authentication required

نجاح طريقة 3-5-2 المصرية

يقدم الناقد والمحلل البريطاني الشهير جوناثان ويلسون تحليلا مفصلا لأسلوب أداء المنتخب المصري في الملعب، شارحا مميزاته وعيوبه، والأسلوب الذي يمكن أن يتبعه المنتخب الإنجليزي في مواجهته.

وطرح ويلسون في تحليله المطول المنشور في صحيفة "جارديان" يوم الثلاثاء تساؤلا مفاده: كيف تفوز مصر بثلاثة ألقاب إفريقية متتالية في ظل اللعب بأسلوب عتيق تم التخلي عنه من معظم فرق العالم في السنوات الأخيرة؟

التطور ليس عملية ثابتة أو أحادية الاتجاه، لذا دائما ما تجد آثارا من الماضي تتعلق بأساليب المستقبل. وفيما هجرت معظم فرق العالم أسلوب 3-5-2، لايزال المصريون يجدونه فعالا للغاية، حتى أن مدربهم حسن شحاتة يجرب طريقة 4-4-2 في المباريات الودية ولكنه دائما ما يعود للطريقة الأصلية في المنافسات الرسمية.

ويؤكد أحمد حسن قائد المنتخب المصري بالفعل أن العالم أجمع تخلى عن هذه الطريقة، ولكنه يتساءل – وله كل الحق في ذلك – لماذا نغيرها إذا كانت تجلب لنا كل هذا النجاح. ويضيف "جميعنا نشعر بالارتياح في الملعب وفقا لهذه الطريقة .. إننا فريق يتمتع بخبرة كبيرة جراء اللعب مع بعضنا لفترة طويلة".

ويقصد حسن الأعوام الستة الماضية، التي لم يخسر خلالها الفريق أي مباراة في كأس الأمم الإفريقية، وفاز بااللقب ثلاث مرات. إذن، إذا كانت الطريقة عتيقة كما نقول، فما سبب نجاحها مع مصر؟

تحليل الأسلوب المصري

من الواضح أن هذا الأسلوب يناسب اللاعبين الذين تمتلكهم مصر. فسيد معوض وأحمد فتحي (أو أحمد المحمدي حينما يتم توظيف فتحي كلاعب ارتكاز) يمتلكان قدرات هجومية لا بأس بها، وكلاهما يستطيعان صناعة الهجمة في الثلث الأخير من الملعب.

وفي الأمام هناك عماد متعب، وهو مهاجم يمتلك ميزة وحيدة وهي الفعالية: فهو لا يمتلك سرعات، أو قوة، أو مهارة استثنائية، ولكنه المهاجم الثابت الوحيد في تشكيل مصر طوال البطولات الإفريقية الماضية، إذ لعب بجوار ميدو، ثم عمرو زكي، وأخيرا محمد زيدان، وهو ما يعطينا انطباعا بأنه يحتاج إلى زميل هجومي يتمتع بقدر كبير من المكر أو القوة.

أحمد حسن نفسه هو صانع ألعاب جيد في الجناح الأيمن من الملعب، ولكنه بات يحتاج إلى ارتكاز قوي خلفه، وهو الآن في عامه الـ34 يستفيد جيدا من وجود لاعب لا يكل من الركض خلفه وهو حسني عبد ربه.

المدربون عادة ما يوظفون نظاما تكتيكيا يناسب اللاعبين المتوفرين لديهم. فعلى مستوى الأندية، يمكن للمدرب أن يضع ما يشاء من نظم، ثم يشتري لاعبين يملأ بهم الفراغات في النموذج الذي يريد تطبيقه، أما على مستوى الفرق الوطنية، فيتعين على المدير الفني الموائمة بين الأسلوب الذي يريد تطبيقه والعناصر التي يمتلكها.

سبب آخر في نجاح طريقة 3-5-2 المصرية هو المنافسين. فالمنتخب المصري يمتلك ميزة على منافسيه وهي تنظيمه الجيد جدا، والذي جاء نتاج ست سنوات من اللعب بهذه المجموعة تحت قيادة المدرب نفسه، وهذه الاستمرارية شبه مستحيلة في دول غرب إفريقيا.

حتى الفرق التي تمتلك الاستمراية والتنظيم، فأغلبها حتى وقت قريب كان يلعب برأسي حربة كلاسيكيين، وهو تحديدا سبب تفوق أسلوب اللعب المصري، الذي تم ابتكاره في الأساس لمواجهة الفرق التي تلعب بمهاجمين صريحين.

فوائل جمعة يراقب أحدهما، فيما يتولى محمود فتح الله مسؤولية رقابة الثاني، ويقوم هاني سعيد بدور الظهير الحر خلفهما. في غانا 2008، كان فريقا المغرب وغينيا فقط هما من يلعبان بمهاجم واحد ولكن في أنجولا سبع فرق لجأت إلى التخلي عن مهاجمين واللعب برأس حربة واحد.

ماذا يتعين على إنجلترا فعله لمواجهة الأسلوب المصري؟

إذا استمرت إنجلترا في اللعب بطريقة 4-2-3-1 التي اعتمدتها في التصفيات، فستكون هذه الطريقة كفيلة بخلق متاعب للمصريين، بشرط أن يستطيع الفريق الإنجليزي التغلب على عقبة مواجهة أسلوب لعب غير معتادين على مواجهته.

وتواجه طريقة 3-5-2 صعوبات كثيرة في التعامل مع لعب الفريق المنافس بمهاجم وحيد، يلخصها المدرب البرازيلي المخضرم نيلسينيو بابتيستا، الذي طور برنامج يمكنه الكشف عن نقاط القوة والضعف في كل طريقة لعب مقارنة بأي طريقة أخرى.

ويقول بابتيستا في هذا السياق: "تخيل فريق (أ) يلعب بطريقة 3-5-2 في مواجهة فريق (ب) الذي يلعب بأسلوب 4-5-1 تتحول في الهجوم إلى 4-3-3 .... يتعين على الفريق (أ) حينها أن يوظف ظهيري الجنب لمقابلة الجناحين في الفريق (ب)، وبالتالي فإنه يستخدم خمسة لاعبين (المدافعين الثلاثة + ظهيرا الجنب) لمواجهة ثلاثة لاعبين فقط في الجانب الآخر.

في الوسط، يصبح لدى الفريق (أ) ثلاثة لاعبين في مواجهة ثلاثة آخرين من الفريق (ب)، وبالتالي تختفي ميزة الزيادة العددية التي تحققها 3-5-2 في مواجهة 4-4-2 الكلاسيكية. وأخيرا في الهجوم، يتعين على اثنين من المهاجمين في الفريق (أ) أن يواجهها أربعة مدافعين، ما يمنح الفريق (ب) حرية في الدفع بأحد هؤلاء المدافعين إلى منتصف الملعب لينتزع ميزة الزيادة العددية، مع الحفاظ على التفوق في الخط الخلفي أيضا لأنه سيمتلك ثلاثة مدافعين ضد مهاجمين اثنين فقط.

والنتيجة هي أن فريق (ب) يمتلك الزيادة العددية في الدفاع ووسط الملعب، كما يستطيع استغلال الأطراف بصورة أفضل في الوقت نفسه.

ولكن السيناريو السابق لا يمكن اكتماله إلا بوجود جناحين على مستوى رفيع في الفريق (ب) وهي ميزة تفتقر إليها جميع الفريق الإفريقية باستثناء مصر – التي يمكنها دائما الاعتماد على محمد أبو تريكة ومحمد بركات إذا كانا غير مصابين في هذين المركزين. وتفتقر الفرق الإفريقية جميعها إلى الأجنحة الذين يمكنهم صناعة اللعب.

فإذا كان الجناح لا يمتلك من المهارات أو القدرات مع يجبر الظهير المدافع على التراجع أمامه، فإن هذا الظهير المدافع سيحتل مكانه، ويدفع هذا الجناح إلى الخلف، وبالتالي يترك الجناحات رأس الحربة وحيدا في منطقة الجزاء.

ونتيجة لما سبق فإن الفريق الذي يلعب بطريقة 3-5-2 يحظى بميزة وجود لاعب إضافي في وسط الملعب، وهو ما يحدث تلقائيا حينما يواجهون فريقا يلعب بطريقة 4-4-2 أو حتى بطريقة 4-3-3 الكلاسيكية إذ أن الليبرو في الفريق الأول يندفع إلى الأمام ليساند أفراد الوسط، وهو ما يفعله أحيانا هاني سعيد.

والملاحظ أن نهائي كأس الأمم الإفريقية في 2008 و2010 شهد تغييرات تكتيكية لعب على إثرها منافسا مصر بمهاجم وحيد. فالكاميرون لعبت 4-4-2 في الدور الأول أمام مصر، وخسرت بأربعة أهداف مقابل هدفين ولكنها غيرت أسلوبها إلى مهاجم وحيد في النهائي وخسرت بصعوبة 1-صفر بعد خطأ من ريجوبير سونج.

أما في 2010، فلعبت غانا بطريقة 4-2-3-1 ونجحت في تضييق الخناق على المصريين حتى جاء هدف جدو الذي انتصر به المصريون. وفي كلتا الحالتين، وضح معاناة الفريق المصري في فرض إيقاعه المعتاد، وهو ما ينذر بأنهم قد يواجهون مشاكل أكبر أمام فرق أقوى من غانا أو الكاميرون.

المصدر: FilGoal.com

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,215,884