لعله الآن أصبح من المعروف لدى "المهتمين" بتشخيص أحوال المسلمين أن من أهم أسباب تراجعهم هو انتشار ظاهرة "فن التبرير وإيجاد الأعذار" أو ما يصُطلح عليه في علم النفس "بفلسفة الإسقاط" حيث تقوم عادة بإلقاء اللوم على " الآخر" سواء كان شيئا مادياً أو شخصياً بذاته أو ظرفاً من ظروف الحياة .
ولا شك أن العقلية التي تعجز عن تغير الواقع ولا تستطيع أن تتعامل معه تلجأ إلى هذا الفعل.. إنها الوسيلة النفسية المهمة للهروب من تحمل مسئولية الإخفاق أو الفشل عند مواجهة مواقف الحياة القاسية .. ذلك أن " الآخر" عادة هو مصدر من أخطائنا وعجزنا فضلاً عن ضعفنا وتخلفنا وأخيراً فشلنا وتقهقرنا .
وباستمرارنا في استخدام هذه الفلسفة ،يصبح هذا السؤال نزعة مهمة نلجأ إليها وقت الأزمات ، لتتحول عندئذ إلى ركن أساسي في حياتنا الفكرية وفي تفسيرنا للأحداث من حولنا..
ومن ثم نصبح مدافعين وبشكل دائم عن سلوكياتنا الخاطئة دون أن نتقدم خطوة واحدة نحو الإبداع الحضاري ، ذلك أننا تعودنا الاعتذار وتبرير الأخطاء ..
ولذا فقد بُذل من الوقت والجهد في التبرير ما لو بذل في سبيل العمل لكان منتجاً . فمثلاً تثبت الوقائع التاريخية في عصرنا الحاضر أن الأعداء الخارجين هم السبب المباشر في شق صف الأمة وإضعافها، والدول الاستعمارية المختلفة تتناوب وبشكل مثير في توزيع الأدوار فيما بينها من أجل استغلالنا ونهب خيرات شعوبنا .
أما الطالب فيلقي عادة بفشله ورسوبه على أستاذ المادة وشدته ، أو على صعوبة المادة وتشابكها ، وأخيراً قد يجد مبرراً في تعقد الأسئلة وعدم فهمها .
أما الوالدان فيرجعان كثيراً من أخطاء أبنائهما إلى الشارع ووسائل الإعلام ، وقد يضيفان المدرسة وما جنته عليهما من وبال وخسران .
أما الموظف فيلقي اللوم كل اللوم في عدم كفاءته على المكان والزمان أو على المدير وزملاء العمل .
وهكذا سلوك العربي سواء كان في متجره أو حانوته أو في بيعه وشرائه .
والنتيجة أننا ما زلنا في تعاملنا مع الأحداث نسير في اتجاه معاكس لقوانين التاريخ وعلم الاجتماع
ساحة النقاش