لازالت الطبيعة تهب لنا بأمر الله الكثير من خيراتها ليستفيد  الانسان و يستعين بها على صعوبات الحياه التى تواجهه.  وفى هذا المقال اتحدث عن عشبة براجواى الحلوة  أو  الاستفيا أو ما نريد ان نطلق عليها فى مصر ورقة العسل  و كلها اسماء لنبتة واحدة  نبتة عجيبة  وموطن العجب فيها انها تساوى فى حلاوتها مئات المرات قدر حلاوة    السكروز (سكر القصب) و لها العديد من الاستخدامات فى حياتنا اليومية. والعطية هذه المرة نبات  شبه سكرى فهو لا يعطى السكر  بل   يهبنا طعما غاية فى الحلاوة , فيمكننا استخراج مادته الفعالة الرئيسية التى تتميز بالحلاوة الفائقة مع عدم وجود   طاقة بها و هنا  يكمن العجب العجاب.

و لكن ما قصة النبتة التى نريد ان نطلق عليها فى مصر  ورقة العسل هذه؟؟؟ .... لكى نتعرف  على  ذلك  او للاجابة على هذا التساؤل  علينا  الغوص فى التاريخ و التجوال فى الجغرافيا. ففى غوصنا التاريخى سنعود الى القرن السادس عشر الميلادى , واما تجوالنا الجغرافي فيجعلنا نسافر فى اقطار الارض لنصل الى  قارة امريكا الجنوبية   وتحديدا فى  برجواى  و بالقرب من حدودها مع البرازيل,  حيث نشأ هذا النبات و استخدمه السكان الاصليون  هنود الجواراني  هناك فى التحليه  واطلقوا عليه أسم العشبة الحلوة –كاا هيي-. وعرفوا ان  أوراق نبتة الاستيفيا البرية لها قوة تحلية هائلة,  فإستعملوها لتحسين مذاق مشروبهم المحلى  المسمى -المات المر-  كما استخدموها ايضا فى تحضير بعض الوصفات الدوائية  الخاصة بهم ، وكانوا يقومون  بمضغ اوراقها ذات  المذاق الرائع .

وقبيل نهاية القرن التاسع عشر الميلادى  قدم  أحد علماء  الزراعة  فى براجواى أول  دليل ملموس عن امكانية استخدامها فى التحلية, وتم نشر ذلك فى احدى المجلات العلمية المتخصصة هناك , من ذلك التاريخ عرف العالم نبات ورقة العسل ( الاستفيا)  كمحلى طبيعى و هام, و لم تمر السنوات العشر الاولى من القرن العشرين الا وتم جمع طن من الاوراق المجففة من هذا النبات الساحر ليبدأ انتشار استخدامه  فى امريكيا اللاتينية بالكامل , ولينطلق فيما بعد منها حول العالم.

و بانتشار الاخبار عن وجود هذه العشبة الحلوة الفريدة  بدأ الاهتمام يتسع بها  كاحد المحاصيل  ذات الأهمية التسويقية الكبرى, ودفع ذلك العديد من قطاعات الاعمال و التجارة الى الاهتمام به وخاصة بعد أن ثبت  عدم حدوث أى ضرر للجسم البشرى جراء تناولها,بالاضافة الى أمكانية وامان استخدامها علي حالتها الطبيعية بمجرد تجفيف الاوراق  وطحنها ، كما انها محلى طبيعى  مثالي وآمن لمرضى السكر وايضا و سيلة مناسبة للباحثين و الباحثات عن القوام الرشيق ، ومن  هنا أخذت الاستفيا اهمية تجارية  عالمية عظيمة.

اذن نقول ان نبات ورقة العسل  تحتوى أوراقه على مجموعة من المركبات الطبيعية التي تتميز بمتوسط قوة تحليه عالية  وهذه المجموعة من المركبات يمكن ان نطلق عليها الاستيفيوسيدز, وثبت من الدراسات التى اجريت على الاستخدام  الادمى لمستخلص نبات ورقة العسل  أن الجسم لا يمكنه استخلاص الجلوكوز منه وإدخاله للدم وبالتالي عدم حصول  الجسم علي السعرات  الحرارية منه, ومن هنا  استخدمت مساحيق أوراق الاستيفيا و مستخلصاتها النقية كمكمل  غذائى حيث تكمن فوائده للإنسان  انه مستقر التركيب، منخفض السعرات، يحافظ علي صحة الأسنان عن طريق تخفيض كمية السكّر المتناول و كذلك يفتح باب استخدام الحلويات لمرضي السكر و  الراغبين فى إنقاص الوزن أو الحفاظ على الرشاقة. هذا و تستخدم مستخلصات الاستيفيا من  عدة السنوات كمحليات طبيعية فى الولايات المتحدة الأمريكية , البرازيل وكوريا ، اليابان، الصين، وفي العديد من بلدان الإتحاد الأوربي وبعضا من دول الشرق الأوسط.

و اخيرا اقول اننى آمل فى الفترة القادمة  ان ننتقل من زراعة محصول ورقة العسل (الاستفيا) من مجال البحث و التجريب الى مجال الزراعة  التجارية و الانتاج  الواسع ثم استخلاص مادة الاستيفيوسيدز من اوراقه  و هذا ما سأعمل عليه مع مجموعة من زملائى الباحثين  بمعهد بحوث المحاصيل السكرية  فنوطن زراعته فى مصر و صناعة استخلاص مادته الحلوة المفيدة و الله أسأل التوفيق و السداد.  

ساحة النقاش

د أحمد زكى

Ahmedazarc
يحتوى الموقع على مجموعة من المقالات الخاصة بالزراعة و المياه و البيئة و التنمية المستدامة. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

230,315