المسلحة لم تمكنه من الإمساك بالمقص للتجربة فكانت وسيلته الوحيدة هي التخيل والرسم علي الرمال بقطعة خشب، وكان يشعر أنه لو أمسك بالمقص سوف يرسم أي شخصية.
وتحقق له حلمه هذا في أول أجازة وأحس برد الفعل من المحيطين به، وخلال فترة لم تتجاوز الأشهر القليلة قام برسم الأقارب والأصدقاء حتي جاء موعد لقائه بالفنانة فتنة في معرضها عام 1970 وكانت قد سمعت عنه من أحد الأصدقاء والتقي بها بالفعل وعرض أعماله عليها التي أشادت بها وهو ما أعطاه دفعة من الأمل.
وكانت نقطة التحول التي غيرت مسار حياته والتي مازال لها الأثر الطيب في نفسه عندما جاء موعد معرض فتنة رشاد متواكبا مع سفرها لقبرص لحضور معرض نيقوسيا الدولي فطلبت منه أن يقوم بالرسم في جناحها الخاص حتي يعرف جماهيرها ومحبيها أنه يوجد من تأثر بها وبفنها ليكون هذا اليوم بمثابة نقطة انطلاقه في هذا المجال ليشارك بعدها في العديد من المعارض الفنية في أماكن متفرقة بالإسكندرية والقاهرة كما سافر بفنه إلي دولة الإمارات العربية وبالتحديد في الشارقة، وذلك لعمله كرسام ومصمم في مجال الطباعة بمختلف فروعها، ثم نقل بعدها إلي المصانع الحربية للعمل بها وبعد عدة سنوات تقدم بالاستقالة ليتفرغ تمامًا لهوايته في مجال السلويت إلي جانب حرفته في مجال الإعداد الفني للطباعة من خلال العمل الحر.
وكل ما يقلق القاضي ويشغل باله الآن هو خوفه علي هذا الفن من الانقراض بعد وفاته فلا يوجد من يملك الموهبة والحماس الكافيين لتعلمه فالقدرة علي الرسم وحدها ليست مؤهلة لممارسته لأنه يعتمد علي مراعاة النسب والأبعاد لذلك فقد فشل بعض أساتذة الرسم في تعلمه.
لعل من أهم الشخصيات التي رسمها القاضي بمقصه هم الرؤساء جمال عبدالناصر وأنور السادات ولكنه يؤكد أن وجه أم كلثوم وتسريحة شعرها والنظارة هو الأكثر امتاعا بالنسبة له لتميزه الشديد.
ساحة النقاش