من قصص القرآن التي تأثرت بها قصة النبي يعقوب الذي ابيضت عيناه من البكاء على فراق ولده يوسف بعد ان القى به اخوته في الجب. ولكن يوسف كتبت له الحياة . وبعد سنين التقى باخوته وطلب منهم ان يأخذوا قميصه الى أبيه وان يضعوا القميص على العينين اللتين لا تبصران. ولما فعلوا ارتد البصر الى أبيهم.
هذه الآية تثبت أن حاسة الشم تلعب دورا اساسيا في تطور الانسان، وكيف ان الأنف يشبه البوصلة التي تهديه الى بر الأمان البيولوجي. ففي القصة القرآنية علقت رائحة يوسف بالقميص فلما اشتمها الأب الحزين أشارت اليه بأن صاحب القميص حي يرزق وبذلك زالت أسباب الحزن المسبب لفقدان البصر وارتد الى الأب الأمل في رؤية ولده الغائب فأبصرت عيناه.
اليوم قرأت ان تجربة علمية أجريت في جامعة لوزان السويسرية لاكتشاف الدور الذي تلعبه حاسة الشم في اختيار الإنسان للزوج او الزوجة. فالأنف حين يلتقط اشارة تقول بأن هذا الشخص زكي الرائحة تكون الاشارة توجها بيولوجيا غير منطوق بأن جينات الطرفين متوافقة، بحيث ان التزاوج بينهما يؤدي الى انجاب أطفال أصحاء. فالرائحة الجاذبة تنم عن وجود اختلافات مناعية بين الطرفين تؤدي بدورها الى تقوية مناعة الاطفال الذين ينتجون عن تزاوج اصحاب المناعة المختلفة. ولعل هذا التفسير العلمي يوضح جانبا من الاسباب التي تجعل زواج الاقارب غير مستحب لأن التراكيب الجينية بين الاقارب تتشابه كما تتشابه الصفات المناعية ايضا، مما يؤدي الى اضعاف الصفات المناعية لأطفال الأبوين الذين تربط بينهما قرابة عائلية.
اختار الباحث 44 رجلا ومنح كلا منهم قميصا واصدر لهم تعليمات بارتداء القمصان لمدة يومين. ولكي يتأكد من ان القمصان سوف تلتقط روائح العرق الطبيعية طلب من المشتركين الاغتسال عند الضرورة بصابون خال من العطر واستخدام كريم الحلاقة الخالي من العطر أيضا.
بعد يومين جمعت القمصان ودعيت النساء للمشاركة في التجربة وطلب من كل مشتركة ان تختار القميص الذي تفضل رائحته. وتبين ان كل مشتركة اختارت قميصا لرجل تختلف مناعته عن مناعتها. تلك الفروق الجينية تحملها مائة جينمن جينات الجهاز المناعي وتختصر تسميتها في الحروف اللاتينية الثلاث MHC major histocompatibility complex)
تلك الجينات ترمز الى بروتينات تساعد جهاز المناعة في التعرف على الجراثيم المسببة للمرض. ولذلك ان اختلفت مناعة الأم عن مناعة الأب ازدادت نسبة الجينات القادرة على التعرف على مسببات المرض عند الاطفال، فينهض الجسم للذود عن نفسه بكفاءة اكبر.
ولأن الرجل يسعى للحصول على أنثاه بشتى الوسائل التي تمليها الثقافة الانسانية والاجتماعية المقبولة شاء الله سبحانه ان تكون الانثى اكثر تفوقا على الذكر فيما يتعلق بحاسة الشم فتجد نفسها اكثر استعدادا لقبول الذكر الذي يفضله أنفها لأنها يمكن ان تنجب منه اطفالا اصحاء. وربما ميز الخالق الانثى بهذا التفوق لأنها تحمل العبء الاكبر فيما يتعلق بحفظ النوع. فهي الى جانب الحمل والولادة تستثمر الكثير من الجهد والوقت في رعاية اطفالها.