للحديث مع الآخرين آداب خاصة، تقربك منهم في دقائق وتعطيهم إنطباعاً طيباً عنك، خاصة خلال أوّل لقاء يجمعك بهم. من الجيِّد أن تتصرفي بتلقائية، لكن ليس دائماً، ففي الحديث كل شيء بحساب. ألم يقولوا قديماً "لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك"؟
الإبتسامة هي إستراتيجية فعالة لكسب ود محدثك، لكن ينبغي إنتقاء التوقيت المناسب لمنح الآخرين إبتسامتك. لا تبتسمي منذ الوهلة الأولى للقاء، بل انتظري بضع دقائق حتى تعرفي أي نوعية من الناس تتحدثين إليها. بعد ذلك يمكنك أن تبتسمي إبتسامتك الطبيعية من دون مبالغة، وحاولي أيضاً أن تخصصي لكل واحد من محدثيك إبتسامة مختلفة عن الآخر حتى يشعروا أكثر بصدق إبتسامتك.
- الحوار التافه:
بعد التحية عادة يبدأ حوار سطحي وربّما تافه، الكل يحاول أن يقول أي شيء كيف ما تتفق وذلك حتى لا يسود الصمت. وهنا لدينا ثلاث نصائح لنسديها لك: الأولى، اعلمي أنّه كلما كان الحوار سطحياً قرّبك من محدثيك. فالناس في اللقاء الأوّل لا يهتمون بما تقولين بقدر ما يهتمون بكيف تقولينه. الثانية، لا تكتفي بكلمة واحدة في الرد، فعندما تُسألين مثلاً عن مهنتك أو اسم مدينتك، لا تكتفي بالرد بكلمة واحدة، بل أضيفي إليها جملة صغيرة تناسب إهتمامات الشخص الذي أمامك. مثلاً، "أعمل صحافية، إنها مهنة المتاعب عن حق". أمّا الثالثة، استعملي تقنية الببغاء، أي عندما يسكت محدثك أعيدي أنت آخر كلمة قالها. مثلاً، قد يقول ممثل لصحافي يحاوره "كان هذا الفيلم فعلاً غريباً"، فيقول الصحافي "غريباً؟" فتجد الممثل ينخرط في الحديث من جديد لكي يشرح ما وجْه الغرابة في الفيلم.
- راجعي مصطلحاتك:
انتبهي إلى ما تتفوهين به من كلمات، حاولي أن تنتقيها حسب مقام ومهنة وثقافة الشخص الذي تحدثينه. ومن الأفضل أن تستعملي مصطلحات رسمية مختارة وليس المصطلحات التي تستعملينها في البيت أو مع الأصدقاء. مثلاً بدل أن تقولي "ماذا؟" قولي "عفواً؟ عذراً؟" وما إلى ذلك.
- فسري لماذا تشكرين:
كلمة "شكراً" لوحدها قد لا تؤدي الغرض وتبدو غير صادقة وعامة، لذا من الأفضل أن تشرحي لماذا الشكر مثلاً "شكراً على قدومكم" أو "شكراً على إستماعكم".
- المجاملة الذكية:
لكي تجاملي أحداً أو تقومي بإطرائه وفي الوقت نفسه تتجنبين أن يقال عنك إنك تمسحين الجوخ، عبري عن مجاملتك بطريقة غير مباشرة، أي عبري عنها لشخص مقرب من الشخص المعني، بهذه الطريقة ستكون فرصتك كبيرة في أن يبلغ إلى مسامع الشخص المعني ما قلته عنه من كلام رقيق، بطريقة خالية من الإبتذال والتصنع.
- فضيلة الصمت:
الإنسان بطبعه يخاف من الصمت، وأنتِ استعملي هذا الطبع لمصلحتك. استعملي الصمت ضد بائع غير مهذب أو ضد شخص يحاول استفزازك، فلا أحد يستطيع أن يبقى دون حراك أمام صمتك وتجاهلك له. إذا دخلت محل تاجر غير لطيف ولم يُلقِ عليك التحية، حدقي إلى عينيه جيِّداً وبصمت، حينها وفي الغالب سينتبه إلى ما فعل وسيبادر إلى إلقاء التحية عليك. أمّا الشخص الذي يحاول أن يستفزك، فهذا أيضاً حدقي إلى عينيه وبكل برود لا تردي على هجومه الشفوي عليك، فلا شك في أنّه حينها سوف يفاجأ بعدم إنزعاجك من الكلام الفظ الذي رماه في وجهك، وبالتأكيد سيزعج أن تحافظي على هدوء أعصابك وأن لا تتأثري بكلامه، وهكذا يكون السحر قد انقلب على الساحر.
- حيلة المرأة:
وإليك طريقة فعالة للهروب من أي إتهام أو توبيخ يوجهه أحدهم إليك. تلاحظين طبعاً أنّ الشخص الذي يكون غاضباً يتحدث بصيغة التعميم فيقول مثلاً: أنتِ تصلين دائماً متأخرة عن موعدك" أو يجزم "لا أحب نبرة كلامك". وبدل الدفاع عن نفسك، استعملي طريقة الببغاء التي أشرنا إليها من قبل، ابدئي الكلام من حيث انتهى مهاجمك، رددي بصيغة الإستفهام فقط الكلمة التي ترينها غير مناسبة في كلامه، ودعي الكرة في ملعبه، فإن قال "لا أحب نبرة كلامك"، قولي وأنت تنظرين إلى عينيه "نبرة كلامي؟" حتى يحدد محدثك ماذا يقصد بعبارة نبرة كلامك"، وإن قال "أنتِ تصلين دائماً متأخرة عن موعدك" قولي "دائماً؟" حتى تشعري محدثك بأنّه مخطىء على الأقل لعدم دقة إتهامه. إنّها طريقة ناجحة لكي تخففي من حدة نقاشات كان يمكن أن تدخليها وأنتِ في موقف ضعف.
- لا تقاطعي:
عدم مقاطعة الطرف الآخر أثناء المحادثة هو أمر أساسي في آداب الحديث، وهو أساسي أيضاً لبناء حوار خلاق ومفيد. عدم مقاطعة الآخر يجنبك غضب محدثك وتوتره، والأهم أنّه يمنحك وقتاً، أنت شخصياً، لكي تفهمي ما يقوله جيِّداً وتحلليه قبل أن تتفوهي بأي تعقيب، ولا تنسي أن بضعة أجزاء من الثانية من التفكير يمكن أن تجنبك كوارث حقيقية.
- وقفات:
من فضائل ترك بعض الوقت بين الكلمة والكلمة وأنتِ تتحدثين، أن هذا يسمح لك بالتقاط أنفاسك، كما أن هذا يجعلك تبدين هادئة، واثقة، حتى وإن كان التوتر يأكلك من الداخل، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذا يجعلك أكثر وضوحاً ومفهومة للآخرين. عندما تتمكنين جيِّداً من إتقان هذه التقنية فإنك ستنجحين في جعل الناس ينتبهون إليك وأنتِ تتحدثين، فيقرؤون شفتيك، تماماً كما يفعل السياسيون المحنكون وهم يلقون خطاباتهم على الناس.
- خاطبي الناس باحترام:
عندما تحدثين شخصاً لا تعرفينه جيِّداً، أو شخصاً في محيطك العملي، أو شخصاً أكبر منك سناً، احرصي على أن تخاطبيه قائلة "حضرتك" أو "سيدي/ سيدتي" أو بصيغة الجمع تأكيداً للإحترام، قد يقول البعض عنك إنك كلاسيكية، لكن هذا أفضل من أن يقال عنك إنك قليلة التهذيب.
- التعبير عن الرأي:
عندما تدلين برأيك في مسألة ما أثناء الحديث استعملي كلمات مثل "أعتقد أن .." و"من وجهة نظري الشخصية.." بدل أن تلقي برأيك في وجوه الآخرين على أنّه حقيقة مسلّم بها، وهكذا يمكنك أن تخففي من تأثير كلامك في مخاطبك إن كان ممن يعتقدون برأي مخالف لرأيك.
ساحة النقاش