"انظر يميناً ويساراً قبل أن تعبر الطريق، لا تكلم أحداً غريباً لا تعرفه".. نصيحتان قالهما الآلاف من الآباء والأمهات لأبنائهم على مر العصور، وكانت أحياناً كافية لحماية الصغار من أخطار الطريق آنذاك ولكنها اليوم لم تعد كذلك، فالأخطار لم تعد فقط سيارة متهوّرة، وشخصاً غريباً، ولكن أصبحت لها أشكال أخرى، والطرق لم تعد هي فقط الشارع الفاصل بين البيت والمدرسة، ولكنه الملعب والساحات القريبة من المنزل، وأماكن الترفيه في الأسواق، وشاطئ البحر.. وكل هذا يتطلب منا أن نضع له إستراتيجية أخرى لحماية الأبناء.
وهذه الإستراتيجية بها الكثير من التحدي، فانت تريد أن تحذر الصغار مما قد يواجههم خارج المنزل، ولكنك في الوقت نفسه لا تريد أن تشعرهم بالخوف وتفقدهم الشعور بالأمان، والنقاط التالية ستساعدك على أن تكون في المنطقة الآمنة بين التحذير والتخويف لتلك العقول والقلوب الصغيرة:
1- لا تقل: "لا تتحدث مع الغرباء"؛ لأن هذا سيجعلم ينفرون من جميع الناس، فالكل بالنسبة لهم غرباء، وليس الكل يضمر للصغار الشر، ولكن قبل: "بالرغم من أن الكثير من الناس الطيبين، ولكن هناك فئة قد تتصرف بشكل سيئ وتؤذيك".
2- علم أبناءك كيفية التصرف في الحالات الطارئة، مثل: إذا فقدوا أهلهم في مكان معين ماذا عليهم أن يفعلوا؟ كالمكوث في نفس المكان، والبحث عن أشخاص مسؤولين: كشرطي، أو رجل أمن، أو حراس السوق، أو أم معها أطفال صغار، ويطلب منهم المساعدة.
3- على الطفل أن يعرف ما معنى أن هذا الشخص غريب عنه، ويكون حذراً مع من يطلب منه المساعدة، كالبحث معه عن شيء مفقود، أو أن يدله على مكان معين فيركب معه سيارته، أو أن يقوم بتقديم بعض قطع الحلوى له.
4- دائماً كن على إتصال مع صغارك، وعلمهم أن يحكوا لك عن أي شيء غريب أو غير مريح قد يمر عليهم، حتى وإن كان تصرفاً من شخص قريب، أو من مدرس، أو مدرب، أو صديق، فقنوات الحوار والصراحة المفتوحة بين الوالدين والأبناء تقيهم الكثير من المشكلات التي قد تتطور لتصبح أكبر وأعقد.
5- علم صغارك أن يعرّفوك دائماً أماكن وجودهم، أو أن يخبروا أي شخص مسؤول في المنزل عن المكان الذي سيذهبون إليه، فهذا سيجنبك الكثير من القلق، ويجنبهم الكثير من المشكلات، وهذه الإستراتيجية إذا نشأ عليها الصغار ستريحك عندما يكبرون ويصبح وجودهم خارج المنزل بشكل مستمر.
6- الأصدقاء الجيدون حماية للصغار، ووجودهم له أهمية كبيرة، سواء بالنسبة للحياة الإجتماعية للطفل، أو بالنسبة للشعور بالأمان، لأن وجوده داخل مجموعة معينة، فاحرص على أن يحيط بأبنائك أصدقاء جيدون، وشجعهم على التحرك والذهاب والعودة معهم.
7- أحياناً يعتقد الوالدان أن بعض الإجراءات التي يمكن أن يخبرا بها الصغار هي أشياء منطقية لابد أن يعرفها الصغار بمفردهم، ولكن هذا ليس الواقع، فنحن قد نتخيل أن الأبناء يعرفون أن عليهم عدم الذهاب إلى الأماكن المعزولة أو المجهورة واللعب بها، ولكن بعد وقوع المشكلة نستنتج أنهم على جهل بها الأمر، فما قد يبدو لكل أمراً منطقياً قد لا يكون كذلك بالنسبة لصغارك، اجلس معهم وحدثهم عن كل الأخطار وحذرهم من كل المحاذير، حتى وإن أوحوا لك أنهم يعرفون كل ما تتحدث عنه.
8- على الأبناء أيضاً أن يعرفوا ليس فقط ركوبهم سيارة شخص غريب هو شيء محظور، ولكن أيضاً عدم النظر إلى داخل السيارة أو الحقيبة الخلفية إذا ما طلب منهم شخص هذا، بل عدم إدخال اليد داخل السيارة لتناول شيء أو أخذ هدية من شخص، سواء خارج السيارة أو داخلها، وإن تبعه يجب عليه أن يحاول أن يجد من يستنجد به، كشرطي أو رجل أمن أو مجموعة من الناس.
9- من الأشياء الضرورية التي يجب أن يعرفها الأبناء أن عليهم ألا يثقوا في أي شخص يحضر إلى المدرسة أو النادي أو ساحة اللعب في حالة الإنصراف ويخبرهم أن والدهم قد أرسله ليصطحبهم إلى المنزل أو إلى المستشفى؛ لأنه في حالة خطرة، ففي هذه الحالة على الطفل أن يخبر الشخص المسؤول في النادي عما حدث، ولا يذهب مع هذا الشخص لأي مكان.
10- على الصغار أن يعلموا أن كل من يعرف اسمهم ليس بالضرورة أن يكون صديقاً، فالغريب يظل غريباً حتى وإن عرف اسمك، كما عليه ألا يعطي اسمه أو عنوانه لأي شخص، وإن صمم أي شخص غريب على إمساكه أو جذبه لمكان معين عليه أن يصرخ بأعلى صوته ويعرف كل من حوله أن هذا الشخص غريب عنه.
11- إذا كان ابنك ممن يستخدم المشي كوسيلة للتنقل درّبه على أن يسلك الطرق الرئيسية في حركته، ولا يلجأ إلى الطرق الفرعية والمختصرة التي قد تكون خالية من المارة.
12- الحمامات العامة أيضاً قد تكون مصدراً لبعض الأخطار، ولهذا على الطفل ألا يلجأ إليها إلا في حالة الضرورة، ويفضل أن يكون معه شخص آخر، وإن كان بمفرده عليه أن يختار الحمام الذي بقرب الباب، وأن يغادر فور انتهائه.
13- عندما تقوم بتوصيل أبنائك لمكان معين قم بإيصالهم عند مدخل المكان، وليس في موقف السيارات، أو في مكان قريب، وأعطهم مبلغاً قليلاً من المال يكفي فقط لما سوف يقومون به، وعلمهم ألا يظهروا أموالهم إلا للضرورة.
14- لغة الجسد مهمة في الحياة العامة، فمثلاً إذا كان هناك من يبحث عنه فريسة فسوف يختار تلك الشخصية التي تبدو ضعيفة ومترددة، ولهذا على الأبناء أن يتعلموا أن يستخدموا لغة الجسد فيما يفيدهم، إذ عليهم أن يبدوا أكثر ثقة بأنفسهم، وأن ينظروا مباشرة لمن حولهم، ويكونوا متيقظين، كما أن عليهم عدم إستخدام الأجهزة السمعية التي تمنع سماعاتها أن يستمع الطفل لما يدور حوله، أو أن يسمع نداءات التحذير من الآخرين.
15- من الأفضل أن يسير الأبناء على الرصيف في اتجاه معاكس للسيارات حيث يمكنهم رؤية السيارات أمامهم، أما لو كانوا في الإتجاه الذي تأتي منه السيارات فلن يتمكنوا من رؤية من يأتي خلفهم.
16- إستخدام المصاعد الكهربائية لها أيضاً قواعد، يجب على الصغار أن يتعلموها إذا اضطروا أن يستخدموها بمفردهم، كألا يدخلوا إلى المصعد إذا شعروا أن الشخص الموجود داخله غير مريح، إذا شعروا أن الشخص الموجود داخله غير مريح، كما أنهم يستطيعون الخروج من المصعد في حالة دخول شخص آخر خلهم لم يطمئنوا له.
عندما نبدأ بالنقاش مع الأبناء حول هذه النقاط وحول سلامتهم سيبدؤون في تعلم اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، في عالم أصبحت التحديات فيه كبيرة ومتنوعة الأشكال والوجوه.
هناك أشياء يجب ألا نترك الأبناء يتعلمونها بالمحاولة أو الخطأ، أو أن نعتمد على المدرسة أو التلفاز في إمدادهم بالمعلومات، بل علينا المبادرة بتعليمهم إياها وتدريبهم عليها لنجنبهم الكثير من الأخطار.
علم أبناءك التصرف في الحالات الطارئة وطلب المساعدة من رجل الأمن.
ضرورة تعريف الطفل بالمقصود بالشخص الغريب الذي نحذر في التعامل معه.
آداب الطريق
أثناء تدريبنا الأبناء على الأمن في الطرقات لابد أن نتطرق إلى آداب الطريق التي لخصها نبينا القدوة ومعلمنا الخير في حديث نبوي واحد فقال (ص) ذات يوم لأصحابه: "إياكم والجلوسَ على الطرقات". فقالوا: "ما لنابد، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها. قال (ص): "فإذا أبيتم إلا المجالس؛ فأعطوا الطريق حقها". قالوا: وما حق الطريق؟
قال (ص): "غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر" (متفق عليه).
وطبقاً لهذا الحديث فمن آداب الطريق التي يجب الإلتزام بها:
غض البصر: خلق يجب أن نربي أولادنا عليه إمتثالاً لأمر الله تعالى: (قُل للمُؤمنينَ يَغُضُوا من أبْصارهمِ ويَحْفَظُوا فُرُوجَهَهُمْ ذلكَ أزْكى لَهُمْ إن اللهَ خَبيرٌ بما يَصْنَعُونَ، وقُلِ للْمُؤْمِنات يَغْضُضْنَ مِنْ أبْصارِهنّ وَيَحْفَظْنَ فَرُجَهُنّ) [النور: 30].
إماطة الأذى: وإزالة الأذى عن الطريق لها أشكال مختلفة، مثل: رفع الحجارة أو الأسلاك أو الزجاج أو غيرها, وتجنب قضاء الحاجة في الطريق، والحرص على نظافة الطريق وتجنب اللعب والمزاح غير المقبول، وعدم السخرية ممن يسير في الطريق وعدم التضييق على المارة، وإن كنت تحمل عصاً أو مظلة أو شيئاً يمكن أن يؤذي فيجب أن تحترس في حمله حتى لا يؤذي الناس، ولا تحرك يديك بعنف أثناء السير في الأماكن المزدحمة، ولا تزاحم أثناء المشي.
رد السلام: يجب على من يسير في الطرق أن يلقي السلام على من يقابله، ويرد السلام بأحسن مما سمع، ومن الأفضل أن نعلم الأبناء الإبتعاد عن الألفاظ الشاذة التي بدأت تدخل على مفردات اللغة لديهم وتستخدم في رد السلام أو التحية.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قال (ص): "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، ولإنكار المنكر أصول من الأفضل تعلمها ومن ثم تعليمها للأبناء.
الإعتدال والتواضع في المشي: يجعل مشيه وسطاً بين الإسراع والبطء، ولا يمشي بُخيلاء أو تكبر، قال تعالى: (وَاقصِدْ في مَشْيِكَ) [لقمان: 19]، وقال تعالى: (وَلا تَمْش في الأرْضِ مَرَحاً إنك لَن تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنَ تبْلغَ الْجِبَال طُولاً) [الإسراء: 37].
السير في جانب الطريق: المشي على الرصيف أو جانب الطريق حتى لا يتعرض للإصابة بحوادث السيارات أو الدراجات، ويجب التمهل عند عبور الشارع، والتأكد من خلو الطريق من العربات.
الأدب عند السير مع الكبير: فلا يتقدم عليه، وليستمع إليه إذا تحدث، كما أنه يمشي عن يساره ليكون له أولوية الخروج والدخول وغير ذلك.
عدم الأكل أثناء السير، وعدم رفع الصوت، وتجنب المزاح غير المقبول مع الأصدقاء.
ساحة النقاش