AMIGOLAND

خبرة في الاسشارات الزراعية والتوعية البيئية

ا

 

 

 وكان الثلاثة من أقوي الشخصيات في مصر‏,‏ فمصر في الثمانينيات كانت ساحة مفتوحة أمام مليارات الجنيهات جمعتها شركات توظيف الأموال من المصريين‏,‏ والشركات لها معاملات وصلات علنية وسرية مع رجال الدولة ومؤسسات عامة وصحفيين وإعلاميين ووزراء ورجال أعمال واقتصاديين‏,‏ و كلها مدونة في ملفات سمينة وثمينة كوثائق ومستندات أو تحريات‏!‏ باختصار كانت مصارين مصر مكشوفة أمام مباحث الأموال العامة‏,‏ والمعرفة هي مصدر القوة الذي لا ينضب‏!‏ جاء الألفي إلي الداخلية وتجددت العلاقات القديمة داخل الوزارة‏,‏ وتشكلت شلة عرفت باسم وزراء الداخلية الخمسة‏,‏ أي أن الألفي لم يحكم الداخلية بمفرده‏,‏ وإنما كان يشاركه أربعة من وزراء الظل إذا جاز هذا التعبير‏..‏ وقد أغلق بعضهم الشوارع المحيطة بمسكنه وأقام عليها المتاريس‏,‏ ولم يكن يتحرك ذهابا وإيابا دون ركب يضاهي ركب الوزير الأول‏..‏ اللواء رءوف المناوي‏..‏ الذي اخترع تعبيرا جديدا للغاية وهو الإعلام الأمني من باب تدليل إدارة العلاقات العامة بالداخلية‏,‏ اسم يناسب طموحه واحلامه‏,‏ وما الذي يمنع أن يكون خلفا لصفوت الشريف وزير الإعلام حينذاك‏,‏ فمثل هذه المناصب لا تدوم لأصحابها إلي الأبد؟‏!,‏ ولا بد أن تكون البدائل جاهزة ولها اتصالات وعلاقات قوية‏,‏ وقد صنع فعلا وزارة إعلام ذات نفوذ‏.‏ اللواء فاروق المقرحي‏..‏وانشئت له إدارة عامة لمباحث تنفيذ الأحكام‏..‏ اللواء رضا الغمري‏..‏عديل الوزير وتولي الإدارة العامة لشئون مكتب الوزير‏.‏ اللواء علاء عباس‏..‏وحكايته حكاية‏,‏ فلم يكن في الخدمة‏,‏ لأنه استقال من الداخلية وعمل في الحكم المحلي مع حسن الألفي في محافظة أسيوط‏,‏ والقانون لا يسمح للضابط المستقيل بالعودة إلي الداخلية إلا خلال السنة الأولي فقط من خروجه منها‏,‏ فكيف يعود علاء وقد أمضي ثلاث سنوات مستقيلا؟ دبروا له خطة بسيطة‏,‏ أن يرفع دعوي أمام القضاء الإداري مطالبا بعودته إلي العمل‏,‏ وعند نظر القضية يتكاسل محامي الحكومة في الدفاع عن الداخلية‏,‏ فيصدر الحكم لمصلحة صاحب الدعوي‏,‏ فتنصاع الداخلية لحكم القضاء‏,‏ فلا مؤسسة فوق القانون‏,‏ ويعود علاء عباس إلي الخدمة في مكتب الوزير‏!‏ في هذه الأثناء وقعت مصادمات مكتومة بين الوزير حسن الألفي واللواء أحمد العادلي مدير مباحث أمن الدولة‏,‏ ولأسباب تتعلق بعقلية رجال الداخلية أو عقد نفسية أو واقع تفرضه الوظيفة‏,‏ الله أعلم‏,‏ كان أحمد العالي يراقب الوزير ورجاله المقربين‏,‏ وفتح لكل منهم‏,‏ خاصة أن الوزير الألفي كان له نقط ضعف إنسانية سهلها له ضابط كبير كان يصاحب الألفي في جولاته الخاصة كما لو أنه سكرتيره الشخصي‏,‏ ولن نذكر اسمه‏.‏ فكان السؤال الذي فرض نفسه علي كبار الداخلية‏:‏ كيف نتخلص من أحمد العادلي؟‏!‏ كان التخلص من العادلي مسألة صعبة جدا‏,‏ فالعادلي له ظهر يحميه هو رئيس الجمهورية‏,‏ الذي يؤمن بكفاءته ويقدره ويثق فيه‏,‏ وقد تعاظمت ثقة الرئيس فيه بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها حسني مبارك في يونيو‏1995‏ بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا‏.‏ كان الرئيس قد عقد اجتماعا قبل الزيارة مع قيادات الأجهزة السيادية في الدولة‏,‏ وطلب أحمد العادلي من الرئيس أن يصطحب معه سيارته المصفحة وحراسة مشددة مسلحة لا تسلم أسلحتها للأمن الأثيوبي مهما حدث‏..‏ وسأله الرئيس عن السبب‏,‏ فقال له إن لديه معلومات شبه مؤكدة أن ثمة مؤامرة لاغتياله هناك من الجماعات المتطرفة‏.‏ وهي نفس المعلومات التي أوردتها أجهزة معلومات أخري‏,‏ ونصحت بالسيارة المصفحة‏..‏ وحدث ما تنبأ به أحمد العادلي‏,‏ فصار أيقونة الأمان لحياة الرئيس ومحاوره في مكالمات تليفونية طويلة‏..‏فمن الذي يستطيع أن يزيح أيقونة الأمان من مكانها؟‏!‏ لكن محاولات الإطاحة بأحمد العادلي لم تخمد أو تهدأ قليلا‏.‏ فكان السؤال‏:‏ ومن البديل الذي لا يتعبنا ولا يناطحنا رأسا برأس؟ ودارت ماكينة البحث في كل اتجاه‏,‏ وعن كل الأسماء المتاحة‏,‏ حتي اهتدت إلي البقعة البعيدة في سيناء‏:‏ حبيب إبراهيم العادلي‏!‏ لكن بقيت معضلة‏:‏ كيف نأتي بـ مساعد وزير يشغل وظيفة هامشية إلي أرفع جهاز أمن في الداخلية؟‏!‏ وكان الحل بسيطا للغاية‏:‏ ننقله إلي وظيفة مهمة يلمع فيها بضعة أشهر أولا؟‏!‏ وبعد فشل محاولة اغتيال الرئيس مبارك بأربعة أشهر فقط‏,‏ وجد حبيب العادلي نفسه مديرا لأمن القاهرة‏(‏ العاصمة‏),‏ من الوظائف الحلم لأي ضابط‏..‏ كان أداء العادلي مثار سخرية من ضباط الداخلية المحترفين‏,‏ فمن نصيبه كانت انتخابات مجلس الشعب‏1995,‏ ومازالوا يذكرون له تصريحات إذاعية تفطس من الضحك مثل وتمكنت مديرية أمن القاهرة من ضبط سيارة محملة بكميات من الزلط والأسمنت لاستخدامها في إفساد العملية الانتخابية من جانب العناصر المناهضة لكن لا السخرية ولا التندر ولا عربات الاسمنت ولا قذف الزلط في الانتخابات عاقت حبيب العادلي عن الوصول إلي رئاسة أمن الدولة‏..‏ كان تخطيط الشلة مثل القطار الرصاصة ينطلق نحو هدفه‏..‏ وكان أحمد العادلي علي الجانب الآخر يعد عدته‏,‏ ويكاد يشعر بملمس مقعد وزير الداخلية تحته مع مطلع كل شمس‏,‏ وكان يتوقع صدور قرار الرئيس بين لحظة وأخري‏,‏ ليحيلهم جميعا إلي جهاز الكسب غير المشروع‏!‏ لكن تدبير الشلة هو الذي نجح‏..‏إذ اصطادوا أحمد العادلي من أضعف نقطة في نفسية الرئيس مبارك‏.‏ أقل من خمسة اشهر فقط شغل فيها حبيب العادلي منصب مدير أمن القاهرة‏,‏ رفع خلالها وزير الداخلية تقريرا مرفقا به تسجيلات إلي الرئيس يفيد أن مدير جهاز أمن الدولة يتنصت عليه وعلي أسرته‏..‏ في صباح اليوم التالي من وصول التقرير إلي القصر الرئاسي في مصر الجديدة‏,‏ رن التليفون الاحمر في مكتب وزير الداخلية‏,‏ وجاءه صوت الرئيس غاضبا‏:‏ من الذي يتولي وزارة الداخلية؟‏!‏ استشعر حسن الألفي الخجل‏..‏ وقال‏:‏ أحمد العادلي يسبب لي متاعب كثيرة علي طول الخط‏,‏ وكنت عايز أمشيه‏.‏ سأله الرئيس سؤالا هو في حد نفسه إجابة‏:‏ وما الذي يمنعك؟‏!‏ كان الرئيس قبلها مقلوبا علي أحمد العادلي إلي حد ما‏,‏ بسبب قضية سفينة محملة بسلاح وقادمة من إيطاليا‏,‏ وكانت المخابرات العامة ترصدها من ميناء الخروج في طريقها إلي الشرق الأوسط‏,‏ وتتابع خطواتها لمعرفة صاحب الشحنة‏,‏ وتصادف أن كان لأمن الدولة مصدر علي متن السفينة‏,‏ فترقب وصول السفينة‏,‏ وفور رسوها قبضوا عليها‏,‏ وصادروا سلاحها‏,‏ وأسرع احمد العادلي يزف الخبر الهائل إلي رئيس الجمهورية‏,‏ فما كان من الرئيس إلا أن طلب عمر سليمان رئيس المخابرات يسأله في أمر السفينة وكيف غفل عنها‏,‏ فرد سليمان بأنه سبق وأبلغ الرئيس شفاهة بخبرها قبل فترة‏,‏ في أثناء الاصطفاف لاستقبال رئيس دولة الإمارات العربية‏,‏ وأن تصرفات أمن الدولة دون التنسيق مع المخابرات أفسد علينا معرفة الهدف النهائي لها‏.‏ بعد مكالمة الرئيس‏..‏ أصدر الوزير حسن الألفي قرارا بإنهاء خدمة أحمد العادلي وتعيين حبيب العادلي خلفا له علي عرش مباحث أمن الدولة كما كان مخططا من قبل‏!‏ أما أحمد العادلي فقد اهانوه‏,‏ وأغلقوا الدور الذي يقع فيه مكتبه‏,‏ ليغادر في أسانسير الجنود والافراد‏,‏ وليس في الاسانسير الخاص بكبار الضباط‏!

المصدر: الاهرام


 

 

د

المصدر: الاهرام
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 149 مشاهدة
نشرت فى 14 مارس 2011 بواسطة AMIGOLAND

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

16,687