تواجه النشاط الزراعي عدة  صعوبات  أهمها التخلص  الآمن  من المخلفات الزراعية حتى لا تتسبب  في تلوث ينجم  عن التخلص الخاطئ منها.   و المخلفات الزراعية  النباتية منها و الحيوانية ,يتوجب علينا إعادة  النظر فيها تماما بدءا  تسميتها وانتهاء بتصنيعها , فلا يصح أن نقول عنها  مخلفات بل يتحتم علينا أن نطلق عليها المتبقيات  و ليس المخلفات   وذلك لأنها جزء هام من منتجات المزرعة  لم نستخدمه جيدا حتى الآن فهو متبق من الإنتاج وليس متخلفا عنه. وهى بحق تعتبر ثروة مهدرة , وإذا قلنا أنه  قد بدأت المناداة بالعودة إلى الطبيعة و استخدام الأسمدة العضوية الآمنة على صحة الإنسان في  الزراعة  وظهرت في الأسواق المنتجات الزراعية  التي يتم إنتاجها بدون كيماويات وبالرغم من ارتفاع أسعارها إلا أنها لاقت إقبالا كبيرا. واستخدام المتبقيات الزراعية في إنتاج أسمدة عضوية  واستخدام تلك الأسمدة العضوية المنتجة  في التسميد هو استغناء عن شراء بعض أو كل الأسمدة وبالتالي توفير في تكاليف عملية الإنتاج الزراعي ,أيضا يمكن أن تكون عملية إنتاج السماد العضوي من المتبقيات الزراعية  وبيعها هو في حد ذاته نشاط اقتصادي مربح. و اليوم توجد العديد من الشركات في مصر و معظم الدول العربية تقوم بهذا النشاط.

تنتج الزراعة في مصر حوالي  خمسين مليون طن من  المتبقيات الزراعية, النباتية  منها في صورة  قش أرز  وتبن قمح  و شعير وفول وحلبة   و أحطاب أذرة  و قطن  ومصاصة وسفير وكعوب قصب السكر وعروش بنجر السكر و الخضراوات  وبقايا  تقليم أشجار الفاكهة  والحشائش,  بالإضافة إلى المتبقيات الحيوانية. يستغل من هذه الكمية ما يزيد عن الربع قليلا  في تغذية الحيوانات و حوالي 10 % منها  في إنتاج علف و سماد عضوي,  أما الباقي و الذي يمثل حوالي 75 %  فيترك  بدون استفادة. ومما يؤسف له أن التخلص منها يكون بأساليب خاطئة  مثل حرقها في الحقل وهذا يحدث في حالة قش الأرز وسفير قصب السكر و أحيانا حطب الذرة و سعف النخيل و ناتج تقليم أشجار الفاكهة كما تستخدم مخلفات الحيوانات و ناتج تقليم أشجار حرق قمائن الطوب.  كما يقوم بعض الزراع  بإلقاء المتبقيات النباتية و الحيوانية على جوانب أو رأس الغيط

مما سبق يتضح أن هناك خسائر كبرى نتكبدها نتيجة التعامل العشوائي مع هذه الثروة فهناك حوالي 37 طن متبقيات زراعية غير مستخدمة استخدام اقتصادي مفيد منها 26 مليون طن نباتية و11 مليون طن حيوانية فهي تعامل كالأتي:-

 أولا: تحرق وتؤدى إلى تلوث الهواء مما ينجم عنه إصابة المواطنين بالأمراض وهذا يؤثر على الاقتصاد القومي  حيث تتحمل الدول أو الأفراد تكلفة علاج المرضى بالإضافة إلى خروج المصابين بالأمراض من قائمة القوة العامة ولو مؤقتا وهذا يؤثر على الإنتاج. كما يؤدي حرق قش الأرز في شمال مصر إلى ظهور السحابة السوداء والتي يكون لها تأثيرات صحية واقتصادية متفاقمة.

  وثانيا: تلقى على جوانب الحقول فتكون مصدرا لإصابة المزروعات المجاورة بالآفات, وكذلك تعريضها إلى مخاطر اندلاع الحرائق.وفى الحالتين هناك خسارة اقتصادية ففي حالة الإصابة بالآفات تزيد من تكلفة الإنتاج وهذا معناه إما خسارة للمزارع أو ارتفاع أسعار السلع الزراعية أو الاثنين معا. إما في حالة تعرض الزراعات للحرائق ففيها القضاء على المحصول بالكامل.

مما سبق يتضح أهمية بل ضرورة  إعادة النظر في أسلوب تعاملنا مع المتبقيات الزراعية فبدلا من حرقها أو إلقائها يجب العمل على تدويرها و الاستفادة منها وهناك  سبل عدة  لتدوير المتبقيات الزراعية للتخلص الآمن وفى ذات الوقت تعظيم  الاستفادة منها.  وتختلف هذه الوسائل طبقا لنوع المتبقيات والتكنولوجيات المتاحة للاستخدام  و كذلك الغرض من عملية التدوير.

 أما حيويا حيث  يتم تسخير الكائنات الحية الدقيقة لتحويل هذه المتبقيات الزراعية إلى منتج مفيد كالأسمدة العضوية الصناعية التي تستخدم في الزراعة ويعتمد عليها بشكل كبير في الأراضي حديثة الاستصلاح والتي تزرع بأسلوب الزراعة النظيفة لإنتاج سلعغذائية  خالية من الكيماويات  آمنه للمستهلكين و مربحة للمنتجين و يمكن تصديرها فتعود بالعملات الأجنبية  للدولة. و الأعلاف حيث يتم صناعة السيلاج من البقايا الخضراء لقصب وبنجر السكر و الأذره بأنواعها. كما يتم إنتاج الوقود الحيوي منها وذلك  بمعاملتها  بسلالات  خاصة من الخمائر لتنتج مادة الايثانول.

 و السبيل الأخر هو معاملة المتبقيات الزراعية  كيميائيا  لإنتاج الورق  والكرتون و بعض المركبات الكيميائية الوسيطة  ويتم هذا بصفة خاصة مع متبقيات القصب  وقش الأرز و الذرة الرفيعة.

  وثالث سبل التدوير هو  التدوير اليدوي  حيث تدخل في الصناعات  اليدوية لإنتاج مستلزمات للمنازل وسلع فلكلورية تتواكب وثقافة المنطقة المنتجة بها  ويمكن تسويقها بأسعار ممتازة  مثل متبقيات  تقليم النخيل و كذلك  أحطاب محصول الحناء وغيرها مما هو على شاكلتها.

 وأخيرا ميكانيكيا   الطحن و/ أو الكبس  واستخدامها  في صناعة الخشب المضغوط وضغطها في شكل مصبعات و استخدامها كوقود.

ومن ذلك نقول أن إعادة النظر في التعامل مع المتبقيات الزراعية يؤدى إلى تحويل الخسائر التي يتكبدها المزارع أو المواطن العادي أو حتى الاقتصاد القومي إلى مكاسب مادية عالية للمزارع والدولة وتقليل حمل التلوث البيئي وبالتالي تجنيب المواطنين  من الإصابة بالأمراض الناجمة عن التلوث البيئي المتسبب فيه التخلص العشوائي من المتبقيات الزراعية  وهذا ما نسعى إليه.

 وهنا نريد أن نلفت أنظار الزراعيين والمزارعين ومنظمات المجتمع المدني والشركات الناشطة في المجال الزراعي وأخيرا الدولة  إلى تعديل أسلوب تعاملنا مع هذه الثروة المهدرة التي أطلقنا عليها المتبقيات الزراعية علنا نستفيد منها  في إنتاج الأغذية للإنسان والأعلاف لحيواناته و الأسمدة العضوية لمزروعاته وتجنيبه أضرارها.

ساحة النقاش

alymady

الموضوع ممتاذ د. أحمد زكى أبو كنيز . وبالصدفة كنت ابحث عن ماكينة لطحن ناتج تقليم اشجار العنب .حيث لدي 30فدان منتجة ولا اجد من لدية او يصنع هذة الماكينة . فاتمني ان اجد الحل لديك (ماكينة طحن او فرم ناتج التقليم) وشكرا

د أحمد زكى

Ahmedazarc
يحتوى الموقع على مجموعة من المقالات الخاصة بالزراعة و المياه و البيئة و التنمية المستدامة. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

230,276