مصر ولادة!، هكذا قلت بعد قراءة بحث وصلنى من طالب نابه بكلية صيدلة المنصورة، مهتم بعلم العقاقير وعلاقته بالأعشاب، بشكل علمى ومنهج دارس وواعى، الطالب إسمه أحمد عبد القادر أبو النصر، إهتم بالحملة التى بدأتها فى "صوت الأمة" ضد مافيا الأعشاب وما يطلق عليه الطب البديل.
والتى كان لها والحمد لله صداها الشعبى والرسمى، وفرحتى بالدكتور أحمد صيدلى المستقبل، ليست لأنه تبنى وجهة نظرى، ولا لأنه أنقذنى من إحباط هجوم بذئ إنطلق من أعوان وزبانية مافيا الأعشاب.
فأنا قلت كلمتى وفعلت ماأقتنع به ومضيت، والحمد لله لم أبتز ولم أتكسب من وراء هذه الحملة بل على العكس إذا كنت قد فعلت خلاف مافعلت ومشيت مع التيار السائد ونافقت الدجالين لكنت قد كسبت المال وتملقت تيار الدروشة المغيب السائد فحملونى على الأعناق.
لكن ما أسعدنى حقاً هو إثبات أنه مازال فى مصر شرفاء، ومازال هناك أمل فى هذا الوطن، مادام فيه أمثال هذا الشاب المتحمس الذى مازال يحتفظ ببراءته برغم مناخ الزيف والنفاق، مازال يعلى من قيمة العلم فى زمن سيادة الجهل والنصب، شاب جميل متحمس شريف يصرخ: إنقذوا مصر من مافيا الأعشاب وجرائم العطارة وشعوذة النصب البديل.
علم الصيدلة يهان فى مصر وتتمرمغ كرامته فى الوحل ويضرب بالأحذية على قارعة طريق المحروسة، هذا هو ملخص البحث، والمدهش أن هذا العلم الذى كانت ولادته وكان نموه على يد علماء عرب ومسلمين، يعامل معاملة الجمل الأجرب الآن، ويصبح مجالاً للحواة والنصابين والدجالين وبتوع الثلاث ورقات والجلا جلا، وبإختصار إذا لم نحترم العلم سيصبح الفرق بيننا وبين الغرب بعد عدة سنوات كالفرق بين البنى آدم والنسناس!.
يبدأ الشاب الصيدلى بحثه بحكاية تجربته مع د.عبد الباسط حين سمع منه فى ندوة إعجاز علمى فى المنصورة أن علاج حصوة الكلى زيتونة إسرائيل مع عصير ليمون، وعندما رجع الباحث إلى مراجعه وجد أن الأعراض الجانبية لهذه الزيتونة الميمونة التى تحتوى على كربونات ليثيوم هى الفشل الكلوى.
وعندما ذهب الباحث إلى عيادة د.عبد الباسط التى أنكر معرفته بها برغم أن الحجز فيها لمدة سنة قدام، حاول الباحث أن يقوم بدور المخبر الصحفى ليطمئن قلبه لأنه كان حتى هذه اللحظة غير مصدق للإتهامات التى وجهت للدكتور عبد الباسط إلا بعدما وجده فى العيادة يعالج كل شئ من الروماتويد حتى العقم، ولكن إستمر الإعتقاد ببراءة عبد الباسط بداخل تلافيف مخه إلى أن إشترى كتاب الموسوعة الأم ب مائة وستين جنيه!!، ووجد على حد قوله بلاوى سوده ومنها:
يقول على نبات الأفدرا اللى أحنا بنستخلص منه الأفدرين أنه مهدئ للجهاز العصبى طبعا نبات الأفدرا منشط للجهاز العصبى لأنه شبيه الفعل بالأدرينالين، ولو كان عنده أى خلفية بتاريخ استعمال النباتات الطبية كان هيعرف أن جنكيس خان كان بيستعمل هذا النبات عشان يفوق أثناء المعارك مش عشان يهديه
* عبد الباسط وصف نبات الحرمل لعلاج الأكتئاب من المعروف فى كل المراجع الطبية ان هذا النبات سام ومميت فى حين أنه بيقول على نبات بقلة القديس يوحنا أنه سام Hyericum perforatum، مع أن النبات مأمون للغاية وبيستعمل عالميا فى علاج الأكتئاب.
* ذكر نبات كزبرة البئر كمدر للطمث معروف طبيا أن هذا النبات أن هذا النبات مدمر للكبد ومسبب للعمى.
* كتب أن علاج الصرع بحصى اللبان (rosemary)، ومن المعروف أن حصى اللبان لو استخدم بجرعة عالية ممكن يؤدى لنوبات الصرع.
صدم بعدها الباحث الشاب فى د.عادل عبد العال وكتابه الذى وزع الملايين تحت إسم الطب القديم، ووجد فيه كوارث بعدما إكتشف أنه مسروق من كتاب آخر، وهذه عينة من بعض الأعشاب التى إستخدمها د.عادل وأضرارها الجانبية الخطيرة التى لم يذكرها فى الكتاب:
1- الحنظل:- لم يذكر سيادته الأضرار الجانبية الخاصة باستعمال الحنظل الذي له أضرار جانبية خطيرة مثل إجهاض الحوامل.
2- نبات الزراوند:-معروف عن هذا النبات سميته الشديدة على الكلى ويسبب الفشل الكلوى
3- العرقسوس: معروف عن هذا النبات أنه إذا استعمل برجعة عالية أو فترات طويلة فأنه يسبب ارتفاع ضغط الدم و مشاكل قلبية، ذكره الدكتور عادل ولم يذكر أعراضه الجانبية ولا جرعاته ولا من يجب عليهم ألا يستعملوا العرقسوس
4- حصا اللبان و القرفة و الشمر هؤلاء الثلاث أعشاب لا يستخدمو للحوامل لخطورتهم على الحمل، ولا يستخدم نبات حصى اللبان للمرضى المصابين بالصرع لخطورته عليهم، ويقول الدكتور أن 5 نبات الخشخاش مخدر ومسكن ومنشط ومنبه وطبعا هذا خطأ فادح و أسألو اساتذة الفارماكولجى.
6- يقول الدكتور أن نبات ست الحسن يستخدم كمدر للبول بالعكس هذا النبات يوقف ادرار البول.
7- ذكر الدكتور أن السنامكى يحتوى على مناسويد أ و مناسويد ب، وهذا خطأ أذ أنه يحتوى على سناسويد أ وسناسويد ب، ولم يذكر له أى محذورات أذ أنه لو استعمل لمدة طويلة لعلاج الأمساك يسبب التعود ومشاكل فى القلب نتيجة تقليله البوتاسيوم فى الجسم ولايستعمل من قبل الحوامل أذ أنه مجهض، هذا غير أنه يتفاعل مع أدوية، الديجتالا و الأندو ميثاسين، والأستروجين.
8- قال أن الأبحاث العلمية أثبتت أن الشيكوريا تقلل من الأفرازات الحمضية للمعدة والعكس صحيح تزيد منها.
9 - تعمق فى ذكر فوائد نبات الحرمل الجدير بالذكر ان النبات سام ولا يستعمل أبدا تحت أى ظرف،
10- ذكر وصفة لمن يبصق الدم مقادير متساوية من، دقيق الشعير، دقيق القرطم، الكادميوم، عنب الحية، ومن المعروف طبيا أن الكادميوم سام للغاية ويسبب مشاكل فى الكلى.
11- يقول وصفة لعلاج العشى الليلى يخلط مع الكرات الرومى بول حديث وتحشى بهما العينان، ولا تعليق على خطورة استخدام البول على العين.
12- فى وصفة لتميز المرأه التى ستلد من تلك التى لاتلد كشف عقم فرعونى قديم تخلط الكمية من البطيخ وتخلط مع لبن امرأه أنجبت مولودا ذكرا ثم تشرب منه المرأه أذا تقيأت فسوف تلد وإلا فأنها لن تلد أبدا.
13- المفاجأة الكبرى تحت عنوان العرقسوس إذ يقول الدكتور، كان الكورتيزون الصناعى من أهم الأدوية لعلاج قرحة المعدة والاثنى عشر ولكنه يعتبر كمسكن للألام فقط.
يقول الباحث من أين أتى المؤلف بهذه المعلومة الخطيرة بأن الكورتيزون يعالج قرحة المعدة فمن المعروف طبيا أن الكورتيزون عامل ثانوى للإصابة بقرحة المعدة عن طريق تقليله لإفراز البروستاجلاندين وتقليله لكمية الدم الواصلة للمعدة دا غير تقليله لإنتاج الميكو بولى سكريد التى تحمى المعدة من تإثير الحموضة العالية ونقول بعد ذلك أنه من أهم الأدوية لعلاج قرحة المعدة، ويصرخ مندهشاً: كيف ذلك أنها لوصمة عار فى تاريخ من يقول معلومة كتلك لأنها الف باء فارماكولوجى ؟!!!!.
14- ذكر الدكتور عادل عبد العال أن البصل يستخدم كعلاج للحيض بعد خلطه مع كميه مماثله من النبيذ أو عصير العنب و يحول الخليط الي عجينة ثم يوضع على مهبل المريضة، تخيل معى أيها القارئ أن تضع المرأه البصل فى مكان عفتها ثم تعرض على زوجها!!.
بعد هذه الفضائح التى تنقلب إلى كوارث، حكى الباحث أحمد أبو النصر عن مصائب العطارين كما يطلق عليها وقال:
1- بيع أعشاب سامة للغاية، ووزارة الصحة فى مصر معطلة وكأننا فى بلد ماقبل التاريخ وليست فى العصر الحديث.
2- يأتون بالأعشاب ويرموها فى الشمس والرطوبة التى تقضى على الزيوت الطيارة وتحلل المواد الفعالة فيها وتكون مرتعاً خصباً لكل أشكال البكتريا والفطريات.
3- لو أعطيت الفرصة وزرت مخازنهم سترى الفئران والحشرات التى لن تراها فى غابات أفريقيا لأن مفيش ضمير.
4- أنزل كده وهات مثلا شوية كراوية من العطار وسترى أن كل ثمرة كراوية يقابلها حبة من الطين تلك مستوى الكراوية التى توضع فى تركيبات المغص، فمعظم الأعشاب مليئة بالطين و الحشرات الميته وبراز بعض الحيوانات مثل الفئران.
5- لا يوجد لها تاريخ صلاحية.
6- لو إشتريت أعشاب فسيضعها لك فى كيس بلاستيك أو ورقة كراسة ومن المعروف علميا أن البلاستيك يمتص الزيوت الطيارة من النباتات المجففة وبالتالى تقل المواد الفعالة.
7- معظم الأعشاب التى تنفرد مصر بزراعتها تصدر إلى الخارج وتذهب بقية الدرجات إلى مصانع الأدوية وشركات التوابل ويعطى العطارين الدرجات الأخيرة التى تحتوى على القليل للغاية من المواد الفعالة.
8- مكاسبه فى بيع الأعشاب والله وهمية لأنهم بيشتروها من الفلاحين بتراب الفلوس وقد تصل المكاسب إلى الألوف ولذلك ترى الكبير منهم ميسور الحال جدا وسلملى على مصلحة الضرائب، ومثال بسيط روح ل...از أكبر عطار فى مصر وإسألوه كيلو الجنسنج بكام ستفأجا أن الكيلو قد يصل إلى الألف ونصف.
9- الغش فى الأعشاب رهيب على سبيل المثال لا الحصر يطحنون مع الزنجبيل نشارة الخشب ويغشون الفانلايا والعسل وسلملى على الرقابة التموينية.
10- يبيعون للناس تركيبات بأسعار وهمية ووصلت الجرأه ب..از كبيرهم أنه يبيع تركيبات لكل أنواع الأمراض من الروماتويد للفشل الكلوى للفشل الكبدى والمضحك أنه يبيع تركيبة للأيدز وتركيبات لكل أنواع السرطان وروح وشوف بنفسك كمية الناس التى تعالج عندهم ولو جيت تكلم واحد منهم وتقول لهم مثلا تركيبة الأيدز دى فيها أيه سيقول لك مش الرسول قال الحبة السوداء شفاء من كل داء ماهى فيها حبة سوداء.
11- هنا فى أرقى حته فى المنصورة أعرف بعضهم يبيع تركيبة يسميها مثلا عسل النحل للروماتيزم والله بيبقوا حاطين فيها كورتيزون وعسل نحل لسرعة القذف والله بيبقى فيها توفرانيل مطحون وساعات ترامادول والأمثلة كتير للغاية.
12- يبيعون تركيبات ومراهم جنسية للناس مميته، خذ عندك مثلا بيستعملو عشب لسان العصفور والحرمل وست الحسن والسكران المصرى والجوز المقئ الذى يحتوى على الأستريكنين وحجر جهنم اللى هوه عبارة عن نترات الفضة لعلاج سرعة القذف وعندى الأدلة والدراسات التى تؤكد سمية تلك الأعشاب وبعد كده بيعتبرو فلوسهم حلال.
وهذه بعض المواقف للباحث مع العطارين فى مصر على سبيل المثال لا الحصر:
* يعطون المسهلات لأى مرض يتعبهم ولايجدون له علاجاً وبالذات لو كان فى المعدة أو الكبد.
* كنت أتابع أحدهم فى يوم فجاء رجل كبير وطلب منه أعشاب لعلاج لتصلب الشرايين لمراته وعندما تدخلت وقلت للرجل دعها تحت الإشراف الطبى فؤجت به يضربنى وتشاجر معى يومها!!.
* ذات يوم ذكر لى أحدهم أنه أعطى رجلا عشبة السكران المصرى لعلاج الربو يحتوى هذا العشب على الهيوسين الشبيه الفعل بالأتروبين فكانت النتيجة أن الراجل جاله هلوسة وكسر العديد من المحلات فى بلدته نتيجة زيادة الجرعة.
فى النهاية قدم الباحث قائمة ببعض الأعشاب التى لاتستخدم إلا تحت إشراف طبى كامل والتى تباع عند العطارين فى مصر فى ظل غياب وزارة الصحة فى مصر والمتاحة حاليا عند كل العطارين ويستخدمونها فى العلاج مثل: السكران المصرى - الداتورة - الحرمل - ست الحسن - لسان العصفور - حب الملوك - الحنظل - زيتونة اسرائيل - الزراوند - الزرنب - الخربق - الكينا - زيتونة اسرائيل - الدفلى - الجوز المقئ - الإيفدرا - السرخس الذكر أو كسبرة البئر - الدمسيسة - الزعرور الشائك -عرف الديك - بصل العنصل.
لكن هل يصلح الدهر ووزارة الصحة ونقابة الصيادلة ما أفسده العطار؟
نحن لا نشكك في الطب البديل فهو حقيقة لكن المشكلة تكمن في طريقة أستخدمه وفي من يصفه ، فقد أصبح الموضع خارج حدود السيطرة .. وأصبح مرتعا يلعب فية الكل لكسب المال دون النظر الي خطورة ما يصفونه دون علم ، هذة الخطورة التي قد تكلف البعض حياتهم والأفضل هنا هو أتباع المثل الشعبي (أسأل طبيب ولا تسأل مجرب) فهم أهل أختصاص وعلم.