لم يكن أمرا هينا ولم تكن حادثة قليلة الأهمية بل أن تسرب أكثر من مائة طن سولار في نهر النيل يعد امرأ عظيما لا يجب أن يمر علينا دون مدارسة ما حدث و تقييم كيفية تعاطينا معه لأنه يجب أن نقول للمجد شكرا    وللمتهاون لماذا تهاونت؟

 في البداية لابد أن نسأل  شركة جنوب الوادي القابضة للبترول لماذا تستخدمون نهر النيل في نقل منتجاتكم رغم معرفتكم بما يحف ذلك من مخاطر على مياه نهر النيل التي هي المصدر الرئيسي  لمياه الشرب  في مصر  و للاستخدامات الأخرى من زراعة وصناعة وسياحة, ألم يدر في خلدكم و انتم تستخدمون الصنادل.. تلك المعدات التي تنتمي إلى عصر المماليك إنها تمثل خطورة على النيل وان احتمال وصول السولار أو أي مواد أخرى تنقل بهذه الوسيلة لمياه نهر النيل أمرا  واردا  جدا وخاصة أن هذا الأمر تكرر كثيرا  في الفترة القريبة  الماضية. ثم هل ارتفاع تكاليف النقل البرى مبررا مناسبا للمخاطرة بمياه النيل؟ وهل بعد ما سببتموه من الهلع والكدر وخلق حالة قلق قومي تنامون قريري العين دونما تأنيب من ضمير ولو للحظات قليلة؟؟؟؟

أما السادة القائمون على شركة النيل للنقل النهري أي الشركة المالكة للصندل بالله عليكم ما هي  السنة التي صنع فيها صندلكم القابع نصفه تحت مياه النيل شمال مدينة أسوان؟ ولماذا لم تتطور شركتكم وتستخدم من المعدات  ما هو  أكثر تطورا من صندلكم الدفاع هذا  لنقل السلع في نهر النيل؟ ثم إذا لم تكن هناك جهات أخرى تفتش على معداتكم ألا تقوموا انتم بمراجعة دورية على صنادلكم لبيان مدى صلاحيتها للاستخدام ليس خوفا على مياه النيل بل خوفا على معداتكم وعمالكم, ثم سيادة ريس (قائد) الصندل كيف تسنى لك أن تترك صندلك بدون تفريع لتذهب وتقضى أجازتك مع عائلتك وتترك لنا صندلك الكارثة وتذهب. سيدي الريس  إن قدامى المراكبية كانوا إذا قرروا أن يتركوا صنادلهم كانوا يقوموا بإبعادها عن الشاطئ تحسبا لانخفاض منسوب المياه حتى لا تصدم بقاع النهر, وهذا ما لم تدركه فحدث ما نعلمه جميعا. وطبقا لنص القانون انك لم تبذل  جهد الشخص المعتاد لمنع وقوع الكارثة. ثم لماذا وافقت الشركتان المالكة للصندل والمالكة للسولار على النقل في هذه الفترة طالما لن يتم تفريغ الصندل المتهالك بمجرد وصوله, أما كان الأفضل تأخير الموضوع برمته؟

و الغريب الذي لا أكاد أصدقه  بعد أن قرأته في الصحف أن ريس الصندل ( قائده) أفرجت عنه النيابة بضمان محل إقامته!!!!!!! وبالرغم من ذلك فإننا نتوقع إنزال عقوبة شديدة بمالك الصندل وقائده ومستأجره لنقل السولار طبقا للعقوبات المنصوص عليها عند مخالفة المادتين 31 ,32 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 4 لسنة 1994.

 أما وزارة الموارد المائية والري ووزارة البيئة و شركة مياه الشرب بأسوان  والأقصر فإنهم جميعا وبلا استثناء تعاملوا مع الحادثة بمنطق رد الفعل فما كان لديهم أكثر من الدفاع السلبي قفل  المياه عن الترع وهذا أدى إلى عطش الزراعات في أسوان وجنوب الأقصر وقفل كافة محطات المياه في أسوان والأقصر وترك الأهالي لجشاعة تجار المياه المعدنية الذين تغالوا في أسعارها.

كما أن منع وسائل الإعلام  من التواجد في منطقة الحادث  أدى إلى خلق حالة عدم يقين عام لدى المواطنين بما يحدث أو ما يتم , بل وما زاد  الأمر غرابة الإعلان في أسوان عن قطع مياه الشرب لمدة ثلاثة أيام  من خلال مكبرات الصوت  ليس هذا فحسب بل بيانات عاجلة من خلال إذاعة وتلفزيون جنوب الصعيد حتى يوفر الأهالي احتياجاتهم من المياه, ثم يعقب ذلك  نفيا قاطعا من شركة مياه الشرب لهذا الكلام. ثم نفاجأ بقطعها فعليا لمدد تتراوح بين 6 – 13 ساعة في اليوم التالي للحادثة أي الأحد 12 سبتمبر 2010 . وهنا حاولنا الحصول على بعض المعلومات الدقيقة عن الموضوع من موقع محافظة أسوان على الشبكة العنكبوتية ( الانترنت) فلم نجدا شيئا ,وهذا أمر غريب  فإذا تم منع وسائل الإعلام من الاقتراب من موقع الحادث فأن ذلك يوجب أن يكون موقع المحافظة على الانترنت به كافة البيانات أولا بأول منعا من انتشار الشائعات و الأخبار الكاذبة من مغرضين أو جهلة.

أما وزارة البيئة فقد أكتفت بإصدار البيانات والتصريحات فقط. ولكن عليها في الوقت القادم استخدام الضبطية القضائية التي منحها القانون لبعض من موظفيها في توقيع الجزاء اللازم على هذه الصنادل الغير مطابقة للمواصفات وغيرها التي تعرض مياه نهر النيل للتلوث.

من كل ما سبق نستطيع أن نؤكد أننا لسنا مهيئين للتعامل مع مثل هذه الحوادث المفاجئة و الغريب في الأمر انه لدينا إدارات لمواجهة الكوارث لا ادري ماذا تفعل؟

ولكن في النهاية ورغم كل ما سبق مرت الأزمة بسلام ونجحت محافظة أسوان وشركة مياه الشرب في أسوان ووزارة الموارد المائية والري في إبعاد البقعة السولارية ولم يتأثر بها احد وقاموا بتنظيف بقايا السولار من الأخوار و الحشائش ومآخذ المياه لمحطات الشرب  وهذا في حد ذاته نجاح يشكروا عليه على كل حال.

لكن النجاح الأعظم هو ما قامت به محافظة الأقصر نجاح يجعلنا ننحني لهم احتراما ونرفع لهم القبعات فقد كان تعاملهم ايجابي مع البقعة فاستخدموا إمكاناتهم المتاحة للقضاء على البقعة حيث تمت محاصرتها بين قناطر إسنا القديمة وقناطر إسنا الجديدة  واللتان يفصل بينهما   حوالي 2 كيلومتر وتم شفطها وإلقاءها في الصحراء وهو تصرف  جيد في ظل الظروف المحيطة.

 

المصدر: البيئة الان
  • Currently 34/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 505 مشاهدة

ساحة النقاش

د أحمد زكى

Ahmedazarc
يحتوى الموقع على مجموعة من المقالات الخاصة بالزراعة و المياه و البيئة و التنمية المستدامة. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

230,254