<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فشل ضرب محور المقاومة يؤدي إلى تفكيك محور الاعتدال
الأربعاء 31 أيار 2017
إيهاب زكي - بيروت برس -
لا يختلف عاقلان على أن العائلات الحاكمة في شبه الجزيرة العربية، تقوم على قاعدتين رئيسيتين في سعيها إلى البقاء، القاعدة الأولى فطرية وهي العقلية القبلية، والقاعدة الثانية مكتسبة وهي التبعية للولايات المتحدة، فبمتابعة تاريخ نشأة تلك المحميات مرورًا بالخلافات والتباينات وصولًا إلى أزمة اليوم بين أعضاء تلك المحميات في مجلس التعاون، تخرج بعقيدة راسخة بخضوع تلك العائلات لهاتين القاعدتين لا غيرهما، والتغير الوحيد الطارئ هو تغيرٌ ظرفي فرضته طبيعة العصر. فبدلًا من الصراع على الماء والكلأ صار صراعًا على النفط والغاز، وبدلًا من بريطانيا العظمى كمنشئة وحامية صارت الولايات المتحدة، وما يحدث اليوم من صراع إعلامي سياسي بين أعضاء حلفٍ واحد، سميّ يومًا حلف الاعتدال العربي، هو نتيجة طبيعية للقاعدة الجدلية الشهيرة "التراكم الكمّي يؤدي إلى تغيير نوعي"، فإنّ هذا الحلف راكم فشلًا فوق فشل على مدى العقدين الماضيين، في تجربة القضاء على فكرة المقاومة، ثم فشل في محاولات احتوائها، كما فشل في عزل إيران، وفشل في كسر شوكة حزب الله لصالح "إسرائيل"، والطامة الكبرى الفشل في إسقاط سوريا.
مضافًا إلى هذا الفشل المتراكم،فشلٌ آخر في ابتلاع اليمن،وفشلٌ في إنجاز ما يسمى بـ"حلٍ سياسي" للقضية الفلسطينية،وفشلٌ أيضًا في القضاء عليها-على الأقل- عبر "إشهار" تعويم "إسرائيل" كعضو شرق أوسطي متسيد، والإعلان عن انتهاء الصراع العربي-"الإسرائيلي"، وفي قلب هذا الفشل صراع أكثر من ظاهر وأقل من خفي على وراثة السلطة في كلٍ من السعودية وقطر. فهذا التراكم الكمي في الفشل سيؤدي حتمًا إلى تغيير نوعي، لأنّ المشغل الرئيسي لهذه الأدوات مجتمعة ومنفردة-الولايات المتحدة- سيسعى إلى إحداث تغيير داخل أدواته، طالما أنها راكمت الفشل فوق الفشل في تأدية وظائفها وإنجاز مهامها،فأصبح انشطار ما سمّي بمحور الاعتدال باديًا،كما أن الأصابع الأمريكية خلف هذا الانشطار ليست خافية، فهناك تناغمٌ بين الحملة الإعلامية السعودية على قطر وبين بعض التصريحات الأمريكية التشريعي منها والسياسي والإعلامي، ولكن هل هذا التغيير النوعي فحواه تغيير خرائط المحميات الخليجية، أم أنه مجرد ابتزاز أمريكي لأطراف المحور ماليًا أولًا وسياسيًا ثانيًا..؟ ما أرجحه هو تغيير خرائط، ولا أظن زيارة بن سلمان إلى روسيا تأتي خارج هذا السياق، وهي محاولة لقطع الطريق على قطر بالتقارب مع روسيا في حال تفكيك ونقل قاعدة العديد إلى أبو ظبي أو إلى الرياض، فهل يدفع بن سلمان من حسابه في سوريا لقاء تحييد روسيا عن الأزمة القطرية؟
قد تبدو هذه الأسئلة متوحشة في جنوحها، ولكنها تنبع من تلبس العقلية القبلية التي تجنح نحو الأحقاد الثأرية، متخطيةً كل منطق سياسي أو حتى مصالح سياسية، فقطر هذه يعتبرها السعوديون أرضًا سعودية كامتدادٍ لأرض الإحساء، وفي أفضل الأحوال تعتبرها غِرًا سيء الخلق يناطح شيخ القبيلة، فمثلًا حين انقلب حمد بن خليفة على أبيه، كانت أموال قطر الدولة في حسابٍ شخصيٍ في بريطانيا باسم خليفة، الأمير الأب المنقلَب عليه، فقام الابن المنقلب على أبيه برفع دعوى قضائية في بريطانيا لاسترداد أموال الإمارة، وبنفس المنطق القبلي تدخل شيخ القبيلة الملك السعودي لاحقًا عبد الله بن عبد العزيز درءًا للفضائح مع وعد الأمير الابن حمد بتسليمه الأموال مقابل التنازل عن الدعوى وإغلاق ملفها القضائي إغلاقًا غير قابلٍ للفتح بنصٍ أشرف عليه عتاة المحامين الإنجليز، ولكن الملك السعودي شيخ القبيلة أخلف وعده، فاعتبرها حمد بن خليفة طعنة نجلاء في الظهر، وبدأت الجزيرة وقت إنشائها بمهاجمة المملكة، ولا يمكن للملكة أن تسمح بسابقة قضائية مثل هذه، حيث تجعل التمييز بين أموال الملك وأموال الدولة عرفًا قضائيًا، كما حدثت محاولة انقلابية على الابن المنقلب كانت خلفها السعودية، هذا في وقتٍ كانت توصف فيه السياسية السعودية-كما يقولون- بالتأني والحكمة، أما شخصيًا فلا أعرف شيئًا اسمه سياسة سعودية خارج الأوامر والمصالح الأمريكية، فكيف واليوم حيث التهور والرعونة هي أحد أبرز سمات مما يسمى بالسياسة السعودية.
المتابع لقناة الجزيرة يلاحظ أمرين مهمين، الأول أنها تصوّب على الإمارات في الملف اليمني بما يبدو أنه مساندة للأهداف السعودية، مع تجنب استهداف الدور السعودي أو الرد بالمثل على حملات الإعلام السعودي، والأمر الثاني أنها تحاول التصويب على ترامب والمساهمة في الحملات التي تستهدف إدارته أمريكيًا، بما يشي أن قطر تستشعر خطرًا جديًا على كيانها في ظل هذه الإدارة، وأن إقالة ترامب ستساهم في محاولة لجم جموح المحمدين،محمد بن سلمان ومحمد بن زايد.وبغض النظر عن مآلات هذه الأزمة التي ستتضح حدودها على ضوء الأيام والأسابيع المقبلة ، يبدو أنّ الفشل الأمريكي في تفكيك محور المقاومة،بدأ يفكر في تفكيك محوره المعتدل،كخطوة اضطرارية لإعادة تشكيل محور أكثر فعالية على أنقاض المحور الذي راكم فشلًا على فشل، وقد يكون إفراغ ما يسمى بمجلس التعاون الخليجي من محتواه،خطوةً أولية على طريق تفكيكه، فعدم فعاليته في احتواء الأزمة القطرية مؤشرٌ جليّ على إفراغه من محتواه وجدواه.
ساحة النقاش