الإستزراع السمكي جزء من مصطلح أعم وأشمل هو الإستزراع المائي ، ويقصد به تربية أنواع معينة من الأحياء البحرية الأسماك – القشريات – المحاريات – الطحالب البحرية وغيرها ، تحت ظروف محكمة من إعاشة وتغذية ونمو وتفريخ وحصاد وجودة مياه وظروف بيئية ملائمة تحت سيطرة الإنسان .
وعلى ذلك يمكن تعريف الإستزراع السمكي PISCI-Culture بأنه تربية الأسماك بأنواعها المختلفة سواء أسماك المياه المالحة أو العذبة والتي تستخدم كغذاء للإنسان تحت ظروف محكمة وتحت سيطرة الإنسان ، وفي مساحات معينة سواء أحواض تربية أو أقفاص ، بقصد تطوير الإنتاج .
يعد الإستزراع السمكي هو ثالث مصدر للأسماك في مصر بعد البحار والبحيرات ، وقد تطورت مشاريع الإستزراع السمكي في مصر منذ عام 1970 ، حيث بلغت المساحة المنزرعة بالأسماك ما يقارب 250 ألف فدان . تشير تقديرات الإنتاج الرسمية إلى إنتاج مصر من كافة الموارد السمكية قد بلغ 970923 طن في عام 2006 منها 595029 طن من الإستزراع السمكي بما يتجاوز 61% من إجمالي إنتاج الأسماك في مصر لنفس العام في تأكيد على الدور المتنامي للإستزراع السمكي في مصر .
زاد الإنتاج العالمي للأسماك من تربية الأحياء المائية زيادة سريعة خلال العقود الأربعة الماضية ، حيث أسهم بكميات كبيرة في الإمدادات العالمية من الأسماك المخصصة للإستهلاك البشري . وتشكل تربية الأحياء المائية الآن ما يقرب من نصف ( 45 في المائة ) من الأسماك الغذائية في العالم ، ويتوقع أن تصل هذه الزيادة إلى 50 في المائة في 2015 ( دور تربية الأحياء المائية في التنمية المستدامة – الدورة الرابعة والثلاثون – روما 2007 ) .
زحف الإستزراع السمكي في مصر إلى الصحراء إعتمادا على المياه الجوفية وقد بدأت الفكرة في واحة سيوة منذ عام 1990 في إستزراع نوعين من الأسماك هي البلطي والمبروك . ثم انتقلت التجربة بعد نجاحها إلى وادي النطرون ، وقد تم هناك إنشاء مزارع مكثفة ، بل وبدأ البعض من مزارعي القطاع الخاص ورجال الأعمال بالتكثيف ومعظم المشروعات تتم بالتكامل بين الزراعة والأسماك .
إن من إحدى الطرق التي ثبت نجاحها في تربية الأسماك هي تربيتها على مياه الآبار وذلك نظرا لنقاوتها وثبات درجة حرارتها ولتعظيم الإستفادة منها قبل إستخدامها في ري النباتات والمحاصيل الزراعية ولكن بشرط تحليلها قبل الإستخدام والتاكد من صلاحيتها لتربية الأسماك ، ويتم الإستفادة من هذه التجربة بصورتين أولهما الحصول على منتج سمكي بالصحراء إلى جانب الإنتاج الزراعي والثانية إستغلال المياه الطبيعية مرتين الأولي في زراعة الأسماك والثانية في ري المحاصيل الزراعية من هذه المياه ، لا سيما أن المياه سوف تكون مخصبة تماما للتربة نظرا لإحتوائها على أسمدة عضوية طبيعية وهو النظام المتبع في معظم الدول العربية واثبت نجاحه .
ومن التجارب الناجحة في مصر :-
الإستزراع السمكي في الصحراء الغربية :
تتسم الصحراء الغربية في مصر بقسوة المناخ ، وندرة المياه بأراضيها القاحلة ، وعلى الرغم من هذه الظروف الحياتية القاسية ، فإن تجارب تطبيق الإستزراع السمكي أثبتت نجاحها في تربية وإستزراع الأسماك بتجمعات المياه في أراض صحراوية من خلال إستغلال خزانات المياه الموجودة بواحة سيوة بالصحراء الغربية المصرية ، مما يشير بإمكانيات التوسع في تلك التجارب وتطويرها لتنمية الثروة السمكية .
زراعة الأسماك في صحراء الوادي :
تجربة الإستزراع السمكي في منطقة جنوب الوادي ، وبالتحـديد في الوادي الجديد ( الداخلة والفرافرة ) مثال جيد للإستزراع السمكي في المناطق الصحراوية نظرا لإفتقاد هذه المنطقة للمصادر الطبيعية للأسماك ، حيث أنها لا تمتلك سواحل أو شواطئ أو أنهار أو ترع أو بحار .
· أهداف الإستزراع السمكي في المناطق الصحراوية :
1. زيادة الناتج القومي من الأسماك .
2. خلق فرص عمل جديدة للشباب .
3. توفير البروتين الحيواني وسد الفجوة الغذائية للسكان .
4. توفير البديل الإقتصادي للحوم والدواجن خاصة بعد إنتشار أمراض الدواجن ( إنفلونزا الطيور ) والحيوانات ( الحمى القلاعية ) وإرتفاع أسعارها .
5. إنتاج سمك نظيف خالي من الملوثات وآمن وخالي من المسببات المرضية .
6. تقليل إستيراد الأسماك وتحقيق المعادلة الصعبة من الإكتفاء الذاتي .
7. توفير المياه والحصول على إنتاج مكثف من السماك يفوق المزارع العادية .
8. تعظيم الإستفادة من المياه للحصول على منتج إضافي من الأسماك بجانب الإنتاج النباتي والحيواني ، وبالتالي تحقيق عائد مادي إضافي .
9. إثراء المياه بالمادة العضوية التي تفتقر إليها الأرض الصحراوية ، حيث يتم اللجوء إلى الإستزراع السمكي كأحد وسائل الإستصلاح التربة خاصة عندما تكون غير صالحة للزراعة لزيادة نسبة الأملاح بها .
10. لا يوجد تنافس بين الإستزراع السمكي وباقي الزراعات الأخرى على الأرض ، حيث أن المزارع السمكية تقوم على إستخدام الأراضي غير المستغلة في الزراعة .
11. أن معدل التحويل الغذائي في الأسماك أعلى بكثير بالمقارنة بالدواجن والماشية عند التغذية على نفس العلائق المتوازنة والمقصود بمعدل التحويل الغذائي وهو عدد كيلوجرامات العليقة اللازمة للزيادة في النمو واحد كيلوجرام وزن حي في جسم السمك أو الطائر أو الحيوان .
12. الإستفادة من ثبات درجة حرارة المياه الجوفية على مدار العام ، وذلك بإنشاء بعض المفرخات السمكية لتوفير الذريعة أو السماك طوال العام . وقد يستلزم تدفئة المياه نسبيا للإحتفاظ بدرجة حرارة مناسبة لنمو الأسماك ، وذلك عن طريق الغلايات أو بتغطية الأحواض بالبلاستيك ، وبالتالي يمكن الحصول على محصول سمكي طوال العام .
· مصدر المياه :
مياه الآبار أهم المصادر المائية لعمليات الإستزراع السمكي ، إذ تعتمد عليها المزارع المقامة في المناطق الصحراوية ، والتي تستخدم المياه فيها بالنظام المفتوح حيث تضخ المياه إلى الأحواض السمكية أولا ومنها لمزرعة الإنتاج النباتي .
وعند حفر البئر يجب مراعاة أن يكون البئر من العمق بحيث يضخ الماء خاليا من الملوثات ، تحليل عينة من مياه البئر لمعرفة مدى ملاءمتها والتأكد من جودتها وخلوها من المركبات السامة قبل استخدامها في عملية الإستزراع السمكي .
· مصدر التغذية :
علف أسماك محبب جاهز من المصانع المختلفة المخصصة لإنتاج أعلاف السماك 1 مم ، 2 مم ، ونسبة البروتين الكلي 25% ، 27% حسب أعمار الأسماك . ويوجد أيضا مسحوق سمك أو بودرة 40% بروتين لتغذية الزريعة . ويجب أن يوجد بالمزرعة مخزن للعلف جيد التهوية وخال من الرطوبة .
· أنواع الإستزراع السمكي في المناطق الصحراوية :
1. الصوب .
2. الأحواض الترابية .
3. الأحواض الأسمنتية .
4. إستخدام مشمعات البولي إيثيلين في الأحواض الترابية .
5. الإنتاج السمكي المتكامل مع الإنتاج الحيواني .
6. الإنتاج السمكي المتكامل مع الإنتاج النباتي .
وتعتمد فكرة الإنتاج السمكي المتكامل مع الإنتاج النباتي على التزاوج بين الإستزراع السمكي وإنتاج بعض محاصيل الخضر بالمناطق الصحراوية ، وذلك بالإستفادة من فضلات الأسماك كمغذي طبيعي للخضر ، وفي نفس الوقت تقوم تلك الخضروات بتنقية المياه من الفضلات ، فنحصل على سمك نظيف خالي من الملوثات .
رسم توضيحي
مصدر مياه المزرعة : البئر
رسم توضيحي
حوض ترابي يوضح التربة الطفلية بإحدى المزارع
رسم توضيحي
أحواض أسمنتية دائرية بإحدى المزارع
رسم توضيحي
الإنتاج السمكي المتكامل مع الإنتاج النباتي
رسم توضيحي
حوض ترابي بمزرعة أخرى
رسم توضيحي
مخزن العلف الموجود بالمزرعة
· أمراض الأسماك والإستزراع السمكي في المناطق الصحراوية :
وقد زار فريق من الباحثين بقسم بحوث أمراض الأسماك – معهد بحوث صحة الحيوان مزارع مختلفة من مزارع الصحراء وبعضها يوجد على طريق مصر إسكندرية الصحراوي وتم أخذ عينات من مختلف أنواع الأسماك الموجودة بكل مزرعة ( بلطي – بوري – طوبارة – مبروك بأنواعه – قراميط ) وكذا عينات من المياه ( المصدر – جميع الأحواض ) وايضا عينات الأعلاف .
كل العينات السابقة يتم نقلها على وجه السرعة وبالطرق المثلى الخاصة لكل عينة إلى معهد بحوث صحة الحيوان – قسم بحوث أمراض السماك ، حيث تتعرض للفحص المعملي لتشخيص أمراض الأسماك ( الفحص الطفيلي – البكتريولوجي – الفطري ) .
بالنسبة لعينات الأسماك فهي تنتقل حية في مياه الحوض الخاص بها مع وجود موتور هواء ومراعاة عدم الإجهاد أثناء النقل قدر المستطاع حيث توضع في الأحواض الزجاجية بالقسم حيث يتم فحصها .
وقد اوضحت نتائج هذه الفحوص المعملية أن الأسماك جميعها أو طبيعة ظاهريا حيث أنها لا تظهر أى أعراض خارجية أو داخلية تشير إلى وجود مسببات مرضية مع عدم وجود نفوق أو مشاكل مرضية بالمزرعة .
رسم توضيحي
سمكة بلطي نيلي من مزارع الصحراء
رسم توضيحي
سمكة مبروك عادي من مزارع الصحراء
وأيضا قد تم عزل أنواع من البكتريا والفطريات المعتاد تواجدها في الأسماك أو المياه والتي لا تحدث أمراض طالما كانت المياه دائما في حالة جيدة مع تغيرها الدائم وأيضا الحالة الجيدة للأسماك وعدم تعرضها للضغوط البيئية فبالتالي لا تتوافر البيئة المناسبة لهذه الكائنات الدقيقة أن تحدث أمراضا وكذا الطفيليات .
ومن هذا يتضح أن محتوى أسماك مزارع الصحراء من مسببات أمراض الأسماك أقل نسبيا بالمقارنة بأنواع الإستزراع السمكي الأخرى .
أما بالنسبة لعينات المياه فقد أوضحت النتائج أن هذه المياه صالحة للإستزراع السمكي كما أن فحوصات جودة المياه جيدة وفي الحدود المسموح بها بالنسبة لهذا النوع من الإستزراع .
من كل ما سبق يتضح لدينا أن الإستزراع السمكي في المناطق الصحراوية خطوة جيدة لغزو الصحراء والإستفادة من المساحات الشاسعة التي تشغلها الصحاري المصرية هروبا من العواصم المزدحمة التي أوشكت على الإنفجار ولتحقيق الإكتفاء الذاتي من البروتين الحيواني . ليت كل صحارينا المصرية تتحول إلى مسطحات مائية ( زرقاء ) ومسطحات خظراء أيضا .
ساحة النقاش