<!--
<!--<!--<!--
ترامب يطلق "إنذارًا بالحرب" وتهديدًا بتغيير النظام في قطر!
الأحد 11 حزيران 2017
عبد الباري عطوان - رأي اليوم -
الإنذار شديد اللهجة الذي وجهه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء الجمعة إلى دولة قطر وطالبها فيه "بالتوقف فورا عن دعم الإرهاب وتمويله"، وقوله "أن قطر قامت تاريخيا بتمويل الإرهاب على مستوى عال جدا"، هذا الإنذار يوحي بأن الولايات المتحدة انضمت إلى التحالف الرباعي السعودي الإماراتي المصري البحريني، بل تولت قيادته، مثلما يؤكد أيضا أن خطوات حصار قطر وخنقها اقتصاديا جاءت بموافقة رسمية أمريكية عليا مسبقة.
انه "إنذار حرب" أمريكي على دولة قطر، فعندما يقول الرئيس ترامب في مؤتمره الصحافي الذي عقده مع نظيره الروماني في البيت الأبيض "قررت مع وزير الخارجية ريكس تيرلسون، وكبار الجنرالات في المؤسسة العسكرية أن الوقت حان لدعوة قطر إلى التوقف عن تمويل الإرهاب فورا"، فليس هناك أوضح من ذلك في هذا الإطار.
الرئيس ترامب لجأ إلى هذا الموقف المتصلب بعد ساعتين فقط من تصريحات وزير خارجيته تيرلسون التي اتخذت طابع التهدئة، عندما ناشد السعودية والإمارات والبحرين ومصر بتخفيض الحصار على قطر وشعبها لأنه يلحق ضررا بالعمليات العسكرية الأمريكية ضد "الدولة الإسلامية" إلى جانب أضراره الإنسانية.
***
هذا الموقف الأمريكي المتصلب جاء، في اعتقادنا، ردا على رفض الشيخ تميم بن حمد آل ثاني دعوة الرئيس ترامب له ولأطراف الأزمة التوجه إلى واشنطن للبحث عن حلول للازمة، وعلل الأمير تميم هذا الرفض بأنه لا يغادر بلاده وهي ما زالت تحت الحصار، الأمر الذي اغضب الرئيس الأمريكي، الذي يتصرف كإمبراطور ويعتقد أن أوامره لا ترفض.
الأمير تميم لا يثق بالإدارة الأمريكية، ويخشى أن تكون هذه الدعوة مجرد مصيدة له، لإبقائه هناك، ومنعه من العودة، وغزو قطر من قبل قوات سعودية وإماراتية لدعم انقلاب داخلي يغير النظام، وينصب أميرا جديدا من الجناح الآخر من أسرة آل ثاني الحاكمة، ومن غير المستبعد أن تلعب القوات الأمريكية في قاعدة "العيديد" (10 آلاف جندي) دورا داعما في هذا المخطط.
كان لافتا أن الرئيس ترامب تبنى بالكامل، اثناء حضوره قمم الرياض الثلاث، السياسة الخارجية السعودية الإماراتية التي تجعل من إيران رأس حربة الإرهاب في المنطقة، ومساندة خطواتهما في قطع العلاقات مع قطر، وإغلاق الحدود البرية والبحرية وإغلاق الأجواء معها، باعتبارها حليفة لإيران، وداعمة للإرهاب، حسب وجهة نظر الحلف الجديد.
توجيه الرئيس ترامب لجنرالات الجيش الأمريكي، مثلما جاء في مؤتمره الصحافي، باتخاذ خطوات عملية لإجبار قطر على التوقف عن تمويل الإرهاب، يؤكد أن الخيارات أمام دولة قطر باتت محدودة جدا، فإما أن تقبل بالشروط العشرة التي تطالب بتنفيذها السعودية وحلفاؤها فورا، وفي غضون 24 ساعة، وإلا عليها مواجهة العواقب المترتبة على هذا الرفض، والجنرالات يتواجدون في قاعدة العيديد أيضا.
طرد القطريين، وبطريقة قاسية، من دول الخليج الثلاث، السعودية والإمارات والبحرين، وإغلاق الحدود وقطع العلاقات هو "إعلان حرب"، ونسف لصيغة مجلس التعاون بصورتها الحالية، وتبني الرئيس ترامب لهذه الخطوات يعني إجهاض حلف "الناتو العربي الإسلامي" بالصيغة المطروحة في قمم الرياض، وارتكازه فقط على دول التحالف العربي الخليجي الجديد ضد دولة قطر، فإن تصدر دولة الإمارات والسعودية والبحرين قوانين تجرم كل من يتعاطف مع قطر على وسائل التواصل الاجتماعي بالسجن 15 عاما، وغرامات تصل إلى مليون دولار، فهذا يعني أن كل الأحاديث عن الأخوة الخليجية والروابط المشتركة تبخرت إلى الأبد، ومعها قيم حقوق الإنسان، مثلما قالت مجلة "الايكونوميست" البريطانية الشهيرة في افتتاحية عددها الأخير الصادر الجمعة.
***
قطر أعلنت أنها لن تستسلم للوصاية وإجراءات الخنق والحصار، ولن تغير سياساتها الخارجية بالتالي، وبدأت تلجأ إلى دعم وحماية أصدقائها في أنقرة وطهران، الأمر الذي قد يدفع خصومها لاتخاذ خطوات أكثر صرامة وعدوانية ضدها، كأن تمنع مصر مرور صادراتها عبر قناة السويس مثلا.
قطر تملك أوراقا في يدها في المقابل مثل إغلاق أنبوب الغاز القطري إلى الإمارات، وإبعاد حوالي 200 ألف من العمالة المصرية المقيمة فيها، ولكنها أكدت أنها لن تلجأ إلى مثل هذه الخطوات، وقالت إن العمالة المصرية لن تمس، والغاز القطري سيستمر في التدفق إليها.
توقعنا تفاقم خطورة الأزمة في بداياتها الأولى، ونتوقع اليوم المزيد من التصعيد، خاصة بعد حالة الاكتئاب التي أصيب بها الشيخ صباح الأحمد، أمير الكويت، بسبب فشل وساطته، وعدم تجاوب كل الأطراف معها.
عندما يدخل ترامب وجنرالاته في الأزمة، ويوجه إليهم أوامره بالتحرك لمنع قطر من دعم الإرهاب، فإن علينا توقع الأسوأ، والأسوأ في هذه الحالة ربما يكون الحل العسكري، وتغيير النظام، وهذا يعني اشتعال المنطقة جزئيا أو كليا، والأيام بيننا.
ساحة النقاش