لجنة الزراعة
الدورة التاسعة عشرة
روما، 13-16/2/2005
عولمة قطاع الثروة الحيوانية: تأثيرالتغيرات في الأسواق
البند 6 من جدول الأعمال المؤقت
بيان المحتويات | |
|
الصفحة |
أولا- المقدمة |
1 |
ثانيا- عولمة أسواق الثروة الحيوانية |
2 |
ثالثا- تأثير الأسواق التي طغت عليها العولمة |
6 |
رابعا- إطار لموازنة تأثيرات العولمة على أسواق الثروة الحيوانية |
10 |
خامسا- آراء وتوصيات لجنة الزراعة |
15 |
أولا- المقدمة
1- كانت لجنة الأمن الغذائي العالمي[1] قد حددت في دورتها التاسعة عشرة في مايو/ أيار 2003، التجارة الدولية باعتبارها عنصرا مؤثرا على الأمن الغذائية وسلامة الأغذية، وأوصت بأن تقوم المنظمة "بتوثيق وتحليل الطرق التي أثرت بها التجارة، بما في ذلك حالات الإخلال بالتجارة، على الأمن الغذائي في البلاد". وفي الدورة السابعة عشرة للجنة الزراعة في عام 2003 أيضا[2]، لاحظت ضرورة تعزيز قدرات صغار المزارعين على الدخول إلى الأسواق.
2- والتجارة الدولية عنصر هام في الظاهرة الأكبر المعروفة بالعولمة. فالعولمة يمكن النظر إليها كتكامل للاقتصادات من خلال التجارة، وتدفق الأموال، والمعرفة، والأفكار، والناس. والعولمة في قطاع الثروة الحيوانية واضحة في زيادة التدفقات الدولية للثروة الحيوانية ومنتجاتها، بالإضافة إلى رؤوس الأموال، وتبادل المعلومات والتقانات، وانتشار المعايير التي تزداد تشددا، والتغييرات في الهياكل القطاعية باتجاه التركيز والتكامل. وهي بهذه الطريقة قد تؤثر على عمل الأسواق المحلية للثروة الحيوانية.
3- وقطاع الثروة الحيوانية، وهو قطاع يقوم عادة على الموارد المتوافرة محليا، يعيش من ورائه نحو 600 مليون من فقراء الريف. وتتناول هذه الوثيقة الطرائق التي غيرت بها العولمة من هذا القطاع، وتأثير ذلك على البلدان النامية، وعلى صغار منتجي الثروة الحيوانية وتجارها وصناعها. ولكي تفي الورقة بذلك، فإنها:
· تلخص الشواهد على أن العولمة قد حدثت في أسواق الثروة الحيوانية وأنها مازالت تحدث، وتتناول العوامل الدافعة على ذلك؛
· تدرس تأثير تغيرات الأسواق على المجتمع وعلى البيئة والصحة العامة؛
· تقترح إطارا لمساعدة الدول الأعضاء على موازنة التأثيرات السلبية والإيجابية للعولمة على قطاع الثروة الحيوانية.
4- وأخيرا، فإن الهدف من هذه الوثيقة هو تلقي التوجيه من لجنة الزراعة بشأن الأولوية التي ينبغي أن تعطي لمجموع التأثيرات الاجتماعية والتأثيرات على الصحة العامة والبيئة لعولمة قطاع الثروة الحيوانية، وعلى النهج التي ينبغي أن تتبعها المنظمة وأعضاؤها في معالجة هذه النتائج، سواء من المنظور التقني أو منظور السياسات.
ثانيا- عولمة أسواق الثروة الحيوانية
التدفقات الدولية للثروة الحيوانية ومنتجاتها
5- زاد حجم الإنتاج الحيواني في البلدان النامية بصورة مطردة منذ أوائل الثمانينات، سواء للاستهلاك الداخلي أو للتصدير. وفي نفس الوقت، فإن استهلاك اللحوم والألبان في العالم ظل يواصل زيادته. واستأثر النمو في البلدان النامية بنصيب كبير من هذه الزيادة، كما أن الزيادة في استهلاك لحوم الدجاج والخنازير في البلدان النامية كانت مثيرة بشكل خاص (190 في المائة و160 في المائة على التوالي فيما بين عامي 1983 و1997). وفي 1980، مثل سكان البلدان النامية 76 في المائة من مجموع سكان العالم، استهلكوا ثلث لحوم وألبان العالم. وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2020، سوف يمثلون 80 في المائة من مجموع سكان العالم، ولكنهم سيستهلكون بشكل مباشر ثلثي اللحوم و60 في المائة من الألبان.
6- زاد الإنتاج الحيواني الذي يدخل ضمن التجارة عبر الحدود الدولية من 4 في المائة في أوائل الثمانينات إلى 10 في المائة تقريبا. وترد البلدان النامية ضمن أكبر 20 مصدر ومستورد لمنتجات الثروة الحيوانية من حيث القيمة[3]، بما في ذلك الحيوانات الحية ولحوم الأبقار والأغنام والمعز والخنازير والخيول والدجاج والبط، وألبان الأبقار الطازجة والمركزة، بالإضافة إلى أعلاف الخنازير والأبقار. وكان من بين الواردات بكميات كبيرة لحوم الأبقار والأغنام والدجاج والبط، وألبان الأبقار الطازجة والمجففة، والسمن، والأعلاف الحيوانية، والحيوانات الحية من الأبقار والمعز والأغنام والجاموس والدجاج. وأصبحت الاتفاقيات التجارية الإقليمية ذات أهمية متزايدة في المحافظة على التجارة مع البلدان المجاورة، بالإضافة ما تتيحه من فرص لاقتصاديات الحجم والنطاق الكبير لأعضائها الذين يتاجرون في الأسواق العالمية. أما واردات البلدان الصناعية، فرغم ضخامتها من حيث الحجم والقيمة، فقد ظلت ثابتة ولم تشتمل إلا على عدد قليل من الشركاء التجاريين من العالم النامي.
7- وساهم النمو السكاني وزيادة الدخول في ارتفاع الطلب. ومن بين سكان الحضر من المستهلكين في البلدان النامية، دفعت زيادة القدرة الشرائية والطبقة المتوسطة البازغة بحجم الطلب على المنتجات الحيوانية نحو الارتفاع، بالإضافة إلى زيادة نوعية هذه المنتجات وجودتها.
8- ولابد أن تحرير الأسواق العالمية بتخفيض التعريفات[4] "وتعرفة"[5] الحواجز غير التعريفية من جانب بعض المنتجين، والتوسع في عضوية منظمة التجارة العالمية، قد شجع عولمة قطاع الثروة الحيوانية "بتمهيد الملعب" لجميع الأطراف المشاركة في التجارة. ولكن، وبشكل خاص، ففي الوقت الذي يستعصي فيه تأثيرات اتفاق التجارة على التفسير، يبدو أن "الملعب" مازال غير ممهد على الإطلاق. فالدخول التفضيلي إلى الأسواق، والبرامج الزمنية الطويلة لتخفيض التعريفة قد سمح بها للبلدان النامية، ولكن فوائد هذه التنازلات محكومة بأن التعريفات التي كانت موجودة قبل جولة مفاوضات أوروغواي كانت أقل في أغلب الأحيان من مثيلتها في البلدان المتقدمة. وحتى بعد التعديلات "التعريفية"، فقد لوحظت تعريفات مرتفعة للغاية على منتجات الألبان واللحوم في البلدان المتقدمة. ومازالت الحواجز غير التعريفية موجودة (ويبدو أنها تتزايد) في شكل شروط ولوائح، تتعلق أساسا بالصحة الحيوانية وسلامة الأغذية، بل وقد تتعلق في المستقبل بعوامل أخرى مثل رعاية الحيوانات والاهتمامات البيئية.
9- هناك علاقة ثنائية بين الأمراض البيطرية والعولمة. فطبقا لمبادئ التكافؤ التي أرستها اتفاقية الصحة والصحة النباتية التي وضعتها منظمة التجارة العالمية، من الأسهل على البلدان التي تتشابه الأحوال المرضية فيها أن تتاجر فيما بينها، بأكثر من إمكانية التجارة بين البلدان التي تتفاوت فيها مستويات المرض. وفي أسواق البلدان الصناعية، تخلق شروط مراقبة الأمراض حواجز عالية أمام دخول الثروة الحيوانية إليها. وفي نفس الوقت، فإن طول سلاسل التسويق والحصول على المنتجات من مناطق جغرافية شاسعة يزيد من مخاطر انتشار المرض ويزيد من تحديات متابعة مثل هذا المرض. فانتشار الأمراض العابرة للحدود (الحمى القلاعية، والتهاب الغشاء البلوري المعدي في الأبقار) وظهور تهديدات جديدة (أنفلونزا الطيور شديدة العدوى) يتسبب في اضطرابات في الأسواق الداخلية وبين المجموعات التجارية الإقليمية، بل وفي التجارة الدولية.
تدفق الأموال
10- تمثل الاستثمارات الداخلية أو الاستثمارات الأجنبية المباشرة من جانب كبار تجار التجزئة (محال السوبر ماركت، وسلاسل الوجبات السريعة، والقائمين بتجهيز الأطعمة) تدفقا هاما للأموال على قطاع الثروة الحيوانية في البلدان النامية. وقد خلقت الظروف السياسية والاقتصادية المستقرة، مصحوبة بحوافز للاستثمار في بلدان أمريكا اللاتينية وآسيا في أفريقيا، والأسواق المشبعة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مناخا لتوسع عالمي في تجار التجزئة الكبار. ورغم أن هذه الظاهرة لم تحدث إلا في العشر أو الخمسة عشرة سنة الأخيرة، فإن أسواق التجزئة الكبيرة انتشرت بسرعة هائلة.
11- ويعطي انتشار محال السوبر ماركت مثالا على التفاعل بين الاستثمارات الداخلية وبين أسواق الثروة الحيوانية التي خضعت للعولمة. ففي أوائل التسعينات لم يكن لها أهمية نسبية في تطوير الأسواق القطرية، ولكن النمو كان سريعا منذ ذلك الحين. ورغم أن التوسع لم يتبع نمطا موحدا في جميع البلدان، فإنه يبدو أنه حدث في شكل "موجات"، مبتدءا بتطوير تجار الجملة، ومنتقلا إلى المحال المحلية الكبيرة والسلاسل القطرية، ثم استقر أخيرا على إنشاء سلاسل متعددة الجنسيات وتعزيز السلاسل القطرية. وتنامت محال السوبر ماركت لتستأثر بنحو 55 في المائة من تجارة التجزئة القطرية في الأغذية في جنوب أفريقيا، والأرجنتين، وشيلي، والفلبين، والمكسيك. وكان أهم محتوياتها الخضر والفاكهة، وإن كانت تبيع الألبان واللحوم ومنتجات الألبان المصنعة أيضا. وفي الصين، تشير التقديرات إلى أن محال السوبر ماركت تتعامل سنويا في أكثر من 40 مليار دولار، أغلبها من مصادر محلية، لتمثل بذلك 35 في المائة من تجارة التجزئة للأغذية في المناطق الحضرية، مع ارتفاع هذه النسبة بسرعة. وفي المدن الكبيرة والمتوسطة الحجم (20 في المائة من حجم السوق) تبيع محال السوبر ماركت ما يتراوح بين 40 في المائة – 50 في المائة من جميع الألبان.
تدفق الأفكار والتقانة
12- سمحت ابتكارات التقانة بحفظ المنتجات الحيوانية (اللبن المجفف، واللحوم المجمدة، والحيوانات المنوية) في الوقت الذي سمحت فيه البنية الأساسية المحسنة للنقل بانتقال المنتجات بسرعة عبر مسافات طويلة وأطالت سلاسل الأسواق عبر الحدود الدولية.
13- جاء تدفق المعلومات العالمية عن طريق المسافرين حول العالم والتلفاز، والأفلام، والإنترنت، وانتشار تجارة التجزئة العالمية. ويبدو أن أحد النتائج كان توحيد الطلب على نفس الأطعمة في الكثير من البلدان. وكان هناك تدفق للأفكار في اتجاهين عن التغذية والأطعمة المفضلة، حيث نستطيع العثور في أسواق الحضر عبر العالم على مجموعة كبيرة من المنتجات والوصفات التحضيرية من كثير من البلدان.
14- والتوصيات المتعلقة بنظم التغذية من المنظمات الدولية، مثل منظمة الأغذية والزراعة، سيكون لها تأثيرها على التجارة العالمية إذا أخذ بها. فالأرقام المعروضة على الدورة الثامنة عشرة للجنة الزراعة[6] توحي بأن الإنتاج والتجهيز وتدفق المنتجات الحيوانية في مختلف أرجاء العالم، سوف تتأثر إذا ما أخذ المستهلكون بالتوصيات لزيادة استهلاك الفقراء من منتجات اللحوم، مع تقليل الأغنياء لاستهلاكهم من الدهون. ففي أشد البلدان فقرا، يصل متوسط استهلاك المنتجات الحيوانية إلى ما دون المستويات الموصى بها، بينما أصبحت السمنة مشكلة متزايدة في البلدان المتقدمة. وهناك تحول تلقائي نحو أنماط استهلاك صحية يمكن ملاحظته من جانب مستهلكي الطبقة المتوسطة في الدول المتقدمة، رغم أنهم لا يمثلون سوى جزء صغير من المجموع.
15- ويمكن لتدفق المعلومات المتعلقة بالأمراض التي تنقلها الحيوانات للإنسان أن تزيد من اشتعال أسواق الثروة الحيوانية في العالم، بتأثيرها السريع على أذواق المستهلكين في اختيار اللحوم من أصناف مختلفة ومصادر مختلفة (وكمثال، فقد كان لمرض الاعتلال المخي الإسفنجي لدى الأبقار تأثير معاكس على استهلاك اللحم البقري. وفي البلدان التي تضررت من أنفلونزا الطيور الشديدة الإمراض، أغلقت أسواق تصدير الدجاج، وتحول الكثير من المستهلكين المحليين إلى أصناف أخرى من اللحوم مثل لحوم الخنازير).
ثالثا- تأثير الأسواق التي طغت عليها العولمة
16- تظهر أسواق الثروة الحيوانية الخاضعة للعولمة في ثلاثة أشكال:
(أ) سلسلة أسواق دولية تورد المنتجات الحيوانية من بلد لتصدره إلى تجار التجزئة والمستهلكين في بلد آخر. وهذه السلاسل تدار بواسطة تجار التجزئة الكبار، مثل محال السوبر ماركت، أو بواسطة شركات مستوردة تتعامل في سلع بعينها.
(ب) سلاسل منشأة بواسطة الاستثمارات الأجنبية المباشرة- وهي سلاسل متكاملة رأسيا في سلاسل الأسواق التي تورد إلى الأسواق الداخلية، وهي أسواق حضرية أساسا. وتدار هذه السلاسل عادة بواسطة تجار التجزئة الكبار مثل محال السوبر ماركت الدولية أو القطرية، وشركات الوجبات السريعة.
(ج) الأسواق المحلية المتضررة من العولمة- أدت تأثيرات العولمة على طلب المستهلكين وسلوكياتهم إلى ردود أفعال على سلاسل الأغذية المحلية بخلاف السلاسل المتكاملة رأسيا. وكمثال، فإن القائمين بتصنيع الألبان، وسلاسل الوجبات السريعة، والمطاعم، طورت وزادت من نوعية المنتجات في الأسواق، وإن لم تكن جزءا من السلاسل المتكاملة رأسيا.
ومع العولمة، يمكن أن ترتبط الأسواق الدولية والمحلية معا. فتدفق المنتجات وحركة السكان تحدث من سوق إلى آخر. وفي أسواق الدجاج على سبيل المثال، لا يتم تصدير جميع القطع، فالقطع غير المطلوبة للتصدير تباع للأسواق المحلية. ويتحول مربو الخنازير في بعض بلدان جنوب شرق آسيا من الأسواق القطرية إلى الأسواق الإقليمية، اعتمادا على الأسعار النسبية في الأوقات المختلفة من السنة.
ورغم أن هذه الأسواق ليست متشابهة، فإن هناك بعض الملامح المشتركة في احتياجاتها وفي تأثيراتها، لاسيما في الحالتين الأوليين.
المزايا
17- بإمكان الأسواق الخاضعة للعولمة أن تزيد من الدخل القومي وأن تخلق فرصا للعمل. فبالنسبة للمنتجين والتجار، فإن الأسواق المحلية النامية قد تخلق مرونة وقدرا أكبر من التنوع في خيارات سبل المعيشة.
18- إن الاستثمارات في مكافحة الأمراض الحيوانية قد ترتفع بمستويات الخدمات الصحية البيطرية القطرية، وتقلل من تكاليف علاج هذه الأمراض. وقد يستفيد المستهلكون من مواصفات سلامة الأغذية إذا اشتروا من محلات التجزئة الكبيرة، أو إذا أدت مواصفات سلامة الأغذية المفروضة على أسواق التصدير إلى الارتفاع بمستويات الأسواق المحلية. فشروط السلامة والجودة في أحد سلاسل الأسواق، تؤثر في نهاية الأمر على الأسواق الأخرى، مع تعود المستهلكين على المستويات المرتفعة وتنقل المنتجين بين الأسواق.
19- وفي بعض الحالات، يمكن أن يؤدي وجود محال تجزئة كبيرة إلى تخفيض أسعار المستهلكين، ففي الصين على سبيل المثال، كان لانتشار محال السوبر ماركت الفضل في كسر احتكار شركات الألبان المحلية، وخفض أسعار منتجات الألبان، وطرح تشكيلة أكبر من المنتجات.
20- كما يمكن تقليل المخاطر عن طريق ترتيبات تعاقدية مصممة تصميما جيدا. بالإضافة أن شروط السلامة والجودة تسهل عملية تطوير الأسواق والدخول إليها عندما لا تكون هناك مواصفات، فلابد لتجار التجزئة من التكامل رأسيا لأن عليهم أن يؤكدوا جودة وسلامة منتجاتهم. وعندما تطبق المواصفات على نطاق واسع، قد لا يصبح التكامل الرأسي ضروريا.
21- ومن المهم بنفس القدر، أن اهتمام القطاع الخاص بإرساء مواصفات يمكن أن يكون له فائدته إذا ساهم القطاع في التكاليف المرتبطة بالتغييرات المؤسسية والتقنية عند وضع مواصفات فعالة.
; mso