يقول البعض: إنّ الشراء مجرد رغبة داخلهنّ في الحصول على ما يحتجنه من بضائع، بينما أخريات يشعرن بأن رغبتهنّ بالشراء هي حب تملك غريزي موجود في النسوة منذ الأزل، ولكن ما هو الفرق بين الرغبة والغريزة في الشراء؟ هذا اكتشفناه من خلال هذه الدراسة الخاصة.
بحسب تعريف علماء النفس فإنّ الرغبة مستمدة من الغريزة، ولكن عدة عوامل تدخلت فيها مع الزمن لتفصلها عن الغريزة بمعناها المعروف. هذا ما كشفته دراسة أكاديمية لغرفة التجارة العامة لدول أمريكا اللاتينية التي تتخذ من مدينة ساو باولو البرازيلية مقرّاً لها، حيث سلطت الضوء على موضوع الرغبة والغريزة في الشراء بقولها إنّ الغريزة هي حب التملك غير العقلاني للأشياء، أمّا الرغبة فهي حب التملك العقلاني للأشياء. وإذا أمعنا النظر فيهما فإننا سنجد عاملاً مشتركاً أساسياً بينهما وهو حب التملك. إذن هناك ما يشجعنا على القول: إنّ الخيط الفاصل بين الرغبة والغريزة في حب تملك الأشياء رفيع جدّاً.
- هل الغريزة إندفاع؟
الجواب عن هذا السؤال هو نعم، فالغريزة إندفاع باتجاه الحصول على ما تريده النفس بأي ثمن كان. إنّها القوة الدافعة الخارجة عن نطاق السيطرة في حب تملك الأشياء. والدراسة تركز على غريزة حب تملك الأشياء لدى النساء والفتيات، وليس على الغرائز الأخرى الكثيرة الموجودة فيهنّ. تعلّق الإختصاصية الإجتماعية البرازيلية مايا فيرنانديز، والأستاذة بكلية العلوم الإنسانية في جامعة ساو باولو على الدراسة، والتي كانت من بين المشرفين على الدراسة: "ما يفرق بين الغريزة والرغبة هو ما أسمته الدراسة بعشوائية حب التملك الغريزي، فبعض الفتيات تتحرك لديهنّ غريزة الشراء، فتختفي النقاط الإيجابية من تصرفاتهنّ فوراً، ويأتي على رأس هذه النقاط حسن الإختيار، والتدبير، وعدم الإكتراث بنواح مرتبطة بالأرقام والكميات".
- رغبة عقلانية:
إنّ التطور الكبير والمتنوع في الإنتاج أصاب غريزة الشراء بنوع من الإرتباك، حسب رأي الدراسة، وبرأي مايا: "قديماً لم تكن هناك خيارات كثيرة أمام غريزة حب التملك، لكن العالم المعاصر ينتج للمرأة الجديد تلو الجديد بحيث إنّ الغريزة التي من المفترض ألا تتغير؛ لأنّها في صلب نفسها الإنسانية – بدأت بالتطور بشكل مربك أحياناً بسبب تطور الحياة، وتعدد المنتجات التي لم تعد تحتمل رؤيتها أمام عينيها"، والسؤال الذي تطرحه الدراسة: "هل تحولت غريزة حب التملك إلى رغبة في المفهوم العصري؟".
هنا أوضحت الإختصاصية أنّ هناك إرتباطاً وثيقاً بين الرغبة والغريزة منذ الأزل أيضاً طالما أنّ الغريزة هي رغبة جامحة في تملك الأشياء، ولكنها استدركت: "رغم هذا الإرتباط الوثيق بينهما، لا يمكن أن تصلا إلى حد التطابق التام عند أي إمرأة. فالتطور في الإنتاج قد غذى غريزة حب التملك عند المرأة بقوة دفع لم تكن موجودة قديماً. بينما غريزتها تطورت، وتغيرت، وتلونت تحت تأثير غزارة الإنتاج، وتنوع البضائع، وما هو مطلوب من المرأة العصرية القيام به هو محاولة تحويل غريزة حب التملك لديها إلى رغبة عقلانية في إقتناء الأشياء".
- حبّ التملك :
اللافت الذي أوردته الدراسة، أن رغبة الكثيرات تقع أحياناً تحت تأثير الغريزة إذا تعددت الخيارات، أي أنّ الرغبة في الحصول على الأشياء تتوسع لتشمل جوانب غريزية من حيث خروج هذه الرغبة أحياناً خارج نطاق السيطرة. لكن الشيء الذي يفرق بين الرغبة والغريزة هو أنّ العقلانية مازالت مرتبطة بالرغبة لمنع الفوضوية في الشراء. تفسر الإختصاصية مايا: "إنّ للرغبة في الشراء حدوداً عند النساء، بينما ليست هناك حدود للغريزة، وبخاصة ما يتعلق بناحية حب تملك الأشياء غريزياً. فلو تركت المرأة العنان لغريزتها في حب التملك، فإنّها ستريد إمتلاك كل شيء في هذا العالم ووضعه في مخبأ بعيداً عن أعين الآخرين: للإستمتاع بما تملك من دون تدخل الآخرين، وهذا يفسر وجود نماذج لا يرمين من خزائنهنّ ولو قطعة واحدة مضى عليها عشرون عاماً".
- الشراء من المولات:
أكّدت الدراسة أنّ المولات الضخمة التي انتشرت في العالم خلال العقدين الماضيين ساهمت في التقريب بين الرغبة والغريزة في حب الشراء وتملك الأشياء، ولذلك يقال: إنّ هذه المولات جعلت حب تملك الأشياء، والشراء عبارة عن مزيج من الرغبة والغريزة. وأوضحت الإختصاصية: "هناك إرتباك حقيقي في هذا الأمر. فعندما ترى المرأة أشياء تعجبها فإنّ الرغبة هي التي تسود دائماً، والدليل على ذلك هو أنّه عندما تدخلين إلى محل ما فإنّك تضعين في عربة الشراء عدة خيارات من منتج واحد بشكل غريزي، ولكنك في النهاية تختارين ما ترغبين به أكثر؛ مستخدمة العقلانية التي تطرقت إليها الدراسة".
- لتتغلبي على غريزتك:
اطلعنا من الإختصاصية الإجتماعية نائلة الخويطر على بعض النصائح للمرأة تساعدها في التخلص من إدمان التسوق، فقالت:
- إنّ الخطوة الأولى لعلاج إدمانك على التسوق هو إعترافك، وإقرارك لمن حولك بإصابتك بهذا الهوس، وأنك بحاجة للتغيير للحد من ذلك.
- لا تضعي بطاقة الإئتمان (Visa Card) في حقيبتكِ عند خروجك للتسوق، وقومي بشراء ما تحتاجين إليه نقداً؛ لأنّ ذلك سيشعركِ بقيمة ما تنفقين، ويقلل من رغبتكِ في الشراء.
- لا تذهبي وحدكِ للتسوق بل اصطحبي معكِ إحدى صديقاتكِ، أو أخواتكِ، أو والدتكِ؛ لأنّ الشعور بالوحدة أثناء التسوق يزيد من الرغبة في الإسراف.
- عندما تشعرين بالملل والرغبة بالخروج عليكِ اللجوء لزيارة إحدى الصديقات، أو القريبات. وقومي معهنّ بزيارة أحد المراكز التجميلية، أو أحد المطاعم؛ لأنّ الدافع للتسوق هو الملل والفراغ.
- عليكِ الحذر عند مشاهدة وسائل الإعلام التي تروج للمنتجات بطريقة مغرية تحثكِ على الشراء.
- حاولي ملء وقتكِ مع الأسرة؛ لأنّ ذلك يحد من الفراغ الذي يدفع بكِ إلى هوس التسوق.
- تجنبي لقاء الأهل والأصدقاء في المجمعات التجارية.
- عليكِ الحذر من كلمة (خصم) وكلمة (اربحي جائزة) التي ستقودكِ إلى شراء ما لستِ بحاجة له.
- ابتعدي عن التقليد الأعمى للشهيرات، فهنّ شخصياً يعانين من هوس التسوق.
- إذا لم تنجح معكِ أي محاولة لترك هوس التسوق فعليكِ مراجعة طبيب نفسي يساعدكِ في ذلك.
ساحة النقاش