ليس لدي أدنى شـك بأن الأثرياء صنف مختلف من الناس.. مختلف في طريقة التفكير والرؤية والطموح ونظرتهم للمال وطريقة التعامل معه.. وأختلافهم عن بقية الناس ليس بسبب ثرائهم أو تأثير المال عليهم بــل بسبب طريقتهم في التخطيط والإدارة وخلق الفرص المميزة حولهم!
كما أنني على قناعة بأن الإنسان الناجح هو من يملك عادات ناجحة وأن الانسان الذي لا يستطيع التحكم بماله يعجز عن التحكم بأي شئ في حياته (وهذا ما يجعلني أنظر باحترام لبعض الأثرياء ورجال الأعمال / ولاحظ لو سمحت كلمة بعـض)!!
وقــبل استعراض هذه العادات أرجو ملاحظ نقطتين أساسيتين:
الأولى أننا لا نتحدث هنا عن أثـرياء بـالوراثة ( جُـل اهتمامهم صرف ثـروة الوالد) بـل عن عصاميون بدئوا من الصفر ولم يولدوا وفي أفواههم ملاعق ذهـب ولا حتى خشب.. أما النقطة الثانية فهـي أن حديثنا اليوم يتعلق بعادات شخصية وطبائع فــردية ، وليس مبادئ اقتصادية أو نصائح استثمارية تستقطب المال وتضمن الثراء..
فالعادة الأولى المشتركة بين الأثرياء هي التفكير والتخطيط على المدى الطويل.. فـفي حين يفكر الفقير بقوت يومه، والعامل بـإجرة عـمله ، وأنا وأنت بالراتب الذي نستلمه آخر الشهر، يضع المليونير (حتى قبل أن يصبح مليونيرا) هـدفا يمتد لعدة سنوات ثم يسعى لتحقيقه بلا كلل أو هوادة.. وفي حين يستهـلك الأشخاص العاديين مصادر دخلهم (أول بأول) يدرك الأثرياء أنه كلما كان الاستـثمار "طويل المدى" كلما ارتفع عائـد الربح وانخفضت احتمالات الخسارة !!
العادة الثانية فهي أن الأثرياء يهتمون بالأفكار الجيدة وليس جمع المال والممتلكات ..
فـالناس العاديين هم الذين يفكرون بالمال ويرغبون بممتلكات الأثرياء في حين ينظر الأثرياء للمال والممتلكات كنتاج ثانوي للأفكار الجيدة (ويعتبرون الفكرة الجديدة منجم ذهب لم يكتشفه أحد) .. ولو راجعت سير الأثرياء ستجد أن معظمهم بنى ثروته على فكرة جديدة لم يلاحظها أحد ثــم أتـى المال كنتيجة تاليه لها (ومثال ذلك بيل جيتس مع شركة ميكروسوفت، وسيرجي برن مع محرك جوجل، وهنري فورد مع خط تجميع السيارات)...
العادة الثالثة فهي استعداد الأثرياء للتغـيير واقتحام عوالم جديدة ومجهولة .. فـالشخص العادي يقاوم التغيير ويفضل البقاء على حالة فتجده يتمسك طوال حياته بوظيفة ثابتة وأقصى طموحة نيل العلاوة التالية .. وفي المقابل يملك الثـري (منذ ولدته أمه) شخصية مغامرة تصطاد الفرص النادرة وتخلق الأسواق الرائدة ؛ فبيل جيتس مثلا ــ أغنى رجل في العالم ــ لم يتردد في قطع دراسته بجامعة هارفارد لتأسيس شركة خاصة تمحورت حول فكره غير مسبوقة (تدعى برنامج دووس)!
العادة الرابعة فهي الخبرة والاطلاع والمهارة في احتساب المخاطر .. فجميع الناس (فقراء وأثرياء) يخشون المخاطرة بالمال؛ ولكن الفئة الأولى تستسلم لجهلها وتتصرف بطريقة عشوائية في حين تستعين الفئة الثانية بالخبرة والمعرفة للتحكم باستثماراتها والبقاء على اطلاع ببواطن الأمور (وهي المفارقة التي أكدتها انتكاسة الأسهم عام 2006) !!
ساحة النقاش