أجمع خبراء الأغذية في العالم في دراستهم المستفيضة أن 70 في المئة من الأمراض هي نتيجة الجهل بفوائد ومضار ما يتناوله الإنسان، وأن الوجبات الرئيسة اليومية يجب أن تبدأ بالفواكه والخضار قبل الطعام.
سخر لنا الله سبحانه وتعالى في أرضه من الطعام بصنوف أنواعه ما يحتاجه الجسم من الفيتامينات والأملاح والمعادن والبروتينات والنشويات، وأن ما اكتشف اليوم أنبأ به تعالى في القرآن الكريم قبل 1400 عام، إذ جاء في سورة الواقعة: (وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ)، أي أن الفاكهة مقدمة على الطعام، على رغم أن لحم الطيور يُعد قيمة غذائية أفضل من غيره من اللحوم، ونُشر حديثاً أن سبب طول أعمار أهل التبت هو تناولهم الفواكه قبل الطعام.
والمتأمل في كتاب الله سبحانه وتعالى يقف مسبحاً لإعجازه لأنه أحصى كل شيء عدداً بما في ذلك أنواع الطعام والشراب، فقال تعالى: (قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ)، ونبهنا سبحانه وتعالى إلى فوائد بعض الأطعمة والأشربة التي سخرها لنا، وبدأ بالماء الذي هو عصب الحياة، والذي ورد ذكره في القرآن الكريم 64 مرة، منها قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ).
ولم نسمع يوماً أن عالماً قال بمضار الماء، بل على العكس من ذلك فقد أثبت العلماء أن أفضل الشراب على الإطلاق هو الماء، فهو يغسل الكلى، ويساعد الكبد على امتصاص السموم من الجسم، ويساعد في عملية الهضم، وفي عملية الإخراج، والذي أنزل فيه تعالى سورة باسمه، قال تعالى: (ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، وللعسل منافع كثيرة يعرفها معظم الناس، وهو من أفضل ما يتغذى به الإنسان، حتى قال عنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «عليكم بالشفاءين: العسل والقرآن».
وإذا عرف العلم الحديث فوائد الخضراوات والفواكه، فقد ذكرها سبحانه وتعالى في كتابه في كثير من المواضع، منها قوله: (فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفكهة وأباً). والقضب ما يؤكل من النبات أخضر غضاً طرياً، ولا يحتاج إلى معالجة أو طبخ.
ثم ننتقل إلى الحبوب والتي ذكرت مجملة وتفصيلاً منها قوله سبحانه وتعالى: «مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا»، والبقل هو ما أنبتته الأرض مما لا ساق له من الخضراوات الورقية والجذرية والساقية، ومن البقول الثوم والبصل التي فوائدها لا تعد ولا تحصى، والفوم المذكور في الآية هو الثوم... وقد اكتشف العلماء أن استهلاك الثوم بشكل كبير في إسبانيا كان وراء قلة حالات الإصابات بأمراض القلب وتصلب الشرايين عما هو عليه في دول العالم كافة، وللبصل أيضاً منافع طبية لا تحصى لأنه قاتل للجراثيم، ومقوٍ للشهوة الجنسية، كما أنه مقوٍ للجهاز الهضمي ومنظف للأمعاء.
وورد ذكر الحبوب في القرآن الكريم 12 مرة منها قوله سبحانه وتعالى: (أنبتت سبع سنابل)، ومن الحبوب التي تكون في السنابل القمح والشعير، ولها فوائد غذائية عظيمة، والعدس من البقول التي لها الكثير من الفوائد الغذائية أهمها احتواؤه على مادة الحديد، ومن أنواع الخضار التي ذكرت في القرآن الكريم أيضاً اليقطين، إذ جاء قوله سبحانه وتعالى: (وأنبتنا عليه شجرة من يقطين)، الغني بفيتامين (أ، ب)، وحوامض اللوسين النيرورزين والبيبوزين، وخواصه عدة، والريحان الذي نزل فيه قوله سبحانه وتعالى: (فروح وريحان)، هو اسم لأنواع كثيرة، ومنقوعة له فوائد جمة منها تنشيط الهضم ومسكن للتشنجات وطارد للأرق.
وعودة إلى الفاكهة التي ورد ذكرها مجملة 14 مرة منها قوله سبحانه وتعالى: (فيها فاكهة ونخل ورمان)، ومن الفواكه الوارد ذكرها بالقرآن الكريم العنب، فقد ورد ذكره إحدى عشرة مرة منها قوله تعالى: (هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون)، وقشر العنب يحتوى على مادة «ريزا فيترول» التي أثبتت فعالياتها في الوقاية من الأمراض الخبيثة، وأكله مع بذره يطرد معظم السموم من جسم الإنسان، وعصيره مفيد في تفتيت حصوات الكلى التي تتكون لدى الإنسان، ومنه الزبيب الذي قال فيه الرسول (صلى الله عليه وسلم): «عليكم بالزبيب فإنه يكشف المرة ويذهب البلغم ويشد العصب ويذهب الوصب». وذكر التين في قوله تعالى: «والتين والزيتون»، الذي يقال: إنه أصل غذاء الرياضيين لفوائده الهائلة، والرمان الذي ورد ذكره ثلاث مرات والذي شرابه يشفى من عسر الهضم، والعديد من الأمراض الصدرية ومقوٍ للقلب، أما الزيتون الذي ورد ذكره ست مرات فهو فاكهة وإدام، ففوائده وفوائد زيته مهمة.
فتأثير زيته مزدوج: فهو ينقص من الكولسترول الضار، في حين أنه يحافظ على مستوى عال للكولسترول المفيد، وبذلك فهو يحمي الإنسان من أمراض الشرايين القلبية، ويقلل من الذبحة الصدرية «الخناق الصدري»، ومن جلطة القلب «العضلة القلبية)«، كما أنه مفيد في تخفيض ضغط الدم والسكر لدى المصابين به.
والنخل بأنواعه العديدة، ذكر 20 مرة في القرآن الكريم، وفي ثمره من الفوائد والسكريات ما يغني عن الكثير من الطعام، حتى قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) فيه: «ولا تدعو العشاء ولا بكف من تمر فإن تركه يهوم». والعجوة هي نوع من التمر ونخلها يسمى لينة، والتي قال فيها تعالى: (ما قطعتم من لينةِ).
ذكر تعالى الموز في كتابه العزيز في قوله: (وطلحٍ منضود)، والموز يعد نظاماً غذائياً متكاملاً، لهذا ينصح الأطباء الأمهات بإطعام أطفالهن الموز في السنين الأولى من أعمارهم، لتنشئة أجسامهم على الوجه الأمثل، كما أن الموز مفيد جداً للشهوة الجنسية عند الذكر والأنثى، وهذا بعد ملاحظة علماء البيئة أن القرود تتساند بين ذكورها وإناثها أضعاف ما تفعله الحيوانات الأخرى، بسبب تناولها فاكهة الموز، والموز يعتبر من أهم الأطعمة التي تقوي الذاكرة عند الإنسان.
قال تعالى في السورة نفسها: (في سدرٍ مخضودٍ). والسدر هو شجر النبق، وهي شجرة من الفصيلة السدرية قليلة الارتفاع، وثمرتها النبق حلوة المذاق، وتنمو في بعض دول شمال إفريقيا... يقول من تناولها: «إنها تعطي طاقة كبيرة للجسم»، كما ذكر الزنجبيل في قوله سبحانه وتعالى: (ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً) وفوائد الزنجبيل كثيرة، منها أنه يؤثر على الجسم فيزيد من إنتاج وانتشار مجموعة مرسلات الاستجابة البيولوجية المسماة (إيكوسنويدز)، التي تعمل كوسيط في تقوية جهاز المناعة عند الإنسان.
وبعد ألا نستعيض بالقرآن الكريم عن بعض ما يدخل في جوفنا من الأطعمة التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟
ساحة النقاش