العلاج بتعديل السلوك يعتمد على القاعدة العامة منذ وجدت المخلوقات ، وهي الثواب والعقاب ،ونعني بتعديل السلوك تغيير اتجاهه بطريقة منهجية ومدروسة . وبما ان جميع انواع السلوك بغض النظر عن سببها ، يمكن ان تغير وان تعدل ، فالتفنن في تعديل السلوك يركز على ما يحدثه السلوك من متغيرات في البيئة المحيطة ، بدلا من اهتمامه بالاسباب المباشرة لحصول ذلك السلوك .
فالطفل الذي يتميز بالمشاغبة والصراخ والعناد لسبب ما يؤدي لجذب انتباه الأهل ليسارعوا إلى الاستجابة لطلبه ، وذلك العمل بحد ذاته مكافأة له على عناده ، ويمكن ان نشجعه على تكرار ذلك كلما دعت الضرورة .
ان التفنن في تعديل السلوك هو الأسلوب الذي نتبعه من أجل التأثير على المتغيرات الحاصلة بنتيجته ، وعندما يطرأ ذلك التغيير مفيدا كان أم ضارا يؤدي فيما بعد إلى الحفز على تكراره أو الردع عن تكراره.
الخطوات نحو تعديل السلوك :
1-انتقاء السلوك المنوي تغييره وذلك بمراقبة فالطفل ومراقبه دقيقة لحسابه وقياسه وفي عملية تغيير السلوك المستهدف يمكن ان يشترك أكثر من شخص لتوخي اقصى حد من الموضوعية في احتساب مؤشرات السلوك المستهدف .
2-التقويم الكمي للسلوك :
خلال قيامنا بهذه الخطوة نحدد بالصدد تكرار حدوث السلوك المستهدف لدى الطفل (السلوك الذي نريد تعديله) واحتساب المرات التي يحدث بها السلوك المستهدف في زمن معين كما يمكننا ان نرسم مستوى اداء السلوك .
3-التقويم الكيفي للسلوك :
وتلك الخطوة تعني قياس كيف حصل السلوك وما هي الظروف المحيطة بالطفل أثناء حصول السلوك .
4-التدخل :
بعد تحديد مستوى حدوث السلوك المستهدف ومعرفة كمه وكيفة نبدأ بتخطيط برنامج علاجي يرمي إلى تعديله وتحدد هذه الخطوة مدى نجاح عملية تعديل السلوك المستهدف أو فشلها وذلك بالكشف عن مدى تكرار حدوث ذلك السلوك المستهدف خلال عملية التدخل ومقارنته بالمستوى الاساسي للتكرار ، الذي كان عليه السلوك قبل التدخل وبنتيجة تلك المقارنة يمكن :
أ- تقرير الاستقرار في البرنامج العلاجي .
ب- اجراء تعديل على البرنامج العلاجي .
ج- إنهاء البرنامج العلاجي ، اذا ما حصلت التغيرات المطلوبة بالنسبة إلى تكرار السلوك المستهدف .
مثال على الوصول إلى السلوك المستهدف :
باستعمالنا الأساليب التي تحدثنا عنها سابقا لتعديل الكثير من التصرفات الشاذة التي كثيرا ما يقوم بها الأطفال التوحدييين . سنناقش هنا أفضل الوسائل لجعل الولد يلازم مقعده (في الصف ) فكيف نتمكن من تدريبه على ذلك ؟
أ- يمكن تنبيه الطفل بالصراخ كلما غادر مقعده لدفعه إلى العودة ، ولكنه اسلوب غير مرغوب فيه ، وهناك اساليب أفضل يمكننا اتباعها مع الولد .اذا ان الصراخ بحد ذاته امر مزعج للمعلم وللولد في اغلب الأحيان ، فبدلا من المحافظة على العلاقات الحسنة بين التلميذ والمعلم ، تنشأ علاقة سلبية ، والصغير السريع الحركات والمندفع دائما ، لن يكتسب عادة التراجع بالصراخ عليه ،لأن ذلك لا يفسر له كيفية الإلتزام بمقعده ، فإذا صرخ عليه كلما غادر مقعده ، اصبح هذا شئ طبيعي بالنسبة اليه لأنه يسمع ذلك الصراخ كلما قام بعمل لا يرضي المعلم ، ومن ناحية أخرى يحلو لكثير من الأولاد مغادرة مقاعدهم لجذب انتباه المدرب ، فيحصلون على ما يصبون اليه بمكافئتهم وذلك بأن يعبر المعلم عن اهتمامه لهم ، وذلك يدفع غيره من التلاميذ لتقليده طمعا بانتباه واهتمام المعلم ان الطفل التوحدي في بعض الاحيان لا يدرك مدى اهمية ملازمة المقعد بالنسبة اليه خاصة في أوقات الدراسة . فإذا ما تلقى التأنيب والتوبيخ لمغادرة مقعده اثناء الدراسة بينما يطلب منه مغادرة مقعده (دون توبيخ ) عندما تكون هناك العاب أو انشطة خارجية او داخلية .
ان أكثر الأطفال التوحديين لا يتمكنوا من تحديد الفرق بين فترة الدرس وفترة اللعب فيختلط الأمر عليهم ويزداد أداؤهم للسلوك السوي تعقيدا بالنسبة لهم . فعلى المعلم أن يدرب الولد على ملازمة مقعده إذا ما طلب منه ذلك ، وليس خوفا من العقاب ، بل إطاعة للأمر .
وهناك نقطة إضافية تعقد الموقف ، فبعد ان يصرخ المعلم على الطفل مؤنبا ، قد يعود الطفل إلى مقعده ويبدأ بالبكاء ، والإزعاج للتعبير عن عدم رضاه ، فيزعج رفاقه ويدفع المعلم إلى الإلتفات إليه ثانية ، ويكون قد كوفئ على عمله هذا بجذب انتباه المعلم لمرة الثانية ، ويمكن ان يتمكن الطفل من اجبار المدرب على ملازمته والوقوف قرب مقعده ، وبذلك يأسر المدرب ويمنعه من أداء واجبه اتجاه بقية أفراد المجموعة وإذا ما ابتعد المعلم غادر الطفل مقعده ليلقي الصراخ ، ليبكي ويزعج ، ليدفع المعلم ثانية لملازمته وهكذا يأخذ الطفل من الإهتمام ما يفوق حاجته بكثير إذا الصراخ لا يؤدي إلى الوصول إلى السلوك المطلوب بل أحيانا يزود الولد بتصرفات شاذة جديدة .
ب- المكافأة المشروطة بالأداء الكامل فقط :
يكافأ الولد بعد التأكد من ملازمة مقعده لمدة 20 دقيقة متواصلة ، ولكن تطبيق ذلك أقرب من المستحيل ، وخاصة عند الصغار أصحاب النشاط الزائد ، والذين لم يتعودوا المكوث في وضع معين ولو لدقيقة واحدة.
ج- المكافآت التدريجية :
وهذا هو الحل التدريجي يتطلب مكافأة الطفل لملازمة مقعده دون متاعب لفترة قصيرة من الزمن ، وفي المرحلة الأولى يطلب من الطفل المكوث في مقعده لمدة 5 ثوان قبل ان يكافأ ماديا أو معنويا ، وعلى المعلم ان يتأكد من ان الولد قد نفذ ذلك الطلب بدقة قبل مكافأته ، وبعد ان يكرر عملية الجلوس في كرسيه لمدة 5 ثوان لعدة مرات يقوم المعلم بزيادة الوقت المطلوب ان يمكث فيه على كرسيه فلنقل 15 ثانية ثم يكافأ وهكذا يمكن الوصول إلى 5 دقائق ثم 8 دقائق ثم 10 ثم 15 حتى الـ 20 دقيقة ونرى ان ذلك التطور التدريجي في تنفيذ الأمر يجري بسلاسة و دون مضايقة لكلا الطرفين المعلم والولد.
ولكن ماذا يستطيع المعلم عمله إذا ما فشل في جعل الطفل يمكث في مقعده ولو لثانية واحدة .
نحل هذا الإشكال بالطريقة التالية : نكافئ الولد مباشرة بعد أن نتأكد أنه لاحظ وجود الكرسي ، ينادي المعلم الولد حتى يحضر إلى جانب الكرسي ، يكافأ الولد بعد التأكد من القيام بذلك التصرف لعدة مرات بشكل مقبول ، يزيد المعلم الخطوات الواجب تنفيذها لحصول الولد على المكافأة فيمكنه ان يطلب منه الإمساك بالكرسي لمدة ثوان معدودة ثم الجلوس لثوان معدودة ثم لدقائق حتى الوصول إلى 20 دقيقة متتالية .
المصدر: من كتاب اعاقة التوحد المعلوم المجهول اعداد فادي رفيق شبلي
نشرت فى 13 ديسمبر 2009
بواسطة AbrarMasr
مؤسسة أبرار مصر لتنمية المجتمع
• مؤسسة أبرار مصر لتنمية المجتمع مؤسسة خيرية مركزية مقيدة برقم 671 بوزارة التضامن الإجتماعي لسنة 2013 • حاصلة على صفة النفع العام بالقرار رقم ( 294 ) لسنة 2008 وتعمل على مستوى الجمهورية ومن أهم أنشطتها رعاية المعاقين ذهنيا وتحفيظهم القرآن الكريم واقامة مشروعات التنمية الاقتصادية للأرامل والمطلقات العنوان »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
483,779
ساحة النقاش