صديقتي فتاة عادية تعرفت على شاب عن طريق الهاتف وبعد فترة تقدم الولد لخطبتها, الولد وأهله متدينين ومؤدبين جداً ويغار عليها بشكل كبير ويجبرها على أمور ليست متعارف عليها في عصرنا هذا لكن حث عليها الشرع, ما الحل؟ هل ينجح هذا الارتباط؟

*****  ***  ****   ***  ****   ***  ****   ***   ****   *****  ****

الأخت الكريمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التعارف بين الرجل والمرأة قديم، قِدَم الإنسان الذي جبله الله تعالى على الميل نحو الجنس الآخر، ووسائل التعارف تتطوّر وتتغيّر من زمان لآخر، وفي عالمنا المعاصر، دخل الإنترنيت إضافة إلى الهاتف والنقال البيوت من أوسع أبوابها، وكذا الريح تدخل من كل الشبابيك والأبواب ولكن المرء يختار منها ما يصلح حاله ويطيب مزاجه، ويغلقها أمام الريح العاتية والغبار والضار منها.
إذن، التعارف في أصله يقع، في الشارع والمدرسة والجامعة والمجتمع، قال تعالى: (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (الحجرات/13).

ولكن هذا التعارف يجب أن يكون ضمن دائرة تقوى الله وحلاله، فلا يتعدّى إلى الحرام والممنوع من العلاقات الإجتماعية، لأن ذلك يضر بالإنسان نفسه فضلاً عن المجتمع.

ومن هنا، ينبغي لصديقتك أن تكون واعية لحالها.. فإلى أين تسير بهذه العلاقة، هل إنها مجرد لهو ولغو شبابي؟ هل يمكنها ضبط إيقاع تلك العلاقة لكي لا تنجر إلى مناطق محرمة تعرض سلامتها النفسية ووضعها الشخصي للخطر؟ أم إن هذه العلاقة قائمة على أساس التفاهم لغرض مقدس وهو الإرتباط بالزواج على سنّة الله ورسوله؟ وبالتالي فإن تلك الأحاديث بمثابة مقدمة للتفاهم على أمور الحياة وتحقيق الإنسجام العائلي.

والأمر الآخر، هو أن الدين قائم على اليسر وعدم التكليف بما لا يطاق، قال تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (البقرة/185).
وقال جلّ شأنه: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) (البقرة/286).
وعن الرسول (ص): "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق فإنّ المنبت لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع".

والمنبت هو الذي يسير بالدابة بسرعة فوق طاقتها.
وهكذا الكثير من الآيات والأحاديث التي تحث على الإعتدال والوسطية وعدم التشدد والغلو، لأن "ما زاد عن حدّه انقلب إلى ضدّه".
وأساساً جاء الإسلام لنفي التشدد والتطرف الديني الذي طبع الأديان السابقة والعودة بالدين إلى أصوله الفطرية البسيطة والسمحة، قال تعالى: (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم الا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فاتينا الذين امنوا منهم اجرهم وكثير منهم فاسقون) (الحديد/27).

وقال تعالى: (الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يامرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم فالذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون) (الأعراف/ 157).

ومما يؤسف له أن بعض الناس يحملون الإنسان ما لا يطيق وغلّظوا في الشعائر والإلتزامات حتى ابتعد الشباب عن الدين.
ولذا ينبغي سلوك طريق الإعتدال بالتمسك بما ثبت من الدين من أوامره ونواهيه وتجنب التعنف والتطرف.

نعم، في بعض المجتمعات، الأعراف والتقاليد صارمة والناس لا ترحم فربما اضطر الإنسان إلى مجاراة المجتمع ببعض المظاهر تجنباً للضرر. ولكن ذلك في السلوك الإجتماعي الخارجي أما بين الإنسان ونفسه وأهله وفي بيته، ينبغي أن تبنى الحياة على أساس الفطرة والدين الحق والتسامح والإعتدال.

على أي حال، يمكن أن تحل هذه الأمور بالحوار والتفاهم إلا إذا كان الطرف الآخر جامداً وجافاً لا يستمع القول ولا يتبع أحسنه، فهنا على كل طرف أن يفكر في إمكانية الإنسجام قبل الإقدام، خصوصاً إذا أصرّ الزوج ـ مثلاً ـ على أن تتبعه الزوجة في كل أمورها، حتى القضايا الشخصية، لا أن يعيش الزوجان بسلام وانسجام ضمن القضايا المشتركة ولكل دائرته الشخصية المستقلة، بلا إضرار بالطرف الآخر، وهذا هو المطلوب من العيش العائلي المشترك فليس هناك شخصان متطباقان في كل شيء، حتى التوأمان.
ومن الله التوفيق.

المصدر: استشارات.. اجتماعي.. البلاغ
Al-Resalah

الرسالة للتدريب والاستشارات.. ((عملاؤنا هم مصدر قوتنا، لذلك نسعى دائماً إلى إبداع ما هو جديد لأن جودة العمل من أهم مصادر تميزنا المهني)). www.alresalah.co

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 476 مشاهدة
نشرت فى 26 إبريل 2011 بواسطة Al-Resalah

ساحة النقاش

الرسـالة للتدريب والاستشارات

Al-Resalah
مؤسسة مهنية متخصصة في مجالات التدريب والإستشارات والبحوث والدراسات، وتُعتبر أحد بيوت الخبرة متعددة التخصصات في العالم العربي.. ومقر الرسالة بالقاهرة.. إن الرسالة بمراكزها المتخصصة يُسعدها التعاون مع الجميع.. فأهلاً ومرحبا بكم.. www.alresalah.co - للتواصل والإستفسارات: 00201022958171 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,946,333