تعد المدارس والجامعات من المؤسسات التربوية المهمة التي تضطلع بمهمة التربية والتعليم ونقل الثقافة المتجددة، وتوفر الظروف المناسبة لنمو الطلاب نمواً متوازناً جسمياً وعقلياً ونفسياً واجتماعياً، كما تعد مجالاً حيوياً لرعايتهم وإرشادهم إلى عادات الدراسة الصحيحة، ورعايتهم نفسياً لمساعدتهم في تحقيق التوافق النفسي والاجتماعي وتحقيق أفضل إنتاجية أكادمية ممكنة.
ولكن الكثير من الطلاب في مراحل الدراسة المختلفة قد لا يعرفون كيفية المذاكرة الصحيحة، ويستنزفون أوقاتهم دون تحقيق ما يطمحون إليه، ولا يستفيدون مما لديهم من إمكانات جسمية وعقلية ونفسية واجتماعية واقتصادية بشكل صحيح، مما يؤثر سلباً على تحصيلهم الدراسي، وعلى توافقهم النفسي والاجتماعي.
فقد أظهرت الدراسات المسحية الحديثة أن 60% من طلاب المدارس ممن هم في سن السابعة عشرة في الولايات المتحدة الأمريكية يؤدون واجبات بيتية لمدة تزيد عن عشر ساعات أسبوعياً، وأن 7% تكون لديهم واجبات بيتية ولا ينجزونها، وأن 6% يقولون: إنه ليس لديهم أي واجب منزلي ( شيفر وميلمان،2006).
ولذلك سوف نتناول مشكلة عادات الدراسة الخاطئة التي يقع فيه كثير من طلابنا ولا يعرفون كيفية مواجهتها بعادات دراسية صحيحة، حيث سنتناول هذه المشكلة من حيث التعريف بها، ونتعرف على أسبابها، وأهم طرائق علاجها.
مفهوم عادات الدراسة الخاطئة :
يقصد بعادة الدراسة الخاطئة الأسلوب أو الطريقة التي يتبعها الطالب في دراسة مادة التعلم، والتي من خلال قراءتها دون ترو وفهم وتذكر لها ومراجعتها باهتمام، كما لا تتم دراستها بقصد التعلم والفهم والحفظ.
ففي المدرسة يستخدم الطالب وظائفه العقلية ( كالتذكر والتخيل والتفكير والإدراك والانتباه) في التحصيل المعرفي، وذلك من خلال قراءة المادة الدراسية، وفهمها، وتحليلها، وحفظها، وتذكرها، وإجراء تطبيقات عملية حولها ( مثل حل التمارين الحسابية، أو تطبيق قواعد نحوية في الأعراب في مادة النحو..إلخ).
وهذه تتم في المدرسة أو في المنزل كواجبات, وعندما لايتم تنفيذ هذه العملية بشكل ناجح وفعال باستمرار، يمكن القول بأن الطالب لديه عادات خاطئة في الدراسة.
آثار عادات الدراسة الخاطئة:
لعادات الدراسة الخاطئة عدد من الآثار منها:
- تعد السبب الرئيس في الفشل والتعلم غير الفعال في المدرسة أو الجامعة.
- تؤدي في معظم الأحيان إلى الضعف في التحصيل الدراسي بغض النظر عن قدرات الطالب العقلية، حيث أظهرت الدراسات أن أداء الطلبة ذوي التحصيل المنخفض أدنى من أدائهم المتوقع من خلال اختبارات الذكاء والقدرات العقلية. فالطالب الضعيف في التحصيل هو الذي يكون أداؤه أدنى من أداء زملائه في الصف الدراسي بسنتين.
- تدني مفهوم الذات لدى الطلبة ذوي عادات الدراسة الخاطئة.
- شعور الطلاب بالإحباط وفقدان الأمل في تحسن قدرتهم على التعلم والتحصيل، وهذا ما يؤدي إلى انخفاض رغبتهم في المثابرة وبذل الجهد.
أسباب عادات الدراسة الخاطئة:
من الاسباب التي تؤدي إلى عادات الدراسة الخاطئة عند المراهقين والشباب من طلاب المدارس والجامعات ما يلي:
1- عدم معرفته طرائق الدراسة الصحيحة:
لا يعرف كثير من الطلاب كيف يدرسون، كونهم لم يتعلموا مهارات الدراسة الصحيحة في المدرسة أو في المنزل من قبل، أو أنها علمت لهم لكنهم لم يستخدموها، أو لا توجد لديهم الدافعية الكافية لاستخدامها، أو لأن عادات الدراسة الخاطئة قد تحكمت بهم نتيجة ممارستها من قبل.
2- تدخل الوالدين المبالغ به في شؤون دراسة الأبناء:
إن الاهتمام المبالغ به في دراسة الطلاب قد ينطوي على الاعتقاد بعدم مقدرته على العمل باستقلال، وقد يدرك أن إلحاح الوالدين أو أحدهما شرط ضروري لأداء الواجبات الدراسية، متناسياً أن الدراسة والواجبات المنزلية هي من مسؤوليته وحده قبل كل شيء، وعليه أن يتحمل بكفاءة هذه المسؤولية.
3- ضعف القدرة على التعلم:
قد تكون بعض اضطرابات التعلم ذات الأساس العصبي موجودة عند بعض الطلاب في المدرسة مثل صعوبات تعلم القراءة، وصعوبات تعلم الرياضيات وصعوبات تعلم العلوم، وصعوبات تعلم الإملاء. وهذه الصعوبات في التعلم يمكن تشخيصها من خلال الاختبارات التربوية والنفسية، إذ إن أي ضعف في هذا المجال ينبغي التعرف عليه وتقييمه ومتابعته.
4- ضعف قدرة الطالب على ضبط سلوكه:
فقد يكون سبب عادات الدراسة الخاطئة عند الطالب مرتبطاً بخلل في وظيفة الجهاز العصبي المركزي، مما يجعله غير قادر على ضبط ذاته، إذ لا يستطيع الجلوس دون حركة، ولا يتمكن من التركيز فيما يقوله المعلم، ولا يستطيع تجنب المشتتات، كما أن البعض يتصرفون بشكل إلحاحي، مما يؤثر في دراستهم وقدرتهم على التعلم.
5- المشكلات النفسية:
إن معاناة الطالب من بعض المشكلات النفسية، كالتوتر الناتج عن الخلافات الأسرية، أو الخلافات مع بعض الزملاء، يمكن أن تؤدي إلى صعوبة في التركيز، وكذلك الحال بالنسبة لبعض المشكلات النفسية الأخرى كالقلق والاكتئاب، يمكن أن تعيق كفاءة الطالب في التعلم وتؤدي إلى تدني مفهوم الذات عنده والشعور بعدم الكفاءة، مما ينعكس على تدني دافعيته للدراسة وخفض أدائه في التحصيل.
6- النزعة إلى الكمال:
إن نزعة الطالب لبلوغ الكمال في أداء واجباته الدراسية، يمكن أن تؤدي به إلى تأجيل إتمام هذه الواجبات أو عدم إتمامها نهائياً.
7- ضعف الدافعية للتعلم:
يعد ضعف الدافعية للتعلم أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى تعلم عادات دراسية خاطئة، وتؤدي إلى الخمول والاتكال على الآخرين في تأدية الواجبات الدراسية أو الغش في الاختبارات نتيجة ضعف الاستعداد لأداء هذه الاختبارات.
8- الخوف من النجاح والرغبة في الفشل :
إن بعض الطلاب قد تعلموا عدم بذل الجهد الكافي في التعلم والتحصيل الدراسي، ولكي يدرسوا لفترة كافية من الوقت لابد أن يتعلموا ويتقبلوا فكرة تأجيل إشباع بعض الرغبات الآنية، وأن يعملوا بجدية كافية في الوقت الراهن لكي يحصلوا على مكافات مؤجلة، مثل الدرجات المدرسية المرتفعة، والحصول على المعرفة، ونيل رضا واستحسان المعلمين والآباء.
9- التوقعات المنخفضة من بعض الطلاب:
إن توقعات المعلمين أو الآباء أو الزملاء المنخفضة من بعض الطلاب ولاسيما الطلاب الفقراء، يجعلهم لا يبذلون الجهد الكافي الذي يتناسب مع ما لديهم من إمكانات وقدرات، بل يجعلهم يتمثلون هذه القيم ويتصرفون وفقاً لهذه التوقعات، فيكون أداؤهم وفقاً لما توقعه منه الكبار.
الإجراءات العلاجية لعادات الدراسة الخاطئة:
لابد من التذكير منذ البداية أنه لابد من تعليم الطالب العادات الدراسية المناسبة منذ سنوات دراسته الأولى، حتى يتعلم كيفية أداء واجباته بالطريقة الصحيحة مهما كانت هذه الواجبات بسيطة، فهي واجبات تزداد صعوبة مع تقدم الطالب في سنوات دراسته ومن أجل ذلك لابد من اتباع الإجراءات التالية مع ابنائنا الطلبة:
1- لابد أن يعرف الطالب أن الدراسة هي مسؤوليته، وأن عدم الدراسة أو التهاون في أدائها يؤدي إلى انخفاض تحصيله الدراسي، وأن مساعدته في تخطيط أوقات الدراسة يجب أن يكون بناء على طلبه.
2- تنظيم بيئة الطالب الدراسية (غرفة الدراسة)، بحيث تزال كل مشتتات الانتباه كالمجلات، والمسجلات، وكتب التسلية، وألعاب الكمبيوتر...وغيرها.
3- لابد من توفير الجو المناسب للطالب، بعيداً عن التشويش والتوتر والمشاحنات.
4- أن يقوم الطالب بتنظيم الوقت ويخصص وقتاً محدداً للدراسة يومياً والالتزام به، والدراسة أولاً بأول بدلاً من جعل الواجبات الدراسية تتراكم عليه والاقتصار في دراستها على ليلة الامتحان.
5- أن يراقب الطالب سلوكه الدراسي أثناء أوقات الدراسة الفعلية التي يتم فيها التركيز على المهمات التعليمية، والعمل على زيادة زمن المذاكرة اليومي تدريجياً.
6- أن يكافئ الطالب نفسه عندما ينجز المهمات التعليمية التي خطط لإنجازها، وذلك بإعطاء نفسه فترة راحة لمدة 10-15 دقيقة بعد كل ساعة إلى ساعتين دراسة، أو يكافئ نفسه بممارسة بعض النشاطات التي يفضلها، مثل مشاهدة التلفيزيون، أو اللعب بالكمبيوتر، أو غير ذلك من النشاطات.
7- أن يستخدم الطالب طريقة SQ3R التي تعني(question ،recite, survey، review، read) وهي الطريقة التي تقوم على المسح والتساؤل والقراءة والمراجعة والتسميع كأسلوب في الدراسة.
فالطالب يجب عليه في بداية دراسته للمادة التعليمية، أن يتصفح العناوين الرئيسة (المسح)، ثم يقوم بتحويل هذه العناوين ورؤوس المواضيع إلى أسئلة
(التساؤل)، ثم يبدأ بقراءة الموضوع بحثاً عن إجابات للأسئلة (المراجعة)، واخيراً يعمل على تسميع المعلومات التي تعلمها وراجعها بصوت مرتفع
(التسميع)، ثم يقوم بتلخيص النقاط البارزة, وقد ثبت نجاح هذا الأسلوب مع طلبة المرحلتين الثانوية والجامعية ( شيفر وميلمان،2006).
8- أن يجزئ الطالب المادة الدراسية الطويلة والصعبة إلى وحدات صغيرة، بحيث يتمكن من دراستها وفهمها وحفظها، ويمارس التدريب المجزأ بشكل يومي وهكذا حتى يتمكن من المادة كلها في نهاية الأسبوع.
9- لابد من ثناء الآباء على الطالب عندما يحقق تقدماً في دراسته ويصل إلى إنجاز أكاديمي مناسب، ولابأس من تقديم بعض المكافآت له بين الحين والآخر.
10- أن يستخدم أسلوب الاسترخاء العظلي للتخلص من القلق والتوتر سواء قبل الجلوس للدراسة أم قبل الامتحان (داوود، وحمدي،2004).
ساحة النقاش