في هذه القراءة لاخر الأبحاث في المراكز العالمية للطب النفسي في أوروبا والولايات المتحدة أظهرت النتائج التي قمنا بمتابعتها وتحليلها ان هناك دورا هاما للأيمان القوي بالله تعالى في الوقاية والعلاج من الاضطرابات النفسية . وما زال علماء النفس في مراكز الأبحاث العالمية يؤكدون الكثير من الحقائق العلمية التي وردت في آيات القرآن الكريم .. ولا يزال الأطباء والباحثون يكتشفون الأسرار التي تعلق بالنفس الإنسانية والصحة البدنية والنفسية بما يدل على ان المنظور الإسلامي لأمور كثيرة قد سبق العلم الحديث في التوجيه الى تعليمات للوقاية والعلاج من أمراض النفس والجسد .
وهنا في هذا الموضوع نقدم لك عزيزي القارئ بعض النماذج لذلك من خلال قراءة في آخر الأبحاث العلمية والطبية والنفسية حول العلاقة بين السلوك الإنساني السوي وغير السوي وبين حالة الصحة والمرض .. والمنظور الإسلامي للوقاية والعلاج لحالات القلق والاكتئاب والإدمان ..والعلاقة بين الأيمان بالله والصحة النفسية .. ولنتدبر قوله تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ) وقوله تعالى ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون) ألان لنقرأ معا هذه السطور .
حقائق من الأبحاث الطبية :
في قراءة لآخر الأبحاث الطبية في مراكز الأبحاث في أوروبا والولايات المتحدة قمت بمتابعة الجديد في دراسة جهاز المناعة للإنسان الذي يقوم بوظيفة هامة في وقاية الجسم من الأمراض والدفاع ضد الميكروبات والكائنات الدقيقة التي تهاجم الجسم وتسبب الأمراض وقد تم اكتشاف بعض العناصر داخل جسم الانسان يمكن ان تؤثر في هذا الجهاز وتعوقه عن أداء مهمته أطلق عليها الشوارد الحرة Free radicals وتم التأكد من علاقة هذه المواد بأمراض كثيرة منها السرطان والسكر والشيخوخة المبكرة وفي الأبحاث التي أجريت على عسل النحل تبين أنه يحتوى على مواد مضادة لهذه العناصر الضارة أطلق عليها مضادات الأكسدة Antioxidants تقوم بدور المضادات الحيوية الطبيعية يؤدي الى تقوية جهاز المناعة والوقاية من أمراض القلب والمفاصل وأمراض الشرايين والسرطان وتؤخر مظاهر الشيخوخة ومن المعروف أيضا ان الأبحاث تؤكد أن الاكتئاب والقلق المزمن يؤدي الى تدهور وظائف جهاز المناعة بالجسم والقابلية للإصابة العضوية ، والعلاج بالعسل له قيمة كبيرة لجهاز المناعة سبق القرىن الكريم العلم الحديث بنحو 14 قرنا في التنبيه الى ذلك قال تعالى " فيه شفاء للناس ".
ومن المواد الهامة التي أجريت عليها دراسات في مراكز الأبحاث في الغرب مكونات حبة البركة .الحبة السوداء حيث ثبت تأثيرها الفعال على جهاز المناعة وقدرتها على مساعدة المقاومة الطبيعية للجسم في التخلص من بعض الحالات التي تستعصي على العلاج بالأدوية التقليدية مثل حساسية الجهاز التنفسي ، وقد وردت في السنة النبوية إشارات الى فائدة حبة البركة سبقت الأبحاث الحديثة بمئات السنين.
السلوك الإنساني ..وأمراض العصر:-
هناك حالات مرضية لوحظ زيادة انتشارها في العصر الحالي وأصبحت ضمن قائمة طويلة يطلق عليها أمراض العصر وتتسبب في وفاة أعداد كبيرة من البشر . ومن هذه الأمراض القلق والاكتئاب النفسي وامراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم والسكر وقرحة الجهاز الهضمي وأمراض المفاصل وأمراض الكلى والكبد وغير ذلك من الأمراض العضوية والنفسية التي تذكر إحصائيات منظمة الصحة العالمية أنها تهدد أرواح البشر في مختلف مجتمعات العالم.. واذا حاولنا البحث عن أسباب زيادة هذه الأمراض بصورة غير مسبوقة في هذا العصر فان العوامل التي تقف وراء ذلك كما تقول الأبحاث هي :
تلوث الماء والهواء والبيئة المحيطة بالإنسان والأطعمة التي يتناولها كل ذلك يؤدي الى الإصابة بأمراض عضوية تؤثر على أجهزة الجسم وتتلفها بمرور الوقت.
الحروب والتفجيرات النووية لها آثار خطيرة تمتد الى أجيال تصاب بالتشوهات والأمراض المستعصية التي يصعب علاجها .
فساد الانسان في الأرض والصراعات والحروب التي تؤدي الى آثار نفسية سلبية تفوق آثار الكوارث الطبيعية تتسبب في حالة من فقدان الأمن والتوتر والقلق وتؤدي الى الإصابة بالأمراض النفسية ، كما أن الفساد في السلوك الإنساني يقف وراء بعض المشكلات المتفاقمة مثل مشكلة المخدرات التي يؤدي إدمانها الى حصد كبير من الأرواح بالاضافة الى المشكلات الصحية والنفسية والاجتماعية المتعددة .
المنظور الديني للوقاية والعلاج :-
بالنسبة للكثير من المشكلات الصحية والنفسية مثل تزايد انتشار القلق والاكتئاب في كل بلدان العالم ومشكلة الادمان ، وأمراض العصر التي تتسبب في خسائر كبيرة في الأرواح فان الوقاية والعلاج تكاد تصل في هذا العصر الى وضع يائس في مواجهة الانتشار المتزايد لهذه المعاناة الإنسانية وقد توصلت آخر الأبحاث العلمية والطبية في هذا المجال بعض النتائج التي يمكن ان تمثل أملا جديدا يفتح الباب الى طريق للحل وهنا نذكر بعض الأمثلة لذلك من خلال قراءة لبعض من هذه الأبحاث العلمية الحديثة..
خوف الانسان من المتغيرات وأحداث الحياة مثل السائر المادية أو الإصابة بالأمراض أو مستقبل الأبناء يؤدي الى أصابته بالاكتئاب والقلق الذي يؤثر على حالته الصحية والمناعة ضد الأمراض وقد أثبتت الأبحاث ان الاشخاص الذين يتمتعون بأيمان قوي بالله تعالى ويقين بأن كل شيء بيد الله يتخلصون من هذه المخاوف وتزيد فرص شفائهم عند الإصابة بالأمراض المختلفة ومنها الأمراض القاتلة مثل أمراض القلب والسرطان .
أثبتت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يلتزمون بأداء العبادات من صلاة وصوم اقل إصابة بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب والوسواس القهري والقلق كما ان قوة الوازع الديني تمثل حماية من الوقوع في إدمان الخمور والمخدرات . وهنا نذكر أهمية تعاليم الاسلام الواضحة في تحريم الخمر) .
نسبة الانتحار – كما تذكر آخر الإحصائيات العالمية – وصلن الى رقم هائل هو 8.. ألف حالة انتحار سنويا في أنحاء العالم والمعدل في بعض الدول الأوروبية يصل الى 42 لكل 1.. ألف من السكان بينما لا يزيد معدل حالات الانتحار في الدول الإسلامية عن 2-4 لكل 1.. ألف من السكان ومعنى ذلك ان هذه النسبة في الدول الغربية تزيد على 1. أضعاف الانتحار في الدول الإسلامية والسبب في ذلك يعود الى تعالم الاسلام حول قتل النفس.
الاسلام والصحة النفسية :-
ان المتأمل في العلاقة بين تعاليم الدين الإسلامي وبين تنظيم حياة الانسان وتعديل سلوكه لا بد ان يلاحظ التأثير الإيجابي للالتزام بتعاليم الدين على الصحة النفسية ويتضمن ذلك الوقاية والعلاج من الاضطرابات النفسية التي تزايد انتشارها في العصر الحالي ، والمثال على ذلك تأثير التنشئة الدينية للصغار على ضبط سلوكياتهم ومنعهم من الاستجابة للانحراف ، وكذلك الدعوة الدائمة الى حسن الخلق في التعامل الإنساني بما يخفف من فرص الصراعات التي تسبب القلق ودعوة الدين الى إفشاء السلام وهي دعوة الى الطمأنينة التي تمثل وقاية ضد القلق والاكتئاب والنهي عن الفساد في الأرض يضمن للإنسان الحياة في وسط صحي بعيدا عن كل أسباب التلوث المادي والمعنوي التي يؤدي الى الإصابة بالأمراض .
والالتزام بتعاليم الدين والعبادات لها تأثير إيجابي على الصحة النفسية كما تؤكد الدراسات العلمية والمثال على ذلك تأثير الوضوء على خفض مستوى الغضب والتوتر ن مع الاغتسال بالماء وهو ما ثبت علميا وسبق الى ذلك الحديث الشريف حول هذا الموضوع وفوائد انتظار الصلاة بعد الصلاة وذكر الله في شغل النفس بعيدا عن الوساوس المرضية والقلق ، أمل الانسان في التوبة يفتح له باب الخروج من اتهام النفس وتأنيب الضمير الذي يؤدي ألي اليأس والاكتئاب والتمسك بالأيمان القوي بالله تعالى هو سلاح فعال للوقاية والعلاج والاحتفاظ بحالة دائمة من الصحة النفسية ..وبعد فقد كنا مع هذه التأملات بين العلم الحديث والطب والصحة النفسية وعلاقة ذلك بالمنظور الديني .. ورأينا أننا حين نفكر قليلا نجد أن الحل والمخرج من غالبية ما نواجه من مشكلات وأزمات في حياتنا هو بالعودة الى الله سبحانه وتعالى مع تمنياتي للجميع بصحة نفسية دائمة .