الثــــورة المباركـــــــــــــــة

مهندس / أحمد إبراهيم حمدين

مزرعة أسماك برسيق

لا يختلف أحد في أن الثورة يقترن معناها دائماً بمفاهيم التغيير، حيث  أن التغيير المقصود بالثورة ليس مجرد التغيير أياً كان شكله أو صفته، بل المقصود به أن يكون تغييراً شاملاً وجذرياً يتعلق بالشكل والمضمون، يتناول النظام قبل الأشخاص، ويستهدف الأوضاع والدستور والقوانين والعلاقات الداخلية والخارجية للدولة، ولا يستثني شيئاً منها. فالثورة لا تقتضي أن تكون سياسية وحسب، بل تقتضي أن تكون سياسية واجتماعية واقتصادية ودستورية، بمعنى أن تكون ثورة شاملة عامة، أي أن تكون جذرية انقلابية.

وتعتبر ثورة 25 يناير أو ثورة الغضب المصري أو الثورة البيضاء ثورة مصر والتي أثبتت أن الشعب المصري لازال بخير، يوم هب من غفوته وناضل ضد الظلم والاستبداد وسلب الحريات، مما أدى إلى خضوع الظالمين أمامه وأمام حركته المباركة.

اليوم أعاد المصريون كتابة التاريخ بسواعد الشباب الأطهار الذين قادوا الثورة المباركة، وأحدثوا في أقل من ثلاثة أسابيع ما لم تستطع أن تحققه الجماعات الإسلامية والأحزاب السياسية والعمليات الجهادية في عشرات السنين، اليوم المصريون يغيرون وجه العالم بأسره، ويغيرون النظام العالمي القديم، المصريون اليوم يجبرون أمريكا وإسرائيل وغيرهما من قوى الشر التي دعمت وجود الدكتاتوريات القديمة مثل بن علي ومبارك وغيرهما، على أن يغيروا قواعد اللعبة الدولية، ويتخلوا عن دعم هؤلاء الشر في منطقتنا العربية والإسلامية.

فلا أظن أنه من المبالغة في القول إن سقوط النظام المصري يمكن أن يعتبر الحدث الأهم في الخمسين سنة الماضية. ولا أظن أحدًا كان يحلم ولو مجرد الحلم بسقوط النظام المصري الأقوى والأهم بين الأنظمة العربية، لا سيما المجاورة لإسرائيل، محور الصراع .

ولعل من أبرز مميزات ثورتنا المباركة في مصر أنها استطاعت -أو في طريقها- أن تحرر العقل المصري من أفكار ومعتقدات سلبية متخلفة، وتحرره من أوهام وأكاذيب نسجتها الأنظمة الحاكمة على مدار عقود، وكذلك أيقظت وعي الشعب ونبهته إلى أعداء الداخل الحقيقيين الذين يرتعون في خيرات هذا البلد الكريم .

إن المصريون اليوم قالوا كلمتهم الأخيرة وغيروا شعار حياتهم، وغيروا معه وجه التاريخ والعالم بأسره، وبدلوا أشعارهم السابقة وأصبح شاعرهم يقول اليوم:

لا تسقني ماء الحياة بذلة *** بل اسقني بالعـز كأس الحنظـل

مـاء الحياة بذلة كجهنم *** وجهنـم بالعز أشـرف منـزل