الفقر، هل هو أمر مفروض علينا أو هناك ما يمكننا القيام به لتغيير واقعنا؟ قد أبدو عديم الإحساس عندما أقول بأنك أنت سبب فقرك إن كنت فقيرا وغير قادر على توفير متطلبات الحياة. نعم فقد سمعت كلاما كثيرا في مثل هذا المعنى، بل نعتني البعض بالفاشل وعديم الإحساس معا وأنا لا ألوم أمثال هؤلاء الأشخاص و ذلك لسبب واحد فقط، هم فقراء وأنا غني والحمد لله.
لا أستطيع أن أقرضك أي مبلغ من المال، فلا تحاول معي أبدا و لكن أستطيع أن أرشدك للطريق الصحيح لجني الأموال و الصحة و الجاه و كل ما تريد في هذة الحياة. ولكن عدني بأن تفتح عقلك معي وأن تنسى خبراتك الماضية لبعض الوقت.
تأكد بأني لا أتحدث من باب القناعة كنز لا يفنى، و من رضي بقليله عاش و هذا الهراء الذي إكتسبناه من البيئة الكئيبة التي نعيش فيها. أنا أحدثك عن أموال فعلية تدخل في جيبك، دنانير، دولارات و عملات أخرى جميلة. لن أحاول أن أبيعك سلعة أو تركيبة سحرية تحول التراب إلى ذهب، وبكل تأكيد لا أحاول أن أستدرجك لبعض أعمالي التي أكسب منها المال عن طريق بيع السلع و الخدمات، فلن تنفعني و أنت فقير.
إذا أردنا أن نعالج مشكلة ما فيجب علينا دراسة أسبابها وأن نحاول وضع حلول عملية لتلك المشكلة. و مشكلة الفقير أنه دائما ما يطلب الشيء الخطأ و يتصرف التصرف الذي يؤكد فقره لسنوات قادمة دون تغيير. هذا يبدو جليا في أمانيه و تطلعاته و نظرته للحياة بشكل عام. فالفقير دائما ما ينظر للنتائج فقط و لا يحاول معرفة كيفية الوصول لمثلها. و أكبر مشكلة تواجه الفقير هي عدم توفر المال الكافي لسد حاجاته لذا تراه يرهق أعصابه و جسمه في طلب المال و هنا يحضرني مثل مصري جميل يقول بما معناه " يا واخد القرد على ماله، يروح المال و يبقى القرد على حاله" و هو مثل معبر جدا عن واقع الكثير من الفقراء. لا فائدة أبدا من طلب المال و أنت لا تعرف كيف تتصرف به، و لا تعرف كيف تعيش حياة الغنى و الوفرة، و لا حتى تعرف كيف تتحدث كما الأغنياء الحقيقيين. من أكبر مشاكل الفقير أنه حصر الغنى بالمال فقط.
أهم ما يفوت الفقير في هذة المشكلة هي أنه هناك عدة أنواع من الغنى، هناك غنى الروح، وغنى القناعة، وغنى عزة النفس، وغنى الطموح، وغنى الرضى بما قسمه الله لك، وغنى التوكل على الله. أعرف عزيزي، لا تتسرع، ليس هذا ما تبحث عنه، أنت ما زلت تبحث عن الإجابة المباشرة تماما كما كنت تفعل سابقا، لهذا أنت فقير (أنا طبعا أستخدم ضمير المخاطب هنا و لا أعنيك شخصيا)
لتلخيص ما سبق، فإن مشكلة الفقير تتعلق بشكل مباشر بطريقة تفكيره التي تقوده دائما لمزيد من الفقر و في أحسن الأحوال ربما تحوله إلى غني و بخيل في نفس الوقت. و لكن ما الحل الذي سيغير الحال؟ كيف ستتغير حياتك إلى الأفضل و إليك الجواب السريع و يليه بعض التفسير.
هذا هو الحل: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم(سورة الرعد الآية رقم ١١)
هذا هو الحل سواء إقتنعت بهذا أم لا. إسأل من تستطيع الوصول إليه من الأغنياء و سيكون الجواب في مثل معنى الآية. إسأل غنيا من غير المسلمين، ستجد نفس الجواب. غير ما في نفسك بما يجعلك غنيا. غير ما في نفسك لتصبح شجاعا، غير ما في نفسك لتصبح ملكا، مخترعا، عالما، أو أي شيء تصبوا إليه. إذا لم تستطع أن تفكر بطريقة تكسبك المال فلن تحصل على المال. و إذا لم تفكر بطريقة تكسبك إحترام الناس فلن يحترمك الناس، و على هذا المنوال تسير جميع الأمور.(الفقير لن يصدق هذا الكلام، لذا سأبتسم هنا و أقول لا تعليق)
لنواصل الحديث عن الفقر. ماذا لو قلت لك بأن التغيير سيكون أسرع مما تتوقع. إقرأ هذة الآية: و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجب دعوة الداع إذا دعان.(سورة البقرة) هذة الآية معجزة و لا يعرف قدرها الكثير من الناس. السبب أن الله قريب منك، أكثر مما تتخيل، و الإستجابة أسرع مما تتوقع و هذا ما قد يفسر تذبذب حال البعض. ليس هناك شيء أقرب إلى الإنسان من مخه. المخ الذي في الرأس. و ربما هذا ما يفسر الآية التي يقول فيها رب العزة ( نحن أقرب إليه من حبل الوريد) المخ حيث يجري كل شيء. من هنا تصدر الأوامر و تلغيها و تدعو بدعاء و من ثم تدعو بعكسه. أو تقول بلسانك شيء و تقول بعقلك نقيضه.
و لو جمعنا بين الآيتين الكريمتين لخلصنا إلى النتيجة التالية. الله وضع أمر غناك و فقرك بيدك. فكر بطريقة صحيحة ستصبح غنيا و ستحقق أحلامك. فكر بطريقة فقيرة و ستبقى فقيرا. ( سأتناول مسألة القضاء و القدر فيما يلي، فلا تعجل)
إذا فمشكلة الفقير ليست في مقدار ما يملكه من مال، إنما في أسلوب تفكيره الذي يسحبه للأسفل بإستمرار. لا يمكنك أن تكون غنيا دون أن تكون عزيز النفس، هل تمنيت أن يهديك أحدهم سيارة فارهة؟ لن تصبح غنيا، لأن الأغنياء يشترون من حر مالهم ما يريدون و في الغالب يكون لديهم حس إفتخار بالملكية يفوق حس الإستمتاع بالهدية إلا إذا كانت تعني إرتقاء في سلم المجد، كأن تكون من ملك أو رئيس دولة تعبيرا عن إمتنانه لخدمة قدمها ذلك الغني لبلاده أو شيء مشابه.
الغني دائما يفكر في الحلول العملية بينما الفقير يسترسل في تمثيل دور الضحية
الغني عندما يريد أمرا يبدأ بالتفكير فيه بتركيز، بينما الفقير يبدأ بالتفكير في العقبات
الغني دائما يفكر في الإنتاج بينما الفقير يكتفي بالإستهلاك
الغني يضحي بماله ليصنع المزيد منه و الفقير يكتفي بالفتات
عندما يكسب الغني القليل فإنها خطوة صغيرة للأمام بينما هي لفقير خطوة غير كافية
عندما يخفق الغني فإنها درس و عبرة بينما يعتبرها الفقير تجربة فاشلة يجب عدم تكرارها
الغني في فقره يفكر كالأغنياء و الفقير يفكر كالأغبياء
مهما عددت لك فسنعود لمبدأ التفكير. فكر كالأغنياء و تصرف تصرفاتهم و سيبدأ حالك في التغيير التدريجي. فكر كالفقراء و ستبقى فقيرا. قوة التفكير تفوق بكثير قوة العضلات أو أي قوة أخرى عرفها الإنسان.
خذ على سبيل المثال. الكهرباء. لو لو يفكر توماس أديسون في إختراع يحل مشكلة الظلام ليلا لما عرفنا الكهرباء و لا الضوء. لقد عاش الناس مئات الآلاف من السنوات بدون كهرباء فما الذي جعل شخصا واحدا يفكر بشكل عميق في حل لهذة المشكلة.
لو لم يفكر أحدهم في الوصول إلى القمر لما كان هناك برنامج فضاء، و لما صارت حاجة لبدلات الفضاء الغالية الثمن، و لما أنشئت الكثير من المنشآت العملاقة التي تكلف مليارات الدولارات و لما نتج عنها مئات آلاف الوظائف التي يعيش من ورائها عائلات بكاملها. كل شيء في هذا العالم الذي تراه من حولك بدأ بفكرة في رأس أحدهم لم تكن موجودة من قبل، و قرن فكرته بالعمل. هل خلق الله الإنسان ليطير؟ و لكن ها نحن نتحدى أفضل الطيور في العالم بطائراتنا النفاثة.
فإذا كانت فكرة، أنتجت طائرة عملاقة، ألا تستطيع فكرة أن تكسبك بعض المال؟
السر في التفكير أكبر من مجرد إعمال فكرة في رأسك. الفكرة طاقة ترسلها نحو العالم الخارجي، هذة الطاقة تجذب الأشياء و الناس إليك. سأعطيك مثل تعيشه كل يوم. عندما تشتري سيارة، ماذا تلاحظ؟ ستبدأ بملاحظة جميع السيارات التي تشبه سيارتك، ربما ستلاحظ بأن هناك الكثير منها الذي لم تلاحظه من قبل. فهل زاد عدد تلك السيارات؟ لا طبعا و إنما بدأت تلاحظها دون قصد منك. عقلك أصبح يعمل بشكل آلي في إنتقاء ما يراه.
هل تعتقد بأنك تقرأ هذا الموضوع بالمصادفة؟ لا، أنت تقرأه لأنك ربما أطلقت فكرة نحو العالم الخارجي إستقبلتها أنا و قمت بكتابة الموضوع، ليس لأني أعرفك و لكن لأن شعورا قويا دفعني لذلك، شعورا جعلني أقضي أكثر من ساعتين من وقتي في الكتابة و ترتيب الأفكار و أنا مستمتع، أنا أكتب لك لأنك طلبت مني ذلك. و لو طلبت شيئا آخر ربما إستجاب لك شخص آخر و لكن في النهاية سيكون هناك من يستجيب لندائك مهما كان.
عندما تعتقد بأنك ولدت فقيرا لتبقى فقيرا، فإنك تطلق نداء يجلب لك كل أسباب الفقر، فلا معاملاتك تنجز، و لا تلتقي إلا بالمحبطين، و لا تتوظف إلا في أسوأ الوظائف، و ربما تطرد من عملك، و تتعطل سيارتك، و لا تجد من يقرضك بعض المال إلا من أسوأ الناس أخلاقا، هكذا. أنت تطلب و الله يستجيب.
لكن الغني دائما ما يطلق طاقة إيجابية لنفسه. عندما يذهب لقضاء معاملة في مكان ما، فإنه يذهب على أساس إنجازها اليوم، و فعلا تنجز في نفس اليوم و لو لم تنجز في نفس اليوم فإنه يطلق طاقة تقول لم تنجز معاملتي اليوم لأنه من الأفضل أن تنجز غدا و يأتي الغد و يتم إنجاز المعاملة و في نفس الوقت يلتقي بصديق أو عزيز كان يبحث عنه منذ زمن بعيد. لذا فتحقيق المطالب يحتاج لبعض الرضى. لا تسخط أبدا و أترك الطاقة تقوم بدورها فلكل مهمة وقت لتتم فيه.
و لكن ما دور القضاء و القدر؟ القضاء و القدر هما من أمر الله و لا أستطيع أن أخوض فيما ليس لي به علم. ما أعلمه هو أنه إذا كان قدرك أن تكون غنيا فستقتنع بهذا الكلام وهذا بدوره سيفتح لك أبواب لتستزيد من المعرفة في هذا الشأن، إما إن كان قدرك أن تبقى كما أنت فلن ينفعك لو كسبت المليون.
الآن هل كل الأغنياء يفعلون هذا؟ نعم بكل تأكيد. بعضهم عن وعي و البعض دون وعي كامل أو لنقل بأن العملية لديه أصبحت تلقائية بالكامل. أي هو أطلق فكرة قديمة تقوده للتفكير بشكل يقربه من أهدافه بإستمرار. مثلا هو يعتقد بأنه محظوظ أو بأن جميع أموره سالكة و المحيطين به دائما ما يعززون هذة الفكرة بترديدها أمامه. قد تصفه زوجته بأنه ذكي، أو قد يثنى صديق على نباهته و حنكته، و يأتي فقير و يسأله كيف يكون محظوظا مثله. و الآن هل عرفت لماذا يحب الملوك المديح و لو كان نفاقا؟ هم يعلمون السر. و أنا هنا لا أدعوك لتحيط نفسك بالمنافقين و لكن أدعوك للإقتراب أكثر من الذين يقدرونك و يحبون لك الخير. بادلهم المشاعر و خذ بخاطرهم و ستجد بأن المردود عليك سيكون أكبر.
لو علم الحاسد مقدار الطاقة التي يطلقها في مضرة الآخرين لإستخدمها في نفع نفسه، و لكن هل تعرف كيف تعاقب الحاسد؟ فكرة. ماذا لو قلت " يا سبحان الله، كلما حسدني أحدهم، عاد عليه حسده و أبدلني الله خير مما حسدني عليه"
ملاحظة: هذا الموضوع شائك و له عدة أوجه و به من العجائب و الغرائب ما لا يمكن تصديقه و لكن أردت أن ألقي بعض الضوء لعله يكون سببا في إخراج أحدنا من محنته. و لك هذة المعلومة، بيل غيتس، و ستيف جوبز و غيرهما من المؤثرين في العالم لم تتغير حياتهما التغيير الجذري إلا بعد معرفة هذة الحقيقة
المصدر: مقالات
الرسالة للتدريب والاستشارات.. ((عملاؤنا هم مصدر قوتنا، لذلك نسعى دائماً إلى إبداع ما هو جديد لأن جودة العمل من أهم مصادر تميزنا المهني)). www.alresalah.co
نشرت فى 9 إبريل 2011
بواسطة Al-Resalah
الرسـالة للتدريب والاستشارات
مؤسسة مهنية متخصصة في مجالات التدريب والإستشارات والبحوث والدراسات، وتُعتبر أحد بيوت الخبرة متعددة التخصصات في العالم العربي.. ومقر الرسالة بالقاهرة.. إن الرسالة بمراكزها المتخصصة يُسعدها التعاون مع الجميع.. فأهلاً ومرحبا بكم.. www.alresalah.co - للتواصل والإستفسارات: 00201022958171 »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
2,029,467
ساحة النقاش