لكل فرد منا نسيجه المميز من العقل والعاطفة والنفس يحمل تصوراته الخاصة تجاه الحياة ساء كانت سلبية أو إيجابية فهناك السعيد وهناك التعيس تشكيلة مختلفة من الناس ، وليس غريباً أن نعتقد بحتمية السعادة كإحساس يصبح قراراً عندما نريد ذلك.
دعونا نتعلم تلك الخطوات ونبدأها من الصفر ...
ثمة مشاكل تعترض الإنسان كهاجس يوتر علاقته بذاته فيفتقد المصالحة السوية وتحتقن أعصابه في أقل تماس مع الآخرين، يضع نفسه في مقارنة مع الآخرين هذا نجح ذاك ارتقى وهو مازال على حاله بل يتردى إلى الأسفل، إرهاق في العمل وجمع المال، المعاناة الصحية، المشاكل الزوجية، تركيبة مختلفة من المشكلات تعكر مزاجه وتسلبه الإحساس بالسعادة والبهجة.
بداية يمكن تصنيف هذه المشكلات في خانة واحدة لنقارنها بخانة الإيجابيات سنرى أن كل ما فعلناه وما أحسنا به نوع من المبالغة والتضخيم وهذه المشاكل تشكل النسبة القليلة من حياتنا قد تصل 30% ولكن يبقى الإنسان أسيراً للثلاثين متجاهلاً بهجة السبعين.
إذن نحن بحاجة إلى تغيير أسلوب تفكيرنا وتمرين يومي لترويض النظرة السوداوية واستبدالها بتصور مشرق وخلاب، فالحديث اليومي مع النفس كل صباح وأنت تشرب القهوة مستعرضاً قواك الداخلية وطاقاتك المخبوءة مع نفس هادئ مريح ورسم صورة في خيالك لبرنامج يومي حافل بالمسرات فما تتوقعه ستناله حتماً، وقف أمام النافذة وتأمل الكوت الفسيح مع إطلالة الفجر مصغياً لهمس الطيور وأشكر الله سبحانه الذي وهبك هذه النعم، ابدأ أولاً بإحصائها ستجد أنها نعم كثيرة كنعم البصر السليم والساعدين القويين والساقين الوثابتين، نعمة الصحة، نعمة المحبة، فهناك من يحبك وينتظرك ويدعو لك، أنت تملك مقدار من المعيشة ما تكفي حاجتك وناجح لأنك قطعت هذا المشوار من الحياة محققاً الإنجازات الكثيرة، أعطيت السعادة لمن حولك، خططت لنظام صحي ورياضي لتخفف من وزنك ، قد ترى الآخرين أفضل منك لكنهم يرون فيك شيئاً ينقصهم هكذا الحياة تتكامل.
أذهب إلى أعماق نفسك لترى في داخلك قوى نشيطة وخلاقة جديرة أن ترسم الابتسامة على شفتيك، جدد روحك بالتفاؤل، فهذا الإحساس الجميل سيهزم كل أشباح الحزن ويدع معنوياتك تنطلق نحو الذروة، لقن ذاتك بتلك القيم الرائعة المحبة لنفسك وللناس فهم طيبون وسيئاتهم نتيجة لظروف قسرية في حياتهم، تفاعل مع عملك بمحبة فمكتبك في انتظارك وتستطيع بما وهبك الله من قدرات وطاقات أن تجدد و تبتكر وتحب كل من يعمل معك ستجد أن الحيوية إحساس كامن فيك سينطلق من عقاله ريثما تكبس على رز مخك لتقرر أن تحيا سعيداً ستتحفز أعصابك بكل هذا الزخم الشعوري ليشع هرمون السعادة في أوصالك متوهجاً بالجمال والنضارة ثم قف وقفة مسترخية أمام المرآة لتتأمل جسدك السليم الذي يحسدك عليه المعوق والمشلول أو المريض والعاجز، غليك هذه القصة : (هارلود أبوت) كان يملك متجراً للبقالة بمدينة (ويب) الأمريكية وحدث أن فقد كل مدخراته وأغلق المتجر تعرض للإفلاس والإحباط ، قضى سنواته السبع يائساً مهزوماً حتى صادفه ذات مره رجلاً مقطوع الرجلين يجلس على لوح خشبي صغير مزود بعجلات خاصة بالزلاجات كان يدفع نفسه وهو يحاول أن يعبر الطريق التقت عيناي بعينيه والكلام ( لهارلود ابوت) ابتسم الرجل الكسيح قائلاً: (صباح الخير يا سيدي، إنه صباح جميل أليس كذلك ) هنا أحسست بمقدار غناي وإني أملك ساقين ويمكنني أن أفعل المستحيل ، تدفق الحماس داخلي وتجدد نشاطي على أثر هذا الموقف فتحمست للبحث عن وظيفة والاقتراض من البنك فعلت كل ذلك بنجاح ولدي هذه الكلمات ملتصقة على مرآة الحمام أتلوها كل صباح أثناء حلاقة ذقني (لقد كنت أشعر بالإحباط لأنني لا أملك حذاءاً حتى قابلت في الطريق من لا يملك قدمين).
إذا أشكر الله على كل النعم التي تملكها، فالشكر يمنحك المزيد من العطايا لأن الشاكر يستحق المكافأة وإن أبطأت عنك الاستجابة فتذكر أن في هذا شر عليك ، فلله حكمة في شؤون عباده يدرك ما هي عواقب الأمور.
إذا حياتنا، سعادتنا، مباهجنا، قناعاتنا هي تصورات نخلقها في نفوسنا على أثر خلفية مفاهيمنا الموروثة والمكتسبة تتفاعل في العقل الباطن لتظهر بصيغ متناقضة وهذا الأمر مدعم علمياً إذ كتب الباحث النفساني (ماركوس أوريليوس) في كتابه تأملات قائلاً : إن حياتنا هي نتاج أفكارنا.
فلننظر إلى الحياة نظرة جديدة مفعمة بالحب والتفاؤل.
ساحة النقاش