قال الله سبحانه وتعالى: (اذكروني أذكركم)
وقال رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (علامة حب الله حب ذكر الله وعلامة بغض الله بغض ذكر الله)،
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيضا (من أكثر ذكر الله أحبه الله)، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم (من أحب شيئا أكثر من ذكره)، أي إذا كنت تذكرالله بلسانك وقلبك فهذا يدل أنك تحب الله، والله سيحبك وسيذكرك كما تذكره بل أكثر بكثير وأعظم ممات ذكره، فإذا ذكرك الله أحبك، وإذا أحبك الله لن يعذبك، واذا احبك الله أدخلك الجنة، واذا احبك الله حقق لك كل أمنياتك كما قال سيدنا رسول الله: (الذاكر لله لاترد دعوته) وإذا أحبك الله أسعدك وأراح بالك ونعمك، واذا أحبك الله قربك منه، وإذا أحبك الله رفع منزلتك ومقامك في الدنيا والآخرة، والأهم من ذلك كله أن الذاكر يكون جليسا لله، كما قال ربنا سبحانه وتعالى: (أنا جليس من ذكرني) والذاكر لله يصبح غال جداعند الله.
وإذا كنت لا تذكر الله فهو يدل أنك لا تحب الله والله لن يحبك ولن يذكرك، وسيحرمك من خير كثير، وستكون عند الله كمثل الأموات، كما قال ربنا سبحانه وتعالى: (نسوا الله فنسيهم) وقال تعالى: (نسوا الله فأنساهم أنفسهم)، وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون)،
وقال صلى الله عليه وآله وسلم (مثل الذي يذكر ربه والذي لايذكر ربه كمثل الحي والميت), فإذا كنت صادقا في محبتك لله وتحب التقرب منه سبحانه، وتحب الخير لنفسك، وأن تكون من أكثر الناس حظا وسعادة في الدنيا والآخرة ينبغي عليك أن تذكر الله ذكرا كثيرا كما أراد الله، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا)،
قال سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم (ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله),
قال موسى عليه السلام: (يارب وددت أني أعلم من تحب من عبادك فأحبه قال إذا رأيت عبدي يكثر ذكري فأنا أذنت له في ذلك وأنا أحبه وإذا رأيت عبدي لا يذكرني فأنا حجبته عن ذلك وأنا أبغضه),
وقال موسى عليه السلام (يا رب علمني شيئا اذكرك به وأدعوك به قال يا موسى قل لا إله إلا الله قال يا رب كل عبادك يقول هذا قال قل لا إله إلا الله قال لا إله إلا أنت يا رب إنما أريد شيئا تخصني به قال يا موسى لو كانت السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة لرجحت لا إله إلا الله)
وفي بعض الأخبار القدسية عن الله عزوجل أنه قال: (إن لي عبادا يحبونني وأحبهم، ويشتاقون إلى وأشتاق إليهم، ويذكرونني وأذكرهم وأول ما أعطيهم أن أقذف من نوري في قلوبهم، فيخبرون عني كما أخبر عنهم، ولو كانت السماوات والأرض وما فيهما في موازينهم لاستقللتها لهم، وأقبل بوجهي عليهم، لا يعلم أحد ما أريد أن أعطيهم).
وورد أيضا في الحديث القدسي عن الله عزوجل أنه قال (أهل ذكري أهل مجالستي فمن أراد أن يجالسني فليذكرني).
وجاء أيضا في الحديث القدسي (أنا جليس من ذكرني، أنا مع عبدي إذا ذكرني وتحركت بي شفتاه، إذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في الملأ الأعلى في ملأ خير من ملئه)،
وأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن الله تعالى يقول (إذا كان الغالب على عبدي الاشتغال بي جعلت نعيمه ولذته في ذكري فإذا جعلت نعيمه ولذته في ذكري عشقني وعشقته).
وأوحى الله تعالى إلى سيدنا داود عليه السلام: (أخبر أهل الأرض بأني حبيب لمن أحبني ، جليس لمن جالسني، مؤنس لمن أنس بي).
أوحى الله إلى عيسى بن مريم عليه السلام: )أنزلني من نفسك كهمك، واجعلني ذخرا لك في معادك، وتقرب إلي بالنوافل أحبك، ولا تول غيري فأخذلك، اصبر على البلاء وارض بالقضاء، وكن لمسرتي فيك، فإن مسرتي أن أطاع فلا أعصى، وكن مني قريبا، وأحي ذكري بلسانك، ولتكن مودتي في صدرك، تيقظ من ساعات الغفلة، واحكم في لطيف الفطنة، وكن لي راغبا ، وأمت قلبك في الخشية لي، نافس في الخيرات جهدك، واعترف بالخير حيث توجهت، وقم في الخلائق بنصيحتي، واحكم في عبادي بعدلي).
وأوحى الله تعالى إلى سيدنا داود: (يا داود، إني لا أنسى من ينساني، فكيف أنسى من يذكرني ؟).
إن ذكر الله هو مفتاح السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة، كما قال سبحانه وتعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب). وقال تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد، ألا وإن جلاؤها ذكر الله والصلاة)، وقال أيضا صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا إن في الجسد لمضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد القلب كله ألا وهي القلب) فالنفس المطمئنة هي النفس التي تذكر الله، فالقلوب لاتسكن ولا تسعد إلا بذكرالله عزوجل، وذكر الله يذهب جميع الأحزان، وكيف لا يكون ذلك والله هو من خلق تلك القلوب وهو أعلم بأسرارها؟ والذاكر يعطيه الله جميع أمنياته، لكن يجب أن نذكر الله تعالى مع كمال الحب والشوق إليه لا من أجل أن يعطينا، وأن نذكره من أجل ذكره لنا، فإنه ذكرنا وهو غني عنا، وأنعم علينا قبل أن نطلب منه، فذكره لنا أعظم من ذكرنا له. فإذا ذكرك الله ملأ قلبك سعادة وطمأنينة ووفقك في حياتك وأكرمك ونعمك وأعطاك ماتتتمنى.
أوحى الله إلى سيدنا داوود عليه السلام (قد كذب من ادعى محبتي فاذا جنه الليل نام عني أليس كل محب يحب لقاء حبيبه فها أنا ذا موجود لمن طلبني)
وقال موسى عليه السلام (يا رب أين أنت فأقصدك فقال إذا قصدت فقد وصلت).
وأوحى الله تعالى إلى آدم عليه السلام (يا آدم من أحب حبيبا صدق قوله، من أنس بحبيبه رضي فعله، ومن اشتاق إليه جد في مسيره).
أوحى الله إلى موسى: (اطلبني تجدني ، فإن وجدتني فقد وجدت كل شيء وإن فتك فقد فاتك كل شيء).
إذا كيف نذكر الله؟ الجواب: الذكر يجب أن يكون بنوعين معا (سري وجهري) كما قال ربنا سبحانه: (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ودون الجهر من القول) أما السري تخصيص وقت معين كل يوم، لفترة لاتقل عن نصف ساعة صباحا ونصف ساعة مساء، ويفضل في الفترة ( قبل آذان الفجر، وقبل آذان المغرب)، يقول الله سبحانه وتعالى: ( واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا) من دون انقطاع أبدا ولا يوم، ويجب أن يكون هذا الذكر في مكان هادئ، وخال، ومظلم إن أمكن مع حضور القلب، أي تستشعر أن الله معك، قال الله تعالى: (واذكر اسم ربك وتبتل اليه تبتيلا)، والتبتيل هو الانقطاع، ويقول ربنا في الحديث القدسي: (أنا جليس من ذكرني) أي مجالسة روحية، فتخيل هذا الشرف العظيم، الله سبحانه وتعالى يكون جليسا لك وأنت تذكره، وأفضل الذكر أن تقول (لا إله إلا الله). يقول الله عزوجل: (لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي)، ولكن هناك شرط أساسي لتحقيق الذكرأو لكي يعتبر ذكرك ذكرا صحيحا، وهو يجب على الذاكر أن يعلم معنى (لا إله إلا الله) أي أنه ليس هناك معبود إلا الله، ولا رازق إلا الله ولا معطي إلا الله ولا مانع إلا الله، ولا ضار ولا نافع إلا الله، ولا أحد بيده الخير إلا الله، ولا يتصرف في هذا الوجود إلا الله، وأن يراقب الذاكر الله في أعماله ويقلل من الذنوب والمعاصي قدر المستطاع، مع الالتزام بالاستغفار، وأن تصبر على الذكر ولا تتعجل النتيجة، وحاول أن تبذل جهدك مااستطعت في الذكر، وليس المقصود من الذكر التكرار أو العدد، ولكن المقصود الإخلاص لله تعالى، وأن تشعر أن الله معك وأنه حاضر معك، وأن تشعر بجلاله وهيبته وعظمته. و النوع الآخر من الذكر هو (الجهري)، والذي لا يحتاج إلا وقت معين أو مكان معين، فهو في كل الأوقات والأمكنة، ويجب أن تكثر منه مااستطعت، كما قال ربنا سبحانه وتعالى: ( ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكره وأصيلا)، مثلا وأنت ذاهب في طريقك، وأنت جالس مع أصحابك، وأنت في الباص، وأنت في العمل.... ويمكن أن تذكر بالقلب أو باللسان، وهناك أذكار كثيرة أخرى مثل: ( أستغفر الله، أو سبحان الله، أو الحمد لله، أو لا إله إلا الله، أو الله أكبر، أو تبارك الله، أو لاحول ولا قوة إلا بالله، أو سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وبحمده، أو اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله) .
قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (من قال سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم و بحمده كتب الله له ثلاثة آلاف حسنة و محا عنه ثلاثة آلاف سيئة و رفع له ثلاثة آلاف درجة و يخلق منها طائرا في الجنة يسبح و كان أجر تسبيحه له).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (من قال سبحان الله غرس الله له بها شجرة في الجنة ، و من قال الحمد لله غرس الله له بها شجرة في الجنة ، ومن قال لا إله إلا الله غرس الله له بها شجرة في الجنة ، ومن قال الله أكبر غرس الله له بها شجرة في الجنة)، والشجرة في الجنة خير من الدنيا ومافيها، حيث يسير الراكب في ظلها مئة عام كما أخبرنا بذلك سيدنا رسول الله.
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من مؤمن و لا مؤمنة إلا وله وكيل في الجنة ان قرأ القرآن بنى له القصور و ان سبح غرس له الاشجار و ان كف كف).
وقال صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله غرست له شجرة في الجنة من ياقوتة حمراء منبتها في مسك أبيض أحلى من العسل و أشد بياضا من الثلج و أطيب ريحا من المسك فيها ثمار أمثال أثداء الأبكار تفلق عن سبعين حلة).
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من عبد يقول لا إله إلا الله مائة مرة إلا بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر). ومع أن ثواب الذكر عظيم جداً عند الله، إلا أنه يستحب أن يكون الهدف من الذكر هو حب الله، وليس الأجر، فحب الله هو الغاية القصوى التي يجب أن نسعى إليها، لأن الله يستحق المحبة الخالصة من قلوبنا لأنه هو أرحم الراحمين وهو أكرم الأكرمين، فقد ملأ سبحانه هذا الكون آيات رحمة ومحبة،
وكما قالت السيدة رابعة العدوية في شعرها:
أحبك حبين حب الهوى وحبا لأنك أهل لذاكا
فأما الذى هو حب الهوى فشغلى بذكرك عمن سواكا
وأما الذى أنت أهل له فكشفك لى الحجب حتى أراكا
فكلما زاد الذكر ازدادت المحبة وكلما ازدادت المحبة ازدادت اللذة، وازداد القرب. و المحبة الحقيقية هي تخلية القلب من حب أي محبوب إلا الله، لأن القلب هو بيت الرب،
كما قال ربنا سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: (عجزت السماوات والأرض أن تسعني ووسعني قلب عبدي المؤمن) ومن علامات هذه المحبة كمال الانس بمناجاته سبحانه، وكمال التنعم بالخلوة معه،
قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (ليس يتحسر أهل الجنة إلا عن ساعة مرت بهم لم يذكروا الله عز وجل فيها) .
قال عيسى ابن مريم عليه السلام: (لا تكثروا الحديث بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب العباد كأنكم أرباب وانظروا فيها كأنكم عبيد، فإنما الناس رجلان معافى ومبتلى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يقعد قوم يذكرون الله فيه إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده),
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا: ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم؟ قالوا بلى يارسول الله، قال: ذكر الله)،
وقال أيضا (أكثروا ذكر الله عز وجل حتى يقال إنه مجنون).
وقال صلى الله عليه وسلم: (يقول الرب عز وجل يوم القيامة: سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكرم ،فقيل : ومن أهل الكرم يا رسول الله ؟ قال: أهل الذكر في المساجد). فإذا أردت أن تحصل على كل ذلك الخير ماعليك إلا أن (تذكر الله يوميا وبمكان خال بمعدل ساعة على الاقل كل يوم مع الاخلاص في الذكر أي ذكر الله محبة لله، وأن يكون الذكر بشكل يومي من دون انقطاع ولا يوم، ويفضل في الفترة مابعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس) فهذه ساعة مباركة، وهي وقت الذكر، ولأن في هذا الوقت ينزل الأرزاق على عباده، فالذي ينام في هذا الوقت يكون رزقه مقطوع فاحذر النوم في هذا الوقت،
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صحابته يذكرون الله كل يوم في المسجد في هذا الوقت وبقي الأمر كذكل في عهد الخلفاء الراشدين، ثم بعد ذلك ترك المسلمون ذلك ونسوه. فها أنا ذا قد كشفت لك الكنز، والباقي عليك، ونصيحتي لك أن لا تنسى ذكر الله أبدا، فذكر الله هو حياتك وهو وجودك، وهو كرامتك، فإن كنت تطلب السعادة الدائمة في الدنيا والآخرة فاستغرق عمرك كله في الذكر الدائم لله عزوجل.
وسأقترح عليك برنامجا للذكر تلتزم به إن أحببت ذلك (أستغفر الله العظيم وأتوب إليه 100 مرة، لا إله إلا الله 1000 مرة، سبحان الله وبحمده 100 مرة، الحمد لله 100 مرة، الله أكبر 100 مرة، تبارك الله 100 مرة، اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله 100 مرة، لاحول ولا قوة إلا بالله 100 مرة).
يقول الله تعالى جل جلاله: (وعزتي وجلالي، وجودي وكرمي، وارتفاعي فوق عرشي في علو مكاني، لأقطعن آمال كل مؤمل لغيري بالإياس، ولأكسونه ثوب المذلة بين الناس، ولأنحينه من قربي، ولأقطعنه من وصلي، أيؤمل غيري في النوائب، والشدائد بيدي؟ وأنا الحي، ويرجى غيري ويقرع بالكفر باب غيري، وبيدي مفاتح الأبواب، وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني؟ ومن ذا الذي أملني لنائبة فقطعت به دونها؟ ومن ذا الذي رجاني بعظيم جرمه فقطعت رجاءه مني؟ ومن ذا الذي قرع بابي فلم أفتح له؟ جعلت آمال خلقي بيني وبينهم متصلة، فقطعت بغيري، وجعلت رجاءهم مدخورا لهم عندي فلم يرضوا بحفظي، وملأت سماواتي بمن لايملون تسبيحي من ملائكتي، وأمرتهم ألا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي فلم يثقوا بقولي، ألم يعلم من طرقته نائبة من نوائبي أنه لايملك كشفها أحد غيري؟ فما لي أراه بآماله معرضا عني؟ ومالي أراه لاهيا إلى سواي؟ أعطيته بجودي مالم يسألني ثم انتزعته منه فلم يسألني رده وسأل غيري، أفتراني أبدأ بالعطية قبل المسألة ثم أسأل فلا أجيب سائلي؟ أبخيل أنا فيبخلني خلقي؟ أليس الدنيا والآخرة لي؟ أوليس الجود والكرم لي؟ أوليس أنا محل الآمال؟ فمن ذا الذي يقطعها دوني؟ وماعسى أن يؤمل المؤملون لو قلت لأهل سماواتي وأهل أرضي أملوني، ثم أعطيت كل واحد منهم من الفكر مثل ماأعطيت الجميع ماانتقص ذلك من ملكي عضو ذرة، وكيف ينقص ملك كامل أنا فيه؟ فيا بؤس القانطين من رحمتي، ويابؤس من عصاني ولم يراقبني، ووثب على محارمي ولم يستح مني).
يقول الله تعالى جل جلاله: (إني والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويعبد غيري ، أرزق ويشكر سواي ، خيري إلي العباد نازل وشرهم إلي صاعد ، أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم ! ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إلي ، أهل ذكري أهل مجالستي ، من أراد أن يجالسني فليذكرني ، أهل طاعتي أهل محبتي ، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ، إن تابوا إلي فأنا حبيتهم ، وإن أبوا فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب ، من أتاني منهم تائبا تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني ناديته من قريب ، أقول له : أين تذهب؟ ألك رب سواي ، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد ، والسيئة عندي بمثلها وأعفو ، وعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرتها لهم).
يقول الله تعالى جل جلاله: (ياعبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا. يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم. يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أطعمكم . يا عبادي، كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم. يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم . يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. ياعبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئا. ياعبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك في ملكي شيئا.يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. ياعبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).
إن من لا يذكر الله كثيرا بلسانه وقلبه سوف يتعب في حياته تعبا شديدا وستكون حياته واخرته كالجحيم، كما قال ربنا سبحانه وتعالى في القران الكريم: (ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا) أي عذابا شاقا مؤلما متصاعدا، ويقول الله جل جلاله: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) أي من لايذكر الله تعالى سيعيش حياة الغم والهم والحزن والتعب، وسيبعثه الله يوم القيامة أعمى. يقول ربنا سبحانه وتعالى: ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين * وانهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون) أي أن من يغفل عن ذكر الله ولو قليلا سوف يضيع، ويظن نفسه انه على هدى وصواب وهو على ضلال.
ساحة النقاش