هل سألت نفسك: ما هو الميزان الذي يجب أن تزن به مختلف أنشطتك في الحياة، هل هو مقدار ما تستهلك، أم مقدار ما تزيد في عملك وإنتاجك؟ .. لنأخذ الطعام الذي تأكله مثالاً، فإننا نجد أن الذي ينفع الإنسان منه ويعطيه القوة والطاقة ليس هو ما يأكل الشخص، بل هو ما يهضم منه.
وهذا يعني أن مايزداد فينا هو الميزان وليس ما نستهلك، وكما في الطعام كذلك في الامور الأخرى، فما يجعل المرء غنياً ليس ما يجنيه، بل ما يوفره، وما يجعله مثقفاً ليس هو مايقرؤه، بل ما يتذكره.
وبناء على هذه القاعدة فإن ما يجعل الشخص مؤمناً ليس هو ما يدعيه، بل ما يؤديه من عمل، يقول ربنا تعالى: "كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" (غافر/10).
إن معراجك هو في تقولك، وأن علمك في معرفتك، كما أن قوتك في استيعاب عضلاتك القوة مما تأكل، وهكذا فإن الميزان ليس هو المقدار الذي تأخذه من الأشياء، بل هو ما تستوعبه ثم تفرزه على شكل نشاط وإنتاج.
وللعمل جانبان: روح العمل، وآليته.
وتعتمد روح العمل على أمور ثلاثة هي: الرؤية الصائبة للهدف، ومعرفة الطريق الصحيح، واتخاذ القرار المناسب.
أما (آلية العمل) فهي تقوم على أمور ثلاثة أيضاً هي: وجود إطار مناسب، ووجود قنوات سليمة للعمل، والتحرك بالحجم المطلوب.
فإذا كانت الرابطة بين روح العمل وآليته سليمة، فإن النجاح بلا شك سيكون من نصيب العامل، وإلا فقد تتعثر الأمور وتتعرقل القضايا ويضيع الجهد، والمشكلة مع الفاشلين قد تكون في فقدان الرؤية الصائبة، وقد تكون في فقدان الإرادة مع توفر الرؤية الصائبة،وقد تكون المشكلة في إطار العمل،أو في قنواته، أو تكون المشكلة في الأداء.
فمن رأى خللاً في عمله، فلا بد أن يراجع نفسه ويحاسبها ويستقصي الأمور، ويحاول أن يكتشف مكان الخلل، إذ إننا قد نعالج في الآلية بينما نحتاج الى علاج الخطأ في الروح، فالذين لا يملكون الإرادة للعمل لن ينفعهم وجود قنوات سليمة وأطر مناسبة، لأن مشكلتهم كامنة في روح العمل.
مثل فقدان الإرادة أو فقدان الرؤية، أو فقدان هدف محدد.. وربما تكون المشكلة في الطريق الخطأ الذي يسلكه الفرد، بالرغم من وجود الروح، وتحديد الهدف، فهو كمن يريد الوصول الى مكة ولكنه يسلك طريق بغداد.
ومع وجود أي خلل، فإن علينا أن ندرس المشكلة لنتعرف على مكمن الخلل، فمن يفتقد الإرادة، ولايتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب، لن ينفع معه توفر الوسائل اللازمة للنجاح، وإن كان معظم الذين يعانون من الخلل في الروح يعلقون أسبابإخفاقهم على مشجب فقدان الوسائل، فكم من وسائل تراكمت في الإدارات والمكاتب، لكنها بمرور الزمن أصبحت عقبة أمام الإنجازات ،وليس وسيلة لتحقيقها.
أما من يمتلك الإرادة، ولا ينقصه تحديد الهدف الواضح في الحياة، ولكنه يعاني من فقدان الوسائل، فإن توفير بعض الوسائل له قد تفيد في تصحيح وضعه تماماً.
وعلى كل حال، فإن من لديه التصميم على النجاح فهو مهما خسر من الفرص فهو يتهيأ لاقتناص فرص أخرى.
وما أكثر الفرص المتاحة التي تذهب مع الريح، لا لأن الناس غير راغبين في اقتناصها، بل لأنهم لم يخططوا للاستفادة منها، فالتخطيط المسبق جزء من الآلية المطلوبة للنجاح.
إن الأقدار تساعد أولئك الذين يمتلكون روح العمل، ويسعون بجد لامتلاك وسائل النجاح، ولكي تنجح أنت بحاجة إلى إتباع الخطوات التالية:
أولاً: حدد الهدف الذي تريد الوصول إليه.
ثانياً: ارسم في ذهنك خطة لتحقيق ذلك الهدف.
ثالثاً: ضع تفاصيل تنفيذ الخطة على الورق،ولتكن ضمن اطار (سأعمل هذا العمل بهذه الصورة) بدل أن يكون الاطار (سوف اعمله ) فقط.
رابعاً: كن متحمساً لانجاز خطتك.
خامساً: استشر الخبراء الذين تثق بهم.
سادساً: قم بقياس مدى تقدمك على ضوء الخطة التي وضعتها، وانظر الى الوراء بين فترة وأخرى، لترى كم قطعت من المسافة لتنفيذ الخطة.
سابعاً: لا تحاول تنفيذ الخطة دفعة واحدة، بل اجعلها خطوات متتابعة.
ثامناً: أعط كل جزء من الخطة حقه من النشاط والعمل، بشكل متساو مع بقية الأجزاء، والمطلوب قبل كل ذلك ومعه وبعده طلب التوفيق من الباري عز وجل إذ بدون ذلك لامجال للنجاح.
كما أن عدم التأجيل أيضاً ضروري، وبمثل هذه الخطة يكون لديك (ميزان) تستطيع ان توزن به الأشياءو وتقدر مختلف الأمور.
ساحة النقاش