التعقيم
التعقيم هو العملية التي تؤدي إلى قتل أو إزالة جميع الكائنات الحية الدقيقة متضمنة الجراثيم البكتيرية bacterial spores. ومعنى كلمة التعقيم مطلق أي أنه لا وجود لشيء معقم جزئيا بمعنى أن الأشياء إما أن تكون معقمة أو غير معقمة. أيضا يمكن تعريف التعقيم بأنه إزالة عوامل النقل (مثل البكتيريا والفيروسات) من الأسطح والمعدات والغذاء ومن الأوساط الغذائية (biological culture medium). ويمكن تحقيق التعقيم بالطرق الطبيعية أو الكيميائية القاتلة للأحياء الدقيقة أو بالترشيح في حالة السوائل.
ولفهم أساس عملية التعقيم فمن الضروري معرفة حركية الموت Kinetics of Death للأحياء الدقيقة ، والتي يمكن التعبير عنها بالفقد غير الرجعي للقدرة على التكاثر ، ويمكن الاعتماد على هذه الصفة في تقييم عملية التعقيم حيث أن الخلايا الحية فقط هي التي تستطيع تكوين مستعمرات.
عند تعريض مجتمع نقي من الأحياء الدقيقة (نوع معين من البكتيريا) لمعاملة قاتلة مثل المعاملة بالحرارة العالية مثلا فإن حركية الموت تكون دائما لوغارتمية بمعنى أن عدد الأحياء يتناقص بطريقة لوغارتمية مع مرور الوقت وهذا يعني أن كل أفراد المجتمع ذو حساسية متماثلة وأن الاحتمالات فقط هي التي تحدد الوقت الفعلي لموت أي خلية فردية. فإذا رسمت العلاقة عدد الأحياء ووقت تعريض مجتمع معين من الأحياء الدقيقة لمعاملة قاتلة فإننا على خط مستقيم ذو ميل سالب ويمثل المنحنى معدل الموت Death Rate.
يمكن استخدام معدل الموت والعدد الابتدائي لحساب النسبة المتبقية من الأحياء الدقيقة بعد معاملة الأحياء الدقيقة بمعاملة قاتلة لمدة زمنية معينة ونظرا لأن معظم المجتمعات الموجودة في الطبيعة تكون مجتمعات مختلطة فإنه عادة ما يعتمد على أكثر الكائنات الحية الدقيقة مقاومة للحرارة والتي غالبا ما تكون جراثيم البكتيريا . ولذلك فإنه عند الرغبة في تقييم طريقة التعقيم (بالحرارة مثلا) تستخدم معلقات مائية من الجراثيم المقاومة للحرارة المرتفعة. وعند الرغبة في التعقيم بأي معاملة أو طريقة تعقيم أخذين في الاعتبار حركية موت الأحياء الدقيقة فإننا نهدف أن يكون احتمال وجود ولو حتى خلية واحدة في المادة المعقمة صغير جدا جدا . فمثلا عند الرغبة في تعقيم 1 لتر من مستنبت سائل (بيئة سائلة) فإننا يمكن ان نصل إلى الهدف بطريقة عملية عندما تؤدي المعاملة إلى أن يكون عدد الأحياء الدقيقة المتبقية لا يزيد عن خلية واحدة في 610 لتر وعندئذ يكون احتمال وجود أي أحياء دقيقة في تلك الكمية ضئيل جدا بحيث لا يكون لذلك أي أهمية .ومعظم طرق التعقيم في الصناعة تأخذ في الاعتبار درجة كبيرة من الأمان.
طرق التعقيم
أولا : الطرق الطبيعية Physical Methods of Sterilization
1) التعقيم بالحرارة: Sterilization by heat
وتعتبر المعاملة الحرارية هي أكثر المعاملات القاتلة المستخدمة لغرض التعقيم ويمكن أن يتم التعقيم بالحرارة الجافة Dry heat حيث يتم ذلك باستخدام أفران تحت الضغط الجوي العادي أو بالحرارة الرطبة Moist heat التي يتم الحصول عليها بالبخار الرطب Wet steam.
أ) التعقيم بالحرارة الجافة:
تتطلب عملية التعقيم بالحرارة الجافة وقت أطول ودرجة حرارة أعلى منها في حالة التعقيم الرطب وذلك لأن التوصيل الحراري بالهواء أقل كفاءة من البخار الرطب. إضافة إلى أن الخلايا الخضرية للبكتيريا تقاوم الحرارة العالية تحت ظروف الجفاف التام إلى درجة تقترب من مقاومة الجراثيم الداخلية للبكتيريا. لذلك فمعدل الموت للخلايا الجافة أقل كثيرا من معدل الموت للخلايا الرطبة . وتستخدم الحرارة الجافة أساسا لتعقيم الأدوات الزجاجية والمواد الصلبة التي تتحمل الحرارة المرتفعة وتتأثر عكسيا بالبخار وذلك بعد لفها في ورق أو وضعها في عبوات تمنع إعادة التلوث بعد التعقيم كما هو الحال عند تعقيم أطباق بتري والماصات الزجاجية المستخدمة في معامل الأحياء الدقيقة. وتعقم الأدوات بهذه الطريقة بوضعها في معقم الهواء الساخن Hot-air sterilizer على درجة حرارة من 160 – 180° م لمدة 1- 3 ساعات .
ب) التعقيم بالحرارة الرطبة:
يستخدم التعقيم بالبخار الرطب Steam-under-pressure sterilization لتعقيم المحاليل المائية والمواد الأخرى التي تتلف بالحرارة ويستعمل لذلك جهاز خاص يسمى الأوتوكلاف Autoclave (وهو جهاز ضغط صمم لتسخين المحاليل المائية فوق درجة غليانها للوصول للتعقيم واخترع من قبل Charles Chamberland في سنة 1879) والذي يملأ بالبخار الرطب على ضغط أعلى من الضغط الجوي لذلك فالتعقيم يمكن الوصول إليه على درجة حرارة أعلى من درجة حرارة غليان الماء . وتعقم المواد بالأوتوكلاف على درجة حرارة 121° م لمدة 15 دقيقة باستعمال البخار تحت ضغط يساوي تقريبا 15 رطل على البوصة المربعة وعند هذه الدرجة من الحرارة تموت أكثر الأحياء الدقيقة مقاومة للحرارة وهي الجراثيم الداخلية للبكتيريا عند تعريضها لهذه الدرجة لفترة زمنية قصيرة . علما بأن بعض أنواع الجراثيم يمكنها تحمل درجة حرارة غليان الماء لعدة ساعات .(قبل اكتشاف " Strain "121 في عام 2003 كان يعتقد أن التعرض لدرجة حرارة الأوتوكلاف لمدة 15 دقيقة كافية لقتل كل الكائنات الحية الدقيقة . وللتخلص من البريون تنص التوصيات على استخدام درجات حرارة 121-132° م لمدة 60 دقيقة أو 134°م على الأقل لمدة 18 دقيقة والبريون(strain 263K) يمكن القضاء عليه بشكل سريع نسبيا بالتعقيم بهذه الطريقة) ويختلف الوقت اللازم لإتمام عملية التعقيم حسب نوع وكمية المادة التي ستعقم وذلك لكي تصل درجة حرارة جميع أنحاء المحلول إلى درجة حرارة التعقيم.
يمكن الوصول إلى درجة حرارة 121.6 داخل الأوتوكلاف عند ضغط 15 رطل/ البوصة المربعة بشرط أن يتم طر كل الهواء من داخل المعقم لكي يكون كل الضغط المتولد داخل المعقم ناتج عن ضغط بخار الماء ( تحت الظروف العادية وعند الضغط القياسي فأن الماء لا يمكن تسخينه لدرجة أعلى من 100 ° م في أوعية مفتوحة فالتسخين الإضافي سيؤدي إلى الغليان وتوليد البخار ولكن لا يرفع درجة حرارة الماء . ولكن عند تسخين الماء في أوعية مقفلة مانعة للتسرب مثل الأوتوكلاف فإنه من الممكن تسخين الماء إلى درجات حرارة أعلى فعند تسخين الوعاء يرتفع الضغط نتيجة للحجم الثابت للوعاء "قانون الغاز المثالي" وترتفع درجة غليان الماء لأن كمية الطاقة المطلوبة لتوليد البخار ضد الضغط المرتفع تزداد) فعند بداية التعقيم يجب طرد كل الهواء الذي يشغل حيز المعقم الداخلي بواسطة البخار الناتج عن التسخين ، وتزود المعقمات بصمامات خاصة لطرد الهواء ، حيث تترك الصمامات مفتوحة بعد إغلاق المعقم وبعد بدء التشغيل وعند غليان الماء داخل المعقم يحل البخار محل الهواء طاردا إياه من الصمام المذكور ويستدل على خروج الهواء كله من المعقم بخروج تيار مستمر غير متقطع من البخار من الصمام . وبعد تمام طرد الهواء يغلق الصمام ويسمح للضغط بالارتفاع حتى يصل إلى 15 رطل/البوصة المربعة وعادة يتم التعقيم على هذه الدرجة لمدة 15 دقيقة ثم يفصل مصدر الحرارة ويترك المعقم ليبرد تدريجيا حتى ينخفض الضغط إلى مستوى الضغط الجوي العادي ثم يفتح المعقم، ويحظر فتح المعقم قبل انخفاض الضغط لمستوى الضغط الجوي العادي لما قد يسببه من تعرض الشخص القائم بفتحه للبخار المضغوط.
كما تجب الإشارة إلى أن عدم التخلص من الهواء تماما من المعقم يؤدي إلى عدم كفاية المعاملة الحرارية للتعقيم لأن وجود الهواء يقلل من درجات الحرارة التي يمكن الوصول إليها. ولذلك تزود المعقمات بمقياس لدرجة الحرارة (ترمومتر) ومقياس للضغط (مانومتر) كما يجب وجود صمام أمان لتصريف البخار الزائد إذا وجد لمنع انفجار الجهاز إذا استمر توليد البخار فيه بشكل مستمر .
تزود أجهزة الأوتوكلاف الحديثة وكثير منها الآن تنظم فيه عملية التعقيم بشكل آلي بمعدات على أبوابها لا تسمح بفتحها قبل أن ينخفض ضغط الجهاز إلى الدرجة المطلوبة
بعض العوامل المؤثرة في عملية التعقيم بالبخار المضغوط:
الحرارة : إن الجراثيم الداخلية للبكتيريا من صور الحياة الشديدة المقاومة للحرارة ويمكن فقط الوصول إلى درجة الحرارة القاتلة عندما يكون البخار مضغوطا وتعتبر درجة حرارة 121° م كافية لهذا الغرض إذا استمرت للفترة المناسبة من الوقت.
الرطوبة: يتطلب تخثر البروتوبلازم البكتيري (البروتينات والأنزيمات... الخ) عند درجات الحرارة المعتدلة رطوبة فإذا لم تتوفر الرطوبة فإن الحرارة اللازمة لتجميع البروتين تزيد كثيرا ، وكلما ارتفعت درجة حرارة البخار زاد جفافه . لذلك فإن درجة الحرارة ومدة التعريض اللازمة للتعقيم سوف تزيد لتصل إلى ما يقرب من حالة التعقيم بالهواء الساخن (170°م لمدة ساعة) إذا ارتفعت درجة حرارة البخار عن اللازم وعلى ذلك فإن البخار الزائد التسخين قد يفقد بعض كفاءته كعامل لقتل الميكروبات بالإضافة إلى أن زيادة درجة الحرارة قد تكون ضارة بالمواد الجاري تعقيمها.
الضغط: ليس للضغط تأثير في عملية التعقيم على المدى المستعمل بالأوتوكلاف ، غير أن الضغط مطلوب فقط للوصول بالبخار إلى درجة حرارة أعلى من100 ° م.
الوقت: الوقت مطلوب كي يتمكن البخار من النفاذ وتسخين المواد لدرجة حرارة التعقيم المطلوبة . وحتى عند الوصول إلى درجة الحرارة المطلوبة فإن الجراثيم (والخلايا الخضرية) لا تقتل كلها في الحال . فمعدل الموت ثابت عند درجة حرارة معينة وفي كل وحدة زمن تتعرض خلاله الميكروبات لعامل القتل فإن نسبة معينة من الميكروبات تموت . وعادة فإن قتل الجراثيم الداخلية للبكتيريا الحية المحبة للحرارة المرتفعة يحتاج لمدة 11- 12 دقيقة عند درجة حرارة 121° م (حرارة رطبة).
الهواء المحتجز: يكون الهواء البارد الموجود في الحيز الداخلي للمعقم أثقل بمقدار مرتين أو أكثر من البخار عند درجة حرارة التعقيم . فإذا لم يسمح للهواء بالخروج فإن طبقات من الهواء والبخار ستتكون داخل المعقم ، ونظرا لأن الهواء والبخار بطيء الاختلاط فإن الاختلاف في درجات الحرارة بين الطبقات العليا والسفلى سيكون كبير جدا وحتى إذا ما تم اختلاط الهواء بالبخار فإن محصلة الحرارة الناتجة قد تكون أقل من تلك المطلوبة . ومن هنا يتبين أهمية الإحلال الكامل للهواء بواسطة البخار . إذا وصلت قراءة الترمومتر الموجودة على فتحة خروج البخار إلى 100 ° م فمعنى ذلك أنه تم التخلص من كل الهواء الموجود بالأوتوكلاف.
طبيعة المواد المطلوب تعقيمها: عموما فإن المواد الضخمة وغير المنفذة للبخار تحتاج في تعقيمها لوقت أطول ، ولذلك فإنه من الأنسب أن تعقم المواد في أصغر عبوات مناسبة . مثلا نجد أن تعقيم 5 لترات في خمسة دوارق كل منها يسع لترا أفضل من تعقيمها في دورق واحد سعته 5 لترات
يجب أن تسد الدوارق بأغطية قطنية . وإذا كانت هناك ضرورة لاستعمال السدادات البلاستيكية أو غيرها من الأغطية فيجب أن توضع في مكانها بدون إحكام وذلك للسماح للهواء بالخروج وللبخار بالدخول بسهولة ، وأيضا لتجنب انفجار الأواني أو طرد السدادات أثناء تشغيل البخار.
ج) التعقيم بالمعاملة الحرارية المتقطعة: Intermittent sterilization
وتسمى أيضا (Tyndallization) على اسم John Tyndall الذي صمم هذه الطريقة لخفض نشاط جراثيم البكتيريا التي تتبقى من عملية تعقيم الماء البسيطة.
بعض المواد والمحاليل الحيوية لا تتحمل درجات الحرارة الجافة أو الرطبة وينتج عن ذلك تكرمل السكريات أو تجمع البروتينات. وفي مثل هذه الحالة تستخدم درجات حرارة اقل من درجة الحرارة المستخدمة في التعقيم بالحرارة الرطبة ولكن على فترات متعددة والفكرة في التعقيم بهذه الطريقة هو قتل الخلايا الخضرية بالمعاملة الحرارية الأولي (100°م/30 دقيقة) وتؤدي هذه المعاملة الحرارية الأولى إلى تنشيط الجراثيم لكي تنبت ، ثم تعامل المادة الغذائية بالحرارة (100°م/30 دقيقة)مرة ثانية في اليوم الثاني لقتل الخلايا الخضرية وتنشيط البقية الباقية من الجراثيم لكي تنبت ثم تقتل بمعاملة حرارية (100°م/30 دقيقة) مماثلة في اليوم الثالث. ثم نحضن المادة المعقمة بعد ذلك على 30°م للتأكد من خلوها من الأحياء الدقيقة. ولا يلزم في هذه الطريقة استعمل الأوتوكلاف ويمكن استخدام حمام مائي مغطى أو يستخدم معقم أرنولد Arnold Sterilizer. وقد استعمل في الماضي طريقة أخرى مشابهة تعتمد على نفس الأساس لتعقيم سيرم الدم والذي لا يتحمل درجات غليان الماء . فتستخدم درجات حرارة 57°م لمدة ساعة يوميا وتكرر المعاملة لمدة ثمانية أيام متتالية . وهذه الطريقة غير شائعة الاستخدام الآن وتستخدم طرق أخرى أكثر دقة وفاعلية.(وهي فير فعالة ضد الفريون)
وهنالك طريقة أخرى بسيطة تستخدم في تعقيم بعض المعدات الصغيرة المستخدمة في معامل الأحياء الدقيقة وهي التعقيم باللهب حيث توضع أبر التلقيح وLoop على لهب موقد بنزن حتى تتوهج بلون أحمر وهذا يعني أنه تم التخلص من عوامل النقل وهي تستخدم مع الزجاجيات والمعادن الصغيرة.
التعقيم Sterilization (الجزء الثاني)
شمل الجزء الأول :
طرق التعقيم الطبيعة Physical Methods of Sterilization
1- التعقيم بالحرارة Sterilization by heat
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
2) التعقيم بالإشعاعات:
تتكون الأشعة من جزيئات أو موجات كهرومغناطيسية . فلأشعة ذات الجزيئات عبارة عن موجات من الذرات أو الالكترونات أو النيوترونات أما الأشعة الكهرومغناطيسية فهي تشمل موجات الراديو والضوء والأشعة السينية وتتحدد خواص هذه الأشعة بطولها الموجي.وأطول موجات الأشعة هي موجات الراديو وليس لها تأثير يذكر على الأنظمة الحيوية ، أما الأشعة التي تنقص في الطول الموجي عنها فهي الأشعة تحت الحمراء Infrared rays وهي أشعة منتجة للحرارة عندما تمتص ، ويمكن استخدام الأشعة تحت الحمراء ذات الطول الموجي أقل من 1000 نانوميتر وأكبر من 760 نانوميتر من قبل البكتيريا الممثلة للضوء كمصدر للطاقة. أما الجزء المرئي من الأشعة فهو ذلك الجزء من الأشعة الذي له طول موجي يتراوح بين 350 – 760 نانوميتر وهذه الأشعة هي المصدر الأساسي للطاقة للطحالب . أما الأشعة القصر في الطول الموجي فهي الأشعة فوق البنفسجية UV Light ويتراوح طولها الموجي بين 200 – 380 نانوميتر وهي ذات تأثير متلف للأحياء والأنظمة البيولوجية وخاصة كلما قل الطول الموجي. والمصدر الرئيسي لهذه الأنواع من الأشعة هو الشمس إلا أن جزء هام من الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية لا يصل إلى الأرض نتيجة امتصاصه في طبقات الهواء الجوي.
أشعة التأين Ionizing Radiations هي ذات طول موجي أقصر من الأشعة فوق البنفسجية وتشمل الأشعة السينية X-rays وهي عادة تنتج من مصادر صناعية ، وأشعة جاما Gamma rays (مصدرها كوبالت 60 أو سيزيوم 139) وهي شبيهة بالأشعة السينية وتنتج من تحلل المواد المشعة والأشعة الكونية التي تصل إلى الأرض من الفضاء الخارجي وكل أنواع أشعة التأين تسبب تأين الماء ومواد أخرى ولها تأثير ضار على الأحياء.
أ) الأشعة فوق البنفسجية: UV radiations
الأشعة فوق البنفسجية ذات أهمية خاصة في التعقيم نظرا لتأثيرها القاتل على الكائنات الدقيقة . ورغم أن الشمس تشع كميات كبيرة من الأشعة فوق البنفسجية بأطوالها الموجية المختلفة إلا أن معظم هذه الأشعة ذات الطول الموجي القصير وهي ذات التأثير الأقوى في التعقيم تمتص في طبقات الجو أم الأشعة ذات الطول الموجي الأطول وهي ذات التأثير الأقل في التعقيم فيصل معظمها إلى الأرض. والكائنات الحية الدقيقة التي تصل إلى طبقات الجو العليا بطريقة أو أخرى تقل بسرعة بواسطة هذه الأشعة وكذلك الأحياء الدقيقة على أسطح الصخور المعرضة للشمس .
تمتص قواعد البيورين والبيريميدين الموجودة في الأحماض النووية للخلية الأشعة فوق البنفسجية بشدة وأقصى امتصاص لهذه الأشعة هو عند طول موجي 260 نانوميتر . كما أن البروتينات أيضا تمتص الأشعة فوق البنفسجية وأقصى امتصاصا يكون عند الطول الموجي 280 نانوميتر حيث تمتص بواسطة الأحماض الأمينية الحلقية . وقد ثبت أن التأثير القاتل للأشعة فوق البنفسجية إنما يعزى أساسا لتكوين ازدواج الثيمين Thymine Dimers فترتبط قاعدتي ثيمين متجاورتين يبعضهما ارتباطا كيميائيا لينفصلا بذلك عن القاعدتين المقابلتين (أدينين- أدينين) في السلسلة الثانية من الحمض النووي DNA.
وتحتوي كثير من الكائنات على نظم لإصلاح التلف الحادث نتيجة لتكوين ازدواج الثيمين وهذه النظم قد تتم في الضوء فتسمى نظم الإصلاح المنشطة بالضوء أو قد تتم في الظلام فتسمى نظم الإصلاح التي تتم في الظلام ولا يعتبر الضوء ضروري لحدوثها . ونظرا لوجود نظم الإصلاح المذكورة فإن الأشعة فوق البنفسجية تقتل الأحياء الدقيقة إذا كان التلف الحادث في الأحماض النووية أكبر من كفاءة نظم الإصلاح على إصلاحه. ولا شك أن الأشخاص الذين تحتم عليهم أعمالهم التعرض لأشعة الشمس لأوقات طويلة تتأثر جلودهم بذلك تأثر واضح . وتصل الأشعة البنفسجية لأقصى تركيز لها في وسط النهار في الأيام المشمسة الخالية من الغبار حيث يكون اختراق أشعة الشمس لطبقات الهواء أعلى ما يمكن.
وتستغل الأشعة فوق البنفسجية في تعقيم أماكن خ�