هذه النصيحة او تلك الدعوة لم تكن معروفة و معتادة منذ اكثر من عقدين من الزمان  , بل يمكن ان نعتبرها ضرب من الخيال.

و الواقع ان زراعة قصب السكر  فى مصر تكتنفها بعض الثوابت التى استقرت فى عقلنا الباطن و صرنا نؤمن بها  وننفذها بدون تفكير أو محاولة الاستقصاء و على سبيل المثال أن قصب السكر لن ينجح الا فى الاراضى ذات الخصوبة العالية او ما تعودنا ان نطلق عليها اراضى الدرجة الاولى او ان القصب شره وغول فى استهلاك المياه.

و فى الاونة الاخيرة  وجدنا من يزرع القصب فى الاراضى الرملية و الجيرية او لنقل بصفة عامة  أن الاراضى الفقيرة و حديثة الاستصلاح منزرعة بالقصب و الكثير منها يحقق محصولاً يساوى الاراضى القديمة بل و يتجاوزها. و أيضا بدأنا بعض التدقيقات فى الاحتياجات المائية للقصب ووجدناها لا تصل الى السبعة الاف متر مكعب للفدان فى الموسم . الأمر الذى يشى  بأمر واقع واضح وهو أن القصب متهم  برىء من استهلاك مياه مصر.

لكن ما أود ان أدعوا اليه فى هذا المقال هو تعميم ممارسات شتل القصب و هو أمر ليس بجديد فمن أكثر من خمسة عشر عاماً  بدأ معهد بحوث المحاصيل السكرية فى تجريبها وبدأ فى  تطبيقها  لدى المزاعين منذ اكثر من عشرة أعوام ,حتى  صارت اليوم ممارسة عادية جداً و تصلح تماماً فى مصر, والآن اصبح توجهاً قومياً للدولة و بدأت وزارة الزراعة  فى انشاء محطتين لانتاج شتلات قصب السكر المعتمدة يقوم عليها معهد بحوث المحاصيل السكرية الاولى فى مركز كوم امبو و الثانية فى مركز ادفو , لانتاج ما يقرب من مائة مليون شتلة فى الموسم ,أذن فالمعهد بدأ بالمرحلة التجريبية  ثم المرحلة التطبيقية  الارشادية على نطاق محدود و الآن هو يسعى ممثلاً لوزارة الزراعة و بتوجيهات الدولة المصرية الى الانتاج المليونى للشتلات.

 و فى ذات الوقت وجدنا شركة السكر و الصناعات التكاملية المصرية , و  بعضاً من القطاع الخاص  يفكرون فى السير على نهج المعهد  فى انتاج  الشتلات  وبيعها للمزارعين  و ان كانت باعداد محدودة أو قليلة لكنها البداية.

و لكن لنعود ونقول ان عملية زراعة القصب بالشتل ليست ترفاً   فنحن فى أمس الحاجة اليها للاتى:

زيادة فى المحصول من وحدة المساحة

توفير المياه المستخدمة فى الرى فى مرحلتى الانبات و التفريع

التخلص من مشكلة انخفاض انتاجية الخلف المسنة

توفير كمية التقاوى المستخدمة

اعطاء فرصة لزراعة محصول شتوى قبل شتل القصب فى الارض المستديمة مثل القمح او الشعير ....الخ.

خفض تكاليف الزراعة.

كل ما سبق من مردودات ايجابية  على زراعة وانتاج قصب السكر تكمن فى  زراعة الفدان بحوالى سبعة آلاف شتلة قصب من أحدى  محطتى انتاج شتلات القصب التابعة لمعهد بحوث المحاصيل السكرية أو من مشتل معتمد وتحت اشراف المعهد .  والاطلاع على التوصيات  الفنية للمعهد فى هذا الشأن و تنفيذها بدقة.

ولكل ما سبق نجد  انفسنا مدفوعين بالعمل الجاد و الاسراع بنشر هذه التقنية بين مزارعى قصب السكر فى مصر ,و الواقع انها لن تكون امراً جديداً على المزارعين فى مصر بل ان المعهد قد ما رسها كثيراً و على نطاق تطبيقى لدى مزارعى القصب فى كافة ربوع مناطق الانتاج الرئيسية لقصب السكر فى مصر العليا و مصر الوسطى  بل وهناك بعض الافراد نقلوا هذه التقنية عن المهعد و شرعوا فى العمل بها للاستفادة منها , وهناك الكثير من المزارعين لديهم محاولات بسيطة للقيام بالشتل بانفسهم و فى ظل خبرة وامكانيات متواضعه الا ان الامر يحتاج هيكلة المبادرة و تنظيمها و تقسيمها حتى يمكن ان يجد المزارع من يمده بالشتلات  المعتمده بالقدر الذى يريده وباسعار مناسبة.

و الامر الايجابى الذى لمسه المزارعون بانفسهم عندما نفذ المعهد تجاربه الارشادية عن  شتل القصب فى حقولهم زيادة فعلية فى دخولهم من خلال زيادة كبيرة فى المحصول نتيجة ضبط عدد النباتات بالفدان وهذا يصب فى النهاية فى زيادة حقيقية ملوسسة فى محصول القصب . كما يمكن استخدام الشتلات فى الترقيع بما يؤدى الى عدم انخفاض المحصول بزيادة عدد الخلفات و فى ذات الوقت يمكن زيادة عدد الخلفات المأخوذة من الزراعة الواحدة لسنوات عديدة ,طالما أن الحقل نظيف من الحشائش, و عدم  انتشار  الآفات بشكل كبير فى الحقل . كما ان المزارع الذى زرع حقلا كاملا بالشتل استفاد فى انه زرع حقله بالقمح وحصل على انتاج ارضه من القمح و التبن ثم تمكن من زراعة القصب  وتمكن من اقتناص محصول عالى.

بالاضافة الى انخفاض الكمية المستخدمة من التقاوى و التوفير فى مياه الرى  و سيكون ذلك ملموساً فى الحقول التى تروى بالرفع فسيقل استهلاك الوقود, فى مساحة الفدان حيث  تمكث الشتلات  بالمشتل  لمدة شهرين ونصف  الى ثلاثة أشهر و تحصل على ثلاث ريات وهذه بالطبع يتم توفيرها.

هذا على مستوى المزرعة أو مستوى المزارع , ولكن ماذا عن مستوى الدولة أى على المستوى القومى, هنا نقول سوف تحدث فائدة قومية او جملة فوائد قومية منها خفض كميات المياه المستخدمة فى الرى   ,  الاقتراب من الاكتفاء الذاتى  من السكر , زيادة الناتج الاجمالى القومى , توفير عملة صعبة بتقليل  استيراد السكر .

وقد لاحظ باحثوا المعهد  فى  احد موقع انتاج شتلات (قطاع خاص)  وجود اصابات مرضية (فطرية, فيروسية, بكتيرية ) فى بعض الشتلات بالاضافة الى اهداراً كبيرا فى التقاوى المستخدمة بمعنى انه تم رصد  اتلالاً من عقل البراعم  الجافة التى لم تنجح فى الانبات بالقرب من هذا المشتل ,و تعتبر هذه خسارة كبيرة كما أن نسبة نجاح الشتلات عند نقلها الى الارض المستديمة تتراوح ما بين 60- 70% الامر الذى يثقل  كاهل المزارع باعادة الترقيع وهذا معناه تكاليف اضافية , لذا فقد وضع معهد بحوث المحاصيل السكرية نظام صارم لانتاج تقاوى معتمدة تستخدم فى انتاج الشتلات و هذه التقاوى تتم زراعتها و معاملتها معاملات خاصة حتى تعطى اكبر معدل من الانبات و بالفعل بدأ فى تنفيذ هذه الحقول فى مساحات صغيرة  هذا الموسم  ومتوقع زيادها خلال  الموسم القادم, كما تم وضع معاملات و أنظمة و أدوات خاصة  لانتاج الشتلات تجعل نسبة نجاحها فى الارض المستديمة تقارب 100%, اذا ما التزم المزارع بتوجيهات و توصيات المعهد فى معاملة الشتلة خلال هذه المرحلة الهامة.

 و فى النهاية  أقول أنه  يتوجب علينا تنظيم صناعة انتاج الشتلات ووضع  النظم والهياكل المنفذة  تحت مظلة معهد بحوث المحاصيل السكرية كجهة أولى معنية بالمحصول  ولديها كل تفاصيل هذا الفكر الجديد الذى وضعه اعضاء الهيئة البحثية بالمعهد منذ أمد بعيد  و لازالوا  يأطرون ويطورون حتى تكون الشتلات معتمدة و سليمة و خالية من الاصابات بالامراض أو الحشرات و متوفرة لمن يرغب. وهذا أمر بديهى حتى لا تحدث عشوائية فى انتاج و تداول الشتلات يكون من شأنها الاضرار بزراعة و انتاج قصب السكر فى مصر.

المصدر: د احمد زكى ابو كنيز موقع اجرى توداى الالكترونى مجلة الحصاد

ساحة النقاش

د أحمد زكى

Ahmedazarc
يحتوى الموقع على مجموعة من المقالات الخاصة بالزراعة و المياه و البيئة و التنمية المستدامة. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

201,357