رقم الحديث الحادي والعشرون

 

عن أبي عَمْرو، وَقِيلَ: أبي عَمْرَةَ، سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثّقَفيِّ رَضيَ اللهُ عَنْهُ قَال: قُلْتُ: يا رَسُولَ الله، قُلْ لي في الإِسْلاَمِ قَوْلاً، لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً غَيْرَكَ. قَال: "قُلْ: آمَنْتُ باللهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ". رواه مسلم.
مفردات الحديث:
"
في الإسلام": أي في عقيدته وشريعته.
"
قولاً": جامعاً لمعاني الدين، واضحاً لا يحتاج إلى تفسير.
"
قل آمنت بالله": جدد إيمانك بالله متذكراً بقلبك ذاكراً بلسانك لتستحضرَ جميع تفاصيل أركان الإيمان.
"
ثم استقم": أي داومْ واثبت على عمل الطاعات، والانتهاء عن جميع المخالفات.
المعنى العام:
معنى الاستقامة: إن قول النبي صلى الله عليه وسلم "قل آمنت بالله ثم استقم" مأخوذ من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا..} [فصلت: 30] وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأحقاف: 13]. والمراد: الاستقامة على التوحيد الكامل.
والاستقامة درجة بها كمال الأمور، وبوجودها حصول الخيرات ونظامها، ومن لم يكن مستقيماً في حالته ضاع سعيه وخاب جِدّه. والاستقامة هي سلوك الصراط المستقيم، وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها كذلك، فصارت هذه الوصية جامعة لخصال الخير كلها.
استقامة القلب: وأصل الاستقامة استقامة القلب على التوحيد، ومتى استقام القلب على معرفة الله وعلى خشيته، وإجلاله ومهابته ومحبته، وإرادته ورجائه ودعائه، والتوكل عليه والإعراض عما سواه، استقامت الجوارح كلها على طاعته، لأن القلب هو ملك الأعضاء وهي جنوده، فإذا استقام الملك استقامت جنوده ورعاياه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" رواه البخاري ومسلم. [انظر الحديث 6]
استقامة اللسان: وأعظم ما يراعى استقامته بعد القلب من الجوارح اللسان، فإنه ترجمان القلب والمعبِّر عنه، ويؤكد هذا ما ورد في رواية الترمذي : "قلت: يا رسول الله ما أخوف ما يخاف عليّ ؟ فأخذ بلسان نفسه". وما رواه الإمام أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه".
فوائد الاستقامة: إن الاستقامة ثبات وانتصار، ورجولة وفوز في معركة الطاعات والأهواء والرغبات، ولذلك استحق الذين استقاموا أن تتنزل عليهم الملائكة في الحياة الدنيا، ليطردوا من حياتهم الخوف والحزن، وليبشروهم بالجنة، وليعلنوا وقوفهم إلى جانبهم في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت: 30].
ما يستفاد من الحديث: يرشد الحديث إلى الأمر بالاستقامة على التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده. وحرص الصحابة على تعلّم دينهم والمحافظة على أيمانهم

 

  محمد ديوان      [email protected]

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,215,649