أنا فتاة شابة في بداية دراستي الجامعية، مشكلتي اني اضع اهدافاً لنفسي.. وأحلم بهذه الاهداف وأخطط لها أحسن تخطيط.. ولكن عندما يحين وقت العمل على تنفيذ خططي لتحقيق اهدافي ينتابني الكسل والتسويف والتاجيل لتنفيذ تلك التخطيطات
وهذا ما جعلني أتراجع دراسياً ونفسياً بشكل كبير رغم ارادتي الشديدة.. وأملي الكبير.
أرجو منكم إفادتي لانني لم أعد أرى في هذه الحياة أي نجاح لي.
وجزاكم الله كل خير، وأسكنكم فسيح جناته.. لما تنفعون به الاسلام والمسلمين
*** **** **** **** **** **** **** *** ****
الأخت الكريمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لكي تكون للإنسان خطة عمل لابدّ له من توفر شرائط أساسية لتلك الخطة حتى تكون متكاملة من حيث المقدمات، وهي:
أوّلاً: الرؤية، وهي أن يكون للإنسان تصور حول الموضوع، وفي حالنا عن المستقبل الذي يريده لنفسه، وقد قيل بهذا الشأن أنّ المشاريع الكبيرة تبدأ بالطموحات الكبيرة، وهي ما يتخيله الإنسان في مخيلته من تصور وآمال وأحلام تظل تدفعه دوماً إلى الأمام، للوصول إليها والعيش فيها بهناء.
ثانياً: الأهداف: للوصول إلى الحياة المنشودة لابدّ من وضع سلسلة أهداف؟ تقرب الإنسان إليها، فالعافية بالدرجات، كما يقولون، ولا يصل الإنسان إلى القمة بقفزة واحدة بل بخطوات، كلما خطا واحدة، ارتفع وكان أقرب إلى مبتغاه.
وينبغي كتابة تلك الأهداف ووضعها نصب العين حتى يتجه الإنسان نحوها ويؤشر على كل هدف أنجزه، ليشعر بالإطمئنان وبثقة أكثر على المضي في سيره.
ثالثاً: برنامج العمل، إذ لا يمكن تحقيق الأهداف من دون خِطة واضحة المعالم ومتدرجة ولها توقيتات، بما مطلق عليه (WTT) أي (Work Time Table)، وبالتالي لكي يعلم الإنسان من أين يبدأ وأين ينتهي، ويضغط عليه البرنامج فيلتزم به بعيداً عن الإبطاء والتسويف.
رابعاً: الآليات والأدوات المطلوبة لتحقيق البرنامج، سواء كانت الإمكانيات المادية التي يجب توفيرها أو الإستعدادات العلمية والفكرية التي يتطلّبها العمل.
مثلاً، مَن أراد الشروع بمشروع إقتصادي، كشراء سيارة، أو شراء بيت، أو فتح محل، أو مشغل صغير، فلابدّ أن يدرس ما يتطلّبه المشروع من مال، وما يتطلّبه للبدء به، ومن ثمّ يسعى لتوفيره، بالعمل أو الإقتراض، وبزيادة الوارد وتقليل النفقات ضمن مدة زمنية معيّنة، يحسبها على الورق.
وتشغيل معمل أو مشغل أو مكتب يتطلّب إستعداداً فنياً كتعلّم مهنة أو إكتساب مهارة وخبرة، وبالتالي يدخل الدورات التأهيلية المطلوبة، أو التدريب اللازم لذلك.
وأخيراً، لابدّ من مكافحة الكسل وما يلازمه من ظواهر كالتعب والملل، فإن ذلك آفة كل عطل، وقد ورد الأثر: "إياكم والكسل والضجر فإنّهما مفتاحا كل شر.. مَن كسل لم يؤدِّ حقاً ومَن ضجر لم يصبر على حق".
وعلاج الكسل يكون تارة بالعلاج البدني كأن يعاني الإنسان من ضعف أو نقص في الفيتامينات والمعادن، فيعالج الأمر بتحسين التغذية وأخذ الدواء المقوي.
وغالباً ما يكون الكسل نفسياً، فينبغي أن يقوي الإنسان في نفسه دوافع العمل والأمل، بأن يجعل لحياته هدفاً مباركاً ودافعاً قوياً كالسعي لطاعة الله تعالى وكسب رضاه، والفوز بالجنّة وخدمة الناس، فإن "خدمة الخلق أقرب طريق للحق" وخدمة الوطن وتقدم البلاد ونهضة الشعوب وتحسين ظروف المعيشة "فالكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله"، وتقدم الشخص في الكمالات، إذ "إن قيمة كل امرئ ما يحسن".
وبالنسبة إلى فتى أو فتاة، فإن تحسن الأحوال وتقدم الشخص دراسياً وعملياً وفكرياً وأخلاقياً يزيد من بريق الشخصية وجاذبيتها، وبالتالي يوفر فرصة أفضل للحصول على حياة كريمة ومرضية بإذن الله.
ولابدّ أيضاً من معالجة أسباب الكسل العملية، فإنّ قلة النوم أو التأخُّر في النوم ليلاً والتأخر في الإستيقاظ صباحاً، ومشاهدة التلفاز والكمبيوتر طويلاً كل ذلك يزيد من خمول النفس وتعبها وبالتالي مللها وكسلها.
كما إنّ الرياضة والراحة والإستجمام، والحركة والتجول في الحدائق والتفاعل مع الحياة اليومية للناس، والإستيقاظ المبكر وتناول الفطور المغذي والصحي يساعد في شعور الإنسان بالراحة والنشاط ويبعثه على العمل والتفاؤل.
ومن أهم الدوافع للعمل والأمل تقوية العلاقة بالله تعالى بالدعاء وقراءة القرآن والصلاة، خصوصاً صلاة الصبح وما يتلوها من أذكار وأدعية، فإن كل ذلك يعطي الإنسان جرعة روحية قوية للتفاعل مع الحياة والتفاؤل فيها والأمل بالله تعالى والرضا برضاه والسعي لتحسين الظروف بالتوكل عليه والعزم والإرادة. فقال الله تعالى: (.. فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران/ 159). ومن الله التوفيق.
ساحة النقاش